8 مايو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    محافظ أسيوط: قرارات حاسمة لتقنين الأراضي وتحفيز الاستثمار وتحسين الخدمات    طيران الإمارات: تعليق الرحلات إلى باكستان حتى 10 مايو    شهداء ومصابون في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    لويس إنريكي: لم أتمنى مواجهة برشلونة في نهائي دوري الأبطال    محافظ أسيوط: سحب عينات من المواد البترولية لفحص جودتها    محافظ أسيوط: تنظيم فعاليات بمكتبة مصر العامة احتفاءً بذكرى نجيب محفوظ    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى محلة مرحوم التخصصي ومشروع تغطية المصرف المواجه لها    الولايات المتحدة تعتزم تعيين حاكمًا أمريكيًا للإدارة المؤقتة لقطاع غزة    محافظ الدقهلية توريد 112 ألف طن قمح لشون وصوامع الدقهلية منذ بدء موسم الحصاد    الغندور: بيسير لا يرى سوى 14 لاعبا يصلحون للمشاركة في الزمالك    أزمة مباراة القمة.. هل تحرم لجنة التظلمات الأهلي من التتويج بفصل الختام؟    الجدل يتصاعد حول قانون الإيجار القديم: نواب يطالبون بالتأجيل والمواطنون يرفضون الزيادات    طقس اليوم الخميس.. درجات الحرارة تقفز ل 39 درجة    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    امتحانات الدبلومات الفنية.. رابط تسجيل استمارة التقدم قبل غلق ملء البيانات    وزير التعليم يشيد بقرار رئيس المركزي للتنظيم والإدارة بشأن آلية نتيجة مسابقات وظائف المعلمين المساعدين    أبناء محمود عبدالعزيز وبوسي شلبي في مواجهة نارية أمام القضاء    وزير الثقافة يترأس الاجتماع الثاني للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    وزير الاتصالات يلتقي محافظ طوكيو لبحث التعاون في مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    وزير الصحة يستقبل وفد مجموعة "برجيل" الطبية لبحث سبل التعاون المشترك بالقطاع الصحي    عاجل- هيئة الدواء المصرية تسحب دواء «Tussinor» من الأسواق    مصرع شخص سقط تحت عجلات القطار بالمراغة سوهاج    جامعة عين شمس تفوز بجائزتين في المهرجان العربي لعلوم الإعلام    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    مدير مكتبة الإسكندرية يفتتح ندوة المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب - صور    الزمالك يستعيد مصطفى شلبى أمام سيراميكا في الدورى    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    لدعم فلسطين.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب    حريق يلتهم منزلين بدار السلام سوهاج دون إصابات بشرية    وزير الصحة ونقيب التمريض يبحثان تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    انتصار تصور فيلمًا جديدًا في أمريكا    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    دور المرأة في تعزيز وحماية الأمن والسلم القوميين في ندوة بالعريش    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرج داوود عبدالسيد: «الإخوان» تخوض معاركها حتى «آخر سلفي» (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 02 - 2013

احتلت السياسة حيزاً كبيراً فى أعماله الفنية منذ أن عمل مساعد مخرج فى فيلم «الأرض»، مروراً بأعماله التسجيلية، التى عبر خلالها بحوارات صامتة -بالصورة لا بالكلمة- عن هموم المواطن المصرى، وصولاً لأفلامه الروائية، التى يعتبر أبرزها «مواطن ومخبر وحرامى» و«أرض الخوف» و«الصعاليك» و«الكيت كات» وغيرها.
إنه المخرج «داوود عبدالسيد»، الذى يصنف كأحد أهم وأكبر مخرجى السينما فى مصر، يلخص فى حواره ل«المصرى اليوم» الأزمة السياسية التى تعيشها مصر الآن فى جملة من ثلاث كلمات هى «الإخوان يريدون الاستحواذ»، بينما وصف الحل بكلمة واحدة هى «التعايش».
تفاصيل الأزمة، وإمكانية الوصول إلى حل وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين، وهل سيضر حكمهم بالأقباط؟.. وأسئلة أخرى يجيب عنها «داوود عبدالسيد» عبر السطور المقبلة:
■ كمواطن مصرى كيف ترى الأزمة السياسية الحالية؟
- لقد قمنا بثورة ضد نظام مبارك المتسلط، ففوجئنا بنظام آخر يتسلط باسم الدين، والأزمة تفجرت بسبب ارتفاع سقف التوقعات الشعبية، حين وعد الرئيس مرسى بإجراء إصلاحات خلال 3 أشهر من توليه الحكم، وكانوا يعتبرونه مرشح الثورة، الذى فاز بعد معركة انتخابية شرسة، وبعد انقضاء 100 يوم من حكمه لم يتحقق ما يتطلع إليه الناس، فأحبطهم ذلك بدرجة ما، لكن لم تصل الأمور حينها لنشوب أزمة، وبعدها خرج الجيش من الحياة السياسية، وفرح الناس بذلك، ونسبوه للرئيس مرسى، وكانت «الأمور تمام» حتى صدر الإعلان الدستورى، الذى حصن قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وهنا بدأت المشكلة الحقيقية، وازداد الوضع تأزماً مع ممارسات النظام، وطريقة تعامله مع التظاهرات، وعدم استجابته للمعارضة، وأتصور أن هدف النظام الآن عمل انتخابات برلمانية ليفرض على أرض الواقع مجلساً تشريعياً بأغلبية إسلامية، وبهذا يستأثر بمقاليد الحكم.
