أحبطت قمة الدوحة العربية الذين عولوا عليها لجهة اتخاذ ما يسمى ب «قوى الممانعة» (إيران وسوريا..... وقطر) مواقف حيال إسرائيل لردعها عن الاستمرار فى عدوانها على الشعب الفلسطينى فى غزة، ونزلت بالطموحات بعدما رفعت سقف التوقعات العربية باتخاذ مواقف جريئة!.. ومصدر الإحباط أن القوى الرئيسية فى هذه القمة (إيران وسوريا.... وقطر) تملك والمتعاطفون معها أوراقاً مهمة.. لم يستخدموها، وكانت تستطيع أن تبعث برسائل قوية إلى إسرائيل والولايات المتحدة.. ولم تفعل. لكن بيان قمة الدوحة يوم الجمعة الماضى جاء مخيباً للآمال وتبنى مجرد دعوات، واكتفت قطر بخطوة رمزية بتعليق عمل مكتب التمثيل التجارى الإسرائيلى فى عاصمتها، دون أن تغلقه نهائياً أو تقطع العلاقات مع إسرائيل.. فيما استمر ضيوف قناة «الجزيرة»، وتقارير مراسليها من العواصم العربية تردد مطلب «الجماهير» من مصر بقطع العلاقات مع إسرائيل. وبما أن المعركة ما زالت مستمرة، والكفاح دوّار ننتظر أن تستخدم الأطراف ما تملكه من أوراق وعلاقات فى الإقليم والعالم بدلاً من اتباع سياسة «الكيد المتبادل» مع مصر واستمرار خطابها التعبوى ضدها.. ومن هذه الأوراق: أولاً: أن الأردن وموريتانيا بلدان عربيان لديهما -إلى جانب مصر- علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.. والأولى أعلن رئيس حكومتها تهديداً «أو بالأحرى تهويشاً» بإعادة النظر فى علاقات بلاده مع إسرائيل.. وهى خطوة إعلامية لم تصحبها إجراءات تنفيذية بل قاطع الأردن مؤتمر الدوحة!!. أما موريتانيا فقد أعلنت فى خطوة دعائية أخرى استدعاء سفيرها من تل أبيب «للتشاور»، لاحظ للتشاور وليس احتجاجاً على العدوان دون أن تطلب من سفير إسرائيل فى نواكشوط مغادرة البلاد.. وزادت على ذلك خطوة رمزية أخرى فى قمة الدوحة بإعلان «تجميد» العلاقات مع إسرائيل دون قطعها!!.. ثانياً: هناك خمس دول عربية ليست فى حالة حرب مع إسرائيل وليس بينهما حدود مشتركة أقدمت -مجاناً- على إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية وفتحت مكاتب لها فى تل أبيب وفتحت إسرائيل فى عواصمها مكاتب مماثلة.. وهذه الدول هى قطر والإمارات وسلطنة عمان والمغرب وتونس.. وقد خفضت بعضها التمثيل إثر انتفاضة الأقصى عام 2000 لكن المكاتب لاتزال قائمة من الناحية القانونية، ولم تقدم أى من هذه الدول على إغلاقها.. ثالثاً: يوجد للجامعة العربية فى دمشق مكتب اسمه مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل مهمته إعداد قوائم بأسماء الدول والشركات العربية التى تتعامل مع إسرائيل، والشركات الإسرائيلية التى تملأ بضائعها الأسواق العربية من المحيط للخليج.. وإن لم يتوفر النصاب القانونى لعقد اجتماع للمكتب لتفعيل المقاطعة، فعلى المكتب إعلان قوائم الدول والشركات العربية المتعاملة مع إسرائيل.. لكن ذلك يبدو أمراً صعباً لأن سوريا الدولة المضيفة للمكتب لديها مصالح مع بعض الدول الخليجية التى لها روابط مع إسرائيل؟!.. وعلى رأسها دولة قطر. رابعاً: بعض الدول العربية التى دعت إلى اتخاذ مواقف حازمة ضد إسرائيل مثل سوريا وتونس والجزائر والمغرب انضمت للاتحاد المتوسطى «الذى دعا الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى إلى تأسيسه فى يوليو الماضى» إلى جانب إسرائيل للتعاون المتوسطى بل وتم منح إسرائيل منصب السكرتير العام المساعد فيه، ولم تتخذ أى من هذه الدول قرراً - على الأقل - بتجميد عضويتها فى الاتحاد استناداً إلىأن ممارسات إسرائيل لا تشجع على وجود مثل هذا التعاون، ولا حتى استناداً إلى اتهامها ساركوزى بالانحياز لإسرائيل. خامساً: بعض هذه الدول يمكن أن تستغل الإدانة العالمية لإسرائيل والتعاطف الدولى مع الشعب الفلسطينى لكى تتحرك فى الجمعية العامة للأمم المتحدة - حيث لا يوجد «فيتو» أمريكى - من أجل تخفيض عضوية إسرائيل فى الأممالمتحدة استناداً إلى قرار قبول عضوية إسرائيل الذى اشترط قيام الدولة العربية فى فلسطين، وباعتبار أن هذا الشرط لم يتحقق فإن الأمر يستوجب تخفيض عضوية إسرائيل «كوسيلة ضغط». سادساً: دعت إيران مراراً إلى استخدام سلاح النفط فى الصراع مع إسرائيل بعد نجاحه فى حرب أكتوبر 1973.. ودعت الأطراف الملتحقة بها ووسائل الإعلام والتظاهرات مصر إلى وقف تصدير النفط والغاز إلى إسرائيل بدعوى استخدامه فى تسيير آلة الحرب الإسرائيلية.. لكن إيران وهى من أكبر الدول المصدرة للنفط لم تستخدم سلاح النفط لا فى هذه الأزمة ولا فى غيرها ولم تلوح حتى باستخدامه. هناك وسائل قانونية ومادية عديدة يملكها بعض العرب وإيران لكن أياً منهما لم يستخدمها ضد إسرائيل أو يبعث برسالة إليها أو إلى «الشيطان الأكبر»؟! [email protected]