مفاجأة بشأن شكل الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلمي الحصة    أبو ريدة ووفد اتحاد الكرة يشاركون بكونجرس فيفا رقم 75 في باراجواي    أستاذان مصريان ضمن قائمة الفائزين بجائزة خليفة التربوية لعام 2025    وزير الصحة يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 لجامعة عين شمس    تفاصيل عودة اختبار السات SAT لطلاب الدبلومة الأمريكية بعد 4 سنوات من الإلغاء «القصة الكاملة»    أسعار الفراخ اليوم تنخفض على استحياء.. شوف بكام    نزع ملكية عقارات 3 مدارس في 3 محافظات    محمد البهي رئيس لجنة الضرائب: التسهيلات الضريبية في صالح الصناع..    ترامب: لا روسيا ولا الصين تضاهينا في القوة.. وبايدن أنفق 10 تريليونات دولار في تدمير الشرق الأوسط    جديد عن ليبيا| اقتحام السجون.. وحفتر للليبيين: انضموا إلينا أو الزموا بيوتكم    وزير خارجية تركيا: هناك فرصة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا    حماس: المقاومة قادرة على إيلام الاحتلال ومستوطنيه فوق كل شبر من أرضنا    وفاة إسرائيلية متأثرة بإصابتها خلال عملية إطلاق نار في الضفة الغربية أمس    لليوم الثاني.. 21 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    «فوازير»... شوبير ينتقد اتحاد الكرة ورابطة الأندية بسبب شكل الدوري    طوارئ في الأهلي قبل قرار لجنة التظلمات اليوم.. والزمالك وبيراميدز يهددان بالتصعيد    دوري سوبر السلة.. الأهلي يواجه الزمالك في ثاني مواجهات نصف النهائي    ثنائي وادي دجلة علي فرج وهانيا الحمامي يتأهلان لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    نجل محمد رمضان يتغيب عن أولى جلسات محاكمته.. والدفاع يبرر بوعكة صحية مفاجئة    طقس مائل للحرارة في شمال سيناء    ضبط 45.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اليوم.. طلاب الشهادة الابتدائية الأزهرية يؤدون امتحان الدراسات الاجتماعية في الإسكندرية    السكة الحديد: تشغيل عدد من القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    أولى جلسات محاكمة نجل الفنان محمد رمضان.. بعد قليل    النقض تخفف عقوبة ربة منزل وعشيقها بقتل زوجها    حكم قضائي جديد يخص طلاب الثانوية العامة| بماذا حكمت المحكمة؟    الليلة.. عرض فيلم الممر ضمن فعاليات منتدى ناصر الدولي    قبل افتتاح المتحف المصري الكبير.. ما هي أبرز الجوائز التي حصل عليها؟    بهذه الكلمات.. كندة علوش تهنئ أصالة ب عيد ميلادها    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    السيطرة على حريق شب في ثلاثة منازل بسوهاج    «تطوير التعليم بالوزراء» و«بحوث الإلكترونيات» يوقعان بروتوكول تعاون    لابيد: ترامب سئم من نتنياهو والسعودية حلّت محل إسرائيل كحليف لأمريكا    ترامب: بايدن أسوأ رئيس للولايات المتحدة.. ولدينا أقوى جيش في العالم    انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الخميس 15-5-2025    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    آيزنكوت: الصراع مع حماس سيستمر لفترة طويلة والنصر الكامل شعار غير واقعي    الصحة تطلق حملة توعية حول مرض أنيميا البحر المتوسط    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وإسبانيول اليوم في الدوري الإسباني    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    منتخب مصر يتصدر جدول ميداليات بطولة إفريقيا للمضمار ب30 ميدالية    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غضب الله ورضا الشعب

أنفلونزا الخنازير تعبير عن غضب الله علينا. ذلك ما اتفق عليه كثير من المصريين فى تفسير ظهور وباء الأنفلونزا الذى حملته مناقير وأجنحة الطيور ثم تولت الخنازير بعد ذلك فى نقله.
وهذا التفسير ليس جديداً علينا، فكثيراً ما يتم استدعاؤه فى مواجهة أى أزمة تهدد حياة الإنسان ويشعر أمامها بالعجز، حدث ذلك على سبيل المثال عندما واجهنا سلسلة الزلازل التى ضربت بلادنا منذ عام 1992، فبعد أن زلزلت الأرض تحت أقدام المصريين فى أكتوبر 1992 هرع الناس إلى المساجد لتمتلئ عن آخرها، وبادرت الكثير من الفتيات إلى ارتداء الحجاب، وكان لسان حال الناس أن العودة إلى الله هى الطريق للنجاة من غضبه.
وقد ظل الناس على هذا النحو حتى تعودوا على الموضوع فعاد كل إلى مكانه! وصدق الله العظيم إذ يقول «وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلمّا كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون».
والمثير فى الأمر أن الناس فى موضوع أنفلونزا الخنازير يلقون بالتبعة على الحكومة، فهى السبب فى غضب الله علينا بما يتخذه مسؤولوها من قرارات يعذبون بها المواطن وينغّصون عليه حياته، أما هو فبرىء من هذا الغضب الربانى براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
ولكن أحداً من المواطنين لم يسأل نفسه: وهل عقاب الأنفلونزا يتفشى بين المسؤولين أم بين أفراد الشعب من المغلوبين على أمرهم؟ فالملاحظ أن الحكومة نشيطة جداً هذه المرة فى التعامل مع موضوع الخنازير لا من أجل حماية الناس، ولكن من أجل حماية نفسها، فالوباء لن « يعتق» أحداً، خصوصاً بعد الشائعة الطريفة التى راجت حول أن الرئيس الأمريكى «أوباما»- وهو بالمناسبة لا يعذب شعبه- أصيب بالمرض بفعل احتكاكه بأحد المسؤولين المكسيكيين الذى وافته المنية متأثراً بأنفلونزا الخنازير.
