مارى كورى (1867- 1934) البولندية المولد، ارتحلت إلى باريس ونجحت بعد جهود مضنية فى استخراج واحد على عشرة من الجرام راديوم من كل طن PITCH BLEND!! كان هذا الكشف العظيم ممهدا السبيل للعالم الكبير RUTHERFORD فى معرفة تركيب الذرة. هذه العالمة الجليلة نالت جائزة نوبل فى الكيمياء سنة 1911، وهى العالمة الوحيدة التى نالت أيضاً جائزة نوبل فى الطبيعة بالاشتراك مع زوجها بيير سنة 1903، قال عنها دكتور طه حسين: كانت تسير فى الشارع بسيطة الثياب، كانت تحس أنها غنية بما فى عقلها وقلبها.. أغنى من هؤلاء التافهين والتافهات الذين ينفقون الجهد، ويهدرون المال حتى يبدوا أمام الناس كالعرائس! ثم يضيف قائلاً: إن سر القوة والتفوق لهؤلاء العلماء يكمن فى العقل وسر التفرد والنبوغ لأصحاب المذاهب فى القلب، أما سر الخيبة والقلق للقطيع الإنسانى الكبير أنه لا يؤمن إلا بالجسد! يخاف عليه الشيخوخة والموت، يتأنق فى كل شىء حتى لون حذائه، ونادراً ما يتأنق فى عقله أو فى قلبه أو فى شعوره وإحساسه! والآن ماذا لو تقدمت مصر لنيل جائزة نوبل فى الكيمياء، ماذا تقول؟! إن أحد أسماء مصر.. هو كيمى أو كيميا بمعنى الأرض السوداء (طمى النيل وسط صحراء صفراء)، أخذ اليونان هذا العلم من مصر وأطلقوا عليه كيمياء أو CHEMISTRY بمعنى العلم الأسود، لأنهم اعتقدوا أن الأرواح تدخل فى التفاعلات الكيميائية. يقول مارتن بارنال فى كتابه أثينا السوداء «إن المصريين كانوا يعرفون تسعة من العناصر الأولية على أقل تقدير، وهى الذهب والفضة والنحاس والقصدير والرصاص والزئبق والحديد والكبريت والكربون، كما عرفوا كربونات الصوديوم، والنشادر والكحول، كما كانوا على علم بالتأكسد والاختزال. استخرجت مصر النحاس من خاماته بحرقها مع الفحم، وكانوا يرفعون درجة حرارة الأفران بواسطة أنابيب طويلة ينفخون فيها لاختزال النحاس أو للحصول على لون الزجاج المطلوب (أبيض أو أخضر أو أزرق). عرفت مصر صناعة الورق من أوراق البردى حتى إن كلمة PAPER الإنجليزية أو PAPIER الفرنسية إنما هى من PAPRRUS أو البردى المصرية، كما اكتشفت الأحبار.. الأسود من الهباب، الأزرق من نبات النيلة، الأحمر من أكاسيد الرصاص، وبواسطة الورق والأحبار حفظت مصر للبشرية تاريخها العظيم.. كما علّمت البشرية كيف تحافظ على تراثها الحضارى الطويل. أما كيمياء التحنيط، والعقاقير، والتعدين، والتلوين، وصباغة النسيج بل تثبيت ألوانه بواسطة مادة الشب- فهى من إنجازات مصر فى الكيمياء. هل تصدق أن مصر منذ آلاف السنين اكتشفت أن مادة الأنتيمون قاتلة لدودة البلهارسيا؟! وكانت تضعها فى لبوسات لأن الحقن لم تكن معروفة!.. هذه المادة ظللنا نستخدمها حتى الثلاثين سنة الماضية!! عرفت مصر المخدر الموضعى بوضع الخل (تركيز معين) على بودرة من حجر ممفيس على جسم المريض، فيتصاعد ثانى أكسيد الكربون الذى يبرد الجسم وبالتالى التخدير الموضعى. عرفت مصر أن الجروح المتقيحة تُشفى بوضع ملح النطرون أو العسل الأبيض، أو لباب خبز الشعير المتعفن! وعند الدراسة وجدنا أن هذا العفن هو عفن البنسلين القاتل للبكتيريا! عرفت مصر السبائك.. وكان أهمها البرونز من الحديد والنحاس. توصلت مصر إلى الورنيش الراتنجى عديم اللون لدهان اللوحات، كما توصلت إلى التزجيج خصوصاً تزجيج الفخار!.. ألا تستحق مصر بعد هذا كله جائزة نوبل فى الكيمياء؟! إنه العلم.. سر الحضارة المصرية.. لقد خاطب أمير الشعراء سعد باشا زغلول قائلاً: بالعلم ساد الناس فى عصرهم.. واخترقوا السبع الطباق الشداد أيطلب المجد ويبغى العلا.. قوم لسوق العلم فيهم كساد؟! [email protected]