تحت عنوان «عام القدس على الأبواب والعرب حائرون يفكرون كيف يحتفلون» نشرت «أخبار الأدب» أمس الأول تحقيقًا للزميل طارق الطاهر من الإسكندرية ودمشق وتونس عن الخلاف بين المثقفين العرب حول قبول دعوة وزيرة الثقافة الفلسطينية تهانى أبودوقه للاحتفال فى القدس، ورفض هذه الدعوة باعتبار الذهاب إلى القدس تطبيعًا ثقافيًا مع إسرائيل، يتعارض مع موقف أغلبية المثقفين العرب، وكل مؤسساتهم. اختيار مدينة عربية كل سنة لتكون عاصمة للثقافة العربية قرار يتخذه مجلس وزراء الثقافة العرب، الذى يجتمع كل سنة فى المدينة المختارة، احتذاء بالاتحاد الأوروبى الذى يختار مدينة أوروبية كل سنة، لتكون عاصمة للثقافة الأوروبية. وهو تقليد يستهدف كسر احتكار العواصم للثقافة فى أوروبا، وتنمية الثقافة فى المدينة المختارة، ولكنه عندما انتقل إلى العالم العربى عام 1996 أصبح للعواصم فقط. وفى اجتماع مجلس وزراء الثقافة العرب عام 2006 كان الدور على بغداد لتكون عاصمة 2009، واعتذر الوفد العراقى لأن بغداد مدينة محتلة، وليس من المقبول أن تكون عاصمة للثقافة العربية مدينة محتلة، ولكن الغريب أن المجلس اختار القدس بدلاً من بغداد، ووافق الوفد الفلسطينى، وكأن القدس ليست مدينة محتلة، ودون مناقشة كيفية التنفيذ، حتى اقترب حلول عام 2009، وقررت كل مؤسسات المثقفين العرب مقاطعة عاصمة الثقافة العربية. والحقيقة أن القدس ليست فقط مدينة محتلة، ولكن ثقافة القدس أيضًا ليست عربية فقط، وإنما عربية وإسلامية ومسيحية ويهودية، ولذلك فهى مقسمة حتى قبل احتلال إسرائيل للقسم العربى منها إثر هزيمة العرب فى حربهم مع إسرائيل عام 1967. ومن جانبها أعلنت إسرائيل أن القدس أصبحت موحدة، وتريد لها أن تكون عاصمة إسرائيل بدلاً من تل أبيب، وأعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية تمسكها بأن تكون القدس العربية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعمل على وجودها، ولا تعترف الأممالمتحدة إلا بالقدس كمدينة مقسمة بين إسرائيل وفلسطين. والموقف الصحيح فى تقديرى من هذه القضية المركبة أن تعلن مؤسسات المثقفين، وعلى رأسها اتحاد الكتاب العرب، الذى يرأسه الكاتب المصرى محمد سلماوى رفض المشاركة فى احتفالات السلطة الوطنية بالعاصمة الثقافية على أرض القدس، لأنها مدينة محتلة، وأن توضح للعالم أساس رفض التطبيع الثقافى مع إسرائيل: هل الهدف منه الضغط على اليمين الإسرائيلى لقبول حل الدولتين، أم الهدف رفض وجود إسرائيل أساسًا، وهو الإيضاح الذى يبرر ترك الفلسطينيين يحتفلون وحدهم بعاصمة الثقافة العربية، ويجعل كل مثقف عربى يتخذ الموقف الذى يراه، بغض النظر عن موقف المؤسسات. [email protected]