عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطر 10 عيوب فى الصحفى المصرى
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 19 - 12 - 2009

هذا التحقيق «قاس» ولكن الواقع أكثر قسوة ..فى هذا التحقيق تسأل روزاليوسف 8 من كبار الصحفيين المصريين عن أشهر عشرة عيوب فى الصحفى المصرى ومن ثم فى الصحافة المصرية والغرض بالطبع ليس التشهير فكلنا فى الهم (صحفيون) لكن الغرض هو دق ناقوس الخطر وإطلاق نفير إصلاح مهنة كانت من أهم أدوات الريادة المصرية فى المنطقة العربية.. 8 من كبار الصحفيين يشخصون أخطر 10 عيوب أصيب بها الصحفى المصرى مؤخراً فاقرأ وتفكر.
هذا التحقيق يحاول الإجابة عن سؤال - ماهى العيوب التى أصبحت تميز أداء الصحفى المصرى؟.. الإجابة تتلخص فى 10 نقاط كما ذكرها كبار الصحفيين والكتاب وهى كالتالى:
(1) غياب المهارات الأساسية
فعدم تمكن الصحفى من الصياغة الجيدة أو التفرقة بين الفنون الصحفية المختلفة من خبر أو مقال أو تحقيق أو خلافه أحد العيوب الجوهرية التى قد تصادفنا أثناء قراءتنا لأغلب الصحف، وهو ما يرجعه الإعلامى والكاتب الصحفى «جمال عنايت» إلى اعتماد الصحفى على وجود «الديسك» الذى ينقح ما يكتبه وهو من المفترض أن يوجد فى الأصل داخل كل صحفى.. كما أن غياب التحقيق الاستقصائى كما يرى الباحث المعروف «د. وحيد عبد المجيد» هو الذى يسهم فى رفع مستوى المهارات الأساسية لدى الصحفى لأنه يحتاج لمجهود كبير وخلفية ثقافية، إلا أن مانجده فى الصحف ليس تحقيقاً بالمعنى المتعارف عليه، فالتحقيق هو القائم على النزول للواقع ومعايشته ومناقشة كل من له صلة بموضوع التحقيق، بينما ما يحدث فى الصحف ليس إلا «حديث متعدد المصادر».
(2) عدم تدقيق المعلومة
نجد الاعتماد على نصف المعلومة وأشباه المعلومات وتطويع المعلومات لصالح أهواء شخصية، وعن هذا يقول «جمال عنايت»: «التعاون الذى نجده بين الصحفيين خاصة الشبان فى تبادل معلومات مغلوطة أحد أكثر الأسباب التى تسىء لمهنة الصحافة، فالمعلومات جزء أساسى من التحليل، فالاعتماد على معلومات مغلوطة يؤدى إلى تحليل مغلوط».. إلا أن «فريدة النقاش» ترى أن امتناع الحكومة عن إصدار قانون لحرية تداول المعلومات هو سبب هذه الأزمة، فهناك معلومات قد تعرض الصحفى للحبس إذا ما حاول الوصول إليها، وبالتالى فهو عاجز عن الوصول للمعلومة بشكل طبيعى، وهذه القضية أكثر من يعانى منها العاملون بصحف المعارضة، فيتم التعامل مع المندوبين من هذه الصحف فى الهيئات الحكومية كأنهم جواسيس.
إلا أن «مفيد فوزى» يرجع السبب لكون معظم شباب الصحفيين تنقصهم المهنية، فهم «لم يتمرمطوا فى بلاط صاحبة الجلالة» وبالتالى صارت كتابة الخبر مأساة وكتابة التحقيق مأساة أكبر، فالحديث مع الشخصيات تنقصه المعلومات، على الرغم من وجود الكمبيوتر والإنترنت، وقد كان أبناء الجيل القديم من الصحفيين يبحثون بدأب جنونى عن المعلومات فى المكتبة على عكس مايحدث الآن.
إلا أن الكاتب الكبير الصحفى «محمد عبد المنعم» رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة روزاليوسف السابق يرى أن «عدم الاهتمام» هو المشكلة بجانب عدم الاطلاع الكافى على تفاصيل الموضوع.. إلا أن «د. وحيد عبد المجيد» يرى أن «عدم الاهتمام» مسموح به فى حالة الانفرادات الصحفية.. وبجانب أنها حالات استثنائية إلا أنها نادرة جداً، ولكن هناك حالات أخرى تهدف إلى «النشر المقصود» لهذه المعلومات، فالصحفى يلونها بهدف عمل «فرقعة» أو «لغرض سياسى».. ويرى «محمد عبد المنعم» أن الإنترنت هو أساس هذه الكارثة، وهو مايؤكد عليه الكاتب الصحفى «محمود صلاح» رئيس تحرير أخبار الحوادث بأن الصحفى لايقوم بأى عمل سوى الاتصال بالمصادر عن طريق المكالمات الهاتفية أو الحصول على معلومات من الإنترنت، فالصحفى الآن فى حاجة إلى العودة إلى «الحضانة» حتى يفهم «ألف/ باء صحافة» وحتى يصبح «سوياً» فى كل شىء.
