أنا واحد من أكثر الناس إيماناً بحق ضابط الشرطة فى أن يتمتع بالهيبة الكافية التى تمكنه من حفظ الأمن العام، وليس هناك ما هو أكثر فزعاً للإنسان الواعى من تكرار حالات الاعتداء على رجال الشرطة فى الشوارع.. لأن النتيجة الحتمية لهذا الاجتراء على الشرطة هى توحش جحافل البلطجة والإجرام دون رادع يمنعها من تدمير الأمان الاجتماعى لكل المواطنين. ولكن الأكثر خطورة من ذلك هو أن تتعامل وزارة الداخلية مع حوادث الاعتداء على ضباطها بمنطق الثأر، وأن تتغول فى أخذ الثأر إلى درجة التدمير الكلى لعائلة بأكملها، لأن أحد أفراد هذه العائلة ارتكب جريمة اعتداء وحشى على ضابط شرطة. والنداء الذى أوجهه الآن إلى السيد حبيب العادلى، وزير الداخلية، يخص عائلة «عمار» بقرية أبونجاح مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، وهى عائلة ابتلاها الله بشاب شديد الإجرام كان مدمناً للمخدرات ثم تاجراً متمرساً، وكان هذا الشاب - واسمه خالد سعيد عمار - يتجول فى القرية والقرى المجاورة لها حاملاً سلاحه الآلى، وذات يوم من شهر ديسمبر عام 2004 تلقى خالد مكالمة على تليفونه المحمول من أحد أعوانه، أخبره فيها أن ضابط شرطة من مركز كفر شكر بمحافظة القليوبية صادر منه «الموتوسيكل» الخاص به، لأنه بلا لوحات معدنية.. فانطلق خالد من قريته الواقعة على حدود مركز كفر شكر، وظل يبحث عن الضابط حتى وجده فى كمين بقرية «كفر صدفا» فأطلق عليه النار فوراً، فأرداه قتيلاً فى الحال. على الفور تحركت وزارة الداخلية بعد استشهاد النقيب تامر عبدالفضيل، رحمه الله، لتكتشف أن القاتل هو خالد سعيد، وأن شقيقه محمد سعيد، وشخصاً آخر اسمه محمد حمزة الطباخ، اشتركا معه فى هذه الجريمة المروعة، وبدلاً من البحث عن القتلة، ألقت الداخلية القبض على كل رجال ونساء وشبان وفتيات عائلة عمار، التى ينتمى إليها خالد سعيد، واحتفظت بهم كرهائن لإرغام القتلة على تسليم أنفسهم، وهو ما حدث فعلاً، حيث بادر خالد وشقيقه ومعهما الطباخ، بتسليم أنفسهم فى مديرية أمن الشرقية، وكان المنطقى بعد ذلك أن تفرج الداخلية عن أفراد عائلة عمار الذين لا دخل لهم على الإطلاق فيما حدث.. ولكن الداخلية تعاملت مع هذه العائلة بمنطق ثأرى، يدفع صاحبه إلى التوحش فى التنكيل بخصومه وتدميرهم إلى الأبد.. ودون أدنى اعتبار للقانون الذى يكفل الحماية حتى للمجرمين أثناء قضائهم فترات العقوبة. لقد أخطأت الداخلية عندما اعتقلت كل أفراد عائلة عمار رجالاً ونساء منذ عام 2005 وحتى الآن وتركت حوالى 30 طفلاً وطفلة من عائلة عمار دون أب أو أم أو عم أو عمة، تركتهم جميعاً فى رعاية سيدة عجوز هى الحاجة «آمنة سلامة»، جدة خالد سعيد، التى بلغت الآن عامها الخامس والثمانين وكُف بصرها وهى تنتحب ليلاً ونهاراً على أحفادها الذين كبروا فى الشوارع دون رعاية، وشاهدت الفتيات الصغيرات وهن يدخلن سن البلوغ دون حماية من كلاب السكك. يا معالى الوزير: لقد حكم القضاء بالمؤبد والأشغال الشاقة على القتلة المجرمين، ولا ينبغى أبدًا أن تظل عائلة بأكملها تدفع ثمن إجرام أحد أفرادها.. فالجريمة فى كل الدساتير والشرائع شخصية، والعقوبة أيضًا فى كل الدساتير والشرائع شخصية. ومن حقنا الآن أن نطالبك بالإفراج عن كل أفراد هذه العائلة المعتقلين.. حتى لا يتسبب هذا التنكيل الثأرى فى إعادة إنتاج العشرات من أمثال المجرم خالد سعيد. [email protected]