خرج الحضور من القاعة الرئيسية بعد مناقشة كتاب "مصر كما تريدها أمريكا" للكاتب "لويد سي جاردنر" بكثير من التفاصيل حول علاقة البيت الأبيض السياسية بالقاهرة في حقبة تاريخة مهمة منذ صعود عبد الناصر إلى سقوط مبارك، سيطر الإنصات على قاعة أصغت لمتحدثين لم يفوتا فرصة تحليل ما جاء في الكتاب على الأحداث الراهنة. لفت الكاتب والمفكر السياسي بشير عبدالفتاح، مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة عين شمس، إلى أن عنوان الكتاب يكشف رغبة أمريكا باستتباع مصر خادمة لمصالحها، ويعبر عن وجهة نظر أمريكية غربية غير محايدة عن طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية. وشرح أن الكتاب يحتوي على خمس قضايا، أولها فكرة الدولة الوظيفية، وهي أن أمريكا تنظر إلى مصر كدولة تستخدمها لتحقيق مصالحها وتسعى إلى أن يكون حاكمها شرطي لها في المنطقة لحماية مصالحها، والحفاظ على أمن إسرائيل، وهو ما يُعد إهانة لمصر لا تليق بتاريخها. وذكر عبد الفتاح أن أمريكا كانت ترفض محاولات تقدم مصر، بل كانت تحافظ على بقائها كدولة وظيفية، ذات قوة قليلة. وانتقد من حاول القول بأن ثورة يناير صناعة أمريكية وقال: ارتبكت أمريكا في التعامل مع ثورة 25 يناير، وظهرت رغبتها في الإبقاء على مبارك الحليف المطيع لها، كما أن أمريكا ترفض تولي الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع منصب رئيس الجمهورية كونه شبيه عبد الناصر، ويسعى لأن تكون مصر قوة كبيرة نامية، تمتلك حريتها وقرارها. وأشار إلى أن البعض تقبلوا أداء دور الشرطي الخادم لمصالح الأمريكان، وأضاف بشير أن أمريكا تراهن على الجيش المصري، فترى فيه أقوى فصيل وطني، يمكن التعامل معه في ظل عدم وجود نخبة مدنية قوية قادرة على الحفاظ على جزء من الاستقرار الكبير في مصر، وترى أنه أكبر فصيل مصري يمكن التعامل معه في دولة ليس بها فصائل سياسية يمكن التعامل معها فهو الاكثر قدرة على التنسيق الاستراتيجي وأضاف بأن ثورة يناير حرضت الجانب الأمريكي على التنسيق مع الجيش بعد أن فهمت دوره في صناعة مستقبل العملية السياسية كما أن كتاب كثيرون يرون يراهنون على القوات المسلحة لانها تحتفظ بمساحة أكثر للاستقرار. وأكد عبدالفتاح إن العلاقة المصرية الأمريكية وضعت أمريكا في مأزق كبير؛ بسبب تخوفات إسرائيل، التي كانت قلقة من رغبة مصر بتسليح وتطوير جيشها أيام عبدالناصر، وهو ما جعل أمريكا في حيرة بين إرضاء إسرائيل وعدم خسارة مصر، وهو ما انعكس سلبيًا على العلاقة المصرية الأمريكية، وكان من الصعب إقامة علاقة أمريكية إسرائيلية دون أن تكون إسرائيل طرفًا فيها وتحدد سقفها وتضبط إيقاعها. وأضاف بأن الولاياتالمتحدة فوجئت بثورة 25 يناير، فكانت تشجع مبارك، وفشلت في التصدي للثورة، مما دفعها للتحكم في توجيه مسارات الثورة بما يخدم مصالحها، وهو ما يكشف أن أحد أهم أسباب تحقيق الثورة لأهدافها هو التدخل الخارجي، فمصر مكشوفة استراتيجيًا ومُختَرقة استخباراتيًا. وتحدث عن جدل داخل امريكا بين فريقين: المثاليين والواقعيين الفريق الأول يؤمن بأن العلاقات الدولية تقوم على التكافؤ وليس الحروب والمؤامرات، ويرى أن على أمريكا مساعدة مصر لا ن مشاكلها تنعكس بالسلب على البيت الأبيض. والفريق الثاني يرى أن استخدام القوة يهدف للهيمنه وخدمة المصالح الأمريكية واقصى ما يمن أن يصل إليه التحول - في هذا التيار - من هيمنه إكراهية الى هيمنة ناعمة حتى يدمن العالم الهيمنة الامريكية لأن