«آى نيد فايف باوندز».. يعنى: «ميادة» حتبيع لك الوردة بخمسة جنيه.. وانت حاتشترى.. وحبيبتك تشم

فى زاوية محددة بأحد أرقى شوارع القاهرة وتحديداً فى منطقة المنيل، اعتادت ميادة رواش «11 عاماً» أن تقف فى انتظار المارة من الأجانب والخليجيين وأيضاً المصريين من ذوات الطبقة الراقية، لتبيع لهم ما تحمله من ورود اشترتها لها والدتها. ميادة مختلفة عن بائعى الورود المتجولين فى الشوارع، خاصة أمام الكورنيش، لأنها تخاطب زبائنها باللغة الإنجليزية، فبحكم كونها طالبة فى الصف السادس فى إحدى المدارس الحكومية، تتقن اللغة الإنجليزية، وتفتخر بأنها الوحيدة وسط زملائها فى الشارع التى تجيد التحدث بها، فعندما تقترب منها تقول لك: «فلاور مستر»، وإذا سألتها عن السعر تبادرك بقولها: «جاست فايف باوند»، وإذا تبادلت معها أطراف الحديث تستكمل كلامها باللغة الإنجليزية وكأنها من خريجى المدارس الأجنبية.
العمل والدراسة عند ميادة شيئان متلازمان، فبسبب الظروف العائلية تذهب ميادة صباحاً إلى مدرستها فى منطقة إمبابة ثم تنزل إلى عملها عصراً لتجمع ما تستطيع من أموال تساعدها على تدبر نفقاتها الخاصة، بعدها تعود مرة أخرى إلى منزلها لتستكمل دروسها: «باصحى كل يوم الساعة 7 الصبح عشان أروح المدرسة وبنزل الشغل فى المنيل بعد العصر واخترت المنيل بالذات عشان فيها ناس كويسين وبيساعدونى، وعلى فكرة أنا مش شحاتة أنا اللى بيدينى فلوس من غير ما يطلب ورد لازم أديله إن شا الله وردة عشان ماحسسوش إنى باشحت، وبالفلوس دى باصرف على دراستى واللى بيفضل باديه لأمى».
ميادة طالبة متفوقة، استطاعت أن تكون ضمن الأوائل على مدرستها العام الماضى، أى أن العمل لم يعطلها عن تحصيلها الدراسى، كما أكدت أن والدتها تتصل بها بانتظام أثناء تواجدها فى الشارع كى تطمئن عليها: «أنا اشتريت الموبايل ده من فلوسى، وأمى بتتصل بى عشان تطمن علىّ».
تستخدم ميادة اللغة الإنجليزية لترفع من سعر الورود التى تبيعها لتوحى للزبائن بأنها مختلفة عن الباعة الآخرين، ولتتمكن من تحصيل مبلغ معقول يساعدها فى الإنفاق على نفسها وعلى أسرتها، تبيع ميادة الوردة ب5 جنيهات، لأنها مرتبطة بموعد محدد تعود فيه إلى المنزل: «بابيع الوردة ب5 جنيه مع أنها أصلاً بجنيه، عشان ألحق أجمع مبلغ كويس قبل ما الوقت يتأخر، بالذات إنى محتاجة أدفع مصاريف المدرسة عشان آخد الكتب أذاكر فيها».
مشكلة ميادة الحالية أن المدرسة التى تنتسب إليها ترفض تسليمها الكتب المدرسية إلا بعد أن تدفع المصاريف المقررة وهى 50 جنيهاً، وهو المبلغ الذى أرادت ميادة جمعه فى يوم واحد، خاصة بعد رفض زملائها إعارتها كتبهم كى تنهى واجباتهم المدرسية، ولكنها عندما علمت أنه مصرح لها بالحصول على الكتب دون دفع المصاريف قالت: «هاروح أقولهم إنى مش لازم أدفع المصاريف عشان أستلم الكتب، ولو رفضوا هاكلم الوزير».