ننشر القائمة المبدئية للمتقدمين لشغل منصب عميد كلية الهندسة جامعة طنطا    "الشباب في إقليم ملتهب".. ندوة موسعة بمشاركة 4 أحزاب    رئيس جامعة مطروح يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    محافظ الفيوم يتفقد الأعمال الإنشائية لتوسعات شركة إميسال لاستخراج الأملاح    أبو حطب يتابع أعمال الصنفرة بطريق 100 تمهيدا لاستكمال الرصف    توريد 12.3 ألف طن قمح إلى شون وصوامع الأقصر    محافظ أسوان: خطة لتطهير خطوط وشبكات المياه والصرف الصحي قبل عيد الأضحى    المرشد الإيراني يشكك في نجاح المحادثات النووية مع أمريكا    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    الجيش السوداني: نقترب من تطهير كامل الخرطوم    رئيس البرلمان العربي يعزي مصر في استشهاد طاقم طائرة تدريب عسكرية نتيجة عطل فني    بيبي رينا يعلن اعتزاله ويتجه للتدريب    مدرب المكسيك يرفع راية التحدي في كأس الكونكاكاف الذهبية    تحرير 593 قضية ضد مخابز مخالفة بمحافظة القاهرة    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. تفاصيل مواعيد الامتحانات لجميع الأنظمة التعليمية    ظاهرة جوية تضرب البلاد.. «الأرصاد الجوية» تكشف حالة الطقس اليوم بالساحل الشمالي    دراما إف إم.. ماسبيرو يطلق أول إذاعة مسلسلات في العالم العربي    «سمير غانم».. فطوطة الذي عاش في خيال الجمهور    «ما يهزهم ريح».. 4 أبراج تتميز بثبات انفعالي مذهل في المواقف الصعبة    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    حوار خاص| أحمد السبكى رئيس هيئة الرعاية الصحية ل«البوابة»: إطلاق المرحلة الثانية من منظومة «التأمين الصحى الشامل» بمطروح خلال سبتمبر وشمال سيناء في ديسمبر المقبل    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    أونروا: إسرائيل تمنع المتطوعين من دخول قطاع غزة    «جاب الفلوس منين».. شوبير يعلق على رفع القيد عن الزمالك    فوائد البردقوش، مهم للصحة لكن لا ينصح به للحوامل    الأمن يلقى القبض على المتهم بذبح والده المسن بأسوان    خلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل.. عامل يطعن صاحب ورشة في سوهاج    بحضور مدبولي.. رئيس سوميتومو العالمية: نحتفل بفخر بإنشاء أحدث مصانعنا المتطورة    برواتب تصل ل15 ألف جنيه.. فرص عمل جديدة تطلب 5 تخصصات بشروط بسيطة    «سيدات يد الأهلي» يواجه فاب الكاميروني في ربع نهائي كأس الكؤوس    الأهلي يواجه الزمالك في مباراة فاصلة لحسم المتأهل لنهائي دوري سوبر السلة    خبر في الجول – جلسة بين الزمالك والسعيد لحسم التفاصيل المالية لتجديد عقده    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    الخميس.. فرقة الصحبجية تغني في قصر الأمير بشتاك    نيللي كريم تخطف الأنظار في أحدث جلسة تصوير لها    «التعليم» تدرس السماح للمتعاقدين بالحصة المشاركة في أعمال الامتحانات    واشنطن بوست: إصابة بايدن بالسرطان أثارت تعاطفاً وتساؤلات ونظريات مؤامرة    رسميًا.. موعد حجز «سكن لكل المصريين 7» والمستندات المطلوبة للحجز (تفاصيل)    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    المشدد 6 سنوات لتشكيل عصابي للاتجار بالآيس المخدر في الشرابية    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل وتركيب الشعر الصناعي بالعجوزة للعمل دون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب    وزير الري يبحث إضافة مواقع سياحية جديدة لمنظومة السد العالي -صور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    لعلاج النحافة المزعجة.. 7 أطعمة لزيادة الوزن بشكل صحي وآمن    "تأهيل خريج الجامعة لمواجهة تحديات الحياة الأسرية".. ندوة بجامعة حلوان    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    غزل المحلة يتواصل مع محمد رمضان لشغل منصب المدير الرياضي    الأهلي ضد الزمالك.. الموعد والقناة الناقلة لقمة كرة السلة    المركزي الصيني يخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية    طريقة عمل الفراخ البانيه، بقرمشة لا مثيل لها    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل المسؤولون فى بلادنا.. أنصاف آلهة؟!
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 11 - 2008

.. فجأة دخل علىّ - فى مكتبى بالجامعة - عدد من الطلاب الذين أقوم بتدريس مادة العلاقات السياسية الدولية لهم، وهم فى حالة غضب وهياج يندبون حظهم العاثر الذى جعلهم يتقاطعون فى الطريق مع موكب أحد كبار المسؤولين، حيث تم احتجازهم لأكثر من ساعة، فتأخروا عن موعد الامتحان..
 وعندما استوضحت الأمر شرح لى عميد الكلية أن «هذه الحالة» تتكرر كثيرًا بسبب إجراءات أمنية فظة وغليظة، يجد الطلاب أنفسهم بسببها فى شبه معتقل قد يمتد عدة ساعات.
.. ورغمًا عنى وجدت ذاكرتى تنداح منها الوقائع التى عايشتها بنفسى فى عاصمة النور (باريس).. منها أن جاك شيراك، عندما كان رئيسًا لوزراء فرنسا فى تجربة التعايش السياسية الأولى مع الرئيس الفرنسى الأسبق فرنسوا ميتران، قرر أن يسير فى الشارع دون موكب حتى لا يسبب إزعاجًا للمارة من الناس العاديين..
