كثيرا ما سألت نفسى هذا السؤال: من الذى يضع شعار الحزب الوطنى فى كل مؤتمر من مؤتمراته؟.. وقليلا ما تلقيت الإجابة، فأحيانا أتكهن بالشخص دون أن تكون لدى معلومة، وأحيانا ألجأ إلى الكاتب الصحفى محمود مسلم بحكم خبرته ومعلوماته ليجيب لى عنه، وفى الحالتين النتيجة واحدة: لا أستطيع أن أصل إلى هذا المسؤول لأقول له «شعارك فشنك». نعم فشنك، بدليل آخر شعار «عشان تطمن على مستقبل ولادك».. فلم يحدد الحزب أى جيل يتحدث عنه، ولماذا مستقبل ولادك، أليس من الأولى أن يطمئن المواطن على مستقبله أولا، قبل أن يفكر فى مستقبل أولاده؟، ولماذا لم يضف الحزب لشعاره المرحلى كلمة مستقبلك، ليصبح «عشان تطمن على مستقبلك ومستقبل ولادك»؟.. هل لثقة مسؤول الحزب واضع الشعار أن «مستقبل» المواطن قد ضاع ولم يعد هناك أى فرصة لإنقاذه، والأمل الوحيد هو مستقبل الأولاد؟.. أم هى محاولة تسويف جديدة، والحزب يعد المواطن بالإصلاح بس على ما ييجى عياله ويبقى لهم مستقبل؟. هذه الأسئلة ستظل دوما بلا إجابات، لأنه لا شىء يحرك ساكنا فى حكومة د. نظيف اللهم إلا الكوارث، وبما أن الحكومة هى ابنة الحزب الشرعية، والحزب قال إن المواطن سيطمئن على مستقبل أولاده إذا اتبع سياسات الحزب وأيده فى الانتخابات «سابقة التجهيز»، فإن هذا تصريح واضح بأنه لا إصلاح فى حياة المواطن، وأن المستفيد هو الأبناء، ولأن «الضنا غالى» يجب على المواطن أن يضحى بنفسه وأنانيته من أجل أولاده. هذا هو الشرح اللازم للشعار، حتى لا ينظر له المواطن بأنانية ويبتعد عن الحزب لمجرد أنه لم يذكر المواطن ضمن أهدافه وفى شعاره واهتم بأولاده فحسب، وكان لازما أيضا على «الوطنى» أن يفكر فى المواطن العقيم، العاجز عن الإنجاب، فهو لا يعول أولاد ليخاف عليهم ويحاول تأمين مستقبلهم، وكان لازما على «الوطنى» أن يستخدم لفظ «عيالك» أو «أبنائك» بدلا من «ولادك» لأن الكلمات الأولى تطلق على الأطفال بشكل عام ذكوراً وإناثاً، أما «ولاد» فتطلق على الأطفال الذكور، ولولا أن الشعار خرج من الحزب الوطنى، لاتهمت السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان وعدد من المنظمات الحقوقية واضعى الشعار بالعنصرية والتمييز بين الأطفال. الحسنة الوحيدة التى أفادنا بها الشعار أنه أكد –دون قصد طبعا- أن الحزب الوطنى سيظل معنا ومع أولادنا وربما أحفادنا ليضمن مستقبلهم، بحيث يحقق لهم ما عجز عن تحقيقه لنا.. «العمر الطويل للوطنى».
