من ابن مزارع بسيط فى القاع إلى جنرال يجلس فوق جبل من الثروات والموارد الاقتصادية المتعددة.. شريط سينمائى طويل كان بطله الرئيس الغينى لانسانا كونتى الذى توفى أمس عن 74 عاما قضى 24 عاما منها متربعا على عرش السلطة واعتمد على الجيش فى قمع أى معارضة بقسوة، ومن ثم لم يصغ لآلام شعبه رغم تأكيده المستمر على رغبته فى «إسعاده»!! وبداية المشوار كانت ظهور «طفل مقاتل» بعد انتسابه لفترة قصيرة إلى مدرسة لتعليم القرآن، ثم تلقيه دورات تأهيل فى بينجرفيل (ساحل العاج) وسان لوى (السنغال) ليلتحق بالجيش الفرنسى ويتجه إلى الجزائرعام 1955 وعند استقلال غينيا فى 1958، غادر كونتى الجيش الفرنسى برتبة سرجنت، وشارك فى غينيا بيساو وحرب التحرير ضد المستعمرين البرتغاليين وتسلق سلم الجيش، وعند وقوع انقلاب فى 3 أبريل 1984 وصل كونتى إلى السلطة باعتباره الرتبة الأعلى بين الانقلابيين. ومع تسلمه قيادة البلاد، خاب أمل الديمقراطيين بسرعة فى كونتى الذى جاء خلفا لأحمد سيكوتورى الزعيم التقدمى الذى أصبح مستبدا مصابا بالهوس، حيث اعتمد كونتى كلياعلى الجيش لإرساء سلطته وتمكن بذلك من صد محاولة انقلابية فى يوليو 1985، وتمرد عسكرى فى فبراير 1996 وفى 1990، أقر البرلمان دستورا جديدا ينص على التعددية إلا أنه لم تنظم انتخابات حرة أو شفافة، وانتخب كونتى رئيسا فى 1993 ثم أعيد انتخابه فى 1998 فى عمليات اقتراعات طعنت فيها المعارضة والأسرة الدولية. وقاطعت المعارضة استفتاء نوفمبر 2001 حول إصلاح دستورى ينص على شكل من «الرئاسة مدى الحياة» علما بأن كونتى كان يخطط للبقاء فى السلطة حتى انتهاء ولايته فى 2010.. ومن أشهر أقواله : «أنا الزعيم والباقون تابعون لى». واستمرارًا لحلقات مسلسل «إدمان السلطة»، شهد شهرا يناير وفبراير فى 2007 قمع تظاهرات شعبية كبيرة معارضة لنظام كونتى و«لصوص الاقتصاد الوطنى» على حد تعبير المعارضة وقتذاك، وأسفرت المواجهات المسلحة عن مقتل 186 شخصا على الأقل وجرح 1200 آخرين. وعلى ضوء هذا السيناريو، كثيرا ما كانت تنظر مجموعة الأزمات الدولية (انترناشيونال كرايزس جروب) إلى أن المشكلة الحقيقية التى تعانى منها غينيا هى الرئيس كونتى وقبيلته منتقدة «نظرته العسكرية واللصوصية إلى ممارسة السلطة». واعتبرت المنظمة أن ولايته الرئاسية الأخيرة كانت «كارثة اقتصادية واجتماعية فى ظل السرقة المنهجية للموارد العامة فى الدولة الغينية فى عهد كونتى واختراق شبكات تهريب المخدرات فى المنطقة لقوات الأمن والحرس الرئاسى فى هذا البلد».