 ولقد اندهش رجال الأمن - وقتذاك-. عندما طلب إليهم أن يساعدوه فى أن يلتزم بإشارات المرور مثل سائر البشر، فليس مقبولاً ولا معقولاً من وجهة نظره أن يكسر هذه الإشارات - تحت أى ظرف من الظروف-، لأنه فى النهاية مواطن فرنسى عليه أن يساعد على احترام القوانين لا على عصيانها والاستهانة بها..
 وإن كان لابد من عجب، فلنعجب من الواقعة التالية كنا نسير ذات صباح- زميل تونسى وآخر عراقى وأنا - فى شارع سان ميشيل المتجه إلى جامعة السوربون (حيث ندرس) فإذا بنا نجد أمامنا - وجهًا لوجه - رئيس وزراء فرنسا وقتذاك وهو الاشتراكى الكبير لوران فابيوس يمسك بيد طفلته الصغيرة، بينما كان منهمكًا فى قراءة صحيفة «ليبراسيون».. عقدت الدهشة ألسنتنا،
 خصوصًا أن الرجل كان يسير دون أمن أو حراسة.. وبدا لنا أنه يتصرف - والحالة هذه - كأب يقوم باصطحاب ابنته إلى مدرستها، ونسى تمامًا أنه رئيس وزراء لواحدة من كبريات الدول فى أوروبا والعالم.
.. الأغرب من هذا أن زميلنا التونسى اتجه نحوه وحياه مرة، ثم مرة ثانية، فاندهش لوران فابيوس الذى شرح له زميلنا أنها المرة الأولى التى يرى فيها رئيسًا للوزراء يسير على قدميه فى شارع عام..
فابتسم لوران فابيوس وهو ينظر نحونا - وكنا نقف على بعد خطوات - وقال لزميلنا التونسى: ليس فى الأمر ما يدعو للدهشة أو الاستغراب، لأن سعادتى فى اصطحاب طفلتى إلى المدرسة لا تعدلها سعادة أخرى..
ثم لا تنس أننى مواطن عادى سوف أفتح الكيس الذى فى يدى بعد قليل لألتهم الكرواسون اللذيذ مع القهوة الصباحية.. وأقسم أن لوران فابيوس قال ذلك وهو يحث الخُطى ذاهبًا إلى مدرسة ابنته.. وتركنا نتلفت بحثًا عن سيارة (أو بوكس شرطة) أو ضابط يتدلى من خاصرته مُسدس، فلم نجد،
 وأشهد أنه ترك فى نفوسنا توجعات وحسرات لأن كلاً منا أخذ يستدعى إلى ذاكرته ألوان العسف والإذلال التى يتعرض لها الناس العاديون الذين تقذف بهم المصادفة فى طريق أحد المسؤولين.
وفى باريس حدثنى أحدهم (فُلان) بأن مدير المكتب الذى كان يعمل به وضعه وراء القضبان ليحاكمه - فى محكمة أشبه بمحاكم التفتيش المقيتة - لأن أحد سفراء الدول العربية سأله يومًا عما إذا كان يعمل مع (فلان)..
 وسبب هذه الثورة أن السيد مدير المكتب يرى أن (فلان) هذا هو الذى يعمل معه، وبالتالى فإن السفير العربى قد أهانه وهبط به من عليائه عندما تصور أنه - بجلالة قدره - يعمل مع هذا ال (فلان).
ولأن للّه فى خلقه شؤونًا كما تعرف، فلقد ضاع هذا «المدير» فى زحام الحياة، وارتفع صاحبنا (فلان) ليعانق عنان السماء.
والمعنى أن عقدة المدير والرئيس، والقائد تسكن الكثيرين وتبرر للمرضى منهم سلوكيات لا معقولة.. وللإنصاف يجب أن نذكر أن هذه «النقيصة» يشارك فى خلقها وتضخمها السلبية التى تتسم بها سلوكيات الناس.
ويحضرنى هنا مثال دارت وقائعه كما يلى:
كنا - مجموعة من الطلاب العرب الذين يدرسون فى باريس - نهبط من إحدى عربات مترو الأنفاق فى باريس، فرمق أحدنا الأستاذ المشرف على رسالته يهبط هو الآخر من نفس المترو ويسير متأبطا كتبه وحاملاً حقيبته متجهًا إلى الجامعة.. فهرول (صاحبنا) باتجاه الأستاذ، وتطوع أن يحمل حقيبته (نيابة عنه).. فرفض الأستاذ بشدة وأخذ يجادل (صاحبنا) فى المبدأ قائلاً له:
- إنها حقيبتى وبالتالى على أن أحملها، انطلاقًا من المبدأ الذى يقول: صاحب الشىء أحق بأن يحمله.. ورغم أن (صاحبنا) حاول أن يشرح وجهة نظره والتى تدور حول أن الأستاذ رجل كبير فى السن، والحقيبة ثقيلة، والواجب يحتم عليه أن يعرض المساعدة..
 وانتهى الجدل فى قاعة المحاضرة بالجامعة عندما شدد الأستاذ على أن (أستاذيته) لا تفرض على طلابه شيئًا إضافيًا. وكان الدرس أن كبار المسؤولين، والقيادات والرؤساء والوزراء فى بلاد الدنيا أناس عاديون، أما فى بلادنا، فهم - كما قال الفيلسوف الألمانى نيتشه - أنصاف آلهة على أقل تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.