رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    رابط وخطوات التقديم على 1450 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووي    الإدارة الأمريكية تدرس ترحيل عائلة المواطن الأفغاني المشتبه في حادث واشنطن    جيش الاحتلال يحقق في تسريب معلومات حساسة قبل عملية بيت جن بسوريا    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    الوداد يتخطى عزام يونايتد بهدف ويتصدر مجموعته بالكونفدرالية    ضمن جولته بالاقصر| وزير الرياضة يتفقد تطوير مركز شباب الاتحاد    غدا، الحكم على ابنة مبارك المزعومة في سب وقذف رجل أعمال    صور | مصرع وإصابة 3 في حادث مروري بقنا    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    مايان السيد تكشف عن موقف مؤثر لن تنساه في «ولنا في الخيال حب»    محمد هنيدي يحتفل بعقد قران ابنته فريدة (صور)    فايا يونان وعبير نعمة تضيئان مهرجان صدى الأهرامات | صور    غدا، الحكم في 187 طعنا على انتخابات النواب 2025    النحاس يسجل مستوى قياسيا مدفوعا باضطرابات التداول وشح المعروض    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    يسري جبر يروي القصة الكاملة لبراءة السيدة عائشة من حادثة الإفك    القاهرة الإخبارية: وفد أوروبي رفيع يتفقد معبر رفح ومراكز المساعدات بالعريش    القاهرة الإخبارية: عائلات سورية غادرت بلدة بيت جن بعد الهجمات الإسرائيلية    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    كيف تحولت أركان مدرسة دولية إلى مصيدة للأطفال مع ممرات بلا كاميرات    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    راموس يستعد للرحيل عن الدوري المكسيكي    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات تتفقد مخازن المساعدات اللوجستية في العريش    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    بعثة بيراميدز تساند المصري أمام زيسكو يونايتد    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    بيلاي: صرخة العدالة تتصاعد.. والعدالة الرقمية تبرز مع اتساع فجوة عدم المساواة    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    بياناتك بين يديه.. القبض على أخطر محتال للبطاقات في المنيا    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    حكايات شادية من الأرشيف فى ذكرى رحيلها.. بامية وأغانٍ ومسرح    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    سريلانكا تنشر قواتها العسكرية للمشاركة في عمليات الإغاثة في ظل ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى المنيا    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض مصر الحقيقى

كثيرا ما تعرض المجتمع المصرى لأزمات ومشكلات عانى منها الأمرين، ومع ذلك كلما كانت تضيق به الحال، وتتعاظم فى مواجهته التحديات، كان يزداد تماسكاً وصلابة حتى تجاوز الكثير من هذه المحن بسلام، وهل زال الاحتلال الإنجليزى إلا بتوحد المصريين على كراهيته وحتمية مقاومته لإجباره على الجلاء؟ وهل عبر المصريون نكسة 1967 إلى انتصار أكتوبر إلا على ثوابت كان يحرص عليها الجميع؟ وأى مجتمع مبنى على أساس قوى وأهداف لا اختلاف عليها، هو مجتمع صحيح الفطرة، مهيأ دائماً لتطوير ذاته وتحريرها وليس البحث عن عيوب الآخرين.
نعم عانى المجتمع المصرى من الفقر والقهر، لكنه كان مسلحا بالقناعة وليس الخوف، نعم غابت الحرية السياسية فى كثير من الحقب، بينما بقيت الحرية الفردية همزة وصل للجميع، أما بعد انفتاح السداح مداح عام 1975، فاختلط الحابل بالنابل، وانقلب المجتمع المصرى رأسا على عقب، لتقفز شرائح اجتماعية وتهمش شرائح وتموت شرائح وتولد شرائح وتصل للسلطة طبقة بلا جذور تملك المال ولا تملك الأخلاق، حصدت الثروة فى غفلة من الزمن، وفازت بنفوذ لم تكن تحلم به، مكنها من إدارة البلاد فى الاتجاه الذى يخدم مصالحها، بمعاونة مجموعة من المنتفعين من أولئك الذين لا شغل لهم ولا شاغل سوى الطبل والزمر لمساعدة هذه الطبقة على هضم حقوق الناس وفى الوقت نفسه إلهائهم بالعوز والحاجة والقضايا المفتعلة لصرف الأذهان عما يرتكب من فضائح وتجاوزات يندى لها الجبين، وعندما يأتى الفساد من أعلى فسيجرف فى طريقه كل الثوابت والقيم والفضائل، وسيزيل جدران الأمن وسيجعل من التسيب منهجا يفرض نفسه على كل شىء.
