كنا فى قطار الاسماعيلية وبعد أن إستقر الجميع فى كراسيهم وعبرنا شبرا بدأت حوارات الركاب. ولفت نظرى هذا الحوار. أحدهم / والله الواحد مش عارف يعيش فى البلد دى مش والله لو مسكها الإخوان المسلمين هيعدلوا حالها (وفهمت أن هذا الراكب من الشرقية ومن الزقازيق غالبا لأن نفوذ الإخوان هناك كبير). الثانى / والله مافى أحسن من أيام عبد الناصر كانت الحاجة كلها رخيصة. الثالث / أنتو عايزين الحق السادات هو اللى رافع راسنا وخلاك تقدر تقول أنا مصرى فى أى مكان، وكانت أيامه أيام حلوة، وكلنا كنا عايشين وبناكل وبنشرب مش النهاردة كلنا مخنوقين. الاول / طيب بذمتكو سمعتو عن واحد من الإخوان حرامى؟ سكت الجميع وأكمل الأول كلامه / أو سمعتوا عن واحد من الإخوان مرتشى أو فاسد؟ ولم يجب أحد واسترسل قائلا / أو واحد من الإخوان أخد قروض من البنوك وهرب بيها ومدفعش؟ ولم ينطق أحد وأكمل كلامه وقال / خلاص أدوهم الفرصة يعنى هيخربوا فيها إيه أكتر من كده، على الأقل هيحاولو يعملو أى حاجة. والثانى لم يسكت ولكنه قال / أيام عبد الناصر كانت كلها عزة وكرامة ولولا الخونة كان زمان بلدنا دى بقت أحسن بلد. والثالث دخل فى الحوار وكان رجلا كبيرا فى السن تخطى حاجز الستين تقريبا / وعبد الناصر عمل إيه بقى ده إحنا كنا بنسمع كلمة أرفع راسك ياأخى ومكناش نقدر نقول كلمتين زى اللى بنقولهم دول دلوقت واللى خلى الناس تتكلم هو السادات. فى عهد عبد الناصر إستلم البلد معليهاش تعريفة لحد بل ليها 400 مليون استرلينى على إنجلترا، وسابها مديونة ب 3 مليار دولار، وطول النهار كنا نسمع كلمة سنقاتل سنقاتل سنقاتل ونصحى من النوم على كارثة بعد كده سواء فى 56 أو 67 وبصراحة فى سنة 67 ضربنا الرقم القياسى فى عدد الشهداء فى معركة حربية ولو كانت موسوعة جينز موجودة كان كل القادة دول دخلوها. إسرائيل قتلت 15 ألف فى 6 ساعات بقى بالذمة ده كلام. والجيش المصرى كان صايع من الكونغو للنيجر لليمن علشان أوهام الزعامة والحرب مش ببلاش وكله على حساب المواطن الغلبان ومات بعد م ساب سيناء محتلة آه كان ليه حسنات لكن سيئاته غطت على كل حاجة عملها. والسادات إستلم البلد إقتصادها تحت الصفر ومطلوب منه يحارب ويأكل الشعب وفعلا حارب وأيام السادات كنت تقدر ترفع راسك فعلا مش بالكلام زى أيام عبدالناصر، وكنت تقدر تروح أى مكان فى العالم وتقول أنا مصرى وكان إقتصادنا منتعش ولولا غلطة معاهدة السلام اللى خلت العرب إتفرقوا كانت مصر بقت حاجة تانية، وإحنا شعب لم يفهم السادات. ولقيتهم نبرة صوتهم بقت أعلى وإحتدوا فى الكلام على بعض. وقمت أحوش بينهم. أنا / ياخواننا صلوا على النبى أنتوا هتتخانقوا على حكام مصر ليه؟ ياخواننا مصر كبيرة وكل اللى حكموها سواء ظلمو شعبها أو إحترموه كلهم مشيوا ومفيش حد قاعد كله ماشى. وعاد الهدوء مرة أخرى. وضحكت كثيرا فى نفسى. هذا الشعب يملك طاقات كبيرة وكثيرة وعقليات عظيمة ولكنها مهدرة. لماذا ينجح المصريون خارج مصر ويفشلون هنا. إذن الخطأ هنا. لكن حد عارف الخطأ هنا فين وفى أنهى حتة بالظبط؟؟؟