الديمقراطية تضر بمصالح امريكا، حتى لو امريكا أنها أنها تسعى لنشر الديمقراطية، وما اُشيِع حول رغبة أمريكا في نشر الديمقراطية كلام زائف، فهي أدعت ذلك من أجل تعرية القوى الكبرى من مستعمراتها". ووصف عبدالناصر بالقائدًا الطموح، والسادات القوي الجرئ، ومبارك بالتابع ، مُشيرًا إلى أن أمريكا لا تريد الاستقرار لمصر، لكنها لا تتمنى غرقها حتى لا تغرق المنطقة كاملة، كما لا تريدها قوية حتى لا تكون ندًا لإسرائيل. وبرهن الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس، على أن الكاتب قدم كتابا لا يعتمد على الوثائق المهمة فى العلاقات المصرية الأمريكية ولا على وثائق المخابرات الأمريكية والسياق العام الذى تناول به الكاتب العلاقات لا يختلف عن وجهة نظر الكتاب الأمريكانوقال: وقال: المؤلف رغم أنه امريكي الجنسية وتتاح امامه فرصة الاطلاع لم يقدم كتابا يعتمد فيه عل الوثائق المهمة ولم يعتمد على وثائق المخابرات الأمريكية أو الامن القومي الامريكي واهتم بوثائق الخارجية الامريكية. وأوضح أن الخط العام يعبر عن تناول الكتاب الامريكان من وجهة نظر امريكية لهذه العلاقات. وقال: منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأمريكا هي المنتصر الحقيقي ورثت الامبراطورية البريطانية التي كان يجب ان تتراجع، وكانت هناك محاولات لاختراق هذه الامبراطورية وبدأ نوع من الصراع داخل معسكر الحلفاء وشارل ديجول كان متفهما لاغراض أمريكا وأدرك ان سياساتها لمصلحتها الشخصية وليس لمصلحة الحلفاء، بينما لم يتفهم ذلك رئيس الوزراء البريطاني وكتب مذكراته التي تعبر عن دهشته من موقف امريكا بدأت امريكا التي سيطرت على ثروات العالم بتطبيق قانون "من يمتلك الثروة يجب ان يملك القوة" رغبة في الطموح للسيطرة على العالم وكان لا بد ان تحمي نفسها من السيطرة الاقتصادية الى حماية الأمن الامريكي وتؤكد امريكا أن كل شبر في الكرة الارضية جزء من الأمن القومي الامريكي الذي يعني السيطرة والهيمنة ومصر كانت القلب من المخططات الامريكية في الأربعينيات تغللغل السياسة الامريكية في التعامل مع هذه الدولة المحورية. ومصر عبر تاريخها إما أن تكون قوية وصاحبة إمبراطورية ومتحكمة في الإقليم أو جزء فاعل من امبروطورية.. وهذا ما يفهمه الاعداء عندما تنطلق قوة مصر فإن العالم يعرف انها ستكون امبروطورية مؤثرة . ففي التاريخ الروماني كانت مصر سلة غلال العالم، وفي الامبروطورية البريطانية كانت درة التارج وفي الخلاقة العثمانية كذلك. أدركت امريكا ذلك فوضعت استراتيجية للتعامل معها وتقول الوثائق ان رهانها على الملك فاروق فاشل والتقارير التي لديها كانت تعرف ان هناك ثورة يقودها الضباط في الجيش وهذه مهارة "السي اي ايه في استشراف المستقبل، قدمت امريكا خدمات لعبد الناصر حتى تحصل على المقابل وأهمها مساعدة الضباط على طرد الملك وفي عقد اتفاقية الجلاء لدرجة أن أعضاء لجنة التفاوض كانوا يقومون بسب الضباط الامريكان الذين يعملون تحت الطاولة وكذلك خدمات في اتفاقية السدان، وهناك قراءتان في اتفاقية الجلاء أن عبد الناصر كان يريد جلاء القوات البريطانية من مصر والأمريكان كانوا يظنون ربط مصر بالمعسكر الغربي. ولم يكن عبد الناصر يدرك ذلك لكنه كان يدرك الصراع بين القوى العظمى ولعب عليه واستفاد منه، وحين بدأت أمريكا في تنفيذ استراتيجيتها عن طريق تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط ومصر من اجل أمن واستقرار اسرائيل وهذا هو المحور الاول