توقعات الأبراج اليوم الجمعة 14 يونيو 2024: مكاسب مالية ل«الميزان» وتحذير ل«العقرب»    سعر اليوان الصيني في البنك المركزي اليوم الجمعة 14-6-2024    البطاطس تواصل ارتفاعها داخل أسواق كفر الشيخ قبيل عيد الأضحى    أسعار الجمبري اليوم الجمعة 14-6-2024 في محافظة قنا    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14-6-2024 في قنا    قيادي بحماس ل سي إن إن: نحتاج إلى موقف واضح من إسرائيل للقبول بوقف لإطلاق النار    الدوري المصري، موعد مباراة الأهلي وفاركو والقناة الناقلة    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    كاميرا القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. «لبيك اللهم لبيك»    ما سبب الموجة شديدة الحرارة الحالية؟.. الأرصاد تجيب    «صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى المبارك    فيلم «ولاد رزق 3» يحقق 8 ملايين جنيه في ثاني أيام عرضه    سحب فيلم تاني تاني من دور العرض.. حقق 589 ألف جنيه في 3 أسابيع    القيادة المركزية الأمريكية: دمرنا مسيرة بحرية وزورقين ومسيرة تابعة للحوثيين    عزيز الشافعي يحتفل بتصدر أغنية الطعامة التريند    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    صلاح عبد الله: أحمد آدم كان يريد أن يصبح مطرباً    عيد الأضحى 2024| ما حكم التبرع بثمن الأضحية للمريض المحتاج    حزب الله يبث لقطات من استهدافه مصنع بلاسان للصناعات العسكرية شمال إسرائيل    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات خلال عيد الأضحى    ترامب: علاقاتى مع بوتين كانت جيدة    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    مساهمو تسلا يقرون حزمة تعويضات لإيلون ماسك بقيمة 56 مليار دولار    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير جهاز استشعار للدفاع الجوي في منطقة للحوثيين    "هذه أعمالهم" ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية؟    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    بايدن يزيد من آمال أوكرانيا في الحصول على المزيد من منظومات باتريوت من الحلفاء    سموحة يعلن موافقته على تطبيق نظام الدوري البلجيكي في مصر    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    تحرير 14 محضر مخالفة فى حملة للمرور على محلات الجزارة بالقصاصين بالإسماعيلية    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    هشام قاسم و«المصري اليوم»    أهم الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم التروية    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    صحة دمياط: تكثيف المرور على وحدات ومراكز طب الأسرة استعدادا لعيد الأضحى    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    حبس المتهم بحيازة جرانوف و6 بنادق في نصر النوبة بأسوان 4 أيام    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    بعد ارتفاعه في 8 بنوك .. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 14 يونيو قبل إجازة العيد    محمد صلاح العزب عن أزمة مسلسله الجديد: قصة سفاح التجمع ليست ملكا لأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعميق العقيدة قبل تطبيق الشريعة (2)‏
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 03 - 2010

يبدو أن هذا سؤال لا محل له، وأن مجرد إيراده يثير الدهشة، فنحن لم يكن لدينا ما‎ نتكلم عنه إلا العقيدة وأهميتها ثم نأتى الآن ونقول: أى عقيدة؟
هذا يعود إلى حقيقة لم ينفسح السياق السابق للإشارة إليها على أهميتها‎.‎
تلك الحقيقة أن فهم الإسلام كله، وليس العقيدة والشريعة بل أيضاً الروافد‎ المهمة، من تفسير وحديث وفقه السائد الآن والمسلم به والذى تدعو إليه المؤسسة‎ الدينية والذى يؤمن به المصلحون وتنادى به الدعوات الإسلامية على اختلافها المتشددة‎ والمعتدلة، بل التى يفخر بها كل هؤلاء من دعاة، أو هيئات، أو أزهر أو فقهاء هو‎ الفهم السلفى للعقيدة‎.‎
