تعمل الشمس 12 ساعة فى اليوم لتذهب الأرباح إلى الجالسين فى الظل، ويبدو أننا جرينا فى المنهج ولم يتبق سوى مباراة واحدة على نهاية الدورى، فاسمح لى اليوم بأن أبتعد عن السياسة.. فى الصباح أبدأ الصحف عادة بقراءة صفحة أخبار الخنازير ثم أتابع الإنجازات وانهيار المنازل، وأقرأ جزءاً من البرنامج، وأمارس بعض التمارين الرياضية الصعبة، ثم أراجع الحل فى نهاية الكتاب وأتناول دوائى المغشوش، ثم أرتدى الكمامة لأقبل أولادى وأتجه إلى عربة الفول.. فى ذلك الصباح تحلقنا حول عربة الفول فى أحد ميادين القاهرة وبعد أن تأكد البائع من عدم وجود قنبلة تحتها، قال رجل يبدو من نظارته والجريدة التى يقرؤها أنه مثقف طينة أو عضو منتدب وواخد على خاطره إن مصر تعوم على طبقة من الزيت تحتها طبقة فول ثم أضاف: (ادينى بصلة من فضلك) فرفض البائع وأخبره بأن هذا البصل مخصص للتصدير.. وقال شاب يبدو عليه الانتماء: (أنا أختى عندها ولد واحد واتجوزت خمس مرات وفى كل مرة تولد ابنها هوه هوه بسبب الاستقرار) فقاطعه العجوز وطلب منه أن يحاسب على كلامه فرفض الشاب وقال إنه سوف يحاسب على الفول فقط ورأى البائع أن المناقشة أصبحت ساخنة فطلب الانتقال إلى جدول الأعمال وبدأ فى تجهيز الأطباق وكان رجل ينتظر دوره ويقرأ علينا عناوين إحدى الجرائد الحكومية وبجواره شحاذ يعده بالجنة إذا استجاب له، فتشاغل عنه المثقف بقراءة العناوين: - «سيتم ربط الأجور بالأسعار كما يربط الونش العربة المخالفة».. قال البائع: - «أنا بادفع كل يوم عشرة جنيه علشان أقف هنا، لا الونش يتعرض لى ولا حتى لجنة الأحزاب».. قال المثقف: - «ستتم زيادة مربوط خريج الجامعة، وسيتم ربط المواطنين على البطاقة».. فصرخ الشاب فى وجهه: - «جرى إيه؟! إنت مفيش عندك غير الربط؟ يا عم أنا عريس جديد».. التصق الشحاذ بالمثقف الذى راح يقرأ عليه أسعار الذهب فى الأسواق العالمية فنبهه الشاب إلى أن الرجل يطلب «معونة مشروطة» فقال المثقف: - «أنا مش كونجرس، دى عربية فول يتجمع حولها الفقراء فى وقفة احتجاجية».. فتركه الشحاذ واقترب منى، وعندما شاهد ملابسى ضحك وانصرف إلى شخص آخر.. وقال البائع: - «اسمعونى كويس، إذا وصلت الإزالة أو شرطة المرافق أو الأمن المركزى كل واحد يجرى بالطبق بتاعه ونتقابل فى شارع الحلفاوى».. فقال الشاب: - «فين فى شارع الحلفاوى؟ ياريت تكون حته ضل».. فاعترض المثقف وطلب أن نتقابل أمام «الأوبرا»، كانت الإزالة تقترب ونحن نرمح رافعين الأطباق فى اتجاه شارع الحلفاوى والأمن المركزى وراءنا بالعصى وسقط عجوز على الأرض، بينما كان المثقف يقرأ تصريحاً لمسؤول كبير يتحدث فيه عن كرامة المصريين وحرصه على محدود الدخل. [email protected]