هنا تحرك المسؤولون الحكوميون بعد أن استوعبوا أن الوباء الجديد ليس خاصاً بالشعوب، بل يمكن أن يطالهم شخصياً!
لقد هاجت الحكومة وقامت بذبح عدد من الخنازير- دون تعويض مجز- مما أدى إلى غضب أصحابها، وفى الوقت نفسه سمحت بتهريب قطعان منها، ونقل قطعان أخرى إلى الحزام الصحراوى بعيداً عن القاهرة، فى مشهد يذكرنى بمسرحية «تخاريف» للفنان محمد صبحى عندما كان حاكماً لدولة « أنتيكا» ووجد فى درج مكتبه قنبلة موقوتة فناولها لوزير داخليته الذى لم يدر ماذا يفعل بها ووقف فى مكانه، فما كان من الحاكم إلا أن قال له «ارميها ع الشعب».
فالحكومة تريد أن تلقى بقنبلة الخنازير على الشعب بعيداً عنها، ومن هنا كان قرار الدكتور نظيف، رئيس الوزراء، بإنشاء مزارع نموذجية لتربية الخنازير خارج الكتلة السكانية، أو بعبارة أخرى خارج نطاق القاهرة الكبرى، حيث يعيش المسؤولون وأسرهم.
يبدو- إذن- أن المسؤولين واثقون فى قدرتهم على حماية أنفسهم من غضب الله ليحل فقط على الشعب، لذلك فحديث البعض عن أن هذا الوباء هو غضب من الله علينا بسبب الحكومة يحتاج إلى إعادة نظر، لأن الوباء فى الأساس موجه إلينا، أما المسؤولون فيعرفون كيف يحمون أنفسهم منه.
وإذا صح أن وجود هذا الوباء يرتبط بغضب الله علينا، فإن حكمته، تعالى، تقتضى أن يشعر الناس بالغضب على من يعذبهم بقراراته ويهينهم بسياساته.
فالله تعالى يغضب علينا لكى نغضب نحن على من يظلمنا. ففتنة الأزمة لا تصيب الذين ظلموا بصورة خاصة، بل تصيب أيضاً الساكتين عن الظلم، والقرآن الكريم يقول «واتقوا قتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب». فالعقاب لا يقع على المسؤول عن الظلم فقط بل يشمل أيضاً الساكت عنه، و«الساكت عن الحق شيطان أخرس»
فالظلم الذى يؤدى إلى غضب الله هو ثقافة مجتمع تراضى فيه طرفان هما الظالم والمظلوم باستمرار أسباب الفساد والإهدار والإذلال التى يقوم بها سادة هذا المجتمع ضد المظلومين الراضين عن أحوالهم والذين يكتفون بإلقاء المسؤولية على الكبار الذين يعيثون فى الأرض فساداً. فالله تعالى يغضب ويعاقب عندما يظهر الفساد.
وحكمة الغضب والعقاب هنا هى دفع الناس إلى العودة إلى حقيقة الاستقامة فى الحياة، بالمعنى العام لكلمة استقامة، والله تعالى يقول «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون». فأصل غضب الله على البشر هو المجموع الساكت عن التغيير وليس مجرد فساد السادة الكبار.
ويبرر البعض السكوت عن الظلم بالخوف من بطش الظالمين. فالناس تستطيع التعايش بسهولة مع موضوع غضب الله، فى حين أنها ترفض فى كل الأحوال أن تقع تحت طائلة غضب المسؤول. ويفسر الناس هذا التناقض - بمنتهى اللطف والظرف- حين يقولون إن الله تعالى يرحم عباده، لكن العباد لا يرحم بعضهم بعضاً!
وقد يكون لهذا المنطق وجاهته بالطبع، لكن يبقى أن نفهم أن الاستسلام لظلم إنسان- أى إنسان- يؤدى إلى أعلى درجات الغضب الإلهى «أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين».
فمن واجب من يفهم المعنى الحقيقى لغضب الله ألا يخشى فى الله أحداً.إن اللجوء إلى السماء بالدعاء والرجاء يرتبط بأخذ الأسباب على الأرض، بل إن الأخذ بالأسباب فى مواجهة أى أزمة لا يحتاج بعد ذلك إلى الدعاء إلى الله، لأن الله مطلع على ما يفعله الناس، ولأنه إله قادر يعلم «خائنة الأعين وما تخفى الصدور» فعلينا أن نلجأ إليه ونحن موقنون تماماً بأنه يعلم ما فى صدورنا،
لذلك فمخطئ أشد الخطأ من « ينصب» على نفسه بالدعاء إلى الله برفع مقته وغضبه عنه، فى حين أنه غارق حتى أذنيه مرة فى ظلم الآخرين، ومرة بالرضاء عن ظلم الآخرين له. فمصيبتنا من عند أنفسنا، ولا خلاص منها إلا بأيدينا.
وقى الله هذا الشعب الطيب شر الجوائح والنوائح والقبائح، وشر نفسه قبل هذا وذاك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.