■ هل تتصور أن يرتضى شعب بمصر بحريات أقل مما كانت فى عصر مبارك؟
- لا أتصور أن خطة الإخوان فى عمل ديمقراطية مقيدة ستنجح، هم يتصورون أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الهدف، والقوى المدنية ترى أن الهدف بعيد، وأنهم سيقاومون بكل قوتهم، وفى هذا الصراع لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث، ولكن الأكيد أننا سنعانى أزمات واضطرابات لفترة طويلة ما لم يستجب النظام الحاكم لتطلعات المعارضة.
■ هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟
- الأمر يتوقف كما قلت لك على مدى استجابة الإخوان المسلمين -باعتبارهم التيار الحاكم- لباقى التيارات، والمشكلة أن الإخوان يتهمون باقى التيارات حالياً بأنها توفر غطاءً سياسياً للعنف، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يعبر المعارض عن غضبه؟! ولو استمر الحال هكذا فلا أحد سيعلم رد فعل الشارع.
■ بعض الأصوات داخل تيار الإسلام السياسى تقول إن المشروع الإسلامى بالمنطقة يتعرض لمؤامرة صهيوأمريكية، فما رأيك؟
- لا أعتقد أن أمريكا ضد الإخوان الآن، بالعكس، أتصور أن الإخوان جاءوا بمباركة أمريكية، لأنهم ينفذون أهدافها، ولا يعادون إسرائيل، وهذا هو أساس الصفقة، فأمريكا تحركها مصالحها، ولا تتحرك بعواطف دينية، ولن تقف ضد الإخوان لمجرد عدائها للإسلام، فهذا كلام فارغ، يروج له الإخوان، من أجل كسب تعاطف الشارع، وترميم الجبهة الداخلية، فهم يتطلعون لتسكين الشارع لتحقيق مشروعهم، وكأنهم يعيشون وحدهم فى مصر، وكل ما تردده الجماعة فى هذا الصدد مجرد قنابل دخان، ولا توجد «أمارة واحدة» تدلل على انتهاء شهر العسل بين أمريكا والإخوان.
■ لكن البعض يرى أن زيارة رئيس إيران مصر تمثل إخفاقاً فى العلاقة بين أمريكا والإخوان؟
- هذا غير صحيح، الزيارة فى حد ذاتها لم تضر بالعلاقات بين الإخوان وأمريكا، وحتى إقامة علاقات مصرية مع إيران لا تعنى أننا ضد أمريكا، لكن للإنصاف يجب أن نعترف بأن قوة العلاقات أمر إيجابى، لأن قدرات الدول تقاس طبقاً لحجم الضغط، الذى يمكنها فعله بقوة علاقاتها، فكلما كانت علاقاتك قوية استطعت الضغط وتحقيق مكاسب أكثر.
■ ما رأيك فيما تردد حول ضخ أموال أمريكية من أجل وصول الإخوان للحكم فى مصر؟
- وارد جداً، وهذه الأخبار نشرت بالفعل، والغريب أن أحداً لم يحقق فيها، وأنا شخصياً قرأت أن أمريكا مولت حملة مرسى الرئاسية بحوالى 500 مليون دولار، ولا أعرف مدى صحة هذه الأنباء، لكن الإخوان لم يكذبوها، وأنا أعرف جيداً أن الكونجرس كان يناقش فكرة ضخ أموال فى مصر لمساعدة الإخوان على الوصول للحكم، وهذا مؤكد.
■ ما كلمة السر للعبور وتجاوز تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
- كلمة السر هى «التعايش»، فإذا لم نستطع أن نتحاور ونتعايش سوياً فى هدوء، على اختلاف وتباين أطيافنا السياسية، فقل على الدنيا السلام، وهناك 3 قوى يجب أن تتحاور وتتعايش، وهى الإسلاميون والجيش والقوى المدنية «يسار وليبراليين ووسط»، والمشكلة الآن هى أن فصيلاً واحداً يريد احتكار الحياة السياسية، والجيش أخذ موقفاً شبه محايد، والتيارات المدنية تغلى، وتتألم، سواء «ليبراليين أو يسار أو وسط»، ولابد من حدوث اتفاق على التعايش، وإلا فلن تهدأ البلاد، لأننا نعيش فى وطن الجميع وليس وطن الأغلبية وحدها، والإسلاميون للأسف يفهمون الديمقراطية بشكل خاطئ.
■ بدأ الحديث مؤخراً عن الاغتيالات فى تونس واحتمالات دخول مصر فى نفس دائرة العنف، فهل تتوقع ذلك؟
- أمام الضغط الشعبى، وتصلب المواقف لا أستبعد العنف، وأنا كشاهد عيان على ما يحدث لا أرى استهدافاً للإسلاميين، فقد حاصروا المحكمة الدستورية العليا، وعذبوا المتظاهرين أمام الاتحادية، وما قابلهم من عنف كان بالشىء القليل، وتمثل فى إحراق مقارهم وأتوبيسات نقلهم من المحافظات إلى التحرير، لكن على الجانب الآخر رأينا نشطاء يتعرضون للاغتيال أمثال محمد الجندى وغيره.
