شيع أمس الأول فى البقيع بالمدينة المنورة جثمان الملكة فاطمة، زوجة الملك إدريس السنوسى، أول وآخر ملك فى ليبيا، وابنة قائد المقاومة فى شرق ليبيا أحمد الشريف السنوسى، قبل أن يتنازل لابن عمه الملك إدريس. وكانت الملكة فاطمة، البالغة من العمر 99 عاما، قد توفيت يوم السبت فى أحد مستشفيات القاهرة، بعد أن عانت من إغماءة تنتابها من حين إلى آخر، و قد أوصت بدفنها فى البقيع حيث دفن زوجها عام 1984. وغاب عن الجنازة أى تمثيل رسمى ليبى، وإن كان المهندس سيف الإسلام، النجل الثانى للزعيم الليبى العقيد معمر القذافى، رئيس »مؤسسة القذافى للتنمية« قام بخطوة تتعارض مع الموقف الرسمى للدولة الليبية، بتقديم واجب العزاء فى الملكة الراحلة، فيما اعتبره كثيرون خطوة رمزية لرد الاعتبار للملكة التى أمضت السنوات الأربعين الأخيرة من حياتها فى منفاها الاختيارى فى مصر. واعتبر مراقبون دبلوماسيون للأوضاع داخل الجماهيرية الليبية، خطوة سيف الاسلام تقدما جديدا فى الاتجاه الصحيح، وقطعا للطريق على أى مزايدات وتعزيزا لشعبيته وتقوية لتياره داخل الشارع الليبى. وقال نجل القذافى، الذى سبق له أن أسهم فى تمكين الملكة فاطمة، فى العام 2007، من استرداد منزلها فى العاصمة الليبية، إنه تلقى »ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة المغفور لها بإذن الله جلالة الملكة فاطمة ابنة المجاهد أحمد الشريف، وزوجة إدريس السنوسى«. يذكر أن السفير البريطانى لدى ليبيا يقيم فى منزل الملكة، الذى يتربع على 7 آلاف متر مربع فى العاصمة طرابلس. وهذه هى المرة الأولى التى يشار فيها فى ليبيا إلى الملكة الراحلة بلقبها الملكى، كما أن نجل القذافى، هو أول فرد فى عائلة الزعيم الليبى يقدم التعازى فى رحيل الملكة. وأضاف نجل القذافى فى بيان صدر عنه: »إننا إذ نذكر بالسيرة العطرة لجلالة المغفور لها، وبسيرة والدها المجاهد أحمد الشريف، الذى أفنى حياته دفاعا عن دينه وعن ليبيا وشعبها، ندعو الله العلى القدير أن يتقبلها بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته«. ومضى نجل القذافى أبعد من هذا، وأوفد مبعوثا شخصيا عنه إلى مدينة بنغازى الليبية لتقديم واجب العزاء إلى أسرة الملكة، كما خصص لجميع أفراد أسرتها المقيمين فى ليبيا طائرة لنقلهم إلى السعودية للمشاركة فى تشييع جنازتها. وعبر صحيفة »قورينا« المحسوبة على تيار الغد الذى يتزعمه سيف الإسلام القذافى، بعث نجل قائد الثورة الليبية بصفته رئيسا لمؤسسة القذافى للتنمية، تعازيه إلى العائلة السنوسية فى بنغازى فى وفاة ملكة ليبيا السابقة . وخصصت الصحيفة نفسها فى عددها الصادر يوم الأحد الماضى الصفحة الخامسة بأكملها لاستطلاع مصور، ظهرت فيه أكثر من صورة للملكة الراحلة، وهو استطلاع قام به أحد صحفييها من داخل عزاء الملكة فى منطقة الحدائق فى بنغازى استُُطلعت فيه آراء أفراد من العائلة. وجاء موقف الصحيفة المقربة من سيف الإسلام، مختلفا عن وسائل الإعلام الليبية الرسمية التى اكتفت من جهتها بنشر نعى مقتضب، وذكر نبأ وفاة الملكة الراحلة على أنها ابنة المجاهد أحمد الشريف من دون أن تشير إلى وضعها الملكى. واكتفى التليفزيون الرسمى الليبى أيضا بقنواته الأرضية والفضائية ببث الخبر نفسه فى شريط الأخبار أسفل الشاشة. ورغم أن الملكة فاطمة لم تكن معروفة لكثيرين فى العالم العربى، فإن الإعلان عن رحيلها يحمل الكثير من الدلالات بالنسبة للشعب الليبى، فبوفاتها فإن صفحة الملكية فى البلاد تكون طويت للأبد. هذا بالإضافة إلى أنها كانت تشكل فى رأى مراقبين عبئا على نظام القذافى لأنها كانت تذكره بالعهد الملكى كما أن وجودها على قيد الحياة كان يخلق مقارنة فى أذهان الليبيين بين العهد الملكى وعهد »الجماهيرية« الذى أعلنت عنه ليبيا فى مارس 1977.