التنظيم والإدارة يعلن الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم لوظائف معلم مساعد مادة علوم، خطوات التقديم والمؤهلات المطلوبة وموعد بدء التقديم    حبس وغرامة، عقوبة امتناع مقدم الخدمة عن تنفيذ قرار حجب المواقع    سعر الذهب اليوم الأحد 22 يونيو 2025 محليًا وعالميًا    توتر أمني في بغداد.. العراق يعلن استنفارا أمنيا لحماية السفارة الأمريكية    تعرف على أسعار ومواصفات سيارة أحمد سعد المحطمة كاديلاك اسكاليد    بيلوسى: ترامب تجاهل الدستور وأشرك جيشنا فى حرب دون إذن الكونجرس    «لا تزال تمتلك مفاعلات مهمة».. ما هو الضرر الإيراني من تدمير منشآتها النووية الثلاثة ؟    صفارات إنذار تدوي في إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران    وزير الخارجية الإيراني: واشنطن انتهكت القانون الدولي وإيران تحتفظ بحق الرد    مدرب ريفر بليت: كنا نستحق الفوز.. وسعيد بما قدمه الفريق    من قارتين فقط.. البطاقة الحمراء تظهر 7 مرات في كأس العالم للأندية    مدرب الوداد: سنعذب خصومنا.. ولدينا القدرة على مجاراة أقوى الأندية    "يبقى انت لسه بتتعرف عليها".. رد ناري من سيد عبد الحفيظ على أحمد حسام ميدو    تعرف على القنوات المجانية الناقلة مباراة الأهلي وبورتو في كأس العالم للأندية 2025    «زحمة الهجوم» تُطيح بنجم الأهلي.. أحمد حسن يكشف مفاجأة    توافد طلاب الثانوية العامة على اللجان.. والتعليم تتابع وصول الأسئلة    اليوم.. طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان اللغة العربية    محمد حماقي يرفع علم المغرب ويشعل مسرح النهضة في مهرجان «موازين»    ابنة نسرين أمين عن دخولها مجال التمثيل: «ماما بتشجعني لكن مساعدتنيش»    كشف أثري جديد في منطقة تل الفرعون بالشرقية| الآثار تعلن التفاصيل    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    حدث منتصف الليل|تفاصيل مكالمة الرئيس السيسي ونظيره الإيراني.. وسيناريوهات تعامل الحكومة مع الحرب    ممثل المستأجرين: تعديلات قانون الإيجار القديم تفتقر إلى العدالة وتتجاهل ظروف البسطاء    11 ضحية .. انتهاء رحلة البحث عن متوفين أسفل عقارات حدائق القبة المنهارة    دون إصابات.. السيطرة على حريق داخل شقة في البساتين    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    برلماني يطالب بإحالة مقيم الطعن ضد "جمعية الرسوم القضائية" للتأديب    مخرج «لام شمسية» يكشف رد فعل رئيس الرقابة بعد مشاهدته أول خمس حلقات    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟.. أمين الفتوى يجيب    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    براتب 9200 جنيه.. 200 وظيفة للشباب في مجال الأمن و الحراسات    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    محسن صالح يطالب بعدم إشراك زيزو في مباراة بورتو بكأس العالم للأندية    ترامب: موقع فوردو النووى انتهى تماما    وسائل إعلام إيرانية: تم إسقاط عدة قنابل من طراز GBU-57 يبلغ وزنها 14 طنا على منشأة فوردو النووية    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    وزير الشباب والرياضة يتفقد نادى نقابة المهن التمثيلية فى حضور أشرف زكى    بدء الموسم الصيفي ينعش فنادق البحر الأحمر والإسكندرية    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    الراتب الكبير يمنع الزمالك من التعاقد مع بينتو    سعر البصل والليمون والخضروات بالأسواق اليوم الأحد 22 يونيو 2025    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    وجهات نظر    من غير مكملات.. أهم الأطعمة الغنية بفيتامين د    ابعد عنها بعد الساعة 10مساءً.. 6 أطعمة تسبب الأرق    بسبب حكم غيابي.. احتجاز زوجة مدرب منتخب مصر في الإسكندرية    تصل للمؤبد.. احذر عقوبات صارمة لبيع المنتجات المغشوشة    صبحي موسى ومأزق التنوير العربي    د.حماد عبدالله يكتب: السينما المصرية!!    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات من شوارع عاصمة البحيرة.. صور    وزارة التضامن الاجتماعي بكفر الشيخ يشهد فاعليات ختام البرنامج التدريبي    كيف تحافظ على برودة منزلك أثناء الصيف    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عم «أبوالغيط».. الرجل الذى صرخ بأغنيته ضد الحزب الوطنى
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 11 - 2010

مستخدما الشعار نفسه الذى وضعه الحزب الوطنى لكن بتصرف بسيط، وقف يهتف أمام لجنة انتخابات مدرسة عمر بن عبدالعزيز فى المرج.. صوته الذى بدأ يعلو تدريجيا وتزيد حدته بمرور الساعات وبتوافد الناخبين، لم يغن سوى لحن واحد، وضعه الحزب، دون أن ينتبه إلى أن مواطنا بسيطا سيغزل عليه كلمات جديدة، ليتحول «عشان تطمن على مستقبل ولادك» إلى «لو خايف على مستقبل ولادك بلاش تنتخب الوطنى».