■ هذا لا يعنى أن الإخوان هم الفاعل.. وهذه القضايا قيد التحقيقات لمعرفة الجناة؟
- هذا صحيح، ولكن أنا أروى شهادات تساعدنا على التفكير والتحليل، والفارق هنا أن الإخوان جهة منظمة، وحين تخرج وتعلن عدم اللجوء للعنف يلتزم كل أعضائها بالتعليمات، لكن الجبهة المدنية مفككة، وليست منظمة، لذا يسهل انضمام عناصر مخربة واندساسها فيهم، وممارسة العنف، ونحن كتيار مدنى ندين العنف، ونرفض إلقاء المولوتوف على الاتحادية أو الأمن المركزى، ويجب أن نعرف المندسين.
■ وهل يؤخذ على الجبهة كونها مفككة وغير منظمة، وهو ما يردده الإسلاميون للمطالبة بوقف التظاهرات؟
- لكن هذا يحدث أيضا مع الإسلاميين أنفسهم، وأذكر حين واقعة الفيلم المسىء للرسول تظاهر الإسلاميون أمام السفارة الأمريكية فاندس بينهم المندسون، وألقوا المولوتوف على عناصر الأمن المصرية، التى تحمى السفارة، ولذا لا يجب استخدام عنف بعض المتظاهرين كحجة لإقناع الطرف الآخر بعدم التظاهر، فأنا كمعارض يجب أن أنظم المظاهرات لأعبر عن رفضى قرارات من يحكم، والنظام الحاكم عليه حمايتى من اندساس أى عنصر مخرب فى تظاهراتى.. هذا هو المنطق.
■ فى رأيك إذن لا توجد طريقة أخرى للمعارضة سوى التظاهر؟
- قل لى أنت ما الطريقة التى يمكن للمعارضة اتباعها إذا كانت تبدأ بإبلاغ الرئيس عدم رضاها عن الدستور فيتجاهلها، ويحاول تمرير الدستور، فتخرج تتظاهر ثم يتهمها التيار الحاكم بأنها تعطى غطاء سياسياً للعنف؟!، الخطأ هنا عند من يحكم لأنه لم يستمع للصوت الهادئ.
■ ما تقييمك لأداء جبهة الإنقاذ؟
- أكبر خطأ ارتكبه شباب الثورة أنهم لم ينتخبوا قيادة لهم، هناك قيادات ميدانية، ولكن لم تكن هناك قيادات سياسية، وهذا ما جعل التيار الثورى ضعيفاً فى منافسته السياسية، وهناك فارق بين السياسى والثورى، فالسياسى يتحرك بحساب، بينما الثورى مندفع ومستعد للموت، لذلك أعتقد أن الهجوم على قيادات جبهة الإنقاذ يعد خطأ سياسياً يرتكبه شباب الثورة، وأتفق معكم أنهم -أى أعضاء جبهة الإنقاذ- لديهم أخطاء، ولكن مهما كانت تحفظاتنا عليهم، فهم فى النهاية قيادات التيار المدنى، الذى يواجه التسلط الدينى، وكلنا مؤمنون بالله، ولكن منا من يستخدم الدين فى غواية البسطاء، وأخذ أصواتهم، وهذا ما نحن ضده.
■ لكن البعض يتحفظ على قيادات جبهة الإنقاذ لأنهم كبار السن، وليسوا من شباب الثورة؟
- يجب أن نلتف حولهم لحين ظهور قائد شاب، والمهم أن نكون منظمين، وهذا المأخذ يمكن توجيهه للإخوان أنفسهم، فقياداتهم من كبار السن، وثورة 19 كان يقودها سعد زغلول، وهو من كبار السن، وهذا الانتقاد حقٌ يُراد به باطل، ويجب أن نفطن له.
■ هل ترى أن أداء حكومة هشام قنديل سبب من أسباب الأزمة؟
- لا.. الأزمة فى الأساس هى أزمة سياسية، سببها أن الإخوان يحاولون السيطرة على كل مفاصل الدولة، وكأنهم وحدهم يعيشون فى مصر أو كأننا ضيوف عليهم، وسأضرب مثالاً بأمريكا، وهى نموذج فى الديمقراطية، فحين نجح أوباما الديمقراطى، وخسر أمامه الجمهوريون لم يسع أوباما لتغيير قيادات الدولة لاستبدالهم بآخرين ديمقراطيين، بل عمل مع الجمهوريين، كل فى مكانه، الكل ذاب فى وطن واحد، وعمل بحلم قومى واحد، لكن فى مصر يحاول الناجح تغيير كل قيادات أجهزة الدولة، وهذا خطأ لأنه يعنى رغبة الإخوان فى السيطرة، بحيث لا تستطيع الديمقراطية اقتلاعهم، وهذا هو الخطر بعينه، لأن تداول السلطة أمر مهم، وللأسف أرى تحقق نبوءة قيلت لى من قبل، وهى أن الإخوان سيصعدون سلم الديمقراطية، ثم يحطمونه كى لا يصعد غيرهم.
■ الإخوان يرون أن التمكين والسيطرة مهمان لتحقيق مشروع النهضة، ما تعليقك؟
- أى نهضة؟! إنها كلمة هلامية، والمشروع الوحيد الذى يروجون له هو مشروع تنمية قناة السويس بواسطة قطر، وقد رفضه الجيش، كما أن التوتر الذى شهدته محافظات القناة مؤخراً جعل هذا المشروع شبه مستحيل.
■ هل ترى أن الأزمة الحالية ستؤثر على الأقباط بشكل أكبر من غيرهم؟
- بالعكس.. أتصور أن الأقباط أقل من يتأثر بالأزمة الحالية، وسيتأثر الفنانون والإعلاميون والنخب المثقفة بدرجة أكبر من غيرهم، لأن حرياتهم ستتأثر بحكم الإخوان.
