شهدت الأزمة السياسية فى لبنان تطوراً جديداً بإعلان الزعيم الدرزى وليد جنبلاط، الجمعة، اتخاذه صف حزب الله فى تسمية رئيس حكومة لبنان الجديد، وذلك قبل يومين من بدء المشاورات النيابية مع الرئيس اللبنانى ميشال سليمان بعد غد «الإثنين» لحسم التشكيل الجديد، وبموجب هذه المشاورات تدلى كل كتلة نيابية باسم مرشحها إلى رئاسة الحكومة، على أن يكلف الرئيس إجمالا الشخصية السنية التى تحظى بأكبر نسبة من التأييد بتشكيل الحكومة. وأكد مسؤول قريب من جنبلاط أن الزعيم الدرزى يساند «قوى 8 آذار» انسجاما «مع الخط السورى» الذى قرر العودة إليه منذ صيف 2009، وقال المسؤول رافضا الكشف عن هويته: «من الواضح أن جنبلاط يخشى وقوع فتنة طائفية، ولا خيار لديه سوى دعم حزب الله». وبعد أن تصاعدت الأزمة فى لبنان إثر قرار تركيا وقطر برفع يديهما عن جهود الوساطة بين الأطراف المتنازعة، حاولت المملكة العربية السعودية التخفيف من حدة الموقف، وأكد وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل أن بلاده مستمرة فى دعم الأغلبية النيابية فى لبنان، مشيرا إلى أن تصريحاته السابقة حول رفع يد الرياض عن وساطتها لا تعنى تغييراً فى سياستها تجاه بيروت. وأعرب الفيصل فى تصريحات له، مساء الخميس، عن أسفه «لمحاولات إخراج تصريحه عن سياقه الصحيح وتقديم تفسيرات مغلوطة بأن هنالك تغييراً فى سياسة المملكة تجاه لبنان»، وقال: «هذا الأمر عار عن الصحة، والذى تغير هو وقف الوساطة بين سوريا ولبنان، على أن موقف الرياض سيظل مؤيداً للشرعية اللبنانية باعتباره الأساس لاستقرار لبنان وحفظ أمنه وسلامته». كان وزير الخارجية السعودى أكد فى مقابلة مع التليفزيون السعودى الأربعاء الماضى أن الوضع فى لبنان «خطير»، مشيراً إلى أن المملكة «رفعت يدها» عن الوساطة التى أجرتها مع سوريا لحل الأزمة اللبنانية وهى التصريحات التى أثارت جدلا فى بيروت. وتزامن ذلك مع المحادثات التى بدأت، مساء الخميس، فى دمشق بين الرئيس السورى بشار الأسد وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثان لبحث الأوضاع على الساحة اللبنانية وما آلت إليه الجهود القطرية التركية فى إيجاد حل للأزمة اللبنانية. وأعلن بيان رئاسى سورى أن المحادثات تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات التى تشهدها المنطقة، خصوصا فى لبنان، حيث أكد الجانبان السورى والقطرى أهمية الاستقرار والأمن ومنع تفاقم الأوضاع فى بيروت. وفى الوقت نفسه، أكد وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، أن مصر لها اتصالاتها بالأطراف اللبنانية للمساعدة فى حل الأزمة السياسية فى بيروت وتحقيق المعادلة الصعبة القائمة على توفير الاستقرار فى لبنان مع التمسك بتحقيق العدالة. وأوضح أبوالغيط فى تصريحات لصحيفة الرأى الكويتية الجمعة أن القاهرة ترى ضرورة أن تلعب جامعة الدول العربية دورها لمساعدة اللبنانيين كما فعلت فى الماضى، وقال: «فى كل الأحوال، مصر لا تمانع بالاهتمام الإقليمى أو الدولى، لكن الأصل هو شبكة الأمان العربية، التى يجب توفيرها للبنان للمرور من هذه الأزمة». وحول المطلوب من رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريرى، قال أبوالغيط: «نحن نعتقد أن الحريرى اتخذ مواقف بناءة وإيجابية من أجل مصلحة بلده على مدار الأشهر الماضية، وسيكون من الإجحاف أن يطلب منه تبنى مواقف تذهب إلى أبعد مما ذهب إليه، ومصر تتفهم وضع سعد الحريرى تماما وتقدر مواقفه». وفى سياق متصل، حثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون اللبنانيين على حل أزمتهم السياسية بأنفسهم رغم استعداد الولاياتالمتحدة لمساعدتهم. وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفى، الخميس، فى واشنطن عن إخفاق الوساطات لوضع حد للأزمة السياسية فى لبنان قالت هيلارى: «أى قرار يجب أن يتخذه الشعب اللبنانى»، مشيرة إلى أن الأيام المقبلة ستشهد «تحركا كثيفا فى لبنان»، على حد تعبيرها.
