تقول الرسالة: «معذرة لأنى اقتبست اسم بطلة رواية (عمارة يعقوبيان) فأنا وبنات جيلى نشبهها، فكلنا بنات العجز والقهر والكبت وقلة الحيلة، مواليد أواخر السبعينيات وحتى نهايات الثمانينيات. نحن اللواتى نُقهر ونُسحق كل يوم، القهر النفسى الأشد وطأة من القهر الجسمانى، فالحياة فى مصر صارت مُيسّرة فقط لمن لهم (ظهر) وواسطة قوية، بصرف النظر عن كفاءاتهم وأخلاقهم الشخصية، أما نحن ممن لا (ظهر) لهم فالبطالة مصيرنا، ومن حالفها الحظ وعملت فتدور فى ساقية لا تستطيع أن تلتقط الأنفاس. مُهمّشات لا نشعر بأهميتنا وقيمتنا كإنسان. فما الذى يُتوقع منا بعد هذا؟! مستحيل أن تجد إنساناً متصالحاً مع نفسه بينما يتعرض لكل ألوان التعذيب. والغريب أنك تجد البعض من أهالينا يؤيدون فكرة السلبية والاستسلام للأمر الواقع وركوب الموجة وعدم السباحة ضد التيار! وحجتهم فى هذا أنك لن تصلح الكون، ودائماً ينظرون إلى سبب الفشل على أنه قضايا فردية وليس قضية جيل بأكمله كُتب عليه منذ ولادته أن يكون سيئ الحظ، فالكبار يرون أنهم نحتوا فى الصخر ليحققوا أحلامهم وينسون أن أبناءهم لم يجدوا صخراً من الأساس لينحتوه!. فهل بعد ذلك كله سنظل أسوياء! أنا ومثيلاتى لا نختلف كثيراً عن بثينة، حتى لو كانت حاصلة على دبلوم تجارة ونحن جامعيات. من حسن الحظ أننا لم نقع فى أخطاء أخلاقية رغم كل ما نتعرض له من مغريات. ولكن رغم ذلك لا أحد يرحمنا من سلاطة لسانه واتهامنا بأننا السبب فيما نحن فيه من عنوسة ونظرة سلبية، وكأننا لسنا بشراً طبيعيين! وكأننا ليست لنا احتياجات مشروعة!، ونحتاج لمن يأخذ بأيدينا ويربت علينا، حتى لا نتشوه نفسياً. (بثينة) لم تجد فى النهاية إلا الرجل العجوز (زكى باشا) ينقذها من كل الأيادى التى تمتد نحوها لتنتهك إنسانيتها وتسلبها شرفها الذى لا تملك سواه. تزوجته لأنه الإنسان الوحيد الذى احترمها، ونحن أيضاً فى أحيان كثيرة لا نجد بديلاً عن هذا الحل، خصوصا عندما يسقط المثل الأعلى، وتجد الواحدة منا نفسها تعيش بين ذئاب يحاول كل منها أن يهتك عرضها، تحت غطاء وعد وهمى بالزواج. الشباب يفضلون الفتيات الثريات ذوات الراتب الكبير والسيارة ويا حبذا لو لديها سكن (يبقى خير وبركة) وفى سبيل ذلك يغض البصر عن عيوب كثيرة، أما بالنسبة لى ولمثيلاتى فلا ننجو من التعليقات السخيفة: هذه سمينة وهذه قصيرة! هذه دمها ثقيل وهذه تصطنع الحياء! نحن ضعيفات نحتاج لمن يحمينا. لا أريد أكثر من أن أُعامل كإنسانة. لقد تعبت قلوبنا وتشوهت نفوسنا، ورغم كل ذلك مازلنا متمسكات بمبادئنا وقيمنا، ومازلنا مصممات على مواصلة الحياة».