■ لكن الجماعة تؤكد دائماً حمايتها الحريات فما ردك؟
- ردى ما حدث فعلياً بنادى الرحاب مؤخراً حين قررت سيدات الإخوان وتيار الإسلام السياسى منع الأيروبيك من صالة الجيم، وهو رياضة نسائية تمارسها سيدات كثيرات، وهذا المنع يعنى تسلط فئة محددة، وتحكمها فى طريقة حياة باقى الفئات، والإيمان بالحريات يعنى ترك كل شخص يفعل ما يشاء ما دام فى حدود القانون، وعلى السيدات اللاتى لا يرغبن فى الأيروبيك أن يمتنعن عنها، لا أن يتم منعها من الأساس كما حدث.
■ ما رأيك فى مجموعات بلاك بلوك؟
- أرفضهم كما يرفضهم كل مصرى وطنى ينبذ العنف، ويرفض العمل فى الخفاء، ولكن مجموعات بلاك بلوك فتحت موضوعاً فى غاية الأهمية، وهو تغطية الوجه بشكل عام، أنت كحاكم يجب أن تمنع ذلك بشكل كلى، أو تبيحه بشكل كلى، ولكن أن تمنع شباب بلاك بلوك، وتترك سيدات منتقبات بغطاء الوجه، فهذه ازدواجية يجب أن تجد لها حلاً قانونياً، ويجب أن يكون كل المواطنين متساوين فى الحقوق، وإذا كان من حق المرأة تغطية وجهها، فمن حق شباب بلاك بلوك تغطية وجوههم، والأمثلة كثيرة، فالحاكم يصرح ببناء مسجد جديد، ويمنع بناء كنائس، وهذا خطأ، فيجب أن تبيح للكل بناء دور عبادة، أو تمنعه عن الكل، فهذه هى روح المواطنة، وعلينا أن نترك الناس تفعل ما تشاء، «من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها».. وهذه من آيات القرآن الكريم.
■ البعض يرى أن كل ما يحدث فى مصر الآن مجرد صراع على السلطة، وكله ضجيج بلا طحين، وعلينا الاهتمام بالبناء فما رأيك؟
- هذا الكلام حقٌ يُراد به باطل، يروجه الإخوان من أجل إخراس صوت المعارضة لتمرير دستور على مقاسهم، وانتخابات على مقاسهم، ونحن فعلا نتظاهر منذ عامين، ولا نهتم ببناء بلدنا، هذا حقيقى، والسياحة مضروبة والاستثمارات مضروبة، ولكن كيف نهتم بالبناء فى حين أن فصيلا واحداً هو الذى يريد تحديد كيفية وآليات البناء.
يجب أن يكون بناء مصر مسؤولية مشتركة بين الجميع، بمعنى أن نضع صيغة تتوافق مع كل اختلافاتنا، وهذا هو مفهوم التعايش وهدف الديمقراطية.
■ هل تعتقد أن أزمتنا الحالية ستمتد لسنوات طويلة قادمة أم ستنتهى سريعاً؟
- لا أعرف، فالأمر يتوقف على مدى استجابة أطراف اللعبة لبعضها البعض، لكنى أتوقع أن الأزمة ستستمر طويلا، ربما 6 سنوات ربما 30 عاماً، لا أدرى، والأمر يتوقف كما قلت على قابلية الأطراف للحوار.
■ يرى تيار الإسلام السياسى أن التيار المدنى يريد إزاحته من الحياة السياسية فما ردك؟
- إطلاقاً.. الإسلاميون مصريون، ويجب أن يظلوا موجودين، وهذا حق لهم، وأنا من التيار المدنى، وأقول ذلك، ولكن عليهم أن يتخلوا عن رغبتهم فى السيطرة، لأن تلك الآفة ضد الديمقراطية.
■ باعتبارك مخرجاً سينمائياً هل تخشى على حرية الإبداع فى أعمالك القادمة؟
- بالتأكيد، لقد قرأت مؤخراً مقالاً مفزعاً لما تفعله الرقابة حالياً بالأفلام الأجنبية، ومنها فيلم ترنتينو، الذى حذفت منه قبلة ومشهداً حوارياً كاملاً، وفيلم آخر تم حذف مشاهد عديدة، وبالتالى فهناك علاقة كاملة مبتورة، البطل مدمن خمور فتم حذف كل مشاهد شرب الخمر، هل يعقل هذا؟! هذا يعنى تشويه الفكرة الأساسية للفيلم، ولا أعرف من يعطى الأوامر لجهاز الرقابة الآن، وما مدى مسؤولية وزير الثقافة المستقيل مؤخراً عن ذلك،
لكننى لن أخفض سقف حريتى، ففى السودان تم جلد امرأة، لأنها ارتدت بنطالا، لكن باقى السيدات لا يزلن يرتدين البنطلون رغم شعورهن بالإرهاب والخوف.
■ ما رأيك فى الحياة الحزبية بمصر بعد الثورة؟
- هى أفضل بكثير من الحياة الحزبية قبل الثورة، وأنا دائماً أنصح الناس بالانضمام للأحزاب، وهناك أحزاب تكونت ثم تراجعت شعبيتها، وهناك أحزاب أخرى فى الطريق الصحيح نحو تكوين قواعد شعبية فى القرى والأحياء الشعبية والمدن، ولا تنس أن كل الأحزاب الجديدة تكونت منذ عام ونصف العام فقط، أى بعد الثورة بحوالى 6 أشهر، وهذا الوقت ليس كافياً لعمل قواعد شعبية كبيرة، وتقوية العمل الحزبى ستكون الأمل فيما بعد.
