«المشاط»: 1.158 تريليون جنيه سقف الاستثمارات العامة للعام المالي المقبل    زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شمال سومطرة في إندونيسيا    لم يستسلم بعد.. الهلال يقسو على العروبة في الدوري السعودي    مصرع عامل غرقا في ترعة الجيزاوي بالعياط    أتالانتا ضد روما.. التشكيل الرسمي لقمة الدوري الإيطالي    المركز الثقافي الأرثوذكسي يكرم د. شوقي علام ويشيد بدوره التنويري    من الإعارة إلى التألق.. إيريك جارسيا "ورقة رابحة" في يد فليك    ترامب يدافع عن الطائرة هدية قطر: لست غبيا لأرفضها.. وقدمنا لهم الكثير من مساعدات الأمن والسلامة    خناقة بالشوم وألفاظ خارجة داخل مسجد بالسلام.. ومصدر يكشف مصير المتهمين    وزير السياحة: مصر ماضية بخطى ثابتة لاستعادة آثارها المهربة بطرق غير شرعية    أستاذ علوم سياسية: إنهاء صفقة عيدان ألكسندر خطوة مهمة فى دعم القضية الفلسطينية    تطور جديد فى خلاف أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي    «بيئة العمل تحتاجهم».. 4 أبراج تترك أثرًا إيجابيًا لا يُنسى في أماكنهم    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أمينة الفتوى: الزغاريد عند الخروج للحج ليست حراماً لكن الأولى الالتزام بالأدب النبوي    المؤبد لقاتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية بعد تنازل الأب عن الحق المدني    «كان مغير اسمه».. القبض على متهم جديد في جريمة شقة محرم بك بالإسكندرية    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    قطرة شيطان.. قتل خالته وسهر بجوار جثتها مخمورًا حتى طلوع الفجر (كواليس جريمة بشعة)    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الإثنين 12 مايو 2025    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    بعد إعلانه رسميًا.. جدول امتحانات الصف الخامس الابتدائي بأسوان (تفاصيل)    بعد مباراة الليلة.. ماذا ينتظر مصر وغانا فى أمم أفريقيا للشباب ؟    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    تقييم صلاح أمام أرسنال من الصحف الإنجليزية    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضى توريث الحكم
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 10 - 2009

رغم قناعتى الشخصية بأن أكثر من يعربون عن رفضهم لفكرة توريث الحكم صادقون فيما يقولون، فإننى أرى أنهم يروجون للفكرة من حيث لا يدرون. فكثرة الكلام عن أن جمال مبارك هو الرئيس القادم لمصر، وأن الترتيبات تجرى على قدم وساق من أجل الوصول إلى هذا الهدف، تؤدى إلى ترسيخ الفكرة لدى الناس.
ولو أن واحداً ممن أفاضوا فى الكتابة حول هذا الموضوع سأل أى مواطن يسير فى الشارع: من هو الشخص الذى يمكن أن يحكم مصر فى حالة انسحاب الرئيس مبارك لسبب أو لآخر من حكم البلاد- لا سمح الله؟ فسوف تكون الإجابة: «جمال مبارك». فكثرة الكلام عن موضوع غير مقبول يمكن أن يحوله إلى أمر واقع غير قابل للمعارضة فى لحظة ما. وقد كان ماركس يقول إن التراكم الكمى لأى ظاهرة يمكن أن يؤدى إلى تحول كيفى فى مسارها فى لحظة من اللحظات.
فكل من يكتبون مؤيدين أو رافضين للتوريث هم فى النهاية مروجون ومسوقون له، وإن اختلفت طريقة كل طرف فى الترويج والتسويق. والحقيقة الوحيدة الواضحة فى هذا الاتجاه تتمثل فى موقف عائلة مبارك من الأمر، إذ أظن- وليس كل الظن إثماً- أن أعضاءها يرفضون فكرة التوريث بالسيناريو الذى يصفه البعض الآن، والذى يشير إلى أن «جمال» يسعى إلى التعجيل بانتخابات الرئاسة لكى ينالها فى ظل وجود الرئيس، الذى يرى البعض- خصوصاً من داخل الحزب الوطنى- أنه يجب أن يعطى الفرصة لابنه ليواصل مسيرة العائلة فى حكم مصر. فلست أتصور أن يكون الأمر سهلاً على الرئيس الذى يثبت للشعب من خلال نشاطه المكثف الذى شهدته الشهور القليلة الماضية أنه مازال قادراً على العطاء.
الكل يسوق لفكرة التوريث، بمن فيهم من قد يُظهر رفضه له، حتى الولايات المتحدة الأمريكية التى أصبحت الآن ترفع شعار عدم التدخل فى انتقال السلطة فى مصر بسبب المخاوف الكبيرة فيما يتعلق باستقرار النظام، فهى الأخرى تروج للتوريث لأنها تعلم أن الساحة، فى حالة عدم استمرار الرئيس مبارك، سوف تكون خالية، وأنها لو تُركت كذلك فقد يؤدى هذا الأمر إلى زعزعة الأمور فى مصر،
وبالتالى فإن استقرار الأوضاع وقتها يتطلب التسليم بفكرة توريث السلطة من خلال مسلسل الانتخابات. ويشارك الكثير من البسطاء الإدارة الأمريكية فى هذا الرأى!، إذ يرون أن وجود جمال مبارك سيكون ضمانة لاستقرار الأوضاع، حيث لا يوجد بديل له، بالإضافة إلى الخوف من حدوث فوضى فى البلاد قد لا تنذر بخير.
