تدرس لجنة وزارية تضم وزارات الاستثمار والزراعة والرى عددًا من الحالات الاستثمارية الوافدة للقطاع الزراعى من منطقة الخليج، خاصة أن لهذه الاستثمارات مطالب تتمثل فى توفير الأرض والمقننات المائية وتصدير كامل المحصول لبلادها بالمنطقة. وتواجه طلبات الخليجيين لإقامة زراعات محددة فى القمح والأعلاف مناقشات تتأرجح الآراء خلالها بين أهداف زيادة الاستثمارات للوصول إلى الرقم المتوقع والمعلن من وزارة الاستثمار ويبلغ 10 مليارات دولار فى ظل الأزمة المالية العالمية، وبين عدم توافر المقننات المائية والأراضى لمشروعات تستهدف التصدير وليست السوق المحلية. ويسرى حاليًا قرار أصدرته وزارة الزراعة بوقف الموافقات على تخصيص أراضٍ للاستثمار الزراعى فى الأعلاف بعد أن شهد العام الماضى «هجمة سعودية» فى هذا المجال بهدف تصدير الأعلاف الخضراء لمزارع الألبان والدواجن هناك فى ظل غياب الأراضى الزراعية ونقص مصادر المياه. وعلمت «المصرى اليوم» أن هناك شركات سعودية تجرى مفاوضات مع عدد من الجهات المصرية للاستثمار الزراعى فى القمح والأعلاف، وهما شركتا «تبوك للتنمية الزراعية» و»الجوف للزراعة». ورصدت الشركتان المدرجتان فى البورصة السعودية نحو 200 مليون دولار- ما يقرب من مليار جنيه- للاستثمار فى شمال أفريقيا والسودان لتعويض انخفاض إنتاجهما من القمح داخل المملكة بنسبة 13% بسبب عدم توافر الأراضى والمياه. يأتى ذلك فى ظل حملات ترويجية أطلقتها دول الكتلة الشرقية، على رأسها روسيا وأوكرانيا وطاجكستان لجذب المستثمرين الزراعيين من دول الخليج لزراعة الأعلاف والحبوب على أراضيها والسماح لها بالتصدير نظير تشغيل عمالة واستخدام آلات محلية الصنع. وقال حمدى الصوالحى، رئيس جمعية الاقتصاد الزراعى، إن الاستثمار السعودى على وجه الخصوص فى مصر لا يستهدف إنتاج الحبوب لتحقيق الاكتفاء الذاتى، لكنه بغرض محاصيل الأعلاف الخضراء التى تغذى مزارع الألبان هناك، التى تشهد استثمارات ضخمة. وأضاف أن السودان لديه فرصة لاستقبال استثمارات الزراعة العاملة فى إنتاج الحبوب، خاصة القمح، موضحا أن السعوديين سيتوجهون إلى السودان لزراعة الأقماح، خاصة أن استيراده فى السعودية يقل عن إنتاجه محليًا من حيث التكلفة بنحو 85%، وهو ما أدى إلى توقف زراعته هناك بشكل ملحوظ. وأكد أن خط سير الاستثمارات الزراعية للسعوديين فى مصر يعد «كثيف الاستهلاك للمياه»، مشيرًا إلى أن هناك قائمة من المشروعات السعودية فى مصر تعمل بزراعة الأعلاف الخضراء. وأشار إلى أن شركة «دلة» تعمل من خلال مشروعها على زراعة الأعلاف لتغذية مزارعها وإنتاج الألبان على مساحة 50 ألف فدان فى منطقة النوبارية، التى تعد من أجود الأراضى وتستمد مياهها من النيل. وأوقفت المملكة العربية السعودية برنامجًا عمره 30 عامًا لزراعة حاجاتها من القمح وهو الأمر الذى حقق لها الاكتفاء الذاتى، لكنه استنزف موارد المياه الشحيحة بالمملكة. ولفت إلى أن وزارة الزراعة أوقفت مثل هذه المشروعات بسبب المقننات المائية، وهو ما صدر به قرار وزارى بعد أن رصدت الزراعة ظاهرة الإقبال السعودى على مثل هذه المشروعات فى مصر. وأظهرت تقارير إحصائية صادرة عن شركة تبوك السعودية أن الشركة أنتجت 51 ألف طن من القمح و63 ألف طن من علف الماشية. كما ذكر تقرير شركة الجوف أن الشركة أنتجت 119 ألف طن من القمح ونحو 32 ألف طن من علف الماشية فى عام 2008. وقال رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعى إن إنتاج القمح تحصل عليه جميع المطاحن المحلية لتوجهه إلى دعم الرغيف، مشيرًا إلى أن دولًا مثل أوكرانيا وروسيا تروج حاليا لاستقطاب المستثمرين الخليجيين لزراعة الأراضى وترويج محاصيلها فى المنطقة العربية. واستوردت مصر مطلع العام الجارى 2009 آلاف الأطنان من القمح الأوكرانى بسعر 181 دولارًا للطن. وأكد عبدالرحيم الغول، رئيس لجنة الزراعة فى مجلس الشعب، أن هناك تشجيعًا لجذب الاستثمارات، ومصر ترحب بالاستثمار السعودى، لكن هناك نقصًا فى المقننات المائية. وأوضح الغول أن 55 مليار متر مكعب متوفرة للأراضى الزراعية، وتحاول الحكومة التفاوض مع دول حوض النيل لزيادة حصة مصر من المياه. وأشار إلى أن الاستثمار الزراعى مرهون بتوافر المقننات المائية من عدمه، وهى سياسة يتم التعامل من خلالها وعن طريق التنسيق بين الاستثمار والزراعة والرى.