■ ما رأيك فى مبادرة حزب النور التى قدمها لجبهة الإنقاذ مؤخراً لاحتواء الأزمة؟
- هذا يذكرنى بمشهد فى فيلم أمريكى عن التفرقة العنصرية رأيته فى ستينيات القرن الماضى، هو مشهد هروب سجين أبيض وفى يده «كلابش» يربطه بسجين أسود، كلاهما يكره الآخر، ولكن مصيرهما واحد، ولهذا يسيران معا، وهكذا يتعامل الإخوان والسلفيون مع بعضهما، فالإخوان يزجون بالسلفيين فى بعض المعارك، وقد سمعت بعد معركة المحلاوى فى الإسكندرية أن الإخوان سيواصلون المعركة حتى آخر سلفى!، وأتمنى للسلفيين أن يخرجوا من عباءة الإخوان، وفصل الخطاب هو أن تعمل ما تريد لكن لا تجبرنى على عمله!.
■ أخيراً هل تريد توصيل رسالة محددة لشخص محدد؟
- أريد مخاطبة كل أطراف الصراع السياسى، وأقول لهم: علينا أن نجد صيغة مشتركة للتعايش معاً، وأقول للثوار: ابحثوا عن قائد لكم، واحترموا القيادات الموجودة وجادلوها، والثورة مستمرة.
احتلت السياسة حيزاً كبيراً فى أعماله الفنية منذ أن عمل مساعد مخرج فى فيلم «الأرض»، مروراً بأعماله التسجيلية، التى عبر خلالها بحوارات صامتة -بالصورة لا بالكلمة- عن هموم المواطن المصرى، وصولاً لأفلامه الروائية، التى يعتبر أبرزها «مواطن ومخبر وحرامى» و«أرض الخوف» و«الصعاليك» و«الكيت كات» وغيرها.
إنه المخرج «داوود عبدالسيد»، الذى يصنف كأحد أهم وأكبر مخرجى السينما فى مصر، يلخص فى حواره ل«المصرى اليوم» الأزمة السياسية التى تعيشها مصر الآن فى جملة من ثلاث كلمات هى «الإخوان يريدون الاستحواذ»، بينما وصف الحل بكلمة واحدة هى «التعايش».
تفاصيل الأزمة، وإمكانية الوصول إلى حل وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين، وهل سيضر حكمهم بالأقباط؟.. وأسئلة أخرى يجيب عنها «داوود عبدالسيد» عبر السطور المقبلة:
■ كمواطن مصرى كيف ترى الأزمة السياسية الحالية؟
- لقد قمنا بثورة ضد نظام مبارك المتسلط، ففوجئنا بنظام آخر يتسلط باسم الدين، والأزمة تفجرت بسبب ارتفاع سقف التوقعات الشعبية، حين وعد الرئيس مرسى بإجراء إصلاحات خلال 3 أشهر من توليه الحكم، وكانوا يعتبرونه مرشح الثورة، الذى فاز بعد معركة انتخابية شرسة، وبعد انقضاء 100 يوم من حكمه لم يتحقق ما يتطلع إليه الناس، فأحبطهم ذلك بدرجة ما، لكن لم تصل الأمور حينها لنشوب أزمة، وبعدها خرج الجيش من الحياة السياسية، وفرح الناس بذلك، ونسبوه للرئيس مرسى، وكانت «الأمور تمام» حتى صدر الإعلان الدستورى، الذى حصن قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وهنا بدأت المشكلة الحقيقية، وازداد الوضع تأزماً مع ممارسات النظام، وطريقة تعامله مع التظاهرات، وعدم استجابته للمعارضة، وأتصور أن هدف النظام الآن عمل انتخابات برلمانية ليفرض على أرض الواقع مجلساً تشريعياً بأغلبية إسلامية، وبهذا يستأثر بمقاليد الحكم.
■ هل تتصور أن يرتضى شعب بمصر بحريات أقل مما كانت فى عصر مبارك؟
- لا أتصور أن خطة الإخوان فى عمل ديمقراطية مقيدة ستنجح، هم يتصورون أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الهدف، والقوى المدنية ترى أن الهدف بعيد، وأنهم سيقاومون بكل قوتهم، وفى هذا الصراع لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث، ولكن الأكيد أننا سنعانى أزمات واضطرابات لفترة طويلة ما لم يستجب النظام الحاكم لتطلعات المعارضة.
■ هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟
- الأمر يتوقف كما قلت لك على مدى استجابة الإخوان المسلمين -باعتبارهم التيار الحاكم- لباقى التيارات، والمشكلة أن الإخوان يتهمون باقى التيارات حالياً بأنها توفر غطاءً سياسياً للعنف، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يعبر المعارض عن غضبه؟! ولو استمر الحال هكذا فلا أحد سيعلم رد فعل الشارع.