فالناس «غلابة» تخاف المجهول وتخشى المفاجآت، لكن الأمر يختلف بالنسبة للأمريكان، فهم يتحركون دائماً فى «المعلوم»، وهم يعلمون جيداً أن الأمور لو سارت فى الاتجاه المخطط له، وتولى السيد جمال مبارك الحكم، فسوف يؤدى ذلك إلى خلق فوضى حقيقية بالبلاد.
ولست أقصد بالفوضى هنا ما يمكن أن يتصوره البعض من نشوب حروب شوارع ما بين المصريين، أو وجود صراعات فوقية أو تحتية على السلطة بعد استفراد مبارك «الابن» بها، فنحن أبعد ما نكون عن ذلك، إذ إن لدينا شعبا ساكناً لا يبحث إلا عن الطعام والشراب حتى ولو كان فى مقالب الزبالة، وقد عوّدته حكومته على أن تكون «الزبالة» جزءاً من حياته!، ولدينا قوى سياسية ضعيفة تتحدث، شأنها شأن الناس العاديين، عن التغيير وتحلم به، ولكن بشرط واحد ألا تكون هى الطرف الفاعل فيه، وأن تكتفى مثلها مثل الناس بالمشاركة فيه عبر مشاهدة الأحداث المتصلة به على شاشات التليفزيون، كما ذكرت فى مقال سابق.
الفوضى لن تأتى فى تلك الصورة التقليدية، لكنها سوف ترتبط بطبيعة الظرف الذى سوف يحكم فيه جمال مبارك من ناحية، وطبيعة الشخص من ناحية أخرى. فأما أبعاد الظرف فهى لا تخفى على أحد فالدولة تكاد تشبه البيت الخرب: مشاكل بطالة، وعجز من جانب الحكومة عن سد احتياجات المواطن، وفساد ينخر فى عظام الكثير من المؤسسات، وتعليم يشتكى من العديد من الأمراض المزمنة والمستعصية، وتآكل فى ثروات البلاد بفعل عمليات السلب والنهب المنظم التى يمارسها البعض تحت سمع وبصر الحكومة، وعجز عن توفير رعاية صحية حقيقية للمواطن، وغياب للممارسة الديمقراطية، وإهدار لحقوق الإنسان..
 هذه التركة الثقيلة كفيلة بأن تخلق حالة من الفوضى لأى حاكم يرثها، وللبعض أن يسأل إذا كانت هذه الأوضاع راسخة قبل مجىء «جمال مبارك» إلى الحكم، فلماذا لم تهدد استقرار البلد؟ وتنقلنا الإجابة عن هذا السؤال إلى الحديث عن طبيعة الشخص.
فالرئيس مبارك رجل دولة محنك، تراكمت خبراته عبر سنين طويلة، وتشهد تجربته فى الحكم على أنه يتمتع بقدر كبير من الثبات الانفعالى والهدوء فى مواجهة المواقف المعقدة والخروج منها بأقل الخسائر. وأتصور أن الخبرة المتراكمة لدى مبارك «الأب» تعد عنصراً غير مكتمل لدى مبارك «الابن»، ولأنه جديد فسوف يكون مطالباً منذ اللحظة الأولى بتقديم جديد، ولأنه شاب فسوف يواجَه بقدر أقل من الحيطة والحذر اللذين كان يتم التعامل بهما مع الرئيس مبارك عند طلب الحاجات، بحكم ما للرئيس من هيبة راكمتها سنوات حكمه الطويل، بالإضافة إلى انتمائه إلى المؤسسة العسكرية، ناهيك عن كونه رجل حرب من الطراز الرفيع.
 فالوضع مختلف بالنسبة لجمال الذى لن يكون أمامه سوى أن يقدم العديد من التنازلات لكى يقلل من حالة الغضب والاحتقان التى سوف تصاحب الفترة الأولى من حكمه، والتى يتكامل فيها تأثير الخراب الذى تعيشه البلاد مع تأثير الإحساس بأن مصر تحولت إلى جمهورية وراثية!.
 هذه التنازلات لو اقتربت من مناطق محددة، وتجاوزت حدوداً معينة من أجل تثبيت بعض الأوضاع المهزوزة والحفاظ على كرسى الحكم، فستكون هى البوابة الحقيقية للفوضى فى مصر، ويومها سوف تنتقل قضية الحكم فى هذا البلد من أروقة القصور والمبانى الفخمة إلى الشارع ليتحقق الحلم الأمريكى، ومن قبله الحلم الإسرائيلى!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.