أسهم شركات الأسمنت تقفز في البورصة مع ارتفاع الأسعار    مدير الإصلاح الزراعي يتفقد أعمال الهيئة والجمعيات بالدقهلية في اليوم الثالث للعيد    أسعار مواد البناء والحديد اليوم الاثنين 9 يونيو 2025    البياضي يدين اختطاف الاحتلال الإسرائيلي لسفينة ماديلين    زيلينسكي: بدأنا مرحلة جديدة من عمليات تبادل الأسرى مع روسيا    والد إيلون ماسك: ابني أخطأ بتحديه العلني ل ترامب    رونالدو يحسم مستقبله مع النصر السعودي    محافظ الغربية يعلن السيطرة الكاملة على حريق شونة كتان بشبراملس    مصرع شاب وإصابة اثنين إثر حادث تصادم في الدقهلية    9 ملايين جنيه لفيلم "ريستات" في ثالث أيام عيد الأضحى    دعاء النجاح في الامتحانات.. تعرف عليه    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية تستأنف أعمالها غدًا بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    قانون مجلس النواب، تعرف على خريطة دوائر الفردي وأوراق الترشح في القاهرة والجيزة    هربا من حرارة الشمس.. حمامات السباحة ببني سويف تستقبل الأهالى احتفالا باليوم الرابع بعيد الاضحي المبارك    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    «إيه المستوى ده؟!».. خالد الغندور ساخرًا من لاعبي الأهلي بعد لقاء باتشوكا    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    مرور مطروح : يشن حملات لمنع التروسيكلات والباتش باجي علي الكورنيش    السيطرة على حريق التهم محصول 40 فدان كتان بقرية شبرا ملس بالغربية..فيديو    التضامن عودة أولي رحلات حج الجمعيات الأهلية من جدة 10 يونيو.. ومن المدينة المنورة 14 يونيو    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    قبل زفافهما المرتقب، 5 صور رومانسية تجمع حفيد عادل إمام بخطيبته    مسرح السامر كامل العدد في عرض "نويزي T.V" ضمن احتفالات عيد الأضحى    أحمد سعد لجمهور حفله في الساحل الشمالي: «أنا لسه راجع من الحج وتايب»    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    طريقة عمل الريش المشوية بالأعشاب فى الفرن    الصحة تفحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة "العناية بصحة الأم والجنين"    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    9 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    القناة الناقلة لمباراة كرواتيا وجمهورية التشيك في تصفيات كأس العالم أوروبا    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    كيف ظهر أحمد زيزو في أول مباراة له مع الأهلي؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باى.. باى
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 01 - 2011


( 1 )
لم يجد يحيى توافقاً.. بينه وبين الناس، لذا تجده عصبى المزاج فى أحيان كثيرة ازدادت حدة عصبيته بعد إحالته للمعاش، وأصبح لا يطيق.. حتى نفسه. آخر ما حدث معه.. أن أحد أصدقائه نصب عليه، فلم يكن لديه مفر من أن يلجأ للقضاء.. وعليه أن يعمل توكيلاً لأحد المحامين.
فى ذاك الصباح، قام وتأنق كعادته.. وضع بعض البارفان.. نظر طويلاً فى المرآة، ليتأكد أن وسامته.. لم يحدث لها تغيير.
ذهب إلى موقف الميكروباص، ليستقل إحدى عرباته، قاصداً الذهاب إلى الشهر العقارى-صعد إلى المقعد الذى خلف مقعد السائق.. فى عربة كان عليها الدور.
فوجئ بالسائق بصوت زاعق يأمره.. أن ينتقل إلى المقعد الخلفى، كى يتيح لسيدتين صديقتين، الجلوس معاً.. فى مقعد واحد:
ارجع للكرسى اللى ورا يابا الحاج..
تضايق يحيى من عبارة «يابا الحاج» نزل من السيارة صائحاً: «إنت حاتقعدنى على مزاجك؟» فتعجب السائق.. ضاربا كفا بكف.. قائلا بعنجهية: «هم ركاب الأيام دى جرى لهم إيه؟».
