قالوا قديما «قل لى ماذا تقرأ أقل لك من أنت»، أما اليوم ومع تطور فنون العروض السينمائية، وتطرق الأعمال الفنية المرئية لأقصى أعماق النفس البشرية ومناقشتها أدق وأهم المشكلات سواء الإنسانية أو الاقتصادية أو الفكرية بل السياسية بما لها من إمكانات بصرية وسمعية، أصبح من الأصوب فى أيامنا هذه أن تقول «قل لى ماذا تشاهد أقل لك من أنت». هذه الأيام، وكعادتها كل عام، تستضيف القاهرة فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجانها السينمائى الدولى وأصدقكم القول، «أنا أسعد اليوم بالحديث عن هذا الحدث الثقافى والفنى العالمى والشديد الأهمية»، وذلك لضخامة الحدث فى حد ذاته من ناحية، وكذلك للخروج من حالة التأهب السياسى، التى تشهدها مصر هذه الأيام، بسبب انتخابات مجلس الشعب من ناحية أخرى، ومن هنا يأتى الكلام عن هذا المهرجان بمثابة واحة وارفة الظلال وسط ساحة عمل سياسى ملتهب تسود كل ربوع مصر هذه الأيام. يأتى مهرجاننا هذا العام شديد التألق بعد الطفرة التى شهدها خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، التى أعادت له الكثير من الرونق، الذى تأثر كثيرا فى فترات سابقة، إما لأسباب تتعلق بالإدارة أو لأسباب أخرى بعضها مرتبط بتوقيت المهرجان الذى يأتى موعده السنوى المعتاد متواكبًا مع مهرجانات أخرى أكثر حداثة فى المنطقة، باستثناء مهرجان قرطاج السينمائى الدولى، الذى يعد الأقدم بين مهرجانات العالم العربى، والذى نظم للمرة الأولى قبل 10 سنوات من مهرجاننا الكبير، الذى بدأ عام 1976، وإن كنا نتفوق فى أن مهرجان القاهرة هو حدث سنوى بينما ينعقد مهرجان قرطاج كل عامين. ما أقصده هنا بالحديث مهرجانات أبوظبى والدوحة ودمشق ومراكش ودبى ليصبح العدد سبعة مهرجانات تشهدها الشرق الأوسط خلال مدة عشرة أسابيع فقط من 14 أكتوبر إلى 19 ديسمبر من كل عام، حيث تكاد تتداخل فى مواعيدها.. وللأسف فقد سعت بعض هذه المهرجانات من خلال هذا التقارب الزمنى للاستحواذ على الريادة الطبيعية والتاريخية التى لمهرجان القاهرة من خلال التنظيم المبهر والجوائز الخيالية، التى أثرت على المكانة الفنية لمهرجان القاهرة العريق لفترة من الوقت، لكن القيادة الفنية والرعاية السياسية الرائعة والمتمرسة لقافلة الثقافة والفنون فى مصر، التى يقودها الوزير الفنان المتميز فاروق حسنى، أضافت بقيمته الدولية أبعادا أعمق وأثرى لكل المحافل الفنية والثقافية التى تنظمها مصر، إلى جانب التشجيع غير المسبوق، الذى يوليه السيد المحافظ الدكتور عبدالعظيم وزير للمهرجان، الذى يحمل اسم محافظته، حيث لم يتوان منذ توليه أمر العاصمة عن توفير كل أشكال الدعم للمهرجان، موفرا جميع سبل النجاح لرئاسة المهرجان بقيادة الفنان المبدع والواجهة المشرفة د. عزت أبوعوف ومن ورائه مكوك المهرجانات الذى لا يهدأ والقوة المبدعة التى لا تخمد، وأعنى بها الرائعة سهير عبدالقادر، نائب رئيس المهرجان، وها هو مهرجاننا يعود ليحتل ريادة الساحة الفنية العربية من خلال باقات سينمائية لا تخلو من دلالات عميقة كشعار الدورة الرابعة والثلاثين المعنون ب«مصر فى عيون سينما العالم» حيث يشهد المهرجان هذا العام تنظيم قسم خاص يعرض من خلاله مجموعة من الأفلام من مختلف دول العالم تم تصويرها داخل مصر أو دارت أحداثها حول شخصيات مصرية، وهو ما يؤكد الأبعاد الثقافية والسياسية لمثل هذه المحافل الدولية التى تتخطى بقيمة الحدث حدود تقييم العمل الفنى وتقنياته لآفاق سياسية وتنويرية أعمق. ولكون الحدث عالمياً بالفعل، فهذا العام يحضر المهرجان كضيوف شرف كل من النجم الأمريكى ريتشارد جير والنجمة الفرنسية جولييت بينوش ونجمة كوريا الجنوبية الأولى الفنانة يون جونجهى، وعدد آخر من كبار النجوم وصناع السينما فى العالم، الذين سيحضرون المهرجان إما كأعضاء فى لجنة التحكيم أو كضيوف مع أفلامهم المشاركة فى هذه الدورة فى إدراك واعٍ منهم لأهمية الحدث، وباعتبار مجرد حضورهم إضافة لسيرهم الشخصية الذاتية. أعزائى القراء، لأن الفكر فى الأساس سياسى وطنى حتى وإن أردت الخروج من هذه الدائرة للحديث عن الفن السابع، وددت فى هذه المناسبة لو أقول للمشككين فى متانة واستقرار بنيان هذا الوطن: «عليكم أن تعرفوا أن مصر بمقدورها تنظيم هذا الحدث الفنى الكبير وعشرات غيره، بينما تخوض انتخاباتها التشريعية الأهم فى تاريخها الحديث السياسى، لأن أمننا راسخ ومستقر ودائم.. دوماً بإذن الله». عضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى أمين عام جمعية محبى مصر السلام
