أحاول التوقف عن التدخين منذ 4 شهور بعد مرور ما يقرب من ثلاثين عاماً على تدخينى أول سيجارة عندما كنت طالباً فى المرحلة الثانوية بفعل تقليد الكبار الذين كنت أصادقهم ولادعاء أنى كبرت. ألوم والدى رحمه الله كثيراً - بينى وبين نفسى - فليته ضربنى أو حبسنى وما جعلنى أستسلم لهذا الإدمان السيئ والمذل، ولكنه اكتفى بنصحى وتوبيخى قليلاً - على الرغم من أنه لم يكن مدخناً - ثم تركنى لمصيرى واستسلم للأمر الواقع، وإن لم أدخن أمامه سيجارة واحدة. أول مرة قررت فيها التوقف عن التدخين كانت عام 1992 عندما توجهت لأداء فريضة الحج أول مرة، ودعوت الله أمام الكعبة وفى عرفات، ومزقت علبة السجائر وأنا أرجم الشيطان الرجيم، وتوقفت لمدة عام كامل بلا أى سيجارة ولا مساعدات خارجية، ولكنى للأسف عدت إليها يوم زواجى الأول والأخير عندما عزم علىّ الأصدقاء بسيجارة تلو الأخرى وكأنهم يصبروننى على ما أنا مقدم عليه. فعدت للتدخين مرة أخرى لعدة سنوات حتى تكوّن ورم حميد على أحبالى الصوتية، وبعد إجراء الجراحة أمرنى الطبيب بالتوقف تماماً عن التدخين وإلا سأفقد صوتى إلى الأبد فامتثلت لمدة عام آخر، ولكن لأننى ضعيف الإرادة، أصاب أحياناً بحالة من العدمية، عدت للتدخين ولم أتوقف إلا منذ شهور قليلة، ولكنى أشعر الآن بضعف تجاه تلك اللعينة التى ما ذهبت يوماً إلى الكعبة ودخلت إليها إلا دعوت الله أن يعيننى على التخلص منها، ولكن يبدو أنه سبحانه وتعالى به غضب علىّ أدعوه أن يرفعه. توقفت عن التدخين مؤخراً، لأن «العيال كبرت»، ابنتى تبكى وهى تقول لى: «ألا تقرأ يا أبى أن السجائر قاتلة».. وابنى يخبرنى بأن أغلب زملائه من الأولاد والبنات يدخنون السجائر والمخدرات وأحياناً يحملون معهم الخمور. لا أصدق نفسى فأصاب بالفزع على مستقبل أولادى ومستقبل مصر. فمع كل الحملات ضد التدخين، نسب المدخنين فى ارتفاع مستمر، وقرارات منع التدخين فى المؤسسات الحكومية والمدارس وأماكن التجمعات حبر على ورق، وكلما سافرت إلى أوروبا أو أمريكا أيقنت أننا شعوب متخلفة، وأكثر ما يؤكد ذلك هو انتشار التدخين. زاد إحساسى بالخجل من نفسى، فلجأت إلى دواء إحدى الشركات العالمية، باهظ الثمن، ولكن السجائر «ياما أخدت فلوس»، الحبوب تؤدى إلى انتفاخ وإحساس بالامتلاء، فجأة أصبحت الكوابيس تطاردنى فى النوم، أعراض جانبية، ولكن بعد أسبوعين توقفت عن التدخين، وشجعتنى أسرتى فى مواجهة أصدقائى المدخنين، وتبقى مشكلة الاكتئاب، فهذا الدواء يؤدى إلى الاكتئاب وقد بدأت أحس أنه يحاصرنى، زادت عصبيتى، أقاوم وأضعف أحياناً، ولكن عندما أنظر إلى أطفالى أتمسك بقرارى المهتز، نفسى أبطل سجاير ومقدماً ومؤخراً «باكره إسرائيل»، فادعوا لى، ومن لديه نصيحة - بعيداً عن كلام الإرادة القوية وخلافه - فليقدمها لى ولغيرى من السادة عبيد السيجارة! [email protected]