(3) محليون فى اهتماماتهم
وهو مايعبر عنه «مفيد فوزى» بقوله : «الصحافة المصرية شديدة وقلما تخرج خارج حدود الوطن، فما هى قيمة جريدة الحياة أو الشرق الأوسط؟ ببساطة أنها صحف تخرج إلى العالم الخارجى برؤية عربية».. لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة، فالمشكلة تأتى أصلاً من عدم اطلاع الصحفيين على المحليات أيضا كما يقول «جمال عنايت» و«د. وحيد عبد المجيد» بمعنى أن الصحفى الجديد حينما يعمل فى مؤسسة ما لا يكلف نفسه عناء الاطلاع على أرشيف المؤسسة، ومايحتويه من موضوعات تساهم بشكل كبير فى معرفة الصحفى بتاريخ المؤسسة وتطويره هو شخصياً.. ويرى «محمد عبد المنعم» بأن عدم إتقان اللغات الأجنبية عامل أساسى فى عدم الاطلاع على الصحف والدوريات العالمية.
(4) عدم الإلمام بمهارات مختلفة
والمقصود بها معرفة مهارات كالتصوير الصحفى والكمبيوتر والتى تمكن الصحفى من إتقان عمله، إلا أن الشعار المرفوع هو «التواكل».. ويضيف فيه هذا الصدد «جمال عنايت»: «ما دام فيه مصور هتعلم ليه؟!.. ومادام فى ديسك ليه أتقن اللغة؟ احنا نجيب الخبر ونضبطه والموضوع مع بعضينا» لكن «د. وحيد عبد المجيد» يرى بأن هذا الطموح فى أن يعرف الصحفى كل شئ يتجاوز الواقع، فنحن نريد أن يتخصص الصحفى فى مجاله أولا، وأن يكون لديه تأكد أو خلفية عن الموضوع الذى يقوم به، كما أن التصوير قد حلت مشكلته عن طريق «الموبايل»، فكاميرا «الموبايل» أتاحت لرجل الشارع العادى وليس الصحفى فقط أن يصور كل ماتقع عليه عيناه ويضع هذه الصور على مواقع «Youtube»و« Face Book»وقد تثير هذه الصور جدلاً كبيراً.
(5) طغيان العنصر المادى
لايمكن تجاهل العنصر الاقتصادى إذا كنا نلوم الصحفى على عيوب الممارسة المهنية، فهناك ضغوط الحياة من جهة وتزايد رغبات الصحفيين من جهة، وفى صدد هذا يذكر «جمال عنايت» واقعة عمله فى بداياته بإحدى المؤسسات الصحفية وبعد 6 أشهر من العمل فيها لم يحصل سوى على 16 جنيها سنة 1975 وهو مبلغ متواضع للغاية.. فالآن عمل الصحفى هو «التلميع» وهو راجع لانفتاح السوق والاحتياجات فأصبح هناك عرض وطلب..
واقعة أخرى تضيفها الكاتبة المعروفة «حُسن شاه» وكانت فى برنامج العاشرة مساء حينما سألت الإعلامية «منى الشاذلى» الكاتب والشاعر الكبير «فاروق جويدة» عن راتبه من الصحف ورفض «جويدة» التصريح ..فالتصريح مخجل ولو أن الصحفى «عايش محترم» ستتغير أشياء كثيرة.. وقبل انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة سئلت «فريدة النقاش» ماذا ستطلب من نقيب الصحفيين الجديد؟ وكانت إجابتها مناقشة وضع أجور الصحفيين.. فما يأخذه الصحفى لايوفر له مستوى معيشة لائقا، وهذا يدفعه «للتسول» أو «الرشوة الانتخابية» مما يؤدى لعدم حفاظ الصحفى على كرامته.. وهو السبب الذى يراه «مفيد فوزى» لاتجاه معظم الصحفيين للإعداد التليفزيونى الذى يجلب لهم أموالاً هائلة من القنوات الفضائية الخاصة أو حتى معقولة من تليفزيون الدولة.. إلا أن «محمد عبد المنعم» يرى أن الصحفى يسعى بجانب المال إلى الشهرة أيضا، وهو راجع لوجود عمالة زائدة فى معظم الصحف، فالمؤسسة لا تستطيع تحمل مكافآت ورواتب كل هؤلاء الصحفيين، فالألف محرر الموجودين فى مؤسسة يستطيعون إصدار 20 جريدة لا جريدة واحدة فقط، «فالصحفى الكويس محتاج مرتب كويس ومش بياخده عشان متحمل 10 مش كويسين».. ويضيف محمود صلاح: «الصحفى حاليا ليس كفؤا أو خبيرا، فالصحف مليئة بالعاملين فى المهنة وهم ليسوا صحفيين، فلا تعرف من أين جاء هؤلاء، فلا درسوا أو تدربوا أو حتى مارسوا المهنة بالطريقة الصحيحة.