وهو فهم يختلف عن الفهم القرآنى، كما يختلف عن الفهم النبوى‎ .‎
إنه باختصار فهم الأسلاف‎.‎
وإذا أردنا محددات لهذا الفهم لقلنا إنه يشترط‎:‎
‎(1) اتباع المذاهب السُنية الأربعة‎.‎
‎(2) قبول ما تعرضه التفاسير المعتمدة مثل الطبرى والقرطبى وبن كثير .. إلخ،‎ واستمداد الأحكام منها وكذلك قبول كل «علوم القرآن» من ناسخ ومنسوخ وأسباب النزول‎ ..‎إلخ‎.‎
‎(3) قبول ما قرره المحدثون فى علوم الحديث رواية ودراية والتسليم على الأقل بصحة‎ أحاديث البخارى ومسلم‎.‎
‎(4) توقير السلف الصالح وعدم المساس بهم واستلهامهم إن لم يكن فى الأحكام، فعلى‎ سبيل الأسوة‎.‎
وفى الوقت الذى تعتز فيه الدعوات الإسلامية على الساحة بهذا الميراث السلفى،‎ ويؤمن به الكتَّاب والدعاة الإسلاميون، ويعد كل خارج على هذه الضوابط الأربعة‎ شاذاً، أو منحرفاً أو مائلاً عن الخط المستقيم ويتعرض للاتهام بشتى التهم، فإن دعوة‎ الإحياء الإسلامى ترى أنه لا تقدم إلا بعد مجاوزة هذه السلفية، وأن التمسك بها لن‎ يسمح بأى تقدم وإنما يعنى الجمود وبالتالى التخلف‎.‎
وهذا ما يتطلب إعادة كتابة منظومة المعرفة الإسلامية بفروعها الثلاثة التفسير‎ والحديث والفقه وهذا الأمر على جسامته، وعلى أنه يصدم الكثيرين، فلا مفر منه‎.‎
لا الترقيع يصلح، ولا التجزئة تصلح، ولا التدريج يصلح، هذه كلها مسكنات وعلاجات‎ وقتية لا تلبث أن تتبدد‎.‎
ولماذا يكون لا مفر منه..؟
الرد لأن الالتزام به يعنى التخلف‎.‎
وما الدليل على ذلك..؟
الدليل على ذلك واقع المسلمين المتمسكين بهذا الفهم السلفى والملتزمين به‎. فالواقع المتخلف المتدهور يضعنا أمام سؤال إما أن هذا التدهور والتخلف يعود إلى هذا‎ الإسلام الذى يلتزم به المسلمون خاصة أننا نجده (أى التخلف) حيثما وجد المسلمون، فى‎ الشرق والغرب والشمال والجنوب.. وإما أن هذا الذى يؤمن به المسلمون ليس هو الإسلام‎ الحق لأن الإسلام الحق نهض بالمسلمين ولم ينزل بهم‎.‎
وهذا التحليل الأخير هو الحقيقة والصواب وأمامه لا يكون مفر‎.‎
ولماذا ننزعج، ونندهش، ونخاف، ونحجم.. هل الذى وضع هذا التراث ملائكة نزلوا من‎ السماء؟ هل هم أناس لهم عصمة ووصفوا بالكمال دون الناس؟ ألم يقل أبوحنيفة منذ أكثر‎ من ألف وثلاثمائة عام «هم رجال.. ونحن رجال»، أفلا يحق لنا أن نقول إننا اليوم أقدر‎ من أسلافنا على العمل بفضل ما توافر لنا من أدوات ومعدات البحث وبفضل الثورة‎ الثقافية التى جعلت المعارف تنهمر كسيل جارف‏‎.‎
نحن لا نحس عجزًا، ولا يتملكنا خوف، بل إننا بالفعل قد وضعنا الخطوط الأولية‎ لإعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية وشرحنا هذا بنوع من التفصيل فى كتاب «تجديد‎ الإسلام» ويمكن تلخيصه كالآتى‎:‎
أولاً: إثبات أن الإسلام إنما أنزل للإنسان وليس العكس، ذلك أن مشيئة الله تعالى‏‎ اقتضت أن يجعل الإنسان خليفة له على الأرض فخلقه فى أحسن تقويم، وعلمه الأسماء‎ وأسجد له الملائكة وهذه وقائع لها مدلولاتها بالطبع، وحرصاً على هداية الإنسان‎ وتسليحه ضد الغوايات، ولدعمه عندما تٌعرَّضه أوضاع ما للإذلال والاستغلال أنزل الله‎ الإسلام «ليخرج الناس من الظلمات إلى النور» وليضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت‎ عليهم»، فالإسلام فى جوهره رسالة تحرير والرسول فى حقيقته زعيم جماهير، والغرض من‎ وراء كل هذا هو الإنسان وإعداده ليكون أهلاً لما أراده الله له خليفة على‎ الأرض‎.‎
وقد أثبت كتاب «تجديد الإسلام» كيف أن الديانات كلها كانت هى التى أنقذت‎ الجماهير المستعبدة من إسار الجبروت: اليهود فى مواجهة الفراعنة، الأرقاء‎ والمستضعفون فى مواجهة روما.. وأخيرًا القبائل العربية المتنازعة لتكون أمة تحمل‎ الكتاب والميزان ولم تكن هناك قوة أخرى غير الأديان تعنى بالجماهير ولا تقوى على صد‎ جبروت الأباطرة والفراعنة والقياصرة‎.‎