والثاني الحفاظ على قناة السويس ويجب بألا تضيع وتذهب للسوفيت والثالث الحفاظ على البترول تحت هيمنه الولاياتالمتحدةالامريكية حتى ولو أدى الامر إلى إحراق الخليج وإحراق البترول وراهنت على عبد الناصر أن يتحول الى تاربع لكن برجماتية عبد الناصر جعلتعه يرفض واستمر شهر العسل حتى 1957 وظهرت مقولة ايزنهور يجب ان نعرف ما هي سياسة عبد الناصر وموقفه من الغرب. و المثير للدهشة أن أمريكا من خلال أزمة السويس ان الولاياتالمتحدة هي صانعة ازمة السويس 56 اوقعت امريكا حلفاؤها في فخ السويس حتى تنتهي ازمة السويس وتصبح امريكا هي سيدة العالم . طالبت أمريكا عبد الناصر بالثمن لمبدأ ايزنهاور "ملء الفراغ في الشرق الاوسط" المراسلات بينه وبين عبد الناصر تشير إلى رغبته في توضح موقفه من الغرب ورد عبد الناصر كان صدمة حين قال له لا يوجد فراغ في الشرق الاوسط وهو فراغ في رأسك أنت.. أنت أعور لا ترى الحقيقة وليس مطلوب منا ان نستبدل الاستعمار البريطاني بالامريكي وبذلك عبر من موقفه للمحافظة على الاستقلال المصري والوقوف على الحياد. وتشير الوثائق الى اجتماع الأمن القومي وصدمة ايزنهاور ورغبته في معرفة نقاط ضعف عبد الناصر وكانن الرد بأنه لا يحمل نقطة ضعف واحدة فليس له مغامرات نسائية ويحب زوجته ولا أطماع متعلقة بالثراء أو النهم للأموال وتكديسها.. إنه يريد عمل قومية عربية فرد ايزنهاور: اشرحوا لي ما هي القومية العربية؟ لأنصبه زعيما عليها ويكون شرطي لا مريكا في المنطقة، ورفض عبد الناصر ان يلعب هذا الدور. يصمت أو شقرة قبل أن يقول: أنت أمام مخططات أمريكية وبريطانية عديدة لمحاولة اغتيال عبد الناصر والوثيقة التي نادت بعقاب عبد الناصر اشارت الى ألاعيب أمريكية للضغط عليه وفي النهاية استقر رأيهم اما يغتال او يهزم على يد دولة صغيرة هي اسرائيل، والاستعداد ل67 بدأ من 56 وهي مؤامرة امريكية لأن ع الناصر رفض التبعية. وأفشل الشعب العظيم أهدافهم حين خرج للوقوف بجانب الزعيم الجريح كما أن أروع ثلاث سنوات هي حرب الاستنزاف التي شهدت لها اسرائيل، وكانت تريد انقاذ ارواح جنودها. وبدأ الرهان على السادات وللسادات مواقف وانجازات ولكنه وقع في فخ ان مريكا يكمكننها ان تحقق السلام وكان يحاول عدم الدخول في حرب جديدة حتى لا تكون نهاية لمصر والمنطقة بالكامل. ومراسلات حسين وكسينجر كان تقول: ليس مطلوب ان تقدم مقابل للسادات بعد أن قدم هدايا من ذهب كان السادات يتصور أن امريكا ستميل إلى مصر وتحقق السلام ولكنه اضطر في النهاية الى خوض الحرب وانجز نصر اكتوربر العظيم، وبدأت امريكا تبرز عن وجهها الحقيقي من خلال الجسر الجوي مما اضطرنا للدخول في المفاوضات، وجولدا مائير حين سئلت من انتصر قالت الولاياتالمتحدة وكان كسينجر يقول انه لا بد لاسرائيل ان تهزم ولكن ليست هزيمة كاملة ومصر تنتصر ولكن ليس نصرا ليس كاملا. نفس الشي حدث بعد 73 وظلت امريكا القطب المهيمن على الحركة السياسية، السادات كان مبادرا ولكنه اكتشف ان اسرائيل افقدته الكثير في حين أن عبد الناصر لم يوافق على مثل هذه الاتفاقيات لانه اكتشف انهم يريدون تحييد مصر. وبعد حرب اكتوبر تم تحييد مصر وادرك السادات ذلك، وبدأ يضغط وينفر من السياسة الامريكية ولكنه كان ورقة محروقة وهناك علامات استفهام على اغتياله! وراهنت امريكا على الاخوان منذ فترة مبكرة منذ ان خذلهم ع الناصر وكانت تتعاون معهم عند الضرورة. وكان حسني مبارك استاتيكي وليس مبدعا كان على الهوى الامريكي فتراجع دور مصر.