يواجه الرئيس الإيرانى السابع فى تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ اندلاع ثورة 1979 ملفات مفتوحة وتحديات كبرى، فى ظل تراكم المطالب الشعبية التى لم تتحقق، والتى تتعلق معظمها بالحريات السياسية والاجتماعية والإصلاح وتدعيم الاقتصاد، فضلاً عن الملف النووى الأكثر تعقيدا والذى يضع الرئيس الجديد، سواء كان إصلاحيا أو محافظا، فى صراع أكثر حدة مع الغرب. الرئيس المقبل سيجد نفسه فى مواجهة تحدّيات صعبة خلّفتها سياسات الحكومة خارجيّاً وداخليّاً. ف «الملف النووى الإيرانى ارتبط بالملف السورى»، والحلول التى تتجه نحوها الأزمة السوريّة لا تبدو مُرضية لطهران ولا تسير وفقاً لما خططت له الأخيرة، ومجرّد إعلان «فيروز آبادى»، قائد الأركان الإيرانى، «عزم بلاده تشكيل عصابات وميليشيات فى سوريا مشابهة لحزب الله فى لبنان»، فإنه دليل على أن طهران ترمى بآخر أوراقها لإنجاح معادلتها الطائفيّة فى سوريا، وبالتالى فى كل المنطقة. وبالتزامن مع سوريا، تفجّر الوضع فى العراق بثورة ضد حكومة «المالكى» الموالية لإيران، الأمر الذى يستنزف طاقات إيران الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة، إضافة إلى ذلك فإن انسحاب قوّات «حلف شمال الأطلسى» من أفغانستان العام المقبل سيفتح أبواب الصراع على مصراعيها بين باكستانوإيران، نظراً لنفوذ الدولتين فى أفغانستان. أما داخلياً، فثمانى سنوات عجاف من حكم «نجاد» خلّفت وراءها أكثر من 10 ملايين عاطل عن العمل، وانهارت العُملة الإيرانيّة أمام العُملات الأجنبيّة، وتفاقم التضخم المالى وتجاوز ال 100% فى كثير من الحالات بسبب العقوبات الاقتصاديّة والماليّة الدوليّة ضد طهران، والاختلاسات وتفشّى الفساد المالى والاقتصادى والسياسى والإدارى والاجتماعى فى السنوات الأخيرة فى إيران، وبلغ أرقاماً مُفزعة، ناهيك عن قضيّة الشعوب غير الفارسيّة ضمن جغرافية ما تسمّى ب «إيران المؤهلة للانفجار لنيل حقوقها الوطنيّة والقوميّة». وسيكون الرئيس الجديد مكبلاً بالملفين الاقتصادى والنووى، حيث دخل الأخير الحملة الانتخابية بقوة، وأصبح الإعلاميون والسياسيون يحرجون مرشح التيار الإصلاحى، حسن روحانى، حول مواقفه عندما كان مفاوضاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تجميد تخصيب اليورانيوم. ومع ذلك فرض الغرب على إيران عقوبات صارمة. ولما فاز نجاد بالرئاسة ألغى كل ذلك متحدياً الدول الغربية فى تصميم على امتلاك إيران دورة تصنيع نووية كاملة. والرئيس الجديد سيكون فى فوهة المدفع أمام القوى الغربية التى تسعى لوقف المشروع النووى المثير للجدل. وعلى الرغم من وجود رغبة شديدة لدى الإيرانيين فى انتخاب رئيس يساهم فى احتواء المشاكل الاقتصادية، فهم يعون أسباب تلك المشاكل، التى تدفعهم لدعم التيار الأصولى الحاكم. فالأسعار مرتفعة جدا، ومعدلات التضخم تقترب من 20 %، وهبوط سعر العملة أفقدها 40 % من قيمتها قبل عامين، وساهم الحصار المصرفى فى تقليص الصادرات النفطية إلى ما دون مليون ونصف برميل يوميا، وزاد الوضع صعوبة حصار النظام المصرفى. رأى كريم ساجد بور، الخبير فى مؤسسة كارنيجى للسلام مقرها فى الولاياتالمتحدة أن البرنامج النووى كبد إيران فى الإجمالى خسائر فى الاستثمارات الأجنبية والعائدات النفطية تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، وتدهورت الصادرات النفطية التى تعتبر مصدرا مهما للعائدات بنسبة 40% فى 2012 بحسب الحكومة. ولم تعد طهران التى عزلت من النظام المصرفى الدولى قادرة على استعادة بترودولاراتها المقدرة ب 5 مليارات دولار شهريا، ويعانى الاقتصاد بقسوة من تضخم تجاوز معدله بحسب الأرقام الرسمية 30%، كما انخفضت قيمة العملة الوطنية بنسبة تقارب ال 80%، كذلك فإن «الإنفاق الأسرى» ازداد بنسبة 63% خلال عام، كما أكد مهنى فى القطاع.