محاسبة النفس تكون على أمرين تحديداً.. التزامك الدينى، وسلوكك فى دنيا الناس.. فإن كنت حريصاً على التقرب إلى ربنا بالعبادات المطلوبة فى أوقاتها فحضرتك فى هذه الحالة تستحق تعظيم سلام بشرط أن ينعكس ذلك على تعاملاتك فى حياتنا الصعبة سنة حلوة يا جميل.. أقولها وأنا أتمنى لحضرتك عاما أفضل من هذا الذى قمنا بوداعه بحلوه ومره.. وعندى يقين بأن السعادة الحقيقية تتوقف على مدى حبك وقربك من الله سبحانه وتعالى، والسؤال الذى يطرح نفسه فى هذا الصدد: كيف أحتفظ بحرارة الإيمان فى قلبى؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال أسمع من يقول لى: بلاش كلام مواعظ ومصاطب! عايزين كلام محدد، فإذا لم يكن عندك فالصمت أفضل، ومن قال لا أعلم فقد أفتى!! والنصيحة التى أقدمها لك تتكون من كلمتين بالضبط: «حاسب نفسك».. ومن حقك أن تسألنى: يعنى إيه؟ يقول سيدنا عمر بن الخطاب- رضى الله عنه وأرضاه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن تُوزَن عليكم» وإذا اعترضت على كلامى بحجة أنك عايز شىء مستمد من عصرنا الحديث بدلاً من الحديث عن الصحابة والتابعين! فإن الرد هو أن محاسبة النفس تبقى دوماً مطلوبة باستمرار. وأشرح لك ما أعنيه تفصيلاً قائلاً إن مجتمعنا يشكو من أزمة أخلاق، وكلنا نلحظ ذلك فى حياتنا، وأخبرتك فى مقالى الأخير بأننا شعب يعرف ربنا لكنه ليس بتمدين بدليل انتشار الفساد بأنواعه فى المجتمع سواء أخلاقياً أو سياسياً أو اقتصادياً! والحل لا يكون بجلد الذات والبكاء على أحوالنا، بل يبدأ كل واحد بإصلاح نفسه أولاً، ويكون متديناً بحق وحقيقى وقدوة لغيره! والبعض قد يستهين بنفسه، ولا يعطى لذاته حقها ويتساءل: إزاى أكون مثلاً أعلى لمن حولى؟! ده أنا إنسان عادى!! ولا أتطلع إلى المثاليات!! وربما تتهمنى بأن كلامى ليس واقعياً لأنك تطلب من الناس أن يكونوا ملائكة!! والإجابة: أبداً يا سيدى.. أنا وأنت وغيرنا نخطئ فى حق أنفسنا، وسلوكنا اليومى مش مظبوط فى كثير من الأحوال، وكل المطلوب من حضرتك محاسبة النفس على ما تفعله يومياً بدلاً من تركها على هواها! وأسألك: ما الذى يضيرك أن تراجع ما فعلته فى يومك قبل أن تأوى إلى فراشك؟!.. إن هذا لن يستغرق إلا بضع دقائق فقط! لكن فوائد ذلك كثيرة.. ستتعرف على أخطائك وتبدأ فى إصلاحها تدريجياً بدلاً من «الطناش» عليها! وإذا وجدت أن الإيجابيات هى الأكثر، وأنك والحمد لله «ماشى فى حياتك بما يرضى الله»، فإن هذا سيرفع من معنوياتك، ويعطيك الإصرار على الحفاظ على سلوكك الذى هو محل رضاك. ومحاسبة النفس تكون على أمرين تحديداً.. التزامك الدينى، وسلوكك فى دنيا الناس.. فإن كنت حريصاً على التقرب إلى ربنا بالعبادات المطلوبة فى أوقاتها فحضرتك فى هذه الحالة تستحق تعظيم سلام بشرط أن ينعكس ذلك على تعاملاتك فى حياتنا الصعبة وهى تشمل مجالات ثلاثة.. أسرتك الصغيرة، وعملك، ثم علاقاتك مع الناس فى مختلف مناحى حياتك! فإذا كنت راضياً عن أحوالك فى عباداتك وسلوكياتك فأنت إنسان زى الفل وقدوة للناس كلهم، ولو لم تكن حافظاً لأى جزء من القرآن!! لكنك متدين بحق وحقيقى بسبب حرصك على إرضاء الله بجد لأنك تحبه بطريقة عملية، وليس بالكلام النظرى أو الاكتفاء بالقول بأن ربنا فى قلبى! وأصارحك من الآن بأن محاسبة النفس أمر صعب جداً جداً على النفس لأن هذا يتطلب عزيمة قوية وإرادة من حديد من ناحية، والأمر الآخر أن تعترف بخطئك ومن الصعب أن تجد إنساناً يقول بينه وبين نفسه: أنا غلطان! ومن فضلك انتظرنى أشرح لك ما أعنيه فى المقال القادم بإذن الله.