«ساقية عبدالمنعم الصاوى»، هى أول المراكز الثقافية الخاصة فى مصر، والتى تمثل اليوم حالة فريدة فى الحياة الثقافية والفنية، بعد أن أثبتت نجاحها وقدرتها على جذب الجمهور، والذى كان قد ابتعد لفترة طويلة عن المشاركة، سواء بالممارسة أو بمتابعة الحياة الثقافية والفنية، لتصبح الآن الأكثر انتشارا على الساحة الثقافية المصرية. «الساقية» والتى تبنت فكراً جديداً يرتكز على الابتعاد قدر الإمكان عن الروتين والجمود، كانت سبباً فى تشجيع الكثيرين على خوض تجربة إنشاء مراكز وملتقيات ثقافية مستقلة، منهم السكندرى مصطفى عباس، أحد النشطاء فى مجال التنمية الثقافية والاجتماعية، والذى وجد فى الساقية نموذجاً ملهماً، ودعمه لقاؤه مع رئيس مجلس إدارتها محمد الصاوى، منذ ثلاث سنوات، على الإصرار على تحقيق حلمه، المتمثل فى إنشاء مشروعه «ساقية إسكندرانى»، لتكون أول مركز ثقافى سكندرى مستقل، يحتضن ويرعى شباب وأطفال الثغر، يحاول من خلال أنشطة ثقافية واجتماعية وفنية مختلفة أن يثرى ويطور الحركة الثقافية والفنية المحلية. بدأ عباس خطوات تنفيذ فكرته، بنشرها بين أصدقائه ومعارفه، ثم على شبكة الإنترنت، ليجمع عدداً كبيراً من أبناء الثغر حولها، ليصبح عدد أعضائها الفعالين 28 عضواً، بالإضافة إلى المئات من أعضاء صفحة موقع الساقية، الذين يوجد بينهم من شارك فى فعاليات الساقية وأنشطتها. أولى العقبات التى واجهت صاحب المشروع، كانت الحصول على مكان ملائم لإقامته، فلم يكن يتوقع صعوبة الإجراءات وتعقيدها، ويقول عباس: «كان موقع ساقية عبدالمنعم الصاوى قبل إنشائها مجرد (خرابة) تحت كوبرى بالزمالك، تصورت أن تحوله المذهل قد يشجع المسؤولين فى الإسكندرية على الاقتداء به، لكن ما حدث كان العكس، اقترحت أكثر من ثلاثة أماكن مهملة ومنسية بالمحافظة، لم يوافق على أى منها، وكان الحل الثانى هو الحصول على مقر بعيدا عن التعقيد الحكومى، وكلمنا طوب الأرض من رجال الأعمال والمستثمرين لكن دون أى نتيجة إيجابية». غياب الحماس لفكرة المشروع من جانب المسؤولين ورجال الأعمال، لم يمنع «عباس» من استكمال مشواره، إذ حصل على موافقة وزارة التربية والتعليم بتنفيذ بروتوكول يقضى باستضافة أنشطة الساقية داخل ثلاثة مدارس خاصة بالثغر، وهو ما تم بالفعل، لتستقبل عدداً من المواهب فى مجالات الرسم والمسرح والغناء وغيرها، بالإضافة إلى مجموعة من الحملات للتوعية بالمشكلات الاجتماعية على ال«فيس بوك»، منها حملات للقضاء على التسول بعنوان «أعط المحتاج ولا تعط المحتال»، ومكافحة الواسطة بعنوان «قريب الباشا»، وعدد من الحملات الأخرى للقضاء على ظاهرة التحرش، والحث على إتقان العمل، والحفاظ على الموارد المائية. ويستعد أعضاء الساقية حالياً لافتتاح نشاطها، بعد مرحلة تجريبية دامت لأكثر من عامين، كان غرضها كما يقول مصطفى عباس، مدير الساقية ومؤسسها، تقييم الأنشطة لمعرفة أنسبها للجمهور السكندرى، بعد دراسة جدواها. تبدأ الساقية الإسكندرانى فعاليتها الجديدة، فى ديسمبر المقبل بحفل افتتاح ل«أكاديمية الساقية»، والتى يؤكد عباس أنها ستشمل دورات تدريبية فى الفنون المختلفة، يشرف عليها عدد من الفنانين، منهم الممثل القدير عثمان عبدالمنعم وهو أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية، والمطربان محمد محسن وهو فنان قاهرى يتميز بإعادة تقديم الأغانى التراثية، وفرقته التى تجمع عازفين من دول عربية وأجنبية، وأحمد نيس وهو أحد نجوم برنامج ستار أكاديمى، وهما المسؤولان عن اكتشاف وتدريب المواهب الغنائية، والممثل والمذيع عمرو رمزى، كمسؤول عن ورشةالمسرح وإعداد الممثل والإضاءة، بالإضافة إلى «عباس» والذى يُدرس مبادئ الإدارة الثقافية، والفنون والآداب. وعن رؤية المرحلة المقبلة يقول عباس: «كانت الفترة السابقة مرحلة اختبار لما يمكننا فعله، لتظهر الساقية فى النهاية فى أفضل صورة ممكنة، وكان أساس تلك المرحلة حشد الطاقات والموارد، خاصة مع ندرة المواهب المحترفة التى تصلح للقيام بمهام التدريب فى المحافظة».