إذا سألت القيادى البارز فى الحزب الوطنى د. حسام بدراوى، عن المادة 76، سيقول لك بوضوح ودون مواربة: «أعرف أن المادة 76 بها قيود شديدة جداً، وهى مادة ليست مقدسة». ولو سألته عن المادة 77 سيرد: «كنت من الداعين داخل الحزب لتعديل المادة 77 من الدستور وتحديد مدد للرئاسة، ومازلت من المطالبين بهذا التعديل». وحين تسأله عن تداول السلطة سيقول: «الإصلاح والتغيير لن يتحققا إلا بالمثابرة والجهد والضغط المستمر فى اتجاه واحد، كى نصل للتداول السلمى للسلطة، لكننى اكتشفت أن الجميع يقاوم الإصلاح والتغيير، لأن الكل مستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه». ولما تطرح عليه اسم البرادعى سيرد دون لحظة تفكير: «من حق الدكتور البرادعى، مثل أى مواطن، أن يتقدم للترشح طالما أن ذلك يتم فى إطار الدستور ويجب التزام الحياد فى التعامل الإعلامى مع رجل محترم مثله له قيمة عالمية ووطنية نفخر بها جميعاً». وعندما تحاول إحراجه بسؤال عن حملات الهجوم على «البرادعى» سيعلق بقوله: «الإعلام الذى يكتب شيئا غير حقيقى عن البرادعى هو الخاسر ولن يؤثر فى إمكانياته وقدراته، لأنه حاصل على أكبر قلادة فى مصر، وعلى جائزة نوبل، وكلنا نفخر به، والمجتمع المحترم من المفترض أن يكون سعيدا بمرشح يحظى بهذه المواصفات، والهجوم عليه يعبر عن عدم جدارة مهنية، وعدم نضج سياسى فى تقبل المنافسة». ولو طلبت تعليقه على وضع شيخ الأزهر حين كان مصراً على الاحتفاظ بعضويته فى الحزب الوطنى سيقطع بقوله: «لا الحزب سيستفيد من بقاء شيخ الأزهر فى صفوفه ولا المشيخة ستستفيد.. والكل يكسب فى إبعاد الأزهر عن السياسة الحزبية.. جميعنا يريد أزهراً قوياً». هذا رجل من الحزب الوطنى، وتلك هى آراؤه المعلنة، وليست أحاديث الجلسات المغلقة، والمؤكد أنه لا يغرد وحده خارج سرب كبير يسيطر على الحزب، وإنما هو يمثل تياراً موجوداً بالفعل فى الحزب الوطنى. تيار ينشد الإصلاح فى إطار بعد وطنى عام بعيداً عن المصالح الحزبية المباشرة والضيقة، لكن وسائله تختلف عن المعارضة التقليدية، ويعتقد أن قدرته على دفع الإصلاح من الداخل أفضل بكثير من قدرة المعارضة، على الأقل يملك قنوات اتصال قوية مع النظام، وحواراً دائماً. لكن ما مدى قوة هذا التيار، وما هى درجة قبوله وسط أغلبية الحزب ومتخذى قراره على السواء، هل يستمع أحد لهذا الخطاب العاقل، أم أن حوار الطرشان الذى يحكم علاقة الحزب الحاكم بالمعارضة يمتد إلى علاقته بأعضائه البارزين؟ رغم أن خطاباً بهذه الرجاحة يزيد الحزب قوة، ويعطيه مبررات موضوعية للاستمرار فى تصدر المشهد، دون تقفيل أو تزوير. مستقبل هذا التيار جزء من مستقبل هذا البلد، وتمكينه يمثل سيناريو آخر من سيناريوهات الإصلاح المقبولة، والتى تستحق الدعم. لكن ما يشغلنى الآن سؤال: إذا كان لدى الحزب الوطنى هذا التيار العاقل.. «بيتغابى علينا ليه...؟!». [email protected]