وقف يحيى فى عرض الشارع.. أشار لتاكسى: شارع المساحة يا أسطى بعد أن دخل إلى التاكسى.. وجد السائق يضع شريط كاسيت، خرج منه صوت رجل، يجهش بالبكاء، وهو يحكى عن عذاب القبر.. طلب يحيى منه أن يخرج هذا الشريط فوراً.. فالساعة التاسعة صباحا كيف يبدأ الناس يومهم بالبكاء؟.. السائق نظر إلى الشعر الأبيض فى رأس يحيى: إنت قاعد مستنى إيه يا بويا؟.. ما تروح تموت.
نهره يحيى ثائراً: أستطيع أحطك ورا الشمس.. اقفل يعنى إقفل.. فى الحال فعل السائق صاغراً.
لما وصل إلى المكان الذى يريده.. أخرج يحيى النقود من جيبه فى تذلل قال السائق:
خلاص يا بيه.. الفلوس وصلت. شخط يحيى فيه: إمسك.. احنا مش بناكل حق حد.
(2)
صعد الأستاذ يحيى السلم، فى مبنى الشهر العقارى، دخل الغرفة، التى سيملأ فيها استمارة التوكيل.. وجد الموظف المنوط بالقيام بهذا العمل.. يجلس ساهما بجانبه رجل يرتدى يونيفورم، يبدو أنه الساعى.. يقف ليأخذ من عملاء الشهر العقارى بطاقة إثبات الشخصية.. ليضعها أمام هذا الموظف.. هذا كل عمله.. ناوله يحيى بطاقته، فقال له الساعى، مشيرا إلى صف مقاعد يجلس عليه آخرون أتوا قبل يحيى: انتظر هنا يابا الحاج.. ثم وضع البطاقة أسفل البطاقات التى سبقت بطاقته.. قال فى سره: تانى يابا الحاج؟!. جلس يحيى، نظر إلى الموظف، فوجده.. فى هدوءٍ يحتسى رشفةً من كوب شاى أمامه.. على مكتب.. ناظرا فى شرود إلى البطاقات. همس يحيى لنفسه: مطلوب أن ننتظر، إلى أن يفرغ سيادته من شرب الشاى.. لكن سيادته أخرج من جيبه، علبه سجائر.. أخذ واحدة.. أشعلها، وظل فى جموده.. لا يتحرك.. إلا من رشفة شاى مع أخرى.. مع نَفَس من السيجارة. هنا أخرج الأستاذ يحيى علبة سجائره.. جاءه الساعى مُحَذِّراً من أن السجائر ممنوعة رد يحيى.. لماذا هذا أشعل سيجارةً؟.. قال الساعى: إنه موظف.. تعجب يحيى: هو مواطن ونحن مواطنون.. ما يسرى علينا، يسرى عليه.. أصر الساعى، فأخذ يحيى بطاقته، وخرج مزمجرا.
خلال نزوله على السلم.. قال لن أعمل هذا التوكيل.. طيب والقضية؟.. آه إنه مجتمع الكلمات المتقاطعة.. بعد قليل، وقد أصبح فى الشارع.. حدث نفسه: أنت لم تعد قادرا، على تحمل صهد هذا العبث.. سنوات طويلة تحملت وتحملت.. أحداث ومشاهدات وناس.. أشياء كثيرة بحكم السن، لم يعد جهازك العصبى.. بقادر على التحمل.. (طرأت فكرة): ابنك يتدرب فى مكتب المحامى.. الذى سيكون وكيلا عنك.. لماذا لا يحل هذه المشكلة ابنك...... طيب.. أنت وجدت الحل.. ماذا لو لم يكن ابنك، يعمل فى نطاق المحاماة؟.. وماذا يفعل الآخرون.. فى حالة أن يكونوا.. فى نفس الموقف؟؟.
