ذكرت صحيفة «النهار» اللبنانية أن مقاتلي المعارضة السورية في جنوب البلاد يستعدون لشن هجوم واسع النطاق على دمشق بمؤازرة مجموعات مقاتلة تدربت في الأردن، فيما بدأ الجيش السوري النظامي عملية إعادة انتشار وتكثيف قصف معاقل مقاتلي المعارضة لمواجهة هذا الهجوم. ونقل تقرير للصحيفة، عن مصادر من النظام السوري وأخرى من المعارضة، أن آلاف المقاتلين المعارضين الذين تدربوا في الأردن طوال أكثر من سنة على يد واشنطن، ودول غربية، سيشاركون في العملية على دمشق. على صعيد أخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» الذي يتخذ لندن مقرًا له، أن سبعة أشخاص على الأقل بينهم ثلاثة أطفال قضوا بين الإثنين والثلاثاء في مخيم اليرموك والغوطة الشرقية اللذين تحاصرهما القوات النظامية منذ أشهر. ونقلت مصادر أن رجلين أحدهما مسن وطفلة توفوا، الإثنين بعد تدهور حالتهم الصحية بسبب نقص الغذاء والمستلزمات الطبية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب العاصمة. ولا يزال توزيع المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالة الأممالمتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم «الأونروا» منذ يناير الماضي معلقًا، منذ 11 يومًا على الرغم من إعلان انسحاب غالبية مسلحي المعارضة من المخيم بموجب اتفاق تم التوصل إليه بينهم وبين الفصائل الفلسطينية. وفي الغوطة الشرقية، أشار المرصد كذلك إلى وفاة طفلة وإمرأة ورجل الإثنين، كما توفي فتى الثلاثاء بسبب نقص الغذاء. وتخضع هذه المنطقة، التي تعد أحد معاقل المعارضة بالقرب من العاصمة السورية، لحصار خانق منذ سبتمبر الماضي بعد تعرضها في أغسطس لهجوم كيميائي تسبب بمقتل المئات. ومن جانبها، قالت صحيفة «السفير» اللبنانية إن المؤشرات على احتمال شن فصائل المعارضة المسلحة عملية عسكرية واسعة من حوران بجنوبسوريا، بدعم من خطوط خلفية في الأردن، ومساندة أمريكية صريحة، بهدف تحقيق اختراق يقودهم إلى دمشق. وفي هذا السياق، أرسل الجيش السوري بحسب ما أعلن الثلاثاء، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الجنوب، وقام بعملية لإعادة تموضع لقواته على امتداد الجبهات تحسبًا لاشتعال هذه الجبهة انطلاقًا من درعا. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن القوات السورية تعزز مواقعها في القنيطرة بالدبابات والمدفعية والعناصر. وأشارت الصحيفة إلى أنه هناك عوامل عديدة عسكرية ولوجستية تضافرت لتجعل من مدينة درعا الخيار الأفضل لخوض معركة ما بعد جنيف، فمحافظة درعا تحتفظ بحدود طويلة مع الأردن، وهو ما يضمن للفصائل المسلحة خطوط إمداد آمنة بنسبة كبيرة، كما أن مطارات الأردن وبعض أراضيه الحدودية تحولت إلى مخازن أسلحة لإمداد المقاتلين في سوريا، كما تحولت إلى معسكرات لتدريب عناصر هذه الفصائل من قبل ضباط أمريكيين وغربيين وأردنيين، بالإضافة إلى غرف العمليات العسكرية التي تنتشر على حدود البلدين لتأمين السيطرة والتحكم في مجريات المعارك بإشراف خبراء أمريكيين، كما أن مدينة درعا وريفها بقيا خاليين تمامًا من أي تواجد لتنظيم «داعش». وتعد درعا المدينة الوحيدة التي حافظت فيها «جبهة النصرة» على كافة مقراتها ومستودعات أسلحتها، وبالتالي فهي لا تعاني مما تعاني منه الجبهات الأخرى من حروب مركبة، حرب ضد القوات السورية وحرب ضد «داعش»، وما يستتبعه ذلك من فوضى وحالات اختراق ومخاوف أمنية. وأشار المرصد إلى قصف عنيف تتعرض له يبرود في القلمون، مما زاد من عمليات النزوح إلى عرسال اللبنانية. وأشارت «السفير» في تقرير لها أن انهماك تنظيم «داعش»، بالمعارك الضارية مع الجيش العراقي، لم يشكل عائقًا أمام هذا التنظيم يمنعه من إرسال إمدادات من العراق إلى داخل سوريا، حيث جبهاته العديدة المفتوحة، سواء مع الجيش السوري أو مع «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» أو مع عناصر «حزب الاتحاد الديموقراطي» و«حزب العمال الكردستاني». كما تساءلت الصحيفة عن أسباب هذه الخطوة من قبل «داعش»، فهل هي من قبيل الثقة بالنفس في مواجهة الجيش العراقي، أم أن خسارته لبعض المناطق في العراق سمحت له بسحب عناصره من هذه المناطق وإرسالهم إلى سوريا؟. وأكدت مصادر «جهادية» عدة أن رتلاً ضخمًا من آليات وعناصر «داعش» وصل الثلاثاء، من العراق إلى محافظة الحسكة، حيث اجتمع مع رتلين آخرين قدمًا من كل من حلب والرقة. ويعتقد أن حشد «داعش» لعناصره في الحسكة يستهدف التوجه إلى مدينة دير الزور لاستعادة تواجده في المدينة التي خسر التنظيم معظم مقاره فيها، بعد أن شنت «جبهة النصرة» هجومًا مضادًا عليه، بعد أن كان قد نجح في السيطرة على حقل «كونيكو» النفطي ومنطقة المعامل والإسكان، لكنه بعد الهجوم المضاد خسر جميع هذه المواقع ولم يعد له وجود في دير الزور إلا في منطقة التبني. وقبل وصول الرتل من العراق، استطاع «داعش» أن يفك الحصار عن عناصره في منطقة التبني بريف دير الزور، حيث كانت «جبهة النصرة» تطوقهم على مدى عدة أيام. كما نجح في التقدم إلى بعض القرى المجاورة، مثل البويطية والطريف، كما تمكن «داعش» من التقدم في ريف الحسكة بمواجهة «حزب العمال الكردستاني» حيث سيطر على قرية جزعة متجهًا نحو قرية العرجة. وفي وقت متأخر من الثلاثاء، أكدت المصادر «الجهادية» أن أرتال «داعش» في الحسكة بدأت بالتحرك باتجاه مدينة دير الزور، وهو ما يجعل المدينة مرشحة لمعارك شرسة، لا سيما أن المعركة ستكون بين «داعش» من جهة و«جبهة النصرة» من جهة ثانية. ولا يخفى أن العداوة بين الطرفين وصلت إلى حدودها القصوى خلال الفترة الماضية، في ظل حملات إعلامية تبادل فيها الطرفان اتهامات غير مسبوقة بالكفر والعمالة مع الغرب وقيادة «الصحوات»، فالجبهة تعتبر «داعش» صنيعة أجهزة الاستخبارات لإفساد «الجهاد الشامي»، بينما يعتبر «داعش» أن «النصرة» هي قائدة «الصحوات» في الشام، وخصوصًا بعد انكشاف التعاون بين زعيمها أبي محمد الجولاني، وقائد «جبهة ثوار سوريا»، جمال معروف، وتسهيل إمداده بالسلاح عبر بلدة أطمة الحدودية مع تركيا.