سميرة، أرملة عمرها 30 سنة، متعايشة مع الإصابة بفيروس نقص المناعة، لديها ولد و3 فتيات تتراوح أعمارهم بين 11 و19 سنة. عند الزواج كان عمر سميرة 16 سنة وكان عمر زوجها 24 سنة. حاصل على دبلوم ثانوى صناعى «نقاش». استمرت الحياة الزوجية 16 سنة كافحا خلالها ليتمكن أبناؤهما من التعليم، ولأن الزوج كان يعمل عملا حرا لم تتقاض سميرة معاشا بعد وفاته إلا أنها نجحت فى الحصول على معاش الضمان الاجتماعى - 70 جنيهًا شهريًا - ثم عملت بعض الوقت فراشة فى مدرسة، وأحيانا تقوم برعاية سيدة مريضة كما تبيع الأوانى فى سوق الإمام. تقول سميرة: «أول ما مات جوزى اشتغلت فراشة فى مدرسة.. فى مستشفى.. حاولت أشتغل.. قعدت مع ست عندها شلل.. جبت أطباق أبيعهم فى سوق الإمام.. أى شغل عشان أودى ولادى المدارس ويلاقوا فرصة عمل.. معاش الضمان 70 جنيه مايعملش حاجة». ولمدة عام كامل قبل وفاة الزوج اشتد عليه المرض ودخل المستشفى عدة مرات، ومع ذلك لم يتم تشخيص حالته أو توجيهه لإجراء اختبار للفيروس، ولرغبته الشديدة فى الشفاء بأى طريقة طلب منها أن تتوجه إلى أحد الدجالين ليساعده، وأعطاها الدجال قصاصة من الورق عليها كتابة باللون الأحمر وطلب منها أن تضع هذه الورقة فى الماء طوال الليل ثم تجعله يشرب هذا الماء فى صباح اليوم التالى، ونفذت سميرة هذه التعليمات بدقة. وفيما بعد اتهمتها أسرة الزوج بأنها تسببت فى موته باستخدام السحر والشعوذة. وبعد مرور 6 أشهر على وفاة الزوج تم تحويل سميرة وأبنائها وشقيق زوجها إلى وزارة الصحة لإجراء اختبار الإصابة بالفيروس. تقول سميرة: «حللوا للعيال ومرات أخوه وأخوه، كله سلبى إلا أنا.. خليت ولادى يروحوا عند أمى فى البلد وجيت للدكتور فهمنى وقال لى هاتى ولادك وعيشى حياتك». وبعد أن أفاقت سميرة من الصدمة التى أصابتها نتيجة اكتشاف الفيروس استعادت نشاطها وبدأت تعمل ليلا ونهارا من أجل تدبير الاحتياجات الأساسية لأسرتها ولتأمين مستقبل أبنائها. تقول: قعدت سنتين وزنى نزل مش باكل ولا أشرب.. فى الحميات بالعباسية مفيش وعى.. مفيش إدراك.. فى المستشفى اللى بتيجى تمسح الأرض بتبقى قرفانة مننا.. أنا فضلت 6 شهور بعد ما مات جوزى على ما حللوا.. ماحدش قال إن فيه فى وزارة الصحة التحليل ببلاش.. بابقى متضايقة لما أكون فى العزل والعيال بيبقوا محروجين باقولهم ما تيجوش». تتردد سميرة حاليا على وزارة الصحة كل شهر للمتابعة وصرف العلاج المجانى، وهى تقول إنها تفضل ألا يراها أحد أثناء تناول العلاج، كما تشعر ببعض التعب بعد تناول ال 11 قرصًا يومياً وفى أوقات محددة. تقول سميرة: «ما عمريش كشفت أمراض نسا.. رحت ركّبت لولب وشيلته لما مات جوزى، بس مابرضاش أروح لدكتور يحط المنظار وبعدين يتحط فى واحدة تانية.. الدكتور قال لى فيه إفرازات.. إنتى لسه صغيرة يعنى ممكن تتجوزى وهو يستعمل العازل، قلت لأ – أنا مارضيتش ومش عاوزة أى زواج.. خلاص الشىء ده ما عادش فيه احتياج ليه». وتضيف: «أنا عايشة بالبركة.. النهارده معايا.. بكرة مافيش.. المهم إنى قادرة أعيش.. ولما بابقى عيانة.. لو اسهال بادلق كلور مطرحى.. أقف فى عز المرض أغسل الهدوم بالكلور، وماخليش بنتى تغسلها. أقولها نامى بعيد». لو كنت أعرف إنه عنده المرض كنت أقدر أحمى نفسى.. فيه عازل.. لو كنت عارفة كان ممكن أبعد عنه وأسيبه وآخد ولادى.. جوزى مات راح فى مكان ما قدرش أحاسبه فيه.. ولما مات قالوا يمكن أنا اللى عديته.. ابنى قال ليه بيقولوا كده يا ماما، وناقش عمته ليه بتعمل كده.. قال لها الموت والحياة بيد الله.. لو أبويا عاش كنت سألته جالك المرض إزاى.. فقلت له: الدكتور فى المشورة هيشرحلك. وهناك فهموه كل اللى حصل مع أبوه ومعايا». سميرة بدأت تلاحظ تغيرا فى معاملة أسرة الزوج لها بعد معرفتهم أنها مصابة بالفيروس بعد أن كانت تربطهم بها علاقات قوية وحميمة أصبحوا يخافون منها ويشعرون بالقلق وهو مادفعهم لإدخال خط تليفون لها فى شقتها للسؤال عنها وعن أبنائها بدلا من زيارتها فى منزلها، كما يرسلون إليها بعض المساعدات العينية مثل الأرز واللحمة والأغذية المختلفة. تقول سميرة: «أنا لما عييت لقيت الناس زهقانة وقرفانة منى.. ليه الناس بتعامل مريض الإيدز كده؟ عشان سببه العلاقة الجنسية؟.. فيه دكتور داخل العزل قاللى دى بداية النهاية».. وتضيف: «أسعار الأدوية والتحاليل الإضافية مكلفة بالنسبة للفقراء، ولابد من توفير المزيد من المعلومات عن طرق انتقال العدوى بالفيروس لتوعية المرأة بمخاطر التعرض للإصابة ومساعدتها على حماية نفسها من انتقال العدوى، الشغل ساعات بيبقى مش مجزى.. بيضيع مواصلات.. باشتغل على قد ما أقدر.. بارهق نفسى جامد.. وباخد العلاج.. بس العناية بالأولاد مجهدة.. باعملها عن طيب خاطر.. أنا عايشة ليهم.. همَّ سبب الأمل فى الحياة».