ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد.. فأبشروا يا أهل المحروسة.. فى كل نجع وكفر، أنفلونزا الخنازير ستنظف لكم المدارس والحمامات، وتخفض من كثافة الفصول ومدرجات الجامعة. وكمان ستساهم فى حل أزمة البطالة.. يعنى مافيش أحسن من كده أنفلونزا. تلك ليست دعاية أو نكتة سخيفة.. لكنها «احترازات» وزارة التعليم، حيث تفتق الذهن الألمعى للقائمين عليها أخيرا بأن النظافة من الإيمان، وأن الحاله الرثة التى كان يعيش فيها الطلبة والتلاميذ فى الماضى، من فصول مكدسة ومراحيض غير آدمية، يمكن أن تكون بؤرا لنشر أنفلونزا الخنازير بشكل وبائى يصعب التعامل معه. يبقى الحل إيه؟! للأسف الحل هو النظافة، فقررت وزارتا التعليم والتنمية المحلية تعيين 150 ألف عامل نظافة فى المدارس بواقع 3 عمال لكل مدرسة (50 ألف مدرسة) لتنظيف الحمامات والفصول.. والحقيقة لا أعرف هل نفرح أم نسخر من تلك القرارات؟.. ألم تدرك الدولة ووزارة التعليم أن الحالة الصحية والبيئية فى مدارسنا سيئة إلا عندما هبت علينا رياح أنفلونزا الخنازير؟! هل كان لابد من وباء كى ندرك أن أولادنا لا يمكن أن يعيشوا فى تلك القذارة؟! أذكر تلك المدرسة التى زرتها فى أسيوط فى قرية المطيعة، التى صورت بالكاميرا حماماتها وفصولها، ولا أحتاج إلى وصفها هنا كى لا أصيب القارئ بالغثيان.. تلك المدرسة ليست وحيدة ولكنها مثل مئات المدارس، الحالة البيئية بها متردية وكثافة الفصول فيها تصل إلى 80 طالباً فى الفصل الواحد.. الآن قررنا أن نخاف على أطفالنا من الكثافة المرتفعة.. لا يهم كيف يتعلمون.. لا يهم كيف يجلسون 4 على دكة واحدة، المهم الآن أنفلونزا الخنازير! ضمن القرارات أيضا خفض كثافة المدن الجامعية 5% لاستغلال الفراغ كغرف عزل فى حال الإصابة.. ولا أدرى كيف سيتم تنفيذ هذا القرار، هل سيتم طرد الطلبة، أم ستتم إقامة خيم لهم فى العراء أم ماذا؟! كل ما يحدث يكشف لنا ما نعرفه جيدا.. نحن نعيش فى ظروف غير ملائمة لأى إنسان.. نسبة التلوث مرتفعة، القمامة أصبحت المشهد الطبيعى فى شوارعنا، المياه الملوثة لم نعد نشكو منها.. المدارس وحالتها قضية نسيناها منذ زمن طالما نحتفل بافتتاح مدارس نموذجية ونصورها مع المسؤولين على شاشة التليفزيون ويشاهدها الناس ويسألون أنفسهم: هى فين المدارس دى؟! فى بورا بورا؟! وعلينا أن نشكر أنفلونزا الخنازير، فقد قضت على العشوائيات التى كان يتم فيها تربية الخنازير التى كانت مرتعا للأمراض والأوبئة.. وقد تكون سببا فى أن يدرك المسؤولون، أخيرا، أن حمامات مدارسنا قذرة لا يمكن أن يعيش بها الأطفال بهذا الشكل، وأن الكثافة غير آدمية. وفى النهاية فكل تلك الظروف تخلق لنا أطفالا لا يهتمون بمبادئ النظافة أو البيئة ويكبرون على ذلك.. وهكذا.. تخيلوا.. أصبحنا نحتاج إلى وباء لكى ننظف مدارسنا.. نحن نشكر أنفلونزا الخنازير، ولا أريد أن أدعو أن يكثر الله من أمثالها. [email protected]