اقتسمت عالمة الكيمياء الإسرائيلية آدا يوناث جائزة نوبل هذا العام مع الأمريكان، وهى مازالت تنتمى إلى وتعمل فى معهد وايزمان، كما كسبها منذ خمس سنوات فقط عالمان إسرائيليان وفى الكيمياء أيضاً، وهما ينتميان إلى ويعملان فى معهد التخنيون بحيفا!.. الأهم من أسماء العلماء وألقابهم هو أسماء المعاهد العلمية والمراكز البحثية التى ينتمى إليها هؤلاء والتى صنعت منهم نجوماً عباقرة جعلوا من وطنهم ثالث أهم بلد فى الكيمياء على مستوى العالم، كنت أتمنى أن يرفق اسم د. أحمد زويل فى قائمة نوبل بكلية علوم الإسكندرية مثل هؤلاء الإسرائيليين، لكن للأسف تخرج فيها زويل فقط، أما معمله فقد كان هناك فى أمريكا وهذا هو الأهم، أما الأكثر أهمية فقد كان بقاءه فى معهد وايزمان لمدة عام كامل، لأن قامة هذا المعهد العلمية هى الوحيدة فى المنطقة التى تساوى قامة جامعته الأمريكية ومعمله الأمريكى. لابد أن نحكى عن هذه المعاهد البحثية الإسرائيلية لعلنا نتعلم كيف يصنع التقدم.. ففى الوقت الذى نتحدث فيه عن كيفية جمع القمامة من شوارعنا، إذا بعالمة كيمياء من فقراء طائفة السفارديم اليهودية تقتحم الصفوف وتكسب نوبل وتساعد البشرية على ابتكار مضادات حيوية جديدة بفضل أبحاثها على ريبوسومات الخلية وهى التى تترجم معلومات نواة الخلية وحمضها النووى إلى حياة وبروتين، تعمل فى معهد وايزمان الذى يحمل اسم أول رئيس لدولة إسرائيل، هذه الدولة التى تدين للكيمياء بوجودها، فوعد بلفور الذى حصل عليه يهود إسرائيل كان نتيجة مساومة من حاييم وايزمان الذى حضر الجلسرين بالتخمير من السكر واستخدمه فى صناعة المفرقعات، واحتاجت إنجلترا فى الحرب العالمية لهذا السر العلمى، فكان المقابل إسرائيل، وهكذا كانت تحضيرات الكيمياء، إلى جانب ألاعيب السياسة، مخاض ولادة إسرائيل. يزور معهد وايزمان كل عام أكثر من مائة ألف عالم باعتباره من أهم المعاهد العلمية فى العالم، وإنجازات هذا المعهد الذى أنشئ عام 1934، فى الفيزياء والكيمياء والطب والكمبيوتر، لا تنتهى، من علاج اللوكيميا حتى الكمبيوتر متناهى الصغر، مروراً بالعدسات وطرق استخراج اليورانيوم والهاى تك وأبحاث السرطان والطاقة النووية والنظائر المشعة.. إلخ، وتبلغ ميزانيته مليارى دولار. أما معهد التخنيون المستمد من كلمة تقنية، فقد أنشئ عام 1924 أى قبل إعلان الدولة بربع قرن تقريباً، وكان ألبرت أينشتين أول رئيس لمجلس أمنائه والذى قال وقتها «إن إسرائيل تستطيع أن تكسب معركة البقاء فقط إن نجحت فى تكوين معارف عميقة فى التقنية»، وبالفعل ظل هذا الشعار عنوان نجاح إسرائيل وتفوقها العلمى.. بهذا المعهد الذى يضم مكتبة علمية من أضخم المكتبات فى العالم أصبحت إسرائيل الأولى على العالم فى مجال علوم الكمبيوتر، كانت ميزانية التخنيون قبل حرب أكتوبر 20 مليون دولار وأصبحت الآن ثلاثة مليارات دولار!، أما ما تنفقه إسرائيل على البحث العلمى فقط فى هذا المعهد وغيره، فيبلغ حوالى 5% من الناتج القومى الإجمالى، وتنفق من ناتجها المحلى الإجمالى لأغراض البحث نسبة مئوية تعادل 17 ضعفاً للعالم العربى حيث تخصص إسرائيل 37% من ميزانيتها للمشاريع العلمية، وتبلغ حصة القطاع الخاص فى تمويل البحث العلمى 52%. هل عرفتم دام فضلكم لماذا تقدمت إسرائيل؟!