«الحرقة» التى هتف بها والتى لا تتناسب مع سنه المتقدمة، جعلته يجذب انتباه أغلب الناخبين الذين توافدوا على الدائرة، وبمرور الساعات عرف الجميع قصته، إذ كان منطقيا أن يتبع شعاره الجديد بتبريرات تقنع من حوله بأمرين، إما الانضمام إليه وتلبية دعوته بعدم انتخاب مرشحى الوطنى، وإما الانصراف عنه بقناعة أنه «الرجل الذى فقد عقله»
صاحب الدعوة الذى اعتبره كثيرون بطلا للجنة الانتخابات فى المدرسة، نجار فى إحدى شركات القطاع العام، أصبح من أصحاب المعاشات بعد صراع طويل مع المسؤولين وعدد لا بأس به من الاحتجاجات، ليخرج فى النهاية «معاش مبكر» مقابل 35 ألف جنيه مكافأة نهاية خدمة، و595 جنيها معاشا شهريا، ضاعت المكافأة فى زواج ابن وابنة، ولم يبق له سوى المعاش يكمل به وزوجته و3 أبناء آخرين الحياة، وذلك البيت الذى يسكنه وورثه عن أبيه وأعفاه من سداد إيجار سيقتطع جزءا كبيرا من معاشه.
وجود «أبوالغيط» فى لجنة الانتخابات لم يكن منطقيا، فلم يسبق له الانتخاب من قبل، ولم يستخرج فى حياته بطاقة انتخابية إلا قبل عام، ومبرره فى مقاطعة الانتخابات هو نفس مبرره فى قرار المشاركة: «ما كانش عندى ثقة فى الانتخابات، لكنى قررت السنة دى أنتخب عشان أرفض الناس اللى أنا مش عايزها».. أبوالغيط أسهب فى شرح منطقه هذا، فى محاولة لحث الناخبين على اتباعه فى دعوته بعدم انتخاب مرشحى الوطنى: كفاية رحلة الكفاح اللى خضتها عشان آخد حقى، ومعاشى بعد سنين الخدمة الطويلة، لم أحصل على حقى إلا بانضمامى إلى حركة أصحاب المعاشات، وقتها أدركت أهمية مشاركتى فى الانتخابات واختيارى لعضو فى مجلس شعب يمثلنى ويعبر عن مشكلاتى.
يقول هذا وهو لا يملك أى يقين على نزاهة الانتخابات، لكنه لا يملك أى يقين أيضا على تزويرها، وإن اعتبر أن تكنولوجيا التصوير باستخدام كاميرا التليفون المحمول صعبت التزوير، وأصبح من السهل أن يفضح الموبايل الحكومة بأكملها.
وحده من بين أفراد أسرته قرر أبوالغيط أن يخوض التجربة، لكنه أعفى أبناءه منها، البنات لأن استخراج البطاقة الانتخابية يضطرهن للمرور من أمام الحجز داخل قسم الشرطة، مما يعرضهن للمعاكسات، أما الشباب فلا تعنيهم الانتخابات فى شىء، اللهم إلا إذا وزع المرشح وظائف، أو ضمن لهم على الأقل وظيفة.
لم تنته حياة «أبو الغيط» بخروجه معاشا مبكرا، بل واصلها فى ورشة صغيرة مارس خلالها صنعته، ومن خلالها أصبح عضوا فاعلا فى حركة أصحاب المعاشات، ورغم أنه وهب نفسه للجنة الانتخابات أمس الأول، فإنه بدأ يومه كما هو معتاد بقراءة الجرائد على الإنترنت، والدخول على ال«فيس بوك»، ولأن ميزانيته لا تكفى شراء الجرائد يوميا، اضطر إلى تعلم الكمبيوتر قبل 6 سنوات، ليتمكن من قراءة الجرائد إلكترونيا، وتولى أبناؤه تعليمه الفيس بوك، واستغله هو للتعبير عن رأيه فى كل ما يحدث حوله بمنطق: كل ما أبقى عايز أقول حاجة أدخل أكتبها واللى عايز ينقلها ويوزعها بيعمل كده».
قبل أن يتوجه إلى لجنة الانتخاب، لم يفت «أبو الغيط» المرور على دكانه الصغير، فهو تمهيد لحلمه الأكبر بامتلاك ورشة لتصنيع الأثاث بأسعار اقتصادية للشباب، ذلك الحلم الذى حال بينه وبين تنفيذه أمران: «مافيش وقت ومافيش فلوس».. وكلما تذكر «أبو الغيط» حلمه حزن على ماضيه، أيام نجاح الشركة التى كان يعمل بها، عندما شارك من خلالها فى تشييد دارى الإفتاء والأزهر.
