رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة النيابة الإدارية | صور    بعد مضاعفتها.. جامعة القاهرة تستكمل صرف مكافآت النشر الدولي من 2020 حتى 2023    شعبة الذهب تسعى لزيادة عدد الشركات المصرية الحاصلة على شهادة RJC    إطلاق أول دبلوم للمعلمين في أنشطة التعلم الياباني «توكاتسو».. الشروط ورابط التقديم    بوتين داخل "وحش" ترامب لأول مرة في ألاسكا.. ما القصة؟    بضمانات صينية.. تفاصيل عرض بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا    ماذا قدم عمر مرموش مع مانشستر سيتي أمام وولفرهامبتون؟    "لون تيشرت حارس المقاولون أيه؟".. تعليق ناري من شوبير على تعادل الزمالك    مباحث الآداب تضبط أجنبية تدير شقتها للأعمال المنافية بالتجمع    طقس الساعات المقبلة.. الأرصاد: سحب منخفضة تحجب أشعة الشمس    ادعوله.. أحمد حلمي ينعى مدير التصوير تيمور تيمور    خيار موسكو المفضل.. روسيا تأمل فوز المرشح المصري برئاسة اليونسكو    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية ومواد غذائية لعدد من الحالات الإنسانية    أحمد شوبير عن خطأ مصطفى حارس الأهلى أمام فاركو: أعظم الحراس يخطئون    مصر تحصد ذهبية تتابع المختلط فى ختام بطولة العالم لشباب الخماسي الحديث    96 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالى بقنا    انطلاق قافلة زاد العزة ال16 إلى غزة بحمولة 2400 طن مساعدات غذائية وطبية    تجنبا للمساءلة القانونية.. اعرف شروط تركيب عدادات المياه    الصحة في غزة تسجل وفاة 7 حالات نتيجة المجاعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح: علاقتي ب فان دايك استثنائية.. ولحظة التتويج بالدوري لا تُنسى    رقص وتفاعل مع الجمهور.. مايا دياب تشارك متابعيها كواليس حفلتها الأخيرة    بحضور شقيقه ومصطفى كامل.. أحمد سعد يتألق بحفله الثاني في مهرجان "ليالي مراسي"    الساعة السكانية تسجل 108 ملايين نسمة.. والإحصاء يكشف تباطؤ وتيرة الزيادة    بوليفيا تجري انتخابات عامة والتضخم يتصدر المشهد السياسي    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    معهد بحوث صحة الحيوان يطلق برنامجا تدريبيا لطلاب طب بيطري جامعة الملك سلمان    مساعد وزير الصحة للمشروعات القومية يتفقد المنشآت الطبية بمحافظة الإسكندرية    موعد آخر فرصة لتقليل الاغتراب والتحويلات بتنسيق المرحلتين الأولى والثانية    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    السيطرة على حريق محول كهرباء بالبدرشين    تحويلات مرورية بشارع 26 يوليو بالجيزة بسبب أعمال المونوريل    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 11 مليون جنيه    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    قمة إنجليزية.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    الأنبا مقار يترأس القداس الإلهي بكنيسة البابا أثناسيوس بالعاشر    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البوري ب130 جنيه    صناديق «الشيوخ» تعيد ترتيب الكراسى    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    بسبب الحرارة..إصابة شخصين بلدغات العقارب السامة في الفرافرة والخارجة    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    «مش عايز حب جمهور الزمالك».. تعليق مثير من مدرب الأهلي السابق بشأن سب الجماهير ل زيزو    فيريرا: واجهنا صعوبة في مباراة اليوم بسبب التكتل الدفاعي للمقاولون    البيت الأبيض يرد على تقارير العثور على وثائق تخص قمة ألاسكا.. ماذا قال؟    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضى توريث الحكم
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 10 - 2009

رغم قناعتى الشخصية بأن أكثر من يعربون عن رفضهم لفكرة توريث الحكم صادقون فيما يقولون، فإننى أرى أنهم يروجون للفكرة من حيث لا يدرون. فكثرة الكلام عن أن جمال مبارك هو الرئيس القادم لمصر، وأن الترتيبات تجرى على قدم وساق من أجل الوصول إلى هذا الهدف، تؤدى إلى ترسيخ الفكرة لدى الناس.
ولو أن واحداً ممن أفاضوا فى الكتابة حول هذا الموضوع سأل أى مواطن يسير فى الشارع: من هو الشخص الذى يمكن أن يحكم مصر فى حالة انسحاب الرئيس مبارك لسبب أو لآخر من حكم البلاد- لا سمح الله؟ فسوف تكون الإجابة: «جمال مبارك». فكثرة الكلام عن موضوع غير مقبول يمكن أن يحوله إلى أمر واقع غير قابل للمعارضة فى لحظة ما. وقد كان ماركس يقول إن التراكم الكمى لأى ظاهرة يمكن أن يؤدى إلى تحول كيفى فى مسارها فى لحظة من اللحظات.
فكل من يكتبون مؤيدين أو رافضين للتوريث هم فى النهاية مروجون ومسوقون له، وإن اختلفت طريقة كل طرف فى الترويج والتسويق. والحقيقة الوحيدة الواضحة فى هذا الاتجاه تتمثل فى موقف عائلة مبارك من الأمر، إذ أظن- وليس كل الظن إثماً- أن أعضاءها يرفضون فكرة التوريث بالسيناريو الذى يصفه البعض الآن، والذى يشير إلى أن «جمال» يسعى إلى التعجيل بانتخابات الرئاسة لكى ينالها فى ظل وجود الرئيس، الذى يرى البعض- خصوصاً من داخل الحزب الوطنى- أنه يجب أن يعطى الفرصة لابنه ليواصل مسيرة العائلة فى حكم مصر. فلست أتصور أن يكون الأمر سهلاً على الرئيس الذى يثبت للشعب من خلال نشاطه المكثف الذى شهدته الشهور القليلة الماضية أنه مازال قادراً على العطاء.
