«توفير استهلاك الطاقة» بعقول مصرية شابة

لا تتوقف الأفكار العظيمة على حدود العاصمة، ولا يتوقف الشباب المصرى عن الابتكار فى أحلك الظروف، حقيقة يثبتها فريق من طلبة كلية الهندسة بجامعة أسوان، تمكن من اختراع لمبة موفرة للطاقة صممت لتعيش أكثر من خمس سنوات. الاختراع لم يكن مجرد فكرة على الورق، ولكنه تحول إلى مشروع فاز بالمركز الثانى على مستوى العالم فى مسابقة «آى تو بى» للأفكار القابلة للتصنيع والتى استضافتها البرازيل فى شهر نوفمبر الماضى، اختراع الشباب يمكنه أن يحل جزءا كبيرا من مشكلة الطاقة التى تعانى منها مصر.
الطريق إلى هذا الابتكار لم يكن مفروشا بالورود، خاصة عندما وصلت الفكرة إلى المرحلة قبل النهائية فى إحدى المسابقات الدولية بالولايات المتحدة، ولكن تم استبعاده بسبب سوء الأوضاع السياسية فى مصر وتأخر وصول المكونات لإنتاج نموذج المشروع، وهو ما تسبب فى تخطى الوقت المحدد للمشاركة.
يتذكر «معتز محمد أبوالمجد»، أحد أفراد فريق «إيجى لايت» المنفذة للابتكار، أن الإحباط سيطر على الفريق لدرجة أنهم قرروا عدم استكمال المشروع نهائيا، خاصة أن تلك المسابقة كانت ستنقلهم إلى القمة، واستمرت هذه الحالة أكثر من شهرين قبل أن يشجعهم الدكتور «محمد عرابى»، الأستاذ بجامعة أسوان، المشرف على المشروع، خاصة أن الهدف الأساسى وراء عملهم هو أن يكون هناك منتج مصرى بجودة عالمية يمكنه المنافسة فى أى مكان، ويساهم فى حل أزمة الطاقة المصرية، وهذه الأفكار دفعتهم لاستعادة روح التحدى من جديد.
عمل فريق «إيجى لايت» على مشروعه، فى الوقت الذى كانت فيه الجامعة تموج بالمظاهرات المتنوعة، خاصة فى كلية الهندسة، والتى أدت فى النهاية إلى إقالة عميد الكلية، وعلى الرغم من هذه الظروف عمل الفريق على استكمال مشروعه صاحب الأهداف المتنوعة.
كان الهدف أمام الشباب هو تطوير مصباح كهربائى يعمل بأسلوب LED وبكفاءة عالية، ويعمل تحت نطاق واسع من الجهد الكهربائى يتراوح من 85 فولت وحتى 256 فولت، بالإضافة إلى أنه صديق للبيئة، حيث إنه من المعروف أن إضاءة LED تمتلك العديد من المزايا، أهمها انخفاض مستويات استهلاك الطاقة، وتحسين الأداء، وقلة مصاريف الصيانة، والعمر الافتراضى الطويل، أما السلبيات التى تواجه هذا النوع من المصابيح فهى التكلفة المبدئية لتغيير أنظمة الإضاءة، أو المصابيح نفسها، بالإضافة لضرورة وجود دائرة إلكترونية خاصة للتشغيل والتحكم فى شدة الإضاءة ودرجة السطوع. ويشرح «أبوالمجد» أنه فى حالة الإنتاج التجارى الواسع لهذا النوع من المصابيح ستكون تكلفة المصباح للمستهلك بين 50- 60 جنيها، وستعيش معه أكثر من خمس سنوات متصلة دون أى تأثير على مستوى أدائها، كما يمكنها أن تعمل فى أى دولة من العالم، واستخدام هذا المصباح على نطاق واسع من شأنه أن يحقق توفيرا ملحوظا فى حجم استهلاك الطاقة على مستوى البلد بأكمله.
إصرار الشباب على إكمال هذه الفكرة المبتكرة جعلهم يحققون الهدف فى النهاية، الأمر الذى جعل المشروع يتلقى تقديرا عالميا واسعا، ويحصل على جوائز من جامعات وكليات: بنجلاديش للهندسة والتكنولوجيا، ونانجينج للملاحة الجوية والفضائية بالصين، والجامعة الوطنية تشنج كونج بتايوان، والجامعة الاتحادية دو سيارا بالبرازيل، بالإضافة إلى المعهد الوطنى للتكنولوجيا ولاية كارناتاكا Surathkal بالهند، والمركز الثانى فى مسابقة (صنع فى مصر) عام 2013، والوصول إلى الدور نصف النهائى من مسابقة التحدى الدولى 2013 لطاقة المستقبل IFEC,13 بالولايات المتحدة، والمركز الأول فى الملتقى العلمى لأصحاب الإبداعية والموهوبين والاختراعات المسابقة التى عقدت فى حلوان، والوصول إلى المستوى النهائى فى المنافسة IBTIECAR2013.
وبالرغم من النجاح العالمى الكبير الذى حققه الشباب العشرة أعضاء فريق «إيجى لايت»، إلا أن العروض المحلية لتنفيذ هذا الابتكار لم تتجاوز عرضا وحيدا من إحدى الشركات التى لم تتحرك بخطوات جادة للتنفيذ، بينما تلقى الفريق عددا من العروض للتنفيذ جميعها من خارج مصر.
وعلى الرغم من النتائج غير الإيجابية حتى الآن، إلا أن الفريق لديه الكثير من الأفكار لتطوير الابتكار، منها القدرة على أن يعطى المصباح أكثر من أربعة ألوان فى آن واحد، وهو ما يمثل عنصر جذب للمحال الكبيرة والمولات، حيث يمكن الاكتفاء بمصباح واحد فقط بدلا من خمسة مصابيح مختلفة، بالإضافة إلى دراسة ربط المصباح بجهاز ريموت كنترول للتحكم فى المصباح عن بعد، للتحكم فى درجة الإضاءة ودرجة كل لون، فضلا عن الفتح والإغلاق.
يحلم الفريق الشاب بتبنى الدولة هذا المشروع الذى يمكنه تخفيف العبء على استهلاك الطاقة فى مصر، فضلا عن إمكانية تحوله إلى منتج للتصدير تحت شعار صنع فى مصر، بالإضافة إلى أنه اقتصادى للمنزل المصرى، حيث يعمل المصباح لأكثر من 5 سنوات متصلة.