«المصري اليوم» تنشر النص الكامل لتقرير « الأداء الاقتصادي» خلال 6 أشهر من 2013-2014

واجه الاقتصاد المصري العديد من التحديات الصعبة في نهاية يونيو 2013، ويأتي على رأس هذه التحديات تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع كبير وغير مستدام في العجز الكلي بالموازنة العامة، وزيادة معدلات الدين العام، وزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والشعور بعدم العدالة الاجتماعية.
ويذكر تقرير «الأداء الاقتصادي في النصف الأول من العام المالي 2013-2014»، الصادر عن وزارة المالية، أنه في مواجهة تلك التحديات، عادة ما يكون أمام أي حكومة الاختيار بين أحد مسارين: إما اتباع سياسات انكماشية لتحقيق الاستقرار الكلي فى الاقتصاد على أمل أن تؤدي هذه السياسة إلى تحقيق معدلات أكبر من النمو فيما بعد، أو اتباع سياسات توسعية لدفع معدلات النمو الاقتصادي، والاستجابة للمطالب الاجتماعية، والعمل في ذات الوقت على تحقيق الانضباط المالي للسيطرة على عجز الموازنة، واختارت الحكومة انتهاج المسار الثاني بشكل حاسم مستفيدة في ذلك من وديعة وزارة المالية لدى البنك المركزي منذ 1991 ثم بعد ذلك من المساعدات من دول الخليج، كما تبنت الحكومة عددا من الإصلاحات المالية لإيجاد حيز مالي يسمح بتحقيق الاستدامة على المدى المتوسط.
وأكد التقرير الذي وقع مقدمته وراجعه حتى آخر يوم عمل له في الوزراة، الدكتور أحمد جلال، وزير المالية السابق، أن الحكومة بدأت تنفيذ الاستراتيجية الجديدة منذ أغسطس الماضي من خلال طرح حزمة تنشيطية تعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، تبعتها حزمة تحفيزية مماثلة تم إقرارها في فبراير 2014 ليصبح إجمالي قيمة الحزم المالية ما يمثل نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تم توجيه ثلثي هذه المبالغ لزيادة الاستثمارات العامة في البنية الأساسية، بينما تم توجيه باقي المبالغ لمبادرات وبرامج تسهم في تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية.
وقد صاحب ذلك بالتوازي، قيام البنك المركزي بخفض معدلات الفائدة ثلاث مرات متتالية، بمعدل نصف نقطة مئوية في كل مرة، ومن المتوقع أن تؤدي السياسات المالية والنقدية التوسعية إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي خلال العام الجاري ليصل إلى نحو 3.5 %، مقارنة بنحو 2.1 % في العام السابق.
وإلى جانب استكمال تنفيذ خارطة الطريق السياسية، والتي ستؤدي إلى مزيد من الثقة في الاقتصاد، وبالتالي زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر ونمو السياحة، فإن الحكومة الانتقالية تبنت مجموعة من الإصلاحات الداعمة للنمو الاقتصادي والاستدامة المالية، وتشمل الإصلاحات المالية التحول إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتطبيق قانون الضريبة العقارية بعد تعديله، وإصدار قانون جديد لتنظيم استخدام الثروة المعدنية، بالإضافة إلى الخفض التدريجي لدعم المنتجات البترولية.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من هذه الإجراءات فإن هناك حاجة لإجراء مزيد من الإصلاحات لتحقيق الاستدامة المالية على المدى المتوسط، وتشمل هذه إلاصلاحات إعادة النظر في النظام الضريبي، ونظم التأمين الصحي والمعاشات، وإعادة هيكلة الأجور، وإصلاح هياكل الهيئات والشركات المملوكة للدولة، وفي نفس الوقت فإن هناك ضرورة لاتخاذ مبادرات جادة لتحسين نوعية خدمات التعليم والصحة.
وبحسب التقرير، تظل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري تشير إلى وجود إمكانيات كبيرة للتقدم خلال السنوات القادمة، وذلك نتيجة لتوافر ثلاثة عوامل رئيسية يدعم كل منها الآخر: استكمال خريطة الطريق السياسية والتي من شأنها إعادة الثقة والاستقرار، وبالتالي تحسين المناخ للعمل وللاستثمار، والتزام الحكومة الحالية والقادمة بوضع الاقتصاد في المسار السليم، والاهتمام الكبير الذي توليه دول الخليج لنجاح مصر واستقرار الاقتصاد المصري، وبحسب تقرير وزارة المالية، فإنه من المتوقع تحقيق معدل نمو قدره 3.5% خلال العام المالي 2013-2014، وتحقيق عجز للموازنة العامة قدره 10%، لكن تظل هذه التوقعات افتراضات مرتبطة بتطبيق مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، والتي تتزامن مع المضي قدما في تطبيق خارطة الطريق السياسية، ومن ثم فإنها عرضة للارتفاع أو الانخفاض في ظل تطورات الأوضاع السياسية القادمة.
جدير بالذكر أن وزير المالية الحالي، هاني قدري، خفض النمو المتوقع إلى نسبة تتراوح بين 2 و2.5%، ورفع العجز المتوقع إلى 12% على الأقل، وأوضح أن سبب ذلك هو عدم تحقق الافتراضات التي قامت عليها تقديرات سابقة، وتأخر خطوات الإصلاح الضريبي وتأخر البدء في معالجة ملف دعم الطاقة، إضافة إلى بطء تنفيذ الاستثمارات العامة الأصلية والإضافية.
وفيما يلي النص الكامل للتقرير، الموقع من الدكتور من أحمد جلال: