انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة قناة السويس    وزير قطاع الأعمال يشارك ممثلا عن مصر في افتتاح قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية في دورتها ال17 بأنجولا    رغم التوترات.. مكاسب جماعية لأسواق الخليج باستثناء بورصة مسقط    منال عوض: تقييم لجميع القيادات المحلية من رؤساء المدن والأحياء والمراكز بالمحافظات    الخارجية الروسية: يجب وقف المسار الخطير في الشرق الأوسط لتجنب عواقب طويلة الأمد    الحرس الثوري الإيراني يهدد باستهداف قاعدة الظفرة في حال انطلاق هجوم أمريكي منها    عاجل ترامب: نأمل ألا يكون هناك مزيد من الكراهية    سلطنة عُمان تُدين التصعيد الإقليمي وتُعرب عن تضامنها مع قطر    خامنئي: الشعب الإيراني عصيٌّ على الاستسلام    السوداني يدعو إلى عدم الانجرار لخطر يهدد الأمن والاستقرار والسلم في العالم أجمع    سفارة اليمن في مصر تعقد ندوة حول تطورات الأوضاع الإقليمية وانعكاساتها على البلدين    عاجل ترامب: حان وقت السلام.. واشكر إيران على أبلغنا بالضربة لتجنب إراقة الدماء    ترتيب المجموعة الأولى في مونديال الأندية قبل مباراة الأهلي وبورتو    رغم فوزه على بوتافوجو.. أتلتيكو مدريد يودع كأس العالم للأندية مبكرًا    باريس سان جيرمان ينتصر على سياتل ساوندرز في ختام مجموعات مونديال الأندية    منتخب مصر لكرة اليد للشباب يتأهل رسميًا لربع نهائي بطولة العالم في بولندا    مجموعة الأهلي.. موعد مباراة إنتر ميامي وبالميراس في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    تفاصيل إصابة ياسر إبراهيم والبديل الأقرب.. شوبير يكشف    إحصائية مثيرة ترسم تفوق سان جيرمان في مجموعته بالمونديال    يونايتد يقدم عرضاً جديداً لضم نجم برينتفورد    د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)    تصادم مروع على طريق السلوم الدولي يودي بحياة 3 أشخاص بينهم مصري وليبيان ويصيب 3 آخرين    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    السرعة الزائدة السبب.. التحريات تكشف ملابسات انقلاب سيارة ميكروباص بأكتوبر    طلعت مصطفى تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    رامي جمال يستعد لطرح أغنية «روحي عليك بتنادي»    فرقة طنطا تقدم عرض الوهم على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    اتحاد التأمين: ورشة إعادة التأمين توصى بالاستعانة بمؤشرات الإنذار المبكر في الاكتتاب    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص بالوادى الجديد    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: أواظب على صلاة الفجر في موعدها ومقتنع بما قدمته من أعمال    نادى سينما الأوبرا يعرض فيلم أبو زعبل 89 على المسرح الصغير.. الأربعاء    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    وزير الصحة يؤكد التزام مصر الكامل بدعم الجهود الصحية في إفريقيا    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا لأعلى مستوى منذ أبريل    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرج داوود عبدالسيد: «الإخوان» تخوض معاركها حتى «آخر سلفي» (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 02 - 2013

احتلت السياسة حيزاً كبيراً فى أعماله الفنية منذ أن عمل مساعد مخرج فى فيلم «الأرض»، مروراً بأعماله التسجيلية، التى عبر خلالها بحوارات صامتة -بالصورة لا بالكلمة- عن هموم المواطن المصرى، وصولاً لأفلامه الروائية، التى يعتبر أبرزها «مواطن ومخبر وحرامى» و«أرض الخوف» و«الصعاليك» و«الكيت كات» وغيرها.
إنه المخرج «داوود عبدالسيد»، الذى يصنف كأحد أهم وأكبر مخرجى السينما فى مصر، يلخص فى حواره ل«المصرى اليوم» الأزمة السياسية التى تعيشها مصر الآن فى جملة من ثلاث كلمات هى «الإخوان يريدون الاستحواذ»، بينما وصف الحل بكلمة واحدة هى «التعايش».
تفاصيل الأزمة، وإمكانية الوصول إلى حل وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين، وهل سيضر حكمهم بالأقباط؟.. وأسئلة أخرى يجيب عنها «داوود عبدالسيد» عبر السطور المقبلة:
■ كمواطن مصرى كيف ترى الأزمة السياسية الحالية؟
- لقد قمنا بثورة ضد نظام مبارك المتسلط، ففوجئنا بنظام آخر يتسلط باسم الدين، والأزمة تفجرت بسبب ارتفاع سقف التوقعات الشعبية، حين وعد الرئيس مرسى بإجراء إصلاحات خلال 3 أشهر من توليه الحكم، وكانوا يعتبرونه مرشح الثورة، الذى فاز بعد معركة انتخابية شرسة، وبعد انقضاء 100 يوم من حكمه لم يتحقق ما يتطلع إليه الناس، فأحبطهم ذلك بدرجة ما، لكن لم تصل الأمور حينها لنشوب أزمة، وبعدها خرج الجيش من الحياة السياسية، وفرح الناس بذلك، ونسبوه للرئيس مرسى، وكانت «الأمور تمام» حتى صدر الإعلان الدستورى، الذى حصن قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وهنا بدأت المشكلة الحقيقية، وازداد الوضع تأزماً مع ممارسات النظام، وطريقة تعامله مع التظاهرات، وعدم استجابته للمعارضة، وