قال الكاتب الأمريكي، توماس فريدمان، اليوم الأربعاء، إن ما تحتاجه مصر حاليا هو تحديث حقيقي وحكومة توافقية، لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير. واعتبر «فريدمان»، في مقاله الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن «مصر باتت على مقربة من حافة الهاوية، لاسيما مع استمرار حالة الاضطرابات التي تشهدها البلاد». ولفت إلى أن «المشهد الحالي في مصر يثير القلق، فلا شيء يمكن أن يكون أسوأ من صور العديد من الضحايا والمصابين المدنيين، كما أن البلد يواجه بالفعل تحديات بيئية وسكانية هائلة، ومصر بالفعل في حاجة ماسة للتنمية والإصلاح». وتساءل من الذي سيدفع فاتورة الخسائر البشرية والمادية التي تلحقها مصر بنفسها الآن، موضحا أن «مليارات الدولارات القادمة من دول الخليج لا يمكن أن تدعم بلدا تعداده 85 مليون شخص إلى أجل غير مسمى، وما يفعله المصريون في وطنهم هو محض جنون». وأوضح الكاتب الأمريكي، أن «الأكثر إحباطا هو أن اختيارات القيادة الحالية غير مقنعة، فالمصريون الآن يختارون بين العسكرية التي يبدو أنها تريد أن تأخذ مصر إلى عام 1952، عندما قام الجيش بالاستيلاء على السلطة، وأودع الإخوان المسلمين في السجون، وبين الإخوان المسلمين، الذين يريدون أن يعودوا، بحسب قول فريدمان، إلى عام 622، حيث كان مجتمعا مكافحا للتعددية، مناهضا للمرأة، تسيطر عليه الشريعة، كما لو أن هذا هو حل جميع المشاكل في مصر». وقارن «فريدمان» بين تجربة الديمقراطية في العالم العربي وأوروبا الشرقية، التي كان لها تجربة مع الديمقراطية البرلمانية في الفترة ما بين الحربين العالميتين، ولذلك عندما سقطت الشيوعية في عام 1989، بمساعدة من الاتحاد الأوروبي، كان التحول للرأسمالية الديمقراطية سهلا. وتابع: «على جانب آخر، عاش الشرق آسيويون عقودا تحت حكام مستبدين، ولكن على عكس شعوب العالم العربي، معظمهم حداثيون، ركزوا على بناء البنية التحتية، والتعليم، وريادة الأعمال والاقتصاديات التي يقودها التصدير والتي أنتجت في نهاية المطاف طبقات وسطى واسعة جدا انتزعت حريتها وتعليما بشكل سلمي نسبيا من الجنرالات». وأوضح أن «العالم العربي ليس لديه جذور الديمقراطية التي يمكن أن تزدهر بسرعة، ولم يكن لديهم ديكتاتوريات حداثية لتبني طبقات وسطى متعلمة يمكن أن تسيطر تدريجيا، كما لم يكن لديهم الاتحاد الاوروبي ليكون بمثابة المغناطيس والنموذج». وأشار إلى أنه «عندما انكشف غطاء الديكتاتورية مع الربيع العربي، لم يكن هناك حركة تقدمية ذات قاعدة عريضة للمنافسة بفعالية نفس النظام القديم: العسكر والإخوان المسلمين». وتابع: «أُدرك تحول العديد من المصريين ضد الإخوان، لقد كانوا يسرقون ثورتهم لحساب أجندتهم الخاصة، إلا أن أفضل طريقة كان يمكن للجيش بها أن يبرر إسقاطه للإخوان هي أن يعين حكومة تضع مصر فعلا في مسيرة طويلة للتحديث، وتنظيم المشاريع، ومحو الأمية للنساء، وتضع سياسات توافقية وشاملة، حتى للإسلاميين، وليس أن يضع حكومة كأنها تسير في مسيرة عسكرية بأمر الجنرالات». واختتم «فريدمان» قائلا إن «المصريين وأصدقاءهم في الخارج يجري استقطابهم حاليا، ويجب أن يتم تمكين مجلس الوزراء المعين من إنتاج الطريق الثالث، وهو تحديث حقيقي وحكومة شاملة، وهذا ما نادت به الثورة في 2011».