كانت مغامرة أن تطأ قدماك منطقة «جبل ناعسة»، التى ظلت لفترة طويلة إحدى أشهر 4 مناطق اكتسبت شهرتها فى الإسكندرية بتجارة «المخدرات» لدرجة أنه كان يرفع شعار غير معلن حولها حتى وقت قريب هو «ممنوع الدخول والاقتراب» بما فى ذلك رجال الشرطة وكأنها «دولة داخل دولة» يخرج منها من يخرج ولا يدخل إليها أحد، وفشلت حملات كثيرة فى السيطرة عليها لسنوات طويلة فى السابق، وبعد مرور بضع سنوات أصبحت منطقة خالية من تجار المخدرات يحكمها كبير الحى ويقوم بحل مشاكل أهلها واشتهرت بالقبلية والعصبيات ووضعت لها قوانين داخلية خاصة يحتكم إليها الناس. اتخذ مؤلفو السينما والدراما منها مدخلاً جيداً، بعد أن رأوا أنها مادة خصبة لتأليف الروايات والحكايات وجعلوا من رجالها أساطير سيظل الآباء يحدثون بها أبناءهم لسنوات مقبلة لأنها ليست نسجاً من الخيال، وإنما واقع عاصره الكثيرون، عندما كانت إحدى أكبر مناطق الاتجار بالمخدرات. ومن بين الروايات العديدة حول سبب تسمية المنطقة، بهذا الاسم، قال عم «سعيد» 67 عاما إنه قديماً زارت إحدى الفتيات– من الصعيد- وتسمى ناعسة المنطقة بعد أن هربت من أهلها لرفضها الزواج من أحد المتقدمين لخطبتها، وكانت أول فتاة تدخل المنطقة، ولذلك سميت بهذا الاسم. وأرجع آخرون من أهالى الحى، الاسم إلى ما قبل فترة السبعينيات، حيث وقعت إحدى الراقصات فى حب أحد تجار المخدرات، وتركت عملها للزواج منه، وقامت بالعمل معه، وفى إحدى حملات الشرطة ظلت الفتاة «نعسانة» دون أن تدرى، فتم القبض عليها، وسمى الجبل بهذا الاسم. وقال فريق آخر من أهالى الحى إن المنطقة اقتصرت على أهلها المعروفين، ولذلك ندرت المشاكل، وكان البعض يقول عن المنطقة «إيه المنطقة النعسانة دى» ومن هنا جاء المسمى. «إسكندرية اليوم» اخترقت كل الحواجز، والتقت أقدم سكان المنطقة ويدعى «بيبرس»73 سنة الذى قال: (إن ناعسة) هو اسم جدته التى نزلت المنطقة كأول سيدة، وقامت بافتتاح 5 محال للجزارة، فقام الناس بإطلاق الاسم على الجبل الذى يرتفع عن سطح الأرض». وأوضح: «المنطقة لها أمين شياخة والناس كلها بتحبه وتسمع كلامه ولا يجرؤ أحد على مخالفته أو مناقشته، فهو يقوم بحل مشاكل المنطقة»، لافتاً إلى قيام الحزب الوطنى التابع لدائرة كرموز باختيار من يمثلهم وتقوم الناس بترشيحه ليمثلهم فى الانتخابات، ويوافق عليه أعضاء الحزب الوطنى، بعد موافقة أهل المنطقة. وأكد أن المنطقة لها «طقوس» وعادات مختلفة، فى الزواج والإنجاب وغيرها من العادات، مؤكدا عدم وجود مجال للاتجار بالمخدرات رغم أنها كانت إحدى أخطر المناطق. وأكد «عم عيد»، أحد أهالى المنطقة، أن منطقة جبل ناعسة، تسكنها 4 عائلات هى «السباعية» و«المراغية» و«الجهينة» و«الديوه» من بنى سويف، مشيرا إلى أنه إذا حدثت مشادة بين شخصين تنتفض منطقة الجبل جميعها لأنها لم تكن بين شخصين بل تتدخل العائلتان ويتدخل أمين الشياخة والعمدة لفضها. وأضاف: يوجد مولد «سيدى طلحة الأنصارى»، وكل عام يتجمع فيه أهالى المنطقة ويأتى لهم وفود من محافظات مختلفة، فيما قال أحد أهالى المنطقة، إن من أقدم شوارع جبل ناعسة الروضة، العيسوى، إيزيس، وإن من أشهر بلطجية المنطقة «جريشة، أبوكرش والمهدى». وقال: «جريشة» كان بلطجياً لكن بالنسبة لأهالى منطقته كان من أبطالها، لأنه كان يأخذ الأموال من الأغنياء ويعطيها للفقراء من أهالى منطقته، وعندما قُتِل قام أهالى المنطقة بتنظيم مظاهرة أمام القسم وحاولوا إشعال النيران به. وحكى كثير من أهالى المنطقة عن عمدتهم وشهامته وجدعنته معهم وهو «العربى شومة» وشهرته «العمدة»، جزار فى العقد الخامس من عمره، قيل إنه يقف بجوار كل ضعيف ومحتاج من أهالى منطقته لأن ذلك واجب عليه، وأنه يفعله لوجه الله عز وجل- على حد قول بعض الأهالى.