(6) انعدام الموضوعية
الصحافة الآن - كما يرى «محمود صلاح» - أصبحت قاضيا جاهلا ظالما، فهى تحكم على هذا أو ذاك دون أن تكون جهة تحقيق فعلية، وتصدر الأحكام بالعناوين الساخنة، فصحافة اليوم وحش مفترس لا يستطيع التفرقة بين رسالة الصحافة فى البحث عن الحقيقة وبين الانتقام والتشويه المتعمد.. فقد تجد صحفيين متمكنين مهنيا، لكنهم منعدمو الأخلاق، وهذا راجع - كما تشير «حُسن شاه» - إلى عدم وجود أساتذة كبار يوجهون الصغار.
وعن هذا يقول محسن محمد: الحقيقة والموضوعية هما آخر الأشياء التى تخطر ببال صحفى اليوم، أما الأخلاق السلبية فطول عمرها موجودة».
(7) الصراعات وعدم الانضباط
«الزحمة» فى المؤسسات - كما يرى محمد عبدالمنعم - تساهم فى هذا إلى حد كبير، فحالة التنافس الشديدة حولت الغيرة الصحفية الإيجابية إلى أخرى سلبية، والتى تنعكس فى صور هجوم وشتائم بين الصحفيين، وقديما كان هناك انضباط أكثر لأن العدد محدود، وكان الصحفى يعطى وقته للجريدة التى يعمل بها من السابعة صباحا حتى منتصف الليل، وهذا خلق جوا إيجابيا فى المؤسسات الصحفية، وجعلها تقوم بمناقشة الموضوعات بطريقة «موضوعية» عكس ما يحدث الآن.. كما أن «د. وحيد عبدالمجيد» يرى أن زحام الصحف بأعداد تفوق مقدرتها من الصحفيين أحد الأسباب التى أدت إلى المحلية، فلا وقت للتعليم أو للتعلم، و«حُسن شاه» و«محمود صلاح» يؤكدان أنه قديما كان هناك العديد من المدارس الصحفية، وكان هذا الجيل القديم يقوم بإعلاء شأن الصحفيين الأصغر شأنا، «فالناس كانت ترفعك لفوق مش لتحت»، والآن الكبار يخافون من أن يعطوا الفرص لتلاميذهم فيعلو شأنهم وينسون من علموهم، إلا أن «جمال عنايت» لم ير الصراعات بهذا الشكل إلا على مستوى المؤسسات، فقد تجد مؤسسة تنافس أخرى على أن تستقطب شركة ما لتوزيع الموبايلات مثلا لنشر إعلانات فيها، والصراعات الداخلية فى المؤسسات مختلفة، وعنها يقول «مفيد فوزى»: الصحف القومية مضمونة عن الخاصة، فلا يستطيع رئيس التحرير أن يحرك صحفيا من مكانه، وقد عشت تجربة رئاسة التحرير على مدى سنوات، وكان الحل هو تجميد النشاط لا أكثر، أما فى الصحف الخاصة فالعقاب أفظع، حيث ينتهى الأمر بأن يعود الصحفى إلى بيته حزينا».
