«المصري اليوم» داخل مصنع لإعادة تعبئة اللحوم والدواجن منتهية الصلاحية

لم يكن المكان يوحى نهائيا بوجود مصنع لإعادة تعبئة اللحوم أو حتى يصلح لوجود أى مصانع أو مؤسسات غذائية، فالمصنع فى مكان ناء على ترعة صرف صحى بمنطقة القلج الواقعة بين محافظتى القليوبية والقاهرة، حيث اختار أصحاب المصنع ذلك المكان حتى يكون بعيدا عن عيون الرقابة البيطرية، لإعادة تعبئة وتوزيع الدواجن واللحوم منتهية الصلاحية، حسب تقرير الخدمات البيطرية، الذى حصلت عليه «المصرى اليوم». معلومة صغيرة قادت الدكتور نادى صادق إسكندر، كبير مفتشى بيطرى إدارة المرج، لاكتشاف مصنع بئر السلم الذى ملأ محال القاهرة الراقية التى تقدم أوراك الرومى والدواجن منتهية الصلاحية، بعد إعادة غسلها بالكلور ووضعها فى أكياس جديدة، والإشارة إلى ذبحها فى مجزر المدينة المنورة. يقول الدكتور نادى إسكندر إنه أثناء توجهه لأحد المجازر القريبة، رأى المصنع وشك فيه، وأبلغ الدكتورة سعاد الخولى، مدير إدارة الطب البيطرى بالقليوبية، التى أبلغت رئيس الهيئة الدكتور أسامة سليم، فأبلغ بدوره اللواء أحمد الموافى، رئيس مباحث التموين، وبدأت لجان العمل برئاسة العميد علاء طه والمقدم وليد مرجان. أكدت تحريات مباحث التموين صدق المعلومة التى أشار إليها مفتش الطب البيطرى، وبدأ الإعداد لمداهمة المصنع الذى يوزع سمومه على مناطق القاهرة الراقية ومحالها تحت علامة تجارية جديدة واسم جديد له موقع وهمى وعنوان فى مصر الجديدة وتحديدا فى جسر السويس. شكلت هيئة الخدمات البيطرية غرفة عمليات وتم بحث الموضوع وتكليف لجنة من الأطباء البيطريين، تضم الدكتور عمر عبدالمنعم، مدير التفتيش البيطرى بالهيئة والدكتور لطفى شاور، مدير عام تفتيش المجازر بالسويس، والدكتور عادل عزيز توفيق، كبير إخصائيى عين شمس البيطرية، وتوجهت اللجنة مع قوة من مباحث التموين صباح أمس الأول الأربعاء، وتمت مداهمة المصنع، وضبط 6 أطنان وراك رومى و4 أطنان فيليه رومى و5 أطنان ديك رومى سليم كامل و500 كجم سمان و3 ونصف طن دواجن كاملة و2 طن دهون حيوانية و200 كجم لحوم مستوردة برازيلية بإجمالى وزن 22 طنا و200 كيلو جرام داخل الثلاجات. وقال العميد علاء طه، من مباحث وزارة التجارة والتموين، إن جميع المضبوطات مخالفة للقانون 10 والقانون 281 لسنة 94 والقانون 67 لسنة 2006، والقرار 113 لسنة 94، والقرار 517 لسنة 86، ويتعين إعدامها بناء على محضر الطب البيطرى، ومعاينة مفتشى هيئة الخدمات البيطرية الذين قرروا عدم صلاحية اللحوم للاستهلاك الآدمى. وأوضح الدكتور ياسر الشريف والدكتور عادل عزيز الطبيبان البيطريان فى اللجنة ل«المصرى اليوم» أن ما يظهر من بقع خضراء على قطع الرومى وأجزائه الموضوعة فى أجولة علامات تعفن وفساد الدواجن من رومى وهياكل، وأن المتهم الهارب كان يغش المواطنين ويستخدم مواد ضارة بالصحة فى غسل هذه الدواجن، ومنها الكلور، بعد وضع الدواجن فى بانيوهات لعدة ساعات، ثم يقوم بتعبئتها فى عبوات جديدة تحمل ماركة مختلفة. واتصلت «المصرى اليوم» برقم تليفون موضوع على عبوات الشركة، وأشارت التحريات إلى أن الرقم يخص المواطن يحيى عبدالله عبدالعال والمقيم فى 46 ش الإمام على بالزاوية الحمراء، وعبر ثلاث مكالمات أنكر الشخص الذى رفض ذكر اسمه أن تكون اللحوم منتهية الصلاحية، مؤكدا أن هناك منافسة مع بعض التجار، كانت سببا فى تحرك الحملة، وأنه كان من الأفضل أخذ عينات وتحليلها وإثبات فساد اللحوم، لكنه لم يستطع أن يوضح أسباب وضعها فى أجولة وإعادة تغيير العبوة. وقال المتحدث من طرف الشركة المتهمة إن الخسارة تقدر ب500 ألف جنيه، ونفى وجود أى لحوم فاسدة، مؤكدا أنه يوزع لأشهر المحال، فى حين أكد الأطباء البيطريون أن الكشف الظاهرى على اللحوم وعمليات التخزين تؤكد فساد الدواجن بسبب رائحتها النتنة وتحلل أنسجتها. من جهته، فند الدكتور لطفى شاور، عضو اللجنة الخبير البيطرى، مزاعم أصحاب المصنع قائلا إنه تم تحريز ماكينات طباعة تواريخ الصلاحية وأكياس بلاستيك لعلامة تجارية وهمية، فى الوقت الذى وجد فيه كلور خام «الملعقة منه تحتاج لمقدار بانيو مملوء بالمياه لتخفيفها» وأضاف شاور أن رائحة اللحوم وطريقة تخزينها تؤكد الاستهتار بحياة المواطنين وعدم وجود ضمير أو أخلاق. وعلمت «المصرى اليوم» أنه تم إعدام الدواجن الفاسدة بعد قرار وكيل النيابة بإعدامها بعد معاينتها ووضعها فى 2 لودر، وطلب تحليلا عاجلا وسريعا فى المعامل المختصة لعينات منها، وأكد مصدر أن وكيل النيابة كاد يتقيأ من منظر ورائحة الدواجن العفنة.