فالتسيب فى مواجهة مشكلة حوادث الطرق أدى لتفاقمها وزيادة مخاطرها عاما بعد عام، حتى سقطت نتيجة هذه الحوادث أعداد كبيرة من الضحايا يفوق عددهم شهداء ومصابى الحروب التى خاضتها مصر ضد إسرائيل منذ عام 1948 حتى حرب أكتوبر عام 1973، وما يؤكد تفاقم الظاهرة ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مؤخرا عن ارتفاع إجمالى حوادث السيارات إلى 22793 حادثة عام 2009 بنسبة تزيد 8.9٪ عما كانت عليه عام 2008، وكذلك زيادة عدد حوادث القطارات لتصل إلى 1575 حادثة فى عام 2009 بزيادة قدرها 22٪ على ما كانت عليه فى 2008، وقس على ذلك ارتفاع نسبة الحوادث على الطرق السريعة وبسبب المقطورات أو الأخطاء الميكانيكية أو الأخطاء الشخصية، لتتربع مصر بذلك على قمة الدول الأكثر عرضة لمخاطر الطريق.
- التسيب هو الذى سمح بتهميش القانون لصالح الحزب الوطنى، وتحويل صلاة عيد الفطر المبارك إلى لافتات انتخابية وسباق للعيديات بين الوطنى والإخوان، وحول الرشاوى الانتخابية رغم مخالفتها للقانون لتجاوزات ممكنة، وبالتالى ليس من حق أحد أن يستغرب قيام الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، بتوزيع 250 ألف جنيه فى صورة عيديات على أهل منطقة السيدة زينب، ثم قيام داكر عبدالله منسق حملة تأييد جمال مبارك، بتفريق 50 ألف جنيه على فقراء حى الجمالية.
- التسيب هو الذى مكّن بعض رجال الأعمال من الفوز بأراضى الدولة والتربح من ورائها بمليارات الجنيهات، ولا أظن أن الحكم الأخير ببطلان عقد مدينتى سوى خطوة تستحق كل الاحترام والتقدير فى سبيل تصحيح الأوضاع المقلوبة واستعادة الحقوق المنهوبة.
- التسيب هو الذى جعل حكومة الدكتور نظيف تستصلح 12 ألف فدان فقط من مليون فدان كان مقرراً استصلاحها فى الفترة الأخيرة.
- التسيب هو الذى تسبب فى سرقة لوحة زهرة الخشخاش من متحف محمد محمود خليل بالقاهرة لعدم اكتراث بعض الموظفين لما لهذه الآثار من قيمة، وإلا بماذا نفسر تقاعس هؤلاء فى الإبلاغ عن تعطل أجهزة الإنذار داخل المتحف وعمل 7 كاميرات فقط للمراقبة من أصل 43 كاميرا، وإلا بماذا نفسر العدد غير الكافى من أفراد الحراسة الذين بدا وجودهم قبل الحادث مجرد وجود شكلى؟
- التسيب هو الذى ضمن أن تكون تنمية الموارد من جيب المواطن فقط، الأمر الذى حفز مدير حديقة الحيوان إلى أن يسعى منذ أيام لرفع قيمة التذكرة من جنيه إلى 5 جنيهات دفعة واحدة، علما بأن هذه الحديقة من أهم المتنزهات التى يستطيع المواطن محدود الدخل التردد عليها هو وأفراد عائلته.
- التسيب هو الذى حوّل الملاهى والأندية والحدائق العامة فى أيام عيد الفطر الثلاثة إلى بؤر متنوعة لممارسة التحرش الجنسى من خلال مجموعة منحلة من الشباب صغير السن، ممن نسى أن للدولة هيبة وأن بنات الناس لسن مستباحات بل حرام على كل من تسول له نفسه إيذاؤهن أو المساس بهن.
- التسيب هو الفساد الذى لابد من بتره، بعد أن طمى السيل حتى غاصت الركب، هو العدو الأول للقانون والنظام والإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى، والخطر الواجب اجتثاثه من جذوره كى نلحق بقطار المدنية والحضارة، هو الدليل على أننا نخالف سنة الحياة ونتقدم للخلف، ونتفنن فى تدمير ما تبقى لنا من موارد للأجيال القادمة.
إن ظاهرة التسيب صناعة برع فيها الكبار، لكننا جميعاً فتحنا لها قلوبنا وعقولنا وبيوتنا وشوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا ومتاحفنا ودور عبادتنا وسمحنا لها أن تتوازى فى حضورها الطاغى من التطرف والهوس الدينى، بينما تتقاطع مع كل ما نتطلع إليه ونحلم به، وحولناها إلى مرض عضال سيقضى علينا إن لم نقض عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.