اتحاد ملاك الثورة

رغم أن الشعب المصرى بكل طوائفه كان يفتخر دائماً بأن ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت ثورة شعبية خالصة وبلا قائد أو رمز يحركها، وأن الشعب وحده هو قائدها، لكننى فوجئت مؤخراً بعدد من الحركات السياسية و التيارات الشبابية، والتي تفتقر إلى قواعد شعبية حقيقية تتحدث باسم الثورة، تدعو عددا من الأشخاص لخوض الانتخابات الرئاسيةالمقبلة باسم الثورة، و ترفض أيضاً ترشح البعض الاَخر باسم الثورة أيضاً، وبات الأمر كما لو أن الثورة أصبح لها فجأة اتحاد ملاك، يقرر مصيرها، ويتحكم فيها، ويتحدث باسمها وحده .
ربما لم يدرك هولاء الشباب أن سر رفض الشارع لهم وإلقائه بنفسه في حضن المؤسسة العسكرية الوطنية التى يهاجمها هولاء الشباب، هو تعاملهم منذ اللحظة الأولى لسقوط مبارك مع الشعب المصرى، كما لو كانوا أوصياء عليه، يعلمون ما لا يعلم، ويدركون ما لا يدرك، وكأنهم يوحي لهم.. حالة التعالي التي تمتع بها النخبة السياسية التي ظهرت عقب الثورة، كانت السبب الرئيسي في عزوف الشارع عنهم، وبحثه عن بديل لا يتعالى عليه يدرك جيداً مطالبه ويحترم عقله.
و الاَن، وبعد مرور ثلاث سنوات على الثورة، مازالت النخبة السياسية تتعامل بنفس التعالي، وتحاول أن تفرض رأيها وإرداتها ووجهات نظرها الخاصة على الشارع المصرى، دون أى احترام له أو لرغباته أو لذكائه، حتى أولئك الذين ينتمون إلى التيار الناصرى، ويدعمون مرشحاً ناصرياً للرئاسة، يتناسون عمداً ما قاله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر بأن الشعب هو القائد، وهو المعلم، وهو الخالد أبدا، وينصبون من أنفسهم قادة ومفكرين مانحين أنفسهم الحق في مهاجمة الشعب ووصفه بأنه غير واع ومضلل، بالرغم من أنهم هم أنفسهم قالوا إن الشعب واع حينما اتفقت إرداته مع إرداتهم .
ولتسمح لى النخبة السياسية الموقرة بأن أوجه لها نصيحة بصفتى مواطنا مصريا يعيش وسط الناس، ويستمع لهم فى المقاهى و الشوارع ووسائل المواصلات العامة المختلفة: من يتحدث كثيراً لا يسمع الاَخرين، اصمتوا قليلا، واسمتعوا إلى نبض الشارع، واستشعروا المزاج العام، وتعلموا بحق كيفية التعامل مع الجماهير، حلوا فوراً "اتحاد ملاك الثورة" الوهمي الذى ليس له مكان سوى فى خيالكم، فأنتم تسيرون فى طريق ليس به أحد سواكم، أدركوا جيداً أن هناك فارقا كبيرا بين العمل الثورى والعمل السياسي، هناك فارق كبير بين أن تحشد الناس لتظاهرة، وتجعل منهم قواعد شعبية وانتخابية للتيار والفكر الذى تنتمى له.. أيها النخبة الموقرة، أعضاء اتحاد ملاك الثورة: أفيقوا يرحمنا و يرحمكم الله.