■ بعض الأصوات داخل تيار الإسلام السياسى تقول إن المشروع الإسلامى بالمنطقة يتعرض لمؤامرة صهيوأمريكية، فما رأيك؟
- لا أعتقد أن أمريكا ضد الإخوان الآن، بالعكس، أتصور أن الإخوان جاءوا بمباركة أمريكية، لأنهم ينفذون أهدافها، ولا يعادون إسرائيل، وهذا هو أساس الصفقة، فأمريكا تحركها مصالحها، ولا تتحرك بعواطف دينية، ولن تقف ضد الإخوان لمجرد عدائها للإسلام، فهذا كلام فارغ، يروج له الإخوان، من أجل كسب تعاطف الشارع، وترميم الجبهة الداخلية، فهم يتطلعون لتسكين الشارع لتحقيق مشروعهم، وكأنهم يعيشون وحدهم فى مصر، وكل ما تردده الجماعة فى هذا الصدد مجرد قنابل دخان، ولا توجد «أمارة واحدة» تدلل على انتهاء شهر العسل بين أمريكا والإخوان.
■ لكن البعض يرى أن زيارة رئيس إيران مصر تمثل إخفاقاً فى العلاقة بين أمريكا والإخوان؟
- هذا غير صحيح، الزيارة فى حد ذاتها لم تضر بالعلاقات بين الإخوان وأمريكا، وحتى إقامة علاقات مصرية مع إيران لا تعنى أننا ضد أمريكا، لكن للإنصاف يجب أن نعترف بأن قوة العلاقات أمر إيجابى، لأن قدرات الدول تقاس طبقاً لحجم الضغط، الذى يمكنها فعله بقوة علاقاتها، فكلما كانت علاقاتك قوية استطعت الضغط وتحقيق مكاسب أكثر.
■ ما رأيك فيما تردد حول ضخ أموال أمريكية من أجل وصول الإخوان للحكم فى مصر؟
- وارد جداً، وهذه الأخبار نشرت بالفعل، والغريب أن أحداً لم يحقق فيها، وأنا شخصياً قرأت أن أمريكا مولت حملة مرسى الرئاسية بحوالى 500 مليون دولار، ولا أعرف مدى صحة هذه الأنباء، لكن الإخوان لم يكذبوها، وأنا أعرف جيداً أن الكونجرس كان يناقش فكرة ضخ أموال فى مصر لمساعدة الإخوان على الوصول للحكم، وهذا مؤكد.
■ ما كلمة السر للعبور وتجاوز تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
- كلمة السر هى «التعايش»، فإذا لم نستطع أن نتحاور ونتعايش سوياً فى هدوء، على اختلاف وتباين أطيافنا السياسية، فقل على الدنيا السلام، وهناك 3 قوى يجب أن تتحاور وتتعايش، وهى الإسلاميون والجيش والقوى المدنية «يسار وليبراليين ووسط»، والمشكلة الآن هى أن فصيلاً واحداً يريد احتكار الحياة السياسية، والجيش أخذ موقفاً شبه محايد، والتيارات المدنية تغلى، وتتألم، سواء «ليبراليين أو يسار أو وسط»، ولابد من حدوث اتفاق على التعايش، وإلا فلن تهدأ البلاد، لأننا نعيش فى وطن الجميع وليس وطن الأغلبية وحدها، والإسلاميون للأسف يفهمون الديمقراطية بشكل خاطئ.
■ بدأ الحديث مؤخراً عن الاغتيالات فى تونس واحتمالات دخول مصر فى نفس دائرة العنف، فهل تتوقع ذلك؟
- أمام الضغط الشعبى، وتصلب المواقف لا أستبعد العنف، وأنا كشاهد عيان على ما يحدث لا أرى استهدافاً للإسلاميين، فقد حاصروا المحكمة الدستورية العليا، وعذبوا المتظاهرين أمام الاتحادية، وما قابلهم من عنف كان بالشىء القليل، وتمثل فى إحراق مقارهم وأتوبيسات نقلهم من المحافظات إلى التحرير، لكن على الجانب الآخر رأينا نشطاء يتعرضون للاغتيال أمثال محمد الجندى وغيره.
■ هذا لا يعنى أن الإخوان هم الفاعل.. وهذه القضايا قيد التحقيقات لمعرفة الجناة؟
- هذا صحيح، ولكن أنا أروى شهادات تساعدنا على التفكير والتحليل، والفارق هنا أن الإخوان جهة منظمة، وحين تخرج وتعلن عدم اللجوء للعنف يلتزم كل أعضائها بالتعليمات، لكن الجبهة المدنية مفككة، وليست منظمة، لذا يسهل انضمام عناصر مخربة واندساسها فيهم، وممارسة العنف، ونحن كتيار مدنى ندين العنف، ونرفض إلقاء المولوتوف على الاتحادية أو الأمن المركزى، ويجب أن نعرف المندسين.
■ وهل يؤخذ على الجبهة كونها مفككة وغير منظمة، وهو ما يردده الإسلاميون للمطالبة بوقف التظاهرات؟
- لكن هذا يحدث أيضا مع الإسلاميين أنفسهم، وأذكر حين واقعة الفيلم المسىء للرسول تظاهر الإسلاميون أمام السفارة الأمريكية فاندس بينهم المندسون، وألقوا المولوتوف على عناصر الأمن المصرية، التى تحمى السفارة، ولذا لا يجب استخدام عنف بعض المتظاهرين كحجة لإقناع الطرف الآخر بعدم التظاهر، فأنا كمعارض يجب أن أنظم المظاهرات لأعبر عن رفضى قرارات من يحكم، والنظام الحاكم عليه حمايتى من اندساس أى عنصر مخرب فى تظاهراتى.. هذا هو المنطق.