وأثبت الكتاب أن المجتمع النبوى فى المدينة وهو الوحيد الذى يمثل الإسلام ويحسب‎ عليه كان مجتمعاً إنسانيًا بمعنى الكلمة يوفر الكرامة والأمن للإنسان من واقع فهم‎ المسلمين وقتئذ لدينهم وأن شرعة المساواة كانت هى القانون الأعظم فى مجتمع المدينة،‎ وأن سلطة الحكومة كانت مقيدة من البداية بقبول الجماهير وفى النهاية بحق الجماهير‎ فى تقويمها وعزلها.. ولا يؤثر على هذا أننا لم نجد كلمات «الحرية» أو «حقوق‎ الإنسان» لأن للأديان تعبيراتها الخاصة التى تعبر بها عن هذا المضمون نفسه،‎ فالبراءة الأصلية وفكرة أن الحرام هو ما جاء نص صريح بتحريمه فى القرآن يحقق الحرية‎ بأوسع معانيها ومجالاتها، وحق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، يحقق التكافل‎ الاجتماعى وفرض الزكاة التى تؤخذ من الأغنياء لتعطى للفقراء يحقق «التكافل‎ الاقتصادى»، وكان الإنسان فى المدينة عهد الرسول آمنا فى سربه لا يتصور أن يهجم‎ عليه بوليس ويزجه فى السجن فالمدينة لم يكن لها بوليس ولم يكن فيها سجون‎.‎
ثانيًا: إن هذه الفترة التى حققت «اليوتوبيا» التى تمناها الفلاسفة انتهت‎ سريعًا، ربما بمجرد أن طعن عمر بن الخطاب، وربما طالت شيئاً ما ولكنها انتهت نهاية‎ مأساوية ومؤسفة سنة 40 هجرية عندما أحل معاوية بن أبى سفيان الحكم العضوض محل‎ الخلافة الراشدة ونقل العاصمة من المدينة إلى دمشق‎.‎
من هذه اللحظة بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الدولة الإسلامية، مرحلة حافلة بالحكم‎ المطلق، وإهدار كل الحقوق والحريات، ووصلت هذه المرحلة إلى قمتها فى القرنين الثانى‎ والثالث للهجرة – عندما بلغت المرحلة الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس أو ‏«لا‎ يتجاوزها السحاب‎».‎
ولا تقتصر طبيعة هذه المرحلة على الحكم المطلق، إذ إنها اتسمت بظهور ملل ونحلل‎ شاذة، منحرفة، من آثار الوراثات القديمة لحضارات الشعوب التى فتح الإسلام بلادها‎ كما دخلها أجناس من ترك، وفارسيين، وديلم، وكرد.. إلخ، وتأثر فقهها وفكرها بآثار‎ الفلسفة اليونانية ومنطق أرسطو‎.‎
فى هذه الفترة بالذات وضع الأسلاف منظومة المعرفة الإسلامية. (لاحظ أن أحمد بن‎ حنبل الممثل الأول للسلفية عاصر حكم المأمون والمعتصم، أى القمة التى بلغتها‎ الإمبراطورية وبدأت بعدها فى النزول.وتحتم على الفقهاء سياسيًا، وسيكولوجيًا‎ وعمليًا، شاعرين أو غير شاعرين، راغبين أو غير راغبين أن تصدر أحكامها بما يتفق مع‎ طبيعة المرحلة الإمبراطورية للدولة، وليس بما يتفق مع الأصول التى قررها القرآن‎ وطبقها الرسول، لقد انتهى عهد الإنسان وبدأ عهد السلطان، انتهت الأوضاع القرآنية‎ النبوية الإنسانية وجاءت الأحكام السلطانية السلطوية المستبدة، وظهر هذا فى أحكام‎ تأمر بطاعة الأمير وإن جلد ظهرك وغصب مالك، وتغفل الزكاة بينما توثن الصلاة، وتصطنع‎ صيغة «من جهل معلومًا من الدين بالضرورة» فهو مرتد وتقنن دونية المرأة، وهذه كلها‎ تتناقض مع ما كان قائمًا فى المرحلة النبوية والخلافة الراشدة بقدر ما تتفق مع‎ مقتضيات الدولة الإمبراطورية‎.‎
ختام الكلام
على كل الذين يعملون للإصلاح أن يدعموا الدكتور البرادعى وأن يتكتلوا وراءه فى‎ جمعيته فيتناسوا خلافاتهم ومطامعهم، إن الدكتور البرادعى لقية من السماء لأنه على‎ وجه التعيين أفضل من يقود حركة التغيير، إن إدارة هيئة دولية مهمة هى أقرب‎ الممارسات إلى إدارة دولة، فالمطلوب فى الحالين هو الشجاعة وسعة الأفق والنقاء،‎ واستمراره فى منصبه الذى لم ترشحه مصر له ثلاث دورات يحكم بمقدرته، وقضاؤه‎ قرابة عشرين عامًا فى صميم قلب العالم الحر يجعله يأنف ويقرف ويرفض حالة الفساد‎ المستشرى وإهدار كرامة الإنسان المصري، وصفته الدولية التى لم يظفر بها أحد آخر‎ تحول دون أن تمارس السلطة ألاعيبها معه، وأخيرًا فإنه رغم غربته مصرى صميم.. جاد،‎ وإذا أخلصوا له فيمكن أن يقودهم إلى النصر، وإذا فرطوا فلا يلوٌّمن إلا أنفسهم‎.‎
بعد كتابة هذه السطور قرأت كلامًا يُنسب لجهاد عودة من أن السلطة يمكن أن تعتقل‎ الدكتور البرادعى قياسًا على ما حدث لأيمن نور، وهذا القياس يوضح لنا أن السلطة‎ تعمى وتصم وتجعل من أذكى الأذكياء أغبى الأغبياء‎.‎
[email protected]
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.