(8) انعدام الثقافة
الصحفيون الجدد يعتمدون اعتمادا متزايدا على المصادر الإذاعية والتليفزيون والإنترنت، بينما القراءة غائبة - كما ترى «فريدة النقاش» - وهو أحد الأسباب التى أدت إلى «الميول السطحية» فى الأداء الصحفى، كما أن «جمال عنايت» يضيف المستوى المتدنى للتعليم، فنجد كاتبا شابا مثل «عمر طاهر» يصدر كتابا بعنوان «شكلها باظت» فحتى الكتابة الساخرة على يد الكبار أمثال «محمود السعدنى» و«محمد عفيفى» كانت تصاغ بلغة فصحى راقية، إلا أن «حُسن شاه» ترى أن اللغة فى الكتابة الصحفية لا يفترض بها أن تكون معقدة، فمقالات «توفيق الحكيم» مثلا تتميز بالسهولة، فالمفروض أن تخاطب الجمهور بلغة يفهمونها، لكن ليس بالعامية،
لكن الآن لا أحد للأسف لديه الوقت ليسأل عن معنى كلمة ما فى مقال، إلا أن هذه ليست المشكلة الوحيدة أيضا، فيرى «محمد عبدالمنعم» أن انعدام الثقافة ساهم فى تدهور اللغة نفسها، فتجد قواعد اللغة المكتوبة فى الصحف خاطئة، فلا يوجد هجاء أو ضبط قواعد الكلمات من رفع ونصب وضم.. إلخ، كما أن الحديث بالعامية كارثة كبرى لأنها تفقد الصحافة المصرية امتدادها العربى فيقول «د. وحيد عبدالمجيد»: كيف يمكن أن يفهم القارئ العربى غير المصرى لهجتك العامية؟! وهذا بالتالى يطرح تساؤلا عما إذا كان ندرة رؤساء التحرير الأدباء فى الوقت الحالى هو السبب فيما يحدث؟..
فقديما كان يقوم برئاسة تحرير الصحف أدباء كبار مثل «د. طه حسين»، وهؤلاء كانوا يعطون للكلمة وزنا وقيمة بحكم كونهم أدباء، لكن ما يحدث الآن فى الساحة من سيطرة الكثير من الصحفيين على مقاليد الأمور.. هل هذا بشكل من الأشكال خفض من وزن الكلمة الصحفية؟!.. الكل ينفى أن يكون هذا صحيحا، فيقول «د. وحيد عبدالمجيد»: بما أنه ليس كل صحفى يصلح لأن يكون رئيس تحرير، فكل أديب أيضا لا يصلح أن يكون كذلك، فيجب أن يكون للأديب علاقة مسبقة بالعمل الصحفى، ولا تكون علاقته بالجريدة مجرد نشر أحد أعماله الأدبية فيها».. وتذكر «حُسن شاه» أنه عند التحاقها بصحيفة الأخبار كان هناك 6 رؤساء تحرير - وكان من بينهم «العقاد» - وكان هؤلاء الأدباء يوضع اسمهم كنوع من إعلاء قيمة المكان، لكن المطبخ كان يشرف عليه صحفيون، فالأدباء بالتالى كانوا يعتمدون فى إدارتهم للأمور على صحفيين لا على أنفسهم.
ويرى «محمد عبدالمنعم» أنه ببساطة من الممكن أن يصبح الأديب رئيسا لتحرير جريدة أدبية فقط لا غير.
(9) عدم التخصص
يعتبر «محمد عبدالمنعم» من أكثر الأسباب الجوهرية فى خلق حالة من العشوائية فى الصحف، ويدلل على ذلك بمثال هو عدم قيامه بالكتابة فى الشئون الاقتصادية - حتى بعدما تولى رئاسة التحرير - لأنه ببساطة لا يفهم فى الاقتصاد، بينما اليوم تجد الصحفى يكتب فى كل شىء، فمثلا النقد السينمائى كما تشير «حُسن شاه» أصبحت مهنة من لا مهنة له، إلا أن «فريدة النقاش» تشير إلى مزايا وعيوب التخصص وهو أن التخصص يساعد الصحفى على الإلمام بموضوع محدد، لكنه قد يجعل من الصحفى «مستسهلا» ولا يلم بباقى العناصر الأخرى، وهو كثيرا ما نجده.
(10) عدم الانتماء
كان الصحفى حينما يدخل إلى مؤسسة سواء أكانت قومية أو حزبية كان يدخلها وهو مؤمن بمبادئها مسبقا، لهذا يتوجه إليها للتعبير عن هذا الإيمان بالكتابة فى صحفها وجرائدها، بينما اليوم نجد الصحفى غير منتمٍ لفكر أو لحزب معين، ويدخل إلى أى مؤسسة فقط لمجرد التواجد، إلا أن «محسن محمد» يرى أن الصحفى فى النهاية مضطر، لأنه «تبع اللى بيشغله»، وهو شىء ملاحظ إلى حد كبير فى الدول النامية والعربية، بينما العكس فى الخارج، حيث استقلال الصحفى، لكن هذا أيضا شىء نادر، فتجد مثلا صحيفة «الجارديان» يسارية، فإن كتب الصحفى عكس سياستها التحريرية لا تمكنه من ممارسة مهامه، باختصار الحالة الصحفية فى مصر يعبر عنها «محمود صلاح» بقوله: «أنا حزين لأننى عملت فى هذه المهنة على مدار 35 عاما، وخلال هذا الوقت رأيت أمجادها، أما الآن فالصحافة تتقلص وتتقزم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.