■ فى رأيك إذن لا توجد طريقة أخرى للمعارضة سوى التظاهر؟
- قل لى أنت ما الطريقة التى يمكن للمعارضة اتباعها إذا كانت تبدأ بإبلاغ الرئيس عدم رضاها عن الدستور فيتجاهلها، ويحاول تمرير الدستور، فتخرج تتظاهر ثم يتهمها التيار الحاكم بأنها تعطى غطاء سياسياً للعنف؟!، الخطأ هنا عند من يحكم لأنه لم يستمع للصوت الهادئ.
■ ما تقييمك لأداء جبهة الإنقاذ؟
- أكبر خطأ ارتكبه شباب الثورة أنهم لم ينتخبوا قيادة لهم، هناك قيادات ميدانية، ولكن لم تكن هناك قيادات سياسية، وهذا ما جعل التيار الثورى ضعيفاً فى منافسته السياسية، وهناك فارق بين السياسى والثورى، فالسياسى يتحرك بحساب، بينما الثورى مندفع ومستعد للموت، لذلك أعتقد أن الهجوم على قيادات جبهة الإنقاذ يعد خطأ سياسياً يرتكبه شباب الثورة، وأتفق معكم أنهم -أى أعضاء جبهة الإنقاذ- لديهم أخطاء، ولكن مهما كانت تحفظاتنا عليهم، فهم فى النهاية قيادات التيار المدنى، الذى يواجه التسلط الدينى، وكلنا مؤمنون بالله، ولكن منا من يستخدم الدين فى غواية البسطاء، وأخذ أصواتهم، وهذا ما نحن ضده.
■ لكن البعض يتحفظ على قيادات جبهة الإنقاذ لأنهم كبار السن، وليسوا من شباب الثورة؟
- يجب أن نلتف حولهم لحين ظهور قائد شاب، والمهم أن نكون منظمين، وهذا المأخذ يمكن توجيهه للإخوان أنفسهم، فقياداتهم من كبار السن، وثورة 19 كان يقودها سعد زغلول، وهو من كبار السن، وهذا الانتقاد حقٌ يُراد به باطل، ويجب أن نفطن له.
■ هل ترى أن أداء حكومة هشام قنديل سبب من أسباب الأزمة؟
- لا.. الأزمة فى الأساس هى أزمة سياسية، سببها أن الإخوان يحاولون السيطرة على كل مفاصل الدولة، وكأنهم وحدهم يعيشون فى مصر أو كأننا ضيوف عليهم، وسأضرب مثالاً بأمريكا، وهى نموذج فى الديمقراطية، فحين نجح أوباما الديمقراطى، وخسر أمامه الجمهوريون لم يسع أوباما لتغيير قيادات الدولة لاستبدالهم بآخرين ديمقراطيين، بل عمل مع الجمهوريين، كل فى مكانه، الكل ذاب فى وطن واحد، وعمل بحلم قومى واحد، لكن فى مصر يحاول الناجح تغيير كل قيادات أجهزة الدولة، وهذا خطأ لأنه يعنى رغبة الإخوان فى السيطرة، بحيث لا تستطيع الديمقراطية اقتلاعهم، وهذا هو الخطر بعينه، لأن تداول السلطة أمر مهم، وللأسف أرى تحقق نبوءة قيلت لى من قبل، وهى أن الإخوان سيصعدون سلم الديمقراطية، ثم يحطمونه كى لا يصعد غيرهم.
■ الإخوان يرون أن التمكين والسيطرة مهمان لتحقيق مشروع النهضة، ما تعليقك؟
- أى نهضة؟! إنها كلمة هلامية، والمشروع الوحيد الذى يروجون له هو مشروع تنمية قناة السويس بواسطة قطر، وقد رفضه الجيش، كما أن التوتر الذى شهدته محافظات القناة مؤخراً جعل هذا المشروع شبه مستحيل.
■ هل ترى أن الأزمة الحالية ستؤثر على الأقباط بشكل أكبر من غيرهم؟
- بالعكس.. أتصور أن الأقباط أقل من يتأثر بالأزمة الحالية، وسيتأثر الفنانون والإعلاميون والنخب المثقفة بدرجة أكبر من غيرهم، لأن حرياتهم ستتأثر بحكم الإخوان.
■ لكن الجماعة تؤكد دائماً حمايتها الحريات فما ردك؟
- ردى ما حدث فعلياً بنادى الرحاب مؤخراً حين قررت سيدات الإخوان وتيار الإسلام السياسى منع الأيروبيك من صالة الجيم، وهو رياضة نسائية تمارسها سيدات كثيرات، وهذا المنع يعنى تسلط فئة محددة، وتحكمها فى طريقة حياة باقى الفئات، والإيمان بالحريات يعنى ترك كل شخص يفعل ما يشاء ما دام فى حدود القانون، وعلى السيدات اللاتى لا يرغبن فى الأيروبيك أن يمتنعن عنها، لا أن يتم منعها من الأساس كما حدث.
■ ما رأيك فى مجموعات بلاك بلوك؟
- أرفضهم كما يرفضهم كل مصرى وطنى ينبذ العنف، ويرفض العمل فى الخفاء، ولكن مجموعات بلاك بلوك فتحت موضوعاً فى غاية الأهمية، وهو تغطية الوجه بشكل عام، أنت كحاكم يجب أن تمنع ذلك بشكل كلى، أو تبيحه بشكل كلى، ولكن أن تمنع شباب بلاك بلوك، وتترك سيدات منتقبات بغطاء الوجه، فهذه ازدواجية يجب أن تجد لها حلاً قانونياً، ويجب أن يكون كل المواطنين متساوين فى الحقوق، وإذا كان من حق المرأة تغطية وجهها، فمن حق شباب بلاك بلوك تغطية وجوههم، والأمثلة كثيرة، فالحاكم يصرح ببناء مسجد جديد، ويمنع بناء كنائس، وهذا خطأ، فيجب أن تبيح للكل بناء دور عبادة، أو تمنعه عن الكل، فهذه هى روح المواطنة، وعلينا أن نترك الناس تفعل ما تشاء، «من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها».. وهذه من آيات القرآن الكريم.