كل هذا لم يستغرق أكثر من ساعة فى عمر اليوم الانتخابى ل«أبوالغيط» حيث توجه فى ساعة مبكرة إلى مدرسة عمر بن عبدالعزيز فى عزبة النخل بالمرج، وفى الطريق وهو يحدث نفسه عن أهم المشكلات التى يأمل فى المجلس الجديد أن يحلها، فكر فى الصرف الصحى، والمياه النظيفة، والشوارع غير الممهدة، والكهرباء، ووصل إلى قناعة واحدة تحل كل هذا، يلخصها: كله ممكن يتحل بالقرش، لأن البلد دى كل حاجة فيها ماشية بالقرش.
أبوالغيط حاول أكثر من مرة ضم أعضاء حركة أصحاب المعاشات إلى دعوته بعدم انتخاب مرشحى الوطنى، وانتخاب منافسين لهم، لكن أغلب من دعاهم خذلوه، إما بالتكاسل عن الانتخاب من أساسه، أو ببيع أصواتهم لمن يدفع أكثر، مش مهم 100 أو 300 جنيه أو حتى ساندويتش كومبو.
داخل المدرسة بدأ أبوالغيط مغامراته، بحث فى البداية عن اسمه فى الكشوف، وأثناء هذا كاد يتعرض للسرقة، يضحك وهو يتذكر: «آه والله كنت هاتنشل، لقيت واحد بيحاول يحط إيده فى جيبى»، واكتفى ابو الغيط بإسكاته دون أن يبلغ عنه أو حتى يحاول إمساكه، ثم ينخرط بين أهالى الدائرة، وعلى لسانه حوار ممتد بدأه مع ناخب وأنهاه مع آخرين، ورغم تعدد شخوصه، فإنه –أى الحوار- لم يخرج عن نزاهة الانتخابات ومدى جدواها، والمرشح الذى يستحق التصويت له، مؤكدا وبعلو صوته أنه لن ينتخب «حمدى السيد» نائب الدائرة الحالى، لأنه لم يقدم شيئا لدائرته.
رفضه العنيف لحمدى السيد، ليس بمثل عنف رفضه لترشيح رجال الأعمال، إذ يراهم بمنطق: «رجل الأعمال ماله ومال مجلس الشعب؟ ده المفروض واحد قاعد متفرغ لإدارة أعماله، كفاية إنه راجل مبسوط»، ولم يقدم أبو الغيط بديلا عمن استبعدهم، إذ يؤكد أن ضيق فترة الدعاية للمرشحين، جعلته وغيره من أبناء الدائرة لا يعرفون معلومات كافية عن المرشحين، تؤهلهم على الأقل لاختيارهم، وهو ما يبرره أيضا بمنطقه: «الحكومة عملت كده علشان مايبقاش قدامنا غير الحزب الوطنى، والنتيحة أنا فى لجنة ما أعرفش حد من المرشحين فيها».
وكأنهما وجهان لعملة واحدة، يرفض «أبوالغيط» أيضا انتخاب أى من مرشحى الإخوان، مثل رفضه لمرشحى الوطنى.. هذه المرة برر موقفه ب «لما امشى فى الشارع وأشوف واحد ملتحى أو واحدة منقبة، بحس بالأنانية، عايزين ياخدوا اللى هم عايزينه بالعافية»، الإيجابية الوحيدة التى ذكرها أبوالغيط كانت عن حزب الوفد، إذ توسم فيه الرجل خيرا، لأنه وحسب وصفه «شهد تغييرات ذكرتنى بحزب الوفد القديم».
عندما دخل «أبوالغيط» أحد فصول المدرسة للإدلاء بصوته فوجئ بخلاف نشب بين رئيس اللجنة، ومندوبى المرشحين حول تفقد الصناديق قبل بدء الانتخابات، رئيس اللجنة قال «الصناديق جت مقفولة»، واعترض المندوبون على ذلك، وانتهى الخلاف برفض رئيس اللجنة استقبال المواطنين وقرر إغلاق هذا الفصل فى اللجنة، هنا تدخل «أبوالغيط» محاولا الحديث مع رئيس اللجنة، وإثناءه عن قراره، لكن رئيس اللجنة قال له «لو عايز تعمل محضر اعمل»، وقتها قرر «أبوالغيط» تحرير محضر، رافضا فكرة أن يستخرج بطاقة انتخابية ويكابد كل هذه المعاناة، وفى النهاية لا يدلى بصوته، لكنه حاول مرة أخرى وتصالح مع رئيس اللجنة وتم فتح باب التصويت مرة أخرى.
أخيرا وصل أبوالغيط إلى الصندوق، وقف أمامه قليلا، لكنها فترة أراحته، إذ شعر لأول مرة فى حياته أنه قادر على الاختيار، رشح 4: «ما أعرفش أى حاجة عنهم غير إنهم مش حزب وطنى». وخرج يدعو أبناء دائرته إلى عدم انتخاب أى مرشح للحزب الوطنى، فإذا بأطرف التعليقات تنطلق على دعوته من أحد المواطنين، قال هو الآخر بصوت أعلى: «والله كلنا نفسنا نقول الكلام ده بس انت مش خايف؟!»، فيرد «أبوالغيط»: ما عنديش حاجة أبكى عليها.. وافتكر قاعدة «هيسخطوك يا قرد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.