النجمات و«الأخوات»: حصاد الهشيم

تنوعت الخلفيات الاجتماعية للمرشحات على مقاعد «كُوتة» المرأة فى الانتخابات الأخيرة، اللاتى بلغ عددهن 377 مرشحة تنافسن على 64 مقعدا. ولكن فئتين لفتتا الانتباه فى هذه الانتخابات هما نجمات الإعلام والفن وبصفة خاصة المذيعات والممثلات من ناحية و«الأخوات المسلمات» من ناحية ثانية.
بدا الفرق كبيرا بين صورة النجمات اللاتى تحرصن على حسن مظهرهن وأناقتهن، والأخوات اللاتى لا يهمهن شىء من ذلك إلا فيما قل أو ندر.
كان هذا الفرق واضحا منذ أن بدأت مقدمات العملية الانتخابية قبل فتح باب الترشيح، حين سعى عدد كبير من النجمات إلى الحزب الوطنى على أساس أن من يختارهن سيكون طريقهن إلى مجلس الشعب يسيرا ممهدا. وفى المقابل، لم يكن سهلا لجماعة محافظة اقتصر دور المرأة فيها على المساندة أن تجد عددا معقولا من المرشحات تدفع بهن.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يواجه فيها «الإخوان» مشكلة فى ترشيح «أخوات».
ولكن الأمر اختلف هذه المرة لوجود مقاعد مخصصة للنساء دون غيرهن. ومع ذلك، كان صعبا إقناع عدد كبير من أعضاء الجماعة بترشيح أزواجهن أو بناتهن.
غير أن هذا الفرق بين نجمات أقبلن منذ اللحظة الأولى و«أخوات» جرى تجهيزهن بصعوبة- طمسته نتائج الانتخابات التى أظهرت أن الهشيم هو ما حصدته الفئتان.
فقد فازت واحدة فقط من النجمات هى الإعلامية حياة عبدون فى محافظة الشرقية، بينما خسرت «الأخوات» جميعهن مثلهن مثل إخوانهن الرجال الأصليين منهم والاحتياطيين على حد سواء باستثناء ذلك «الإخوانى الغامض» فى دائرة النزهة.
ومع ذلك يبقى ثمة فرق فى مسار كل من النجمات و«الأخوات» وصولا إلى حصاد الهشيم. فقد لجأ معظم النجمات الطامحات لعضوية البرلمان إلى الحزب الوطنى، بل ربما جميعهن باستثناء الفنانة سميرة أحمد التى رشحها حزب الوفد فى دائرة باب الشعرية، والإعلامية المذيعة نجوى إبراهيم التى لم يجد الحزب نفسه دائرة تناسبها لترشيحها فيها، والإعلامية السابقة الناشطة السياسية حاليا جميلة إسماعيل التى خاضت الانتخابات مستقلة فى دائرة قصر النيل. أما الفنانة سهير المرشدى، فقد نُسب إليها أنها فضلت دعم مرشحى حزب السلام الديمقراطى بعد أن قيل إنها بين مرشحاته.
وهكذا فباستثناء ثلاث منهن، وقفت النجمات على أعتاب الحزب الوطنى الذى خيبت اختياراته آمالهن باستثناء واحدة منهن رشحها على مقعد «الكوتة» فئات فى الشرقية. فقد استبعد المذيعة فريدة الزمر، التى سبق لها تمثيله فى المجلس المنتخب عام 2000.
ولم تفلح محاولتها الهرب من منافسة مرشحة ذات نفوذ قوى على مقعد المرأة فئات فى محافظة أكتوبر عبر تحويل صفتها الانتخابية إلى «فلاحة». فقد اختار الحزب مرشحة أخرى لهذا المقعد.
ولم تحصل الإعلامية درية شرف الدين أيضا على ترشيح الحزب الوطنى على أحد مقعدى «كوتة» المرأة فى محافظة البحيرة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإعلامية نجوى أبو النجا فى محافظة حلوان.
وهكذا حصدن، وإعلاميات أخريات أقل شهرة لم يرشحهن الحزب الحاكم أيضا، الهشيم مبكرا مثلهن مثل «الأخوات» اللاتى ذقن مرارة خوض انتخابات محكوم عليهن بالهزيمة فيها.
ومع ذلك، كان إقدام «الإخوان المسلمين» على ترشيح 15 من «الأخوات» نقلة كبيرة فى تاريخ الجماعة التى لم تقدم أكثر من مرشحة واحدة فى انتخابات 2005 (مكارم الديرى) وقبلها فى انتخابات 2000 (جيهان الحلفاوى)، وبشق الأنفس.
ويتبين من قائمة «الأخوات» المرشحات أن معظمهن يعملن فى مجال التعليم إدارة وتدريسا، وإحداهن وكيلة إحدى نقابات المعلمين الفرعية. وبينهن أيضا من هى أستاذة جامعية أو طبيبة.
وكانت معركتهن طويلة من حيث أحداثها بالرغم من قصرها الزمنى، بخلاف النجمات اللاتى رفعن الراية البيضاء بسرعة فور استبعادهن من ترشيحات الحزب الوطنى. وبين هذين الطرفين النقيضين بشكل أو بآخر، كانت تجربة الفنانة سميرة أحمد فى باب الشعرية دليلا جديدا على أن الجماهيرية السينمائية والتليفزيونية لا صلة لها بالانتخابات، وأن الشهرة الفنية لا تنعكس فى صناديق الاقتراع خصوصا فى انتخابات عمادها المال والنفوذ والبلطجة.
ولم تفلح أغانى المطرب عبد الباسط حمودة فى تعويض ما نقص فى حملتها.
فعندما غنى فى مؤتمرها الانتخابى (قوليلى إيه يا مرايتى.. قوليلى إيه حكايتى) كانت حكاية النجمات و«الأخوات» فى 2010 تقترب من نهايتها الأليمة، مثلها فى ذلك مثل تجربة «كوتة» المرأة فى مجملها.