صرخاتها العالية «ابنى بيموت ودرجة حرارته عالية.. حد يطمنى عليه يا ناس» جعلت الأطباء ينتبهون لوجودها ليحاولوا تهدئتها بوعدها بالكشف على ابنها جودة السيد «9 سنوات» تلميذ بالصف الرابع الابتدائى، فبعد أن استمرت جالسة على المقعد الخشبى الموجود فى طرقة الاستقبال لأكثر من ساعتين تنتظر فيهما الكشف لم يأت أحد لسيأل عنها، نوسة العزبى والدة جودة، قالت: للمرة الثالثة وأنا آتى إلى مستشفى حميات بنها وكل مرة تسوء عن الأخرى فدائماً ما ينهرونا الأطباء، وفى هذه المرة جلست لأكثر من ساعتين لأنتظر الطبيبة تترك حجرة الكشف الكبيرة التى يجلس فيها الإخصائى مع باقى الأطباء، وتركوا المرضى ينازعون دون أن يسأل عنا أحد. فى هذا الممر سيدة أخرى أخذت تنادى على طفل ثم الآخر ثم تجمع حولها الأهالى مصطحبين أطفالهم، يلتفون حول الحكيمة التى وضعت ميزان الأطفال على الأرض لتزن طفلاً تلو الآخر وتدون وزنه خلف تذكرة الكشف. هذه الحكيمة أخذت ترشد المواطنين بأن هناك لجنة من وزارة التربية والتعليم جاءت خصيصاً للاطمئنان على أطفالهم قبل بدء العام الدراسى. أما محمد يونس، طالب فى كلية الحقوق، أحد المرضى الوافدين على المستشفى، فقال: هذه هى المرة الثانية التى أحضر فيها إلى المستشفى للكشف فى أقل من أسبوع، فبالرغم من جودة الأدوية التى تصرف فى المستشفى إلا أنها لا تكفى سوى ليومين فقط بحجة أن الأدوية ليست متوفرة بشكل كبير. هناك أيضاً جلس السيد سلامة «42 عاماً» والذى جاء إلى المستشفى للكشف على ابنيه محمد «6 سنوات» وآية «8 سنوات»، اللذين أصيبا بسخونية وترجيع مفاجئ، وقال السيد: كلما طلبنا مقابلة الإخصائى ينهرنا بقوله: «إن شاالله ماعنهم اتعالجوا» ويطلب منا الذهاب إلى الطبيبة الامتياز التى أحضرتها إدارة المستشفى لتتدرب فى أرواح أطفالنا. وأضاف السيد: أصبحنا نعيش فى بلد مليئ بالأوبئة فنحن فى القليوبية مهددون بالإصابة ب3 فيروسات خطيرة هى أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير وحمى التيفود من جراء استخدامنا مياه الشرب، وبالرغم من ذلك إلا أن معظم مستشفيات حميات القليوبية غير مؤهلة لعلاج هذه الأمراض الخطيرة، المستشفى يتكون من 4 عنابر إحداها للسيدات والآخر للرجال والثالث للأطفال والأخير هو قسم الحالات الخطرة التى يضع فيه المستشفى الحالات الخطرة. هنا وفى عنبر الأطفال جلست رشا بهيج والدة الطفلة يمنى عماد الدين «3 سنوات»، رشا حرصت على أن تحتضن طفلتها حتى لا يسرقها أحد، رشا قالت: منذ يومين تعرضت إحدانا والتى تدعى أم ضياء إلى حادث سرقة أثناء غيابها عن العنبر، حيث جاء أحد المسجلين خطر وتسلل إلى عنبر الأطفال بالطابق الثانى وأخذ يسألنا عن سرير طفلها منتحلاً شخصية أحد أقاربها وبعد أن أشرنا إليه على سريرها أخذ يفتش فى الأكياس التى تركتها ثم أخذ أحدها وترك لها كيساً به «جوافة»، وعندما عادت اكتشفت أنه سرق كيس نقودها وبه جميع أوراقها وتليفونها المحمول. حالة من الخوف والذعر سيطرت بعدها على جميع الأمهات واللاتى خفف على أبنائهن من السرقة أثناء نومهن أو انشغالهن بأى شىء آخر، معللات ذلك بأن عدم وجود أمن كاف بالمستشفى سيؤدى إلى وقوع العديد من الجرائم دون أن يشعر أحد. أما منى إمام، إحدى الأمهات، فكانت تطالب بالخروج من المستشفى بأقصى سرعة حتى تنجوا بطفلها أحمد «4 سنوات» لتكمل علاجه خارج المستشفى، منى قالت: الأطفال معرض للإصابة والعدوى داخل المستشفى خاصة أن فى كل حجرة 6 أسرة ينام عليها 6 أطفال و6 أمهات أى أن الحجرة التى لا تتجاوز مساحتها ال5 أمتار تضم 12 فرداً يعانون أمراض حمى مختلفة، هذا بخلاف الفيروسات المعدية المنتشرة هذه الأيام بالقليوبية. ولربما أشادت آمال مصطفى، إحدى المحتجزات بقسم السيدات، بنظافة الغرف وجودة الدواء الذى يصرف لهم، لكنها تشكو عدم تغيير الملاءات حتى ولو اتسخت، لذلك قررت أن تحضر معها ملاءة وكوفرتة خوفاً من أن تصاب بسبب الفرش المتسخ. «الأمراض كتير وكل يوم بيجى حالات اكتر مصابة بارتفاع درجة الحرارة.. بالرغم من أن المستشفى صغير والمرضى ينامون فوق بعضهم مثل علبة السردين»، بهذه الكلمات وصفت رضا أمين، والدة الطفل يوسف محمد محمود، حال المستشفى هذه الأيام، وقالت: بالرغم من أن الأطباء والممرضين دائماً ما يعقمون أياديهم بالمطهرات إلا أن الأدوات والتعامل الكثير مع المرضى لربما ينقل لنا العدوى وبدلاً من أن نأتى للعلاج من مرض نخرج من المستشفى بمرض مزمن أو فيروس قاتل.