المستقبل فى بلدنا مصر المحروسة يوجد لدينا طريقين للهروب من الواقع اما إستحضار الماضى السحيق بإنتصارات بدون ذكر ما قد يشوبه من ظلامات فلم تكن الحياة فى الماضى وردى وردى أما الطريق الأخر فهو الهروب إلى المستقبل بغموضه وأسراره التى لا يعلمها إلا الله . وبما أنى مصرى من مصر المحروسة فلابد لى أن أسير على النهج العام حتى لا أتخلف عن الركب وحتى لا أشوذ عن القاعدة العامة . مستقبل مصر أنه لا يخص المصريين بشكل خاص فمصر أكبر من أن تكون دولة يحدها حدود ولكن هى حالة يمتد أثرها لأبعد من ذلك بكثير فترى فى أندونسيا وجنوب شرق آسيا يتغنى الناس بأزهر مصر والعلم الشرعى فى مصر وترى الأفغان والباكستان يتفاخروا بأمجاد مجاهدى مصر وبسالة وشجاعة المقاتل المصرى الذى لا يشق له غبار أما الدول الأوربية فلازالوا على مر العصور يرون مصر هى الصورة المشرقة للشرق الغامض المثير أما الأخوة العرب فحدث ولا حرج لو كان منهم أناس يلقون الشعر لخرجت دواوين فى حب مصر وعشق مصر. إذاً فى حديثنا عن مستقبل مصر يجب الوضع فى الإعتبار حجم مصر ومكانتها التى يجب أن تكون عليها ليست المكانة التى عليها . فى أى رحلة لإستشراف المستقبل قد يلجأ الإنسان للحلم أو الخرافة أو التحليل المبنى على الثوابت والمعطيات، فالحلم هو حق كل مخلوق فيه من الإحساس ما يدفعه الى أن يرى الوضع الراهن غير دائم لأنه وضع غير صحيح فيجول فى خيالاته للبحث عن الأمل المنشود والجنة الموعودة والوطن الآمن بحجمه الطبيعى وليس وضعه الزائف، أما الخرافة فهى كما فعل الشاعر الكبير نزار قبانى بالجلوس إلى قارئة الفنجان والاتصال بالأرقام 0900؟؟؟؟ لمعرفة ماتقوله النجوم وما تنزل به الشياطين وهو فعل أبعد ما يكون عن الإنسان العاقل العصرى . ويبقى لنا التحليل ولدينا من الكفاءات والعقول ما يغنينا فى هذا المجال وكثيراً ما أستمتع بتحليل وتفصيل وإستنباط كتير من مثقفينا و حكمائنا .بالنسبة لى فأنا لدى تحليلى الخاص وأيضاً لدى حلمى الخاص وأنا أؤمن أننا لا يجب أن نخلط بين الأحلام والتحليل فلكل منهما دوافعه ونتائجه . دعونى ابدأ بالتحليل ولنرجع قليلاً إلى الوراء إلى ما قبل الإنتخابات الرئاسية الأخيرة فى مصر حيث فوجىء الجميع بتعديلات دستورية لا تثمن ولا تغنى من جوع وتم بذر بذور الشر التى يعلم زارعيها وقت الحصاد وقد آن وقت الحصاد فالمسرحية الهزلية المسماه بإنتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى كانت أول مرحلة من مراحل الحصاد أو نقول هى القطفة الأولى التى وضعت النقاط على الحروف لما سيكون عليه المحصول فهى شهدت أشكال من التدليس لم يسبق له مثيل ووضعت قواعد اللعبة لإنتخابات مجلس الشعب القادمة التى لن يكون لها مثيل فى تحديد الناجحين بالأعداد المحددة مسبقاً طبقا لإتفاقات اُحيكت فى الظلام وهنا نأتى لمنتهى الدراما فالدلائل تشير بما لا يدع مجال للشك إلى أن النظام لن يصبر طويلاً على حصاد المحصول فالمعطيات تشير إلى تنامى حركة المعارضة والغضب والإستنفار على مستويات مختلفة بل والإنتقال من حالة الكمون إلى حالة الحركة مع التهديد الصريح بالنزول إلى الشارع من جانب الواجهة المعلنة للحركة المعارضة "د/محمد البرادعى" فأن ذلك يدعو النظام بكل أركانه الأمنية والسياسية إلى إنهاء الوضع مبكراً وعدم وصوله إلى نقطة الصدام المباشر ولا أستبعد الإعلان عن إنتخابات رئاسية مبكرة قبل الآوان وتقديم بعض الأبطال الثانويين إلى جانب النجم الأوحد لتكملة الشو الإعلامى ونصبح على واقع ملموس لا مجال فيه للإعتراض ولا النقاش. قد أكون متشائماً وأن يكون هذا أسوء سيناريو مقترح ولكنه واقعى بكل معانى الكلمة فأسلوب تعامل النظام مع الدستور فى المرة الأولى يؤكد ذلك على وكذلك التصريحات "الصريحة جداً" من جانب أركان النظام و مايدعمه كثيراً الحالة الصحية الغامضة للرئيس وزيارته الأخيرة بصحبة نجله للولايات المتحدة الأميركية كلها وقائع تؤكد على ما يحاك فى الظلام لنصبح جميعاً فى مواجهة أمر واقع وتفويت الفرصة على من تسول له نفسه إزعاج النظام أو القيام بحركات غير مرغوب فيها. لك الله يا مصر.