الكل يسوق لفكرة التوريث، بمن فيهم من قد يُظهر رفضه له، حتى الولايات المتحدة الأمريكية التى أصبحت الآن ترفع شعار عدم التدخل فى انتقال السلطة فى مصر بسبب المخاوف الكبيرة فيما يتعلق باستقرار النظام، فهى الأخرى تروج للتوريث لأنها تعلم أن الساحة، فى حالة عدم استمرار الرئيس مبارك، سوف تكون خالية، وأنها لو تُركت كذلك فقد يؤدى هذا الأمر إلى زعزعة الأمور فى مصر،
وبالتالى فإن استقرار الأوضاع وقتها يتطلب التسليم بفكرة توريث السلطة من خلال مسلسل الانتخابات. ويشارك الكثير من البسطاء الإدارة الأمريكية فى هذا الرأى!، إذ يرون أن وجود جمال مبارك سيكون ضمانة لاستقرار الأوضاع، حيث لا يوجد بديل له، بالإضافة إلى الخوف من حدوث فوضى فى البلاد قد لا تنذر بخير.
فالناس «غلابة» تخاف المجهول وتخشى المفاجآت، لكن الأمر يختلف بالنسبة للأمريكان، فهم يتحركون دائماً فى «المعلوم»، وهم يعلمون جيداً أن الأمور لو سارت فى الاتجاه المخطط له، وتولى السيد جمال مبارك الحكم، فسوف يؤدى ذلك إلى خلق فوضى حقيقية بالبلاد.
ولست أقصد بالفوضى هنا ما يمكن أن يتصوره البعض من نشوب حروب شوارع ما بين المصريين، أو وجود صراعات فوقية أو تحتية على السلطة بعد استفراد مبارك «الابن» بها، فنحن أبعد ما نكون عن ذلك، إذ إن لدينا شعبا ساكناً لا يبحث إلا عن الطعام والشراب حتى ولو كان فى مقالب الزبالة، وقد عوّدته حكومته على أن تكون «الزبالة» جزءاً من حياته!، ولدينا قوى سياسية ضعيفة تتحدث، شأنها شأن الناس العاديين، عن التغيير وتحلم به، ولكن بشرط واحد ألا تكون هى الطرف الفاعل فيه، وأن تكتفى مثلها مثل الناس بالمشاركة فيه عبر مشاهدة الأحداث المتصلة به على شاشات التليفزيون، كما ذكرت فى مقال سابق.
الفوضى لن تأتى فى تلك الصورة التقليدية، لكنها سوف ترتبط بطبيعة الظرف الذى سوف يحكم فيه جمال مبارك من ناحية، وطبيعة الشخص من ناحية أخرى. فأما أبعاد الظرف فهى لا تخفى على أحد فالدولة تكاد تشبه البيت الخرب: مشاكل بطالة، وعجز من جانب الحكومة عن سد احتياجات المواطن، وفساد ينخر فى عظام الكثير من المؤسسات، وتعليم يشتكى من العديد من الأمراض المزمنة والمستعصية، وتآكل فى ثروات البلاد بفعل عمليات السلب والنهب المنظم التى يمارسها البعض تحت سمع وبصر الحكومة، وعجز عن توفير رعاية صحية حقيقية للمواطن، وغياب للممارسة الديمقراطية، وإهدار لحقوق الإنسان..
 هذه التركة الثقيلة كفيلة بأن تخلق حالة من الفوضى لأى حاكم يرثها، وللبعض أن يسأل إذا كانت هذه الأوضاع راسخة قبل مجىء «جمال مبارك» إلى الحكم، فلماذا لم تهدد استقرار البلد؟ وتنقلنا الإجابة عن هذا السؤال إلى الحديث عن طبيعة الشخص.
فالرئيس مبارك رجل دولة محنك، تراكمت خبراته عبر سنين طويلة، وتشهد تجربته فى الحكم على أنه يتمتع بقدر كبير من الثبات الانفعالى والهدوء فى مواجهة المواقف المعقدة والخروج منها بأقل الخسائر. وأتصور أن الخبرة المتراكمة لدى مبارك «الأب» تعد عنصراً غير مكتمل لدى مبارك «الابن»، ولأنه جديد فسوف يكون مطالباً منذ اللحظة الأولى بتقديم جديد، ولأنه شاب فسوف يواجَه بقدر أقل من الحيطة والحذر اللذين كان يتم التعامل بهما مع الرئيس مبارك عند طلب الحاجات، بحكم ما للرئيس من هيبة راكمتها سنوات حكمه الطويل، بالإضافة إلى انتمائه إلى المؤسسة العسكرية، ناهيك عن كونه رجل حرب من الطراز الرفيع.
 فالوضع مختلف بالنسبة لجمال الذى لن يكون أمامه سوى أن يقدم العديد من التنازلات لكى يقلل من حالة الغضب والاحتقان التى سوف تصاحب الفترة الأولى من حكمه، والتى يتكامل فيها تأثير الخراب الذى تعيشه البلاد مع تأثير الإحساس بأن مصر تحولت إلى جمهورية وراثية!.
 هذه التنازلات لو اقتربت من مناطق محددة، وتجاوزت حدوداً معينة من أجل تثبيت بعض الأوضاع المهزوزة والحفاظ على كرسى الحكم، فستكون هى البوابة الحقيقية للفوضى فى مصر، ويومها سوف تنتقل قضية الحكم فى هذا البلد من أروقة القصور والمبانى الفخمة إلى الشارع ليتحقق الحلم الأمريكى، ومن قبله الحلم الإسرائيلى!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.