(3)
وقف أمام حديقة الأورمان.. أشار لسيارة ميكروباص.. وقفت.. قال: شارع الهرم- هز السائق رأسه بالإيجاب.. دون كلمات ينطقها.. ركب يحيى.. فاجأه السائق: حاتنزل فين يابا الحاج؟.. فى عصبية رد يحيى: قبل ما أركب قلت الهرم.. أمال ركبتنى وإنت مش عارف حانزل فين؟ قال السائق: معلش يا بويا.. بعصبية أكثر قال يحيى: إيه حكاية يابا الحاج ويابويادى؟.نظر يحيى إلى السائق، رآه يرتدى طاقيةً مخَرَّمة، وقد حَفَّ شاربه.. وأطلق لحيته، حتى وصلت إلى بطنه.. لحية فى لون القطن.. بجانبه شابان.. على رأس كل منهما: لفافة بيضاء وله لحية طويلة إلى ما تحت الصدر قال أحدهما: الشيخ لم يخطئ.. يابا الحاج مش وحشة.. معناها إنك راجل كُبَّارة.
قال الآخر: أمال عاوزه يقولك إيه؟.. اكتشف يحيى أن الجالس بجانبه أيضا- شاب بنفس الهيئة.. حف شاربه، وأطلق لحيته.. دخل المعركة ضد يحيى.. فقال: يقولك يا باشا؟؟. بعصبية محتدا.. صاح يحيى فيهم.. أنه لا يعرفهم.. وعليهم أن يدعوا السائق يرد.. بدون تدخلهم- ثم واصل مع السائق.. تقدر تقول لوزير.. يابا الحاج؟ رد السائق هو أنا حاشوفه فين؟.. هوه عشان مش حاتشوفه.. يبقى ذنبى أنا.. عشان باركب ميكروباص.. تقوللى يابا الحاج.. واللى مربى دقنه تقول له: يا شيخ؟. طيب لو مدير عام، أو ممثل كبير فى السن؟... انت تعرف إن كنت أنا أستاذ جامعى أو مهندس.. كل اللى بينى وبينك مسافة بتوصلنى لها.. وأجرة تاخدها.. يعنى مفيش سبب عشان تقوللى يابا.. أو يا حاج.. أو يا دكتور.
سكت الجميع.. نزل الشاب الملتحى الجالس بجانب يحيى.. ثم صعدت من ميدان الجيزة.. سيدة مسنة.. فتحرك يحيى للداخل.. كى يتيح لها مكانا أكثر راحة- هنا اكتشف أن على يساره شابة.. ترتدى ملابس عادية.. أى غير متحجبة.. بدأت تحدثه عن أن ما قاله صحيح.. فقط الزمن تغير، وأسلوب التخاطب بين الناس أيضا.
فى تبادل الحديث، عرف أنها حاصلة على ماجستير فى العلوم الرياضية.. وأنها تفكر فى رسالة الدكتوراة.. لكنها بسبب التغيير الذى طرأ على الناس.. أحبطت تماما إلى حد اليأس.. فقال يحيى: إياك واليأس.. أنت مستقبلك أمامك.. أما أنا فمستقبلى خلفى.. لابد يا ابنتى من التغيير.. حتى الحجر يتغير.. تؤثر فيه عوامل التعرية.. أكرر إياك واليأس.. إياك واليأس.. قالت: أسلوبك فى الكلام مختلف.. ما اسم حضرتك؟.. يحيى سعيد مدرس عربى.. قالت: أنت كاتب قرأت لك كتبا ومقالات.. ابتسم.. فعلا أنا الكاتب الذى قرأت له.. عملى كان مدرسا.. حاليا فى المعاش.. بعد ثوان قال لها: سأنزل هنا.. فرصة سعيدة.. باى.. باى.
بعد أن نزل.. مشى فى شارع ضياء.. يفكر فى هذه الفتاة التى أراحته نفسيا.. أشعرته أن كل التفاح فى السلة، لم يصبه العطب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.