إحدى صور الفساد وغياب العدالة الاجتماعية حين ترى المرضى الفقراء يتعرضون للذل والمهانة وعدم الاهتمام من قبل المسئولين فى سبيل الحصول على حقهم فى العلاج على نفقة الدولة، مئات المرضى يتكدسون كل يوم لمحاولة إستخراج القرار عن طريق تقديم عشرات الأوراق و المستندات التى يحصلون عليها بشق الأنفس، بعد أن يزوروا العديد من المصالح الحكومية و يتلاقفهم الموظفون للتأكد من أنهم مرضى بأمراض مزمنة علاجها يتكلف الكثير، والتأكد من أنهم فقراء لا يستطيعون الإنفاق على علاجهم، يأخذ المسئولون وقتهم فى البحث و التدقيق، وقد يستغرق إستخراج القرار أسابيع و شهور يضيع فيها المرضى لسوء حالاتهم وفى بعض الأحيان يموت المريض قبل صدور القرار.. فى القضية المثارة حاليا أمام القضاء و هى قضية نواب العلاج على نفقة الدولة تبين لنا أن المواطن أدرك أنه لا يمكنه الحصول على حقه إلا عن طريق الواسطة و المحسوبية، ورأى أن أضمن واسطة تسرع فى خدمته هم نواب مجلس الشعب خاصة قرب انتهاء الدورة البرلمانية، فالكل يحاول أن يحافظ على صورته أمام أبناء دائرته ويظهر بمظهر الخادم لابنائه، خاصة أن ذلك لن يكلفه شيئا سوى إمضاء من الوزير فى المجلس ثم عبور الطريق لتخليص الأوراق فى وزارة الصحة التى خصصت مكتبا وهيئة كاملة للتعامل مع أعضاء مجلس الشعب، وفى ظل هوجة القرارات رأينا نوابا فاسدين استباحوا حقوق المرضى الفقراء واستخرجوا قرارات لموظفين يتمتعون بخدمة التأمين الصحى وقرارات صدرت لعمليات تجميل و زرع شعر و إصلاح النظر، ولعل أكثر ما استفزنى واستفز أغلب المواطنين هى القرارات التى حصل عليها الوزراء أمثال الدكتور حاتم الجبلى لعلاج زوجته بالخارج، و قام مشكورا برد المبلغ مؤخرا أما الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية كيف يحق له أن ياخذ أكثر من مليونى جنيه من أموال الفقراء لكى يجرى جراحة بسيطة فى عينه، بل ويقيم 90 يوما بالخارج و يسافر عن طريق شركات أجنبية وهذا غير مسموح، والان أتسائل هل الوزراء غير قادرين على علاج أنفسهم و ذويهم حتى يطمعوا فى أموال الفقراء وهل الوزير فوق القانون حتى يقرر ويختار مكان علاجه فى أرقى أماكن فى العالم وحتى ينفق كيفما يشاء على سفره وإقامته هو وعائلته الكريمة وكأنها عزبة أبيه يأخذ منها ما يشاء، وفى النهاية يحاسب الجميع وإن كانت إدانتهم ليست مؤكدة حتى الآن و لكن الوزراء لا يمسسهم سوء، لقد أصبحنا حقا فى زمن غياب العدل وتفشى الظلم و الاستبداد، حسبى الله و نعم الوكيل.