■ البعض يرى أن كل ما يحدث فى مصر الآن مجرد صراع على السلطة، وكله ضجيج بلا طحين، وعلينا الاهتمام بالبناء فما رأيك؟
- هذا الكلام حقٌ يُراد به باطل، يروجه الإخوان من أجل إخراس صوت المعارضة لتمرير دستور على مقاسهم، وانتخابات على مقاسهم، ونحن فعلا نتظاهر منذ عامين، ولا نهتم ببناء بلدنا، هذا حقيقى، والسياحة مضروبة والاستثمارات مضروبة، ولكن كيف نهتم بالبناء فى حين أن فصيلا واحداً هو الذى يريد تحديد كيفية وآليات البناء.
يجب أن يكون بناء مصر مسؤولية مشتركة بين الجميع، بمعنى أن نضع صيغة تتوافق مع كل اختلافاتنا، وهذا هو مفهوم التعايش وهدف الديمقراطية.
■ هل تعتقد أن أزمتنا الحالية ستمتد لسنوات طويلة قادمة أم ستنتهى سريعاً؟
- لا أعرف، فالأمر يتوقف على مدى استجابة أطراف اللعبة لبعضها البعض، لكنى أتوقع أن الأزمة ستستمر طويلا، ربما 6 سنوات ربما 30 عاماً، لا أدرى، والأمر يتوقف كما قلت على قابلية الأطراف للحوار.
■ يرى تيار الإسلام السياسى أن التيار المدنى يريد إزاحته من الحياة السياسية فما ردك؟
- إطلاقاً.. الإسلاميون مصريون، ويجب أن يظلوا موجودين، وهذا حق لهم، وأنا من التيار المدنى، وأقول ذلك، ولكن عليهم أن يتخلوا عن رغبتهم فى السيطرة، لأن تلك الآفة ضد الديمقراطية.
■ باعتبارك مخرجاً سينمائياً هل تخشى على حرية الإبداع فى أعمالك القادمة؟
- بالتأكيد، لقد قرأت مؤخراً مقالاً مفزعاً لما تفعله الرقابة حالياً بالأفلام الأجنبية، ومنها فيلم ترنتينو، الذى حذفت منه قبلة ومشهداً حوارياً كاملاً، وفيلم آخر تم حذف مشاهد عديدة، وبالتالى فهناك علاقة كاملة مبتورة، البطل مدمن خمور فتم حذف كل مشاهد شرب الخمر، هل يعقل هذا؟! هذا يعنى تشويه الفكرة الأساسية للفيلم، ولا أعرف من يعطى الأوامر لجهاز الرقابة الآن، وما مدى مسؤولية وزير الثقافة المستقيل مؤخراً عن ذلك،
لكننى لن أخفض سقف حريتى، ففى السودان تم جلد امرأة، لأنها ارتدت بنطالا، لكن باقى السيدات لا يزلن يرتدين البنطلون رغم شعورهن بالإرهاب والخوف.
■ ما رأيك فى الحياة الحزبية بمصر بعد الثورة؟
- هى أفضل بكثير من الحياة الحزبية قبل الثورة، وأنا دائماً أنصح الناس بالانضمام للأحزاب، وهناك أحزاب تكونت ثم تراجعت شعبيتها، وهناك أحزاب أخرى فى الطريق الصحيح نحو تكوين قواعد شعبية فى القرى والأحياء الشعبية والمدن، ولا تنس أن كل الأحزاب الجديدة تكونت منذ عام ونصف العام فقط، أى بعد الثورة بحوالى 6 أشهر، وهذا الوقت ليس كافياً لعمل قواعد شعبية كبيرة، وتقوية العمل الحزبى ستكون الأمل فيما بعد.
■ ما رأيك فى مبادرة حزب النور التى قدمها لجبهة الإنقاذ مؤخراً لاحتواء الأزمة؟
- هذا يذكرنى بمشهد فى فيلم أمريكى عن التفرقة العنصرية رأيته فى ستينيات القرن الماضى، هو مشهد هروب سجين أبيض وفى يده «كلابش» يربطه بسجين أسود، كلاهما يكره الآخر، ولكن مصيرهما واحد، ولهذا يسيران معا، وهكذا يتعامل الإخوان والسلفيون مع بعضهما، فالإخوان يزجون بالسلفيين فى بعض المعارك، وقد سمعت بعد معركة المحلاوى فى الإسكندرية أن الإخوان سيواصلون المعركة حتى آخر سلفى!، وأتمنى للسلفيين أن يخرجوا من عباءة الإخوان، وفصل الخطاب هو أن تعمل ما تريد لكن لا تجبرنى على عمله!.
■ أخيراً هل تريد توصيل رسالة محددة لشخص محدد؟
- أريد مخاطبة كل أطراف الصراع السياسى، وأقول لهم: علينا أن نجد صيغة مشتركة للتعايش معاً، وأقول للثوار: ابحثوا عن قائد لكم، واحترموا القيادات الموجودة وجادلوها، والثورة مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.