«لقد جاء نصر الله وانشرح القلب... لأن بفتح القرم هان لنا الصعب»هذه فاتحة أبيات لقصيدة عبدالله باشا فكرى بعد انتهاء حرب القرم وانتصار الجنود المصريين على نظرائهم الروس قبل نحو 160 عاما، ضحى فيها بأكثر من 2500 جندى من أجل استقلال شبه الجزيرة التى تتمتع بالحكم الذاتى فى أوكرانيا. المواجهة التى تلوح فى الأفق بين أوكرانياوروسيا فى القرم ذات الأغلبية الروسية، تعيد إلى الأذهان ذكرى حرب القرم الشهيرة بين روسيا والدولة العثمانية، والتى اشترك فيها الجيش المصرى وكان له دور بارز، رغم أن تلك الحرب شهدت أكبر كارثة حلت بالبحرية المصرية، ففيها قضى غرقا على 1920 مصرياً ساهموا قبلها فى خسارة الروس لحرب شبه عالمية مصغرة شبت نيرانها ولم تضع أوزارها إلا بعشرات الآلاف من القتلى بعد 3 أعوام. واندلعت حرب القرم بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية ، في 1853، بهدف تحجيم نفوذ الإمبراطورية الروسية الطامعة فى السيطرة على شبه جزيرة القرم، واقتضت العلاقة بين مصر وتركيا آنذاك أن يشترك جيش مصر البرى والبحرى فى تلك الحرب. وفى سفره المهم لإنعاش ذاكرة الأمة المصرية، رصد الأمير المصرى، عمر طوسون، بالوثائق والصور كل تفاصيل تلك الحرب فى كتابه بعنوان «الجيش المصرى فى الحرب الروسية»، والذى ألفه، 1932. وقال إن السلطان عبدالمجيد لما وجد أن شبح الحرب يهدد سلامة الدولة، طلب من عباس باشا الأول، والى مصر، أن يرسل نجدة من الجنود المصرية، فامتثل الوالى، وأمر بتعبئة أسطول مكون من 12 سفينة مزودة ب 642 مدفعا و6850 جنديٍّا بحريٍّا بقيادة أمير البحر المصرى حسن باشا الإسكندراني، وتعبئة جيش برى بقيادة الفريق سليم فتحي، وبذلك يكون مجموع القوات المصرية التى أرسلت للحرب 19 ألفا و722 جنديٍّا. وكانت أعنف المعارك التى رصدها طوسون هى المعركة التى خاضتها الفرقة الأولى المصرية بقيادة إسماعيل باشا حقى للقوات الروسية فى الدفاع عن مدينة «سيليستريا» فى موقعة أكثر من ألفى قتيل فى صفوف القوات الروسية، فيما سقط 400 مصرى ممن تم دفنهم فى المقبرة الإسلامية بالمدينة. وختم طوسون كتابة بوثائق تحصد كل المساعدات التى قدمتها مصر للدولة العثمانية فى تلك الحرب، ونشر أيضا خطابات التكريم والأوسمة التى حصل عليها الجنود المصريون المنتصرون، وكذلك شهادات بعضهم، وبينها قصيدة المرحوم عبدالله باشا فكرى، التى كتبها بعد المعركة.