من يتابع تبعيات حكم «مدينتى» يفهم أن الحكومة فى ورطة رغم تصريحات التهدئة التى أطلقها الدكتور نظيف وهو يحاول طمأنة الحاجزين وأصحاب الأسهم أنهم لن يضاروا وأن جميع حقوقهم محفوظة.. وكلمة حق أن تدخل الرئيس مبارك لحسم هذه القضية بالشكل القانونى أراح الأعصاب المشدودة بل ساهم فى تحسين قيمة السهم فى البورصة.. وبث الطمأنينة فى قلوب الحاجزين والمساهمين. وأصبح من الواضح أن هناك قضايا مثل «مدينتى» لا يفصل فيها إلا الرئيس مبارك وحده بعد أن تورطت الحكومة فى انتزاع أرض مدينة شرم الشيخ من المستثمر اللبنانى وجيه سياج عام 1996.. وكانت النتيجة أن دخل مع الحكومة فى نزاعات لاسترداد حقوقه أمام التحكيم الدولى الذى قضى له بإلزام الحكومة المصرية بدفع 134 مليون دولار تعويضا له عن هذه الأرض.. الحكومة قبلت التسوية مع «سياج» مقابل أن تدفع له 74 مليون دولار والسماح له بعودة نشاطه الاستثمارى فى مصر.. ومن يومها وقد اهتزت صورتها أمام الرأى العام بعد أن دفعت الثمن غاليا لذلك كانت تبدى مخاوفها من لجوء المساهمين فى مدينتى إلى التحكيم الدولى وهى تخشى أن يتكرر نفس السيناريو الذى حدث مع وجيه سياج.. ولأنها تعرف نتائج التحكيم الدولى بعد الدرس الذى أخذته من سحبها أرض شرم الشيخ لذلك.. فقد ألقت بالقضية فى ملعب رئيس الدولة.. لأنها ترى أن المساهمين أو غيرهم يثقون فى شخص الرئيس ولا يثقون فى شخصها.. وهذه حقيقة لأن الحكومة فشلت فى اكتساب محبة الشارع بسبب قراراتها العشوائية ومجاملاتها على البحرى.. مع أنها بريئة من قضية أرض شرم الشيخ لأن سحب الأرض تم فى عهد حكومة عبيد وليس فى عهد نظيف.. صحيح أن السحب تم فى إطار السيادة المصرية بعد أن اكتشفت القيادة السياسية أن وزارة السياحة المصرية باعت هذه الأرض تحت مظلة التنمية السياحية لمستثمرين من بينهم إسرائيليون، كانت حجة وزير السياحة وقتها أن السياحة فى ذاك الوقت «شبة ميتة».. وقد تم تخصيص 650 ألف متر مربع على الحدود المصرية الإسرائيلية بطول 1500 متر للمستثمر وجيه سياج بواقع جنيه ونصف للمتر، على أن يدفع 20 فى المائة من قيمتها عند التسلم وباقى ثمن الأرض يدفعه خلال 10 سنوات.. يابلاش.. ما فيش أحسن من كده سعر.. وصفقة العمر هدية من الحكومة لأى مستثمر يريد أن يصبح مليارديرا من فارق السعر. .. الشىء الذى يدهشك أن حكومات مصر اعتادت بيع الأراضى وكأنها عزب بلا صاحب.. فكم من الامتيارات منحتها للأجانب والعرب على حساب المستثمرين المصريين.. وكأن المستثمر المصرى «شحات» والمستثمر العربى هو الذى يملك الصندوق، فى حين أن معظم المستثمرين العرب يستثمرون أموال المصريين ولم نسمع أن مستثمرا عربيا أتى بفلوسه من بلده إلى مصر.. ولو عدنا إلى أرض سيدى عبدالرحمن التى باعتها الشركة القابضة للسياحة والفنادق فى عهد نظيف لمستثمر عربى.. نجد أن «العبار» رئيس شركة «إعمار» لم يأت بفلوسه من الإمارات بل استثمر أموال الحاجزين من المصريين فى مشروع «مراسى» فهم يعرفون عن المصريين أن شهيتهم مفتوحة فى الحجز فى أى مشروع أجنبى.. كما يتمتع المصريون بوجود شريحة من الأثرياء «عبط» يدفعون دون أن يسألوا وكم من ملايين دفعوها مقدمات فى منتجع «مراسى» قبل أن تبدأ الأساسات فى الأرض.. ولا أعرف لماذا فضلت الحكومة شركة إعمار الإماراتية على الشركات المصرية وباعت ملايين الأمتار على ساحل البحر الأبيض لشركة أجنبية؟ صحيح أن البيع تم طبقا لقانون المزايدات ومع ذلك كان بيعا صوريا، حيث وصل سعر المتر إلى سبعين جنيها.. وهذا الرقم لا يصدقه عقل.. وكأنه كان هناك ترتيب مسبق مع الحكومة على ألا يزيد سعر المتر على هذا الرقم.. نفس الطريقة التى استخدمتها فى بيع أرض ميدان التحرير لشركة «أكور» الفرنسية.. وفضلت الأجانب على المصريين باعت هذه الأرض بسعر عشرة آلاف جنيه للمتر وعندما افتضح أمرها حولت العقد من ملكية للأرض إلى حق انتفاع. وفى ظل الصفقات التى أهدتها الحكومة للعرب والأجانب.. اضطرت أن تغمض عيونها عن صفقة «مدينتى»، وكأنها أرادت أن تعوض مجموعة طلعت التى طارت منها أرض سيدى عبدالرحمن بأرض مدينتى ويا ليتها أجرت مزادا على طريقة مزاد سيدى عبدالرحمن، وحددت السعر الذى اتفق عليه الطرفان.. وساعتها تجنبنا حكم مجلس الدولة.. الحكم كان محقا وعادلا.. لكنه كشف عن ظلم الحكومة وسوء نواياها.. لقد باعت المتر على الساحل لمستثمر عربى بسبعين جنيها ولم يصدر ضده حكم.. وباعته فى صحراء جرداء لمستثمر مصرى بسعر يفوق المائة جنيه.. وقامت الدنيا وهاجت وماجت بحكم قضائى والسبب تقاعس الحكومة فى طريقة البيع. أنا شخصيا لا أعرف لماذا تفتحت العيون على أرض مدينتى بعد أن أصبحت خضراء؟! لماذا لم تتفتح عليها وقت أن كانت صحراء جرداء؟ - على أى حال.. لو أن الحكومة نيتها تحصيل فروق عن أسعار الأرض فمن باب أولى أن تبدأ بالذين تربحوا من ارتفاع الأسعار فى الأراضى التى خصصت لهم وباعوها.. على الأقل أرض «مدينتى» لم يتم بيعها كأرض فضاء.. لكن تم تطويرها وبناؤها فأصبحت واجهة حضارية لمصر.. لكن الدور على مافيا الأراضى الذين طالبهم الرئيس مبارك فى خطابه بأن يدفعوا نسبة للحكومة من تربحهم بفارق السعر.. ويومها طنشت عنهم الحكومة وكأنهم هم «محاسيبها».. الذى يعنينى فى هذه القضية أن تعود «مدينتى» للحاجزين وللمساهمين ويأخذ كل طرف حقه.. الدولة وأصحاب المشروع.. المهم أن تنتهى لعبة القضايا حتى لا نذبح الاستثمار العقارى بلعبة التقاضى. [email protected]