الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الرابعة مركز إدفو في أسوان    مستوطنون إسرائيليون يهاجمون قريتين فلسطينيتين في الضفة الغربية    دقائق أنقذت السكان من الموت، انهيار عقار مكون من 8 طوابق بمنطقة الجمرك بالإسكندرية    زفاف الموسم يشعل السوشيال ميديا.. نجوم الفن يتسابقون لتهنئة مي عز الدين بزواجها من أحمد تيمور    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    وزير خارجية فرنسا: العمليات العسكرية في الكاريبي انتهاك للقانون الدولي    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    عيار 21 يسجل رقمًا قياسيًا.. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    مي سليم تطرح أغنية «تراكمات» على طريقة الفيديو كليب    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم وغدًا    موعد بداية ونهاية امتحانات الترم الأول للعام الدراسي الجديد 2025-2026.. متى تبدأ إجازة نصف السنة؟    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    استقرار نسبي في أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري مع تراجع طفيف للدولار    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    قلبهم جامد.. 5 أبراج مش بتخاف من المرتفعات    موسكو تحذر من عودة النازية في ألمانيا وتؤكد تمسكها بالمبادئ    نيوسوم يهاجم ترامب في قمة المناخ ويؤكد التزام كاليفورنيا بالتكنولوجيا الخضراء    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    «الجبهة الوطنية» يُشيد بسير العملية الانتخابية: المصريون سطروا ملحمة تاريخية    قبل غلق اللجان الانتخابية.. محافظ الأقصر يتفقد غرفة العمليات بالشبكة الوطنية    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    مختصون: القراءة تُنمّي الخيال والشاشات تُربك التركيز.. والأطفال بحاجة إلى توازن جديد بين الورق والتقنية    جناح لجنة مصر للأفلام يجذب اهتماما عالميا فى السوق الأمريكية للأفلام بلوس أنجلوس    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    «ميقدرش يعمل معايا كده».. ميدو يفتح النار على زيزو بعد تصرفه الأخير    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوبر غاندى - آينشتين
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 12 - 2010

لو تصوّرنا أننا نجحنا فى صناعة الإنسان السوبر. نفترض جدلاً أن تجربةً علمية ركّبت مخَّ آينشتين على وجدان غاندى - أكثر عقول البشر حِدَّةً وذكاءً، مع أكثر الأرواح رقّةً وسلامًا، ثم جئنا بهذا الإنسان الخيالىّ وحبسناه فى قبو مظلم وكئيب تحت الأرض.
جوّعناه، وضربناه بالسياط كلَّ ليل، وبالنهار نُريقُ آدميته بكلّ الوسائل، التى يجيدها جهاز الشرطة فى بلادنا لاستجواب مجرم. تُرى ماذا يحدث لذلك الكائن الفائق عقلاً وروحًا؟ ربما يصمد على رُقيه أسبوعًا، شهرًا، عامًا. لكن «الهمجىَّ» داخل هذا الإنسان المتحضّر سيشرع فى الخروج بالتدريج. يومًا بعد يوم. سيبدأ بتلويث المعتقل لأنه لا يشعر بالانتماء إليه.
ثم تلويث نفسه، الجسد، ومن بعدها الروح. فيغدو مع الوقت كائنًا كئيبًا رثًّا، يميل نحو الشرِّ والتخريب (وقد كان غاندى)، ثم يعرّج على العقل، فينحو نحو التردّى الذهنى والتخلّف (وقد كان آينشتين)!
ومع خفوت «السوبريْن» القديمين، الروحىّ والعقلىّ، يبدأ التلوّث السلوكى فى الظهور حتى يصير وحشًا.
فلو حدث وأدخلنا عليه فى معتقله وردةً يحملها طفلٌ، سيُفرغ فيه طاقات القهر التى ينالها كلّ يوم، فيضربه ويذلّه، وربما يلتهمه فى لحظة جوع وعماء.
لا أدرى، لماذا يخطر ببالى هذا الخيال العبثىّ كلما فكّرتُ فى حال المصريين الراهن؟ لا مجال للشكّ فى أن من صنعوا حضارتنا القديمة كانوا سوبر بشر فى العلم والفلك والتشكيل والطب والعمارة والتدوين والسياسة، وقبل كل شىء فى العقيدة والدين. نعم فى الدين.
ولا تصدقوا الترهات التى تقول إن المصريين القدامى شيّدوا ما شيّدوا من معابد وأهرامات بالسخرة والقهر. بل كان إيمانُهم عميقًا بأن كل حجر يضعونه فى هرم، وكل كتلة يحفرونها من جبل، لتشييد معبد، هو صلاةٌ وعبادة، بما أن الفرعون الذى يشيّدون هيكله كان رمزًا للربّ، بالنسبة لهم.
مستحيلٌ لعقل سَوِىّ أن يتصوّر أن حَمْل ودحرجة صخور وزنها بالأطنان، تتم دون وازع دينى عميق، وأن نقوشًا فى غاية الإتقان والعلوّ الفنىّ ينتجها ضرب السياط! مستحيل. المصرىُّ القديم كان أول من وحّد الله فى التاريخ، ولذلك يظلُّ المصرىُّ النموذجَ الأرقى للتديّن، حتى قبل ظهور الأديان التى أدخلت التشريعَ والطقس فى التعبّد.
وإذن ماذا جرى لهذا الإنسان السوبر فائق، ليغدو بعد سبعة آلاف عام، هو ذاته المواطن الذى يهمل فى عمله، ويكذب ويرتشى ويهين المرأة ويتواطأ على الخطأ، ويبصق فى الطريق، وينافق القوىَّ ويقسو على الضعيف و، و..؟ كيف قَبل بناةُ الأهرام أن يسكنوا عشش الصفيح؟!
فى كتاب «العبور إلى النهار»، الشهير بكتاب الموتى، كان شرط الانتقال إلى أبدية العالم الآخر، أو النهار، بعد ظلمة ليل الحياة، هو إقرار المتوفى باعترافاته السلبية بأنه: لم يكذب، لم يسرق، لم يقتل، لم يلوث النهر المقدس. ويشهد على صدق اعترافه ميزانٌ يوضع فى إحدى كفتيه قلبُ الميت، الذى يمثّل ضميرَه، فى مقابل الكفّة الأخرى التى توضع بها ريشةٌ تمثل الحقَّ والعدلَ والجمال.
إجابة السؤال هى أن ذلك المواطنَ النبيلَ، قديمًا، الفوضوىَّ المهملَ، الآن، تعاقبت عليه حكوماتٌ فاشية ظالمة أفسدت تركيبته البشرية الفائقة وأربكت برمجةَ جيناته العريقة، وأفقدته الشعور بالشراكة فى الوطن، فانتقل من مرتبة السوبر إلى مرتبة التردّى التى نراها الآن من حولنا.
المواطنُ المصرى القديم هو الكائن السوبر «غاندى - آينشتين» الذى أصبح الآن بطل المحبس اللا آدمى الذى ورد فى التجربة الخيالية التى افتتحتُ بها مقالى.
أما التجربةُ النقيضُ، فهى أن نتخيل أننا أتينا بإنسان بدائىّ همجى، علّمناه وهذّبناه وأكرمناه واحترمنا آدميته، وجعلته حكومُته شريكًا لها فى ثروات وطنه. غالب الظن سيضحى ذلك البدائىُّ، بعد برهة، إنسانًا متحضرًا. شأنَ بعض الشعوب والأمم، من حولنا، تلك التى لا تخفى على القارئ الحصيف.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.