علق مجلس الأمن الدولى اجتماعه، الذى بدأه الليلة قبل الماضية لبحث الوضع فى قطاع غزة إلى مساء أمس، دون اتخاذ أى قرار يتعلق بوقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة. واقتصر اجتماع الليلة قبل الماضية - الذى عقد على مستوى وزارى، برئاسة وزير الخارجية الفرنسى برنار كوشنير، الذى تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس فى يناير - على إلقاء المشاركين فى الاجتماع لكلمات بلادهم، وكان من أبرزهم وزير الخارجية أحمد أبوالغيط وعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية السعودى، الأمير سعود الفيصل وبان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة. ويفترض أن يتواصل النقاش خلال ساعات مع مشاركة كل الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة الراغبة فى ذلك. وكانت ليبيا - وهى العضو العربى الوحيد فى مجلس الأمن - قد قدمت مشروع قرار يدعو خصوصا إلى «وقف فورى ودائم لإطلاق النار فى قطاع غزة» وإلى «وقف جميع النشاطات العسكرية وأعمال العنف، بما فى ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية وإطلاق الصواريخ». ويطالب النص كذلك برفع فورى للحصار وإعادة فتح المعابر. وفى هذه الحالة، ستكون فرصة اعتماد القرار، الذى لم يخضع لمناقشات مسبقة، غير أكيدة، على ما يرى دبلوماسيون، لسببين، فالولايات المتحدة التى تحمى مصالح إسرائيل فى مجلس الأمن لا ترغب فى أن يطلب من حليفتها أن تضع حدا لعمليتها العسكرية بموجب قرار صادر عن الأممالمتحدة. ومن جهة أخرى، قال الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، الذى أنهى مساء أمس الأول جولة خاطفة فى الشرق الأوسط، للقيام بوساطة دبلوماسية إنه لا يرغب فى «التسرع» باعتماد أى قرار. ومن ناحيته، طالب «أبومازن» مجلس الأمن بالدعوة إلى «الوقف الفورى والتام للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وبتوفير حماية دولية كافية وفعالة لشعبنا كله، عبر تشكيل قوة دولية تساعد شعبنا على استعادة أمنه وسلامه». وقال إن «إنهاء الحصار بالكامل ودون رجعة هو هدف لا نحيد عنه». وغادر «أبو مازن» قاعة المجلس بعد نصف ساعة فقط من بداية الجلسة وبمجرد الانتهاء من إلقاء كلمته، احتجاجا على تجاهل المجلس مناقشة بنود مشروع القرار العربى بعد تعديله. ومن جهته، اتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات وزراء الخارجية العرب وممثلى الدول الغربية المشاركين فى الجلسة، ب«العجز الكامل» عن تقديم أى عون حقيقى للفلسطينيين. وقال عريقات فى تصريحات للصحفيين إن هؤلاء الوزراء جاءوا فقط إلى نيويورك من أجل «تنويم» الرأى العام فى بلدانهم والإيحاء بأنهم يفعلون شيئا من أجل وقف المذبحة، التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة. وفى كلمته أمام اجتماع المجلس، قال أحمد أبوالغيط: «لا نتصور ماذا يحتاج إليه المجلس لكى يتحمل مسؤوليته ويتحرك لإيقاف هذا العداون، هل يحتاج المجلس للمزيد من القتلى والجرحى الفلسطينيين قبل أن يتخذ قراراً يلزم إسرائيل بوقف الأعمال العسكرية؟ أم تراه يحتاج إلى التوصل إلى مخرج يتيح لقوة الاحتلال تحقيق مكاسب سياسية تتوج بها عملياتها العدوانية؟». وأضاف أن «هذا البطء الذى يمارس به مجلس الأمن أعماله فى هذا الشأن أفقد شعوبنا الثقة فى حيدته وموضوعية تعامله مع القضية الفلسطينية بالذات». ومن جانبه، قال عمرو موسى إن الهجوم الإسرائيلى خلق موقفا فى غاية التوتر والخطورة وعزل أهل غزة وأهدر أمنهم. من جانبه، اعتبر سعود الفيصل «أن ما حدث من قتل وتدمير طيلة أيام القصف الجوى لم يكن كافيا لإرواء عطش الإسرائيليين، أو كافيا لإقناع مجلس الأمن بالتحرك السريع والفورى للحيلولة دون مزيد من التصعيد، كما هو منتظر منه فى مثل هذا الظرف بالغ الخطورة». وأضاف «إما أن يعالج مجلس الأمن هذه القضايا بالجدية والمسؤولية، وإلا فإننا سنجد أنفسنا مرغمين على إدارة ظهورنا والنظر فى خيارات أخرى». واصفا ما يحدث فى غزة ب«الكارثة الإنسانية». ومن جهتها، شددت رايس على أنه من المهم التوصل إلى حل سريع ولكن من المهم أيضا التوصل إلى حل جذرى للمشكلة والتوصل إلى اتفاق نهائى للسلام وإقامة الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين، مؤكدة التزامها والتزام الرئيس الأمريكى جورج بوش بهذا الهدف. وأعربت عن قلقها إزاء الوضع الإنسانى فى غزة، ملقية باللائمة على «حماس». وبررت مندوبة إسرائيل لدى الأممالمتحدة جبريئيلا شاليف الحملة العسكرية على قطاع غزة بقيام حركة «حماس» بإنهاء اتفاق التهدئة بين الجانبين. واعتبرت أن الإسرائيليين تعرضوا للأذى بسبب الإطلاق المتواصل للصواريخ وقذائف الهاون من جانب حماس. وتابعت «علينا أن ندافع عن أنفسنا ليس ضد الفلسطينيين بل ضد الإرهابيين».