أحيانا تتحول الكتابة إلى «انتحار مجانى»، يفهمه الكاتب وحده، فيجمع الألغام حول خصره ويفجر نفسه، ربما يصبح لموته معنى!.. لكن التوقيت ليس ملكا للكاتب، هناك كتائب تدفعه لتلك النهاية الموجعة: ( نجوم الحسبة الدينية والسياسية، أباطرة الفساد والاستبداد، مناخ يسلبك حقوق المواطنة، دولة تبيعك بالبخس ل«القراصنة الجدد»، عصابات سطو مسلح على حصانتك الدستورية والقانونية، قوات لمكافحة شغب البطون الجائعة، وطن يضن عليك ب«قبر» لا يتجاوز المتر)!.. حين تكتب نهايتك، ستظهر «عمامة» ترميك ب«الكفر»، ومشروع قانون يحظر الصلاة عليك، و«سلطة ما» تسقط جنسيتك فورا، وعساكر تشنق أمك بثوب الحداد!، ستتوقف الحياة، ليتحلق البشر حول «فضائيات» تجعلك «أسطورة»، وفضائيات تعتبر موتك القصاص العادل، لإفسادك فى الأرض، ويشتعل الوطن بحرائق «الفتاوى»، ودموع «تماسيح الحسبة» التى تتضرع إلى الله، لتتطهر الأرض من أمثالك، ولو بتطبيق «حد الرِدّة» على جثتك لموتك كافرا(!!).. توكل على الله، لن يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، قل بملء فمك: (لا إكراه فى الدين)، إنه دستور الإسلام الذى يطبق على «البوذى» قبل «البهائى». فكيف تأتون بقانون يخالف جوهر الإسلام، كيف يفتح مجلس الشعب «الموقر» قاعاته لخطب رنانة، تطالب بقانون عاجل يجرم الفكر البهائى ويحاكم المروجين له؟! البهائية هى (الخطر الداهم على الأمن القومى المصرى)، وأخطر من المتطرفين والإرهابيين، لأنها من صنع الصهيونية، ولأنها تلغى فريضة «الجهاد»! تلك العبارات لها «حصانة» الدكتور «أحمد عمر هاشم»، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب، وهى عبارات تجسد موقف الدولة التى قررت اللعب داخل حلبة «الإخوان»، والمزايدة عليهم. حتى لو عصفت بالسلم الاجتماعى، أو حولت الدستور إلى «مناديل ورقية» رخيصة!.. المهم ألا يكسب الشيخ «يوسف البدرى» ومن حوله هذه الجولة، فلن يكون «البدرى» أكثر غيرة على الإسلام من الدولة، ليقدم بلاغا إلى النائب العام، يتهم فيه البهائيين بإقامة وممارسة شعائر دينية محظور ممارستها علنا.. الدولة (بهيبتها ومؤسساتها) نسيت أنها اختصت النيابة العامة بتحريك «دعاوى الحسبة»، وأنها «دولة مدنية» يفترض ألا تخشى «المارد الشيعى»، أو تسقط فى قبضة «الإسلام السياسى»، لكنها سقطت سقوطا مدويا، فأصبح بعض نواب الشعب مثل «ملالى إيران» يحكمون «من الباطن»، ويفرضون أحكامهم المتطرفة، فيما تختبئ الدولة فى خندق الأمن.. «اعدموا البهائيين»، حتى لا تتكرر فتنة قرية «الشورانية»، انفوهم من الوطن، أو أقيموا عليهم حد الحرابة .. علكم تطوقون نفوذ «الجماعة المحظورة» وتسحبون البساط من تحت أقدامهم! لقد راهنت الدولة بكل ثقلها على الجواد الخاسر، ربما لأنها شوهت الدستور، وزوّرت الانتخابات، وأقصت القوى الوطنية.. خسرت حتى جماهير الكرة فلم يتبق لها إلا أتباع ( جماعة – المستقبل).. أمريكا بجلالة قدرها تتحاور مع «الجماعة»، فلماذا يتحرج النظام من عقد صفقة مربحة معها؟! المواطن الذى رفع دعوى قضائية، تطالب بإلزام وزير الداخلية، بسحب الجنسية المصرية من كل بهائى يطالب بوضع علامة «شرطة» بخانة الديانة. هو «مواطن سوبر»، يبرر انتهاك حرية العقيدة، ويضع إصبعه فى عين «الغرب الكافر» الذى لا يعلم أننا جميعا من أتباع «بن لادن» ومريديه، والدليل أن كتلة الإخوان فى البرلمان، تدرس إمكانية التقدم بتشريع جديد لمواجهة «الردة»، رغم أنها قضية خلافية فى الإسلام!، نحن لا نقبل «الكفرة» بيننا، تاريخنا يشهد بأننا أحرقنا كتب الفاسق «ابن رشد» ليحيا «الخليفة».. فى مواجهة تخاذل الدولة، وقراصنة الحريات، أقولها وحدى: (من حق «البهائى» أن يمارس شعائره على الملأ، وأن تحميه الدولة)، ولينفجر اللغم. [email protected]