وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    مصر تستعد لبدء تشغيل خط الربط الكهربائي مع السعودية قبل نهاية 2025    طن الشعير الآن.. سعر الأرز اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في الأسواق    استعدادات لتنظيم مؤتمر زراعي استثمارى لصغار المزارعين بأسوان    الهيئة الهندسية توافق على تغيير استخدام قطعة أرض من سكني إلى فندقي    الجيش السوداني يدمر مركبات وطائرة شحن إمدادات ل«الدعم السريع» (تفاصيل)    موعد مباراة النصر والحزم والقنوات الناقلة والمعلق في الدوري السعودي    غياب رمضان صبحي عن أولى جلسات محاكمته في «تزوير الامتحانات».. والدفاع يكشف الكواليس    إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم ملاكي وميكروباص بكفر الشيخ.. (أسماء)    الرئيس السيسي يتابع استعدادات الاحتفالية الكبرى لافتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الإسكان يوجه بسرعة الانتهاء من مشروع حدائق «تلال الفسطاط»    دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب.. 5 طرق لعلاج ألم الأسنان في المنزل    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة في المؤتمر العالمي «إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام»    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    مواعيد مباريات السبت 25 أكتوبر - الأهلي ضد إيجل نوار.. وليفربول يواجه برينتفورد    «الري»: استخدام الدرون لمسح ترعة الإسماعيلية وتحديد المخالفات والتعديات وحالة الجسور    انطلاق الدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر والفروع الخارجية    «مكيف وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    بكم طن عز؟.. سعر الحديد اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 محليا وأرض المصنع    جامعة العريش تُحقق إنجازًا تاريخيًا بإدراجها ضمن تصنيف QS العالمي لعام 2026    رئيس «الدولي» للمتاحف: الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثاني بالمتحف المصري الكبير    عشاق الهدوء.. 5 أبراج مش بيحبوا الضوضاء والزحمة    وزيرا خارجية مصر وتركيا يبحثان التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة في القاهرة    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    من غير مواد حافظة.. حضري لأطفالك الزبادي بالفواكه الطازجة في البيت    خدمة 5 نجوم.. مواعيد رحلات قطار تالجو الفاخر اليوم السبت 25-10-2025    الدويرى: قوائم الأسرى تتطلب موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي و "الشاباك" أكد: هناك اسمًا "لن يخرج من السجن إلا ميتًا"    وزارة التعليم: امتحان الشهر لصفوف النقل يوم 26 أكتوبر والأسئلة مقالية بنسبة 15%    الرابط والشروط.. ما هو موعد إعلان قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات؟    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    اللواء محمد عبد المنعم: القيادة المصرية نجحت في توضيح الصورة الكاملة للفصائل الفلسطينية    لوحات دعائية لافتتاح المتحف الكبير على الطرق والأتوبيسات.. فيديو    هيئة الرقابة المالية تستعرض إصلاحات وتطورات قطاع التأمين وصناديق الاستثمار    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    «العدل» تقرر إنشاء فرع للتوثيق والشهر العقاري في المعصرة    الشروط والمستندات.. ما هي وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد؟    توصيات طبية جديدة: إدخال الأطعمة المثيرة للحساسية للرضع يدرب الجهاز المناعي    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام سندرلاند في البريميرليج    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    حريق بشقة سكنية في الإسكندرية    ختام مبهر للدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، سعد مفاجأة الحفل، ساويرس يكرم انتشال التميمي، أحمد مالك وليا دروكير أفضل ممثل وممثلة (صور)    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 9    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    طارق العريان عن زوجته نيكول سعفان: أكتر صفة بحبها فيها إنها «جريئة وشبه البجاحة»    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    شيكو بانزا للاعب الزمالك المنبوذ: أنت عظيم.. لا تستمع لأحد    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل المسؤولون فى بلادنا.. أنصاف آلهة؟!
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 11 - 2008

.. فجأة دخل علىّ - فى مكتبى بالجامعة - عدد من الطلاب الذين أقوم بتدريس مادة العلاقات السياسية الدولية لهم، وهم فى حالة غضب وهياج يندبون حظهم العاثر الذى جعلهم يتقاطعون فى الطريق مع موكب أحد كبار المسؤولين، حيث تم احتجازهم لأكثر من ساعة، فتأخروا عن موعد الامتحان..
 وعندما استوضحت الأمر شرح لى عميد الكلية أن «هذه الحالة» تتكرر كثيرًا بسبب إجراءات أمنية فظة وغليظة، يجد الطلاب أنفسهم بسببها فى شبه معتقل قد يمتد عدة ساعات.
.. ورغمًا عنى وجدت ذاكرتى تنداح منها الوقائع التى عايشتها بنفسى فى عاصمة النور (باريس).. منها أن جاك شيراك، عندما كان رئيسًا لوزراء فرنسا فى تجربة التعايش السياسية الأولى مع الرئيس الفرنسى الأسبق فرنسوا ميتران، قرر أن يسير فى الشارع دون موكب حتى لا يسبب إزعاجًا للمارة من الناس العاديين..
 ولقد اندهش رجال الأمن - وقتذاك-. عندما طلب إليهم أن يساعدوه فى أن يلتزم بإشارات المرور مثل سائر البشر، فليس مقبولاً ولا معقولاً من وجهة نظره أن يكسر هذه الإشارات - تحت أى ظرف من الظروف-، لأنه فى النهاية مواطن فرنسى عليه أن يساعد على احترام القوانين لا على عصيانها والاستهانة بها..
 وإن كان لابد من عجب، فلنعجب من الواقعة التالية كنا نسير ذات صباح- زميل تونسى وآخر عراقى وأنا - فى شارع سان ميشيل المتجه إلى جامعة السوربون (حيث ندرس) فإذا بنا نجد أمامنا - وجهًا لوجه - رئيس وزراء فرنسا وقتذاك وهو الاشتراكى الكبير لوران فابيوس يمسك بيد طفلته الصغيرة، بينما كان منهمكًا فى قراءة صحيفة «ليبراسيون».. عقدت الدهشة ألسنتنا،
 خصوصًا أن الرجل كان يسير دون أمن أو حراسة.. وبدا لنا أنه يتصرف - والحالة هذه - كأب يقوم باصطحاب ابنته إلى مدرستها، ونسى تمامًا أنه رئيس وزراء لواحدة من كبريات الدول فى أوروبا والعالم.
.. الأغرب من هذا أن زميلنا التونسى اتجه نحوه وحياه مرة، ثم مرة ثانية، فاندهش لوران فابيوس الذى شرح له زميلنا أنها المرة الأولى التى يرى فيها رئيسًا للوزراء يسير على قدميه فى شارع عام..
فابتسم لوران فابيوس وهو ينظر نحونا - وكنا نقف على بعد خطوات - وقال لزميلنا التونسى: ليس فى الأمر ما يدعو للدهشة أو الاستغراب، لأن سعادتى فى اصطحاب طفلتى إلى المدرسة لا تعدلها سعادة أخرى..
ثم لا تنس أننى مواطن عادى سوف أفتح الكيس الذى فى يدى بعد قليل لألتهم الكرواسون اللذيذ مع القهوة الصباحية.. وأقسم أن لوران فابيوس قال ذلك وهو يحث الخُطى ذاهبًا إلى مدرسة ابنته.. وتركنا نتلفت بحثًا عن سيارة (أو بوكس شرطة) أو ضابط يتدلى من خاصرته مُسدس، فلم نجد،
 وأشهد أنه ترك فى نفوسنا توجعات وحسرات لأن كلاً منا أخذ يستدعى إلى ذاكرته ألوان العسف والإذلال التى يتعرض لها الناس العاديون الذين تقذف بهم المصادفة فى طريق أحد المسؤولين.
وفى باريس حدثنى أحدهم (فُلان) بأن مدير المكتب الذى كان يعمل به وضعه وراء القضبان ليحاكمه - فى محكمة أشبه بمحاكم التفتيش المقيتة - لأن أحد سفراء الدول العربية سأله يومًا عما إذا كان يعمل مع (فلان)..
 وسبب هذه الثورة أن السيد مدير المكتب يرى أن (فلان) هذا هو الذى يعمل معه، وبالتالى فإن السفير العربى قد أهانه وهبط به من عليائه عندما تصور أنه - بجلالة قدره - يعمل مع هذا ال (فلان).
ولأن للّه فى خلقه شؤونًا كما تعرف، فلقد ضاع هذا «المدير» فى زحام الحياة، وارتفع صاحبنا (فلان) ليعانق عنان السماء.
والمعنى أن عقدة المدير والرئيس، والقائد تسكن الكثيرين وتبرر للمرضى منهم سلوكيات لا معقولة.. وللإنصاف يجب أن نذكر أن هذه «النقيصة» يشارك فى خلقها وتضخمها السلبية التى تتسم بها سلوكيات الناس.
ويحضرنى هنا مثال دارت وقائعه كما يلى:
كنا - مجموعة من الطلاب العرب الذين يدرسون فى باريس - نهبط من إحدى عربات مترو الأنفاق فى باريس، فرمق أحدنا الأستاذ المشرف على رسالته يهبط هو الآخر من نفس المترو ويسير متأبطا كتبه وحاملاً حقيبته متجهًا إلى الجامعة.. فهرول (صاحبنا) باتجاه الأستاذ، وتطوع أن يحمل حقيبته (نيابة عنه).. فرفض الأستاذ بشدة وأخذ يجادل (صاحبنا) فى المبدأ قائلاً له:
- إنها حقيبتى وبالتالى على أن أحملها، انطلاقًا من المبدأ الذى يقول: صاحب الشىء أحق بأن يحمله.. ورغم أن (صاحبنا) حاول أن يشرح وجهة نظره والتى تدور حول أن الأستاذ رجل كبير فى السن، والحقيبة ثقيلة، والواجب يحتم عليه أن يعرض المساعدة..
 وانتهى الجدل فى قاعة المحاضرة بالجامعة عندما شدد الأستاذ على أن (أستاذيته) لا تفرض على طلابه شيئًا إضافيًا. وكان الدرس أن كبار المسؤولين، والقيادات والرؤساء والوزراء فى بلاد الدنيا أناس عاديون، أما فى بلادنا، فهم - كما قال الفيلسوف الألمانى نيتشه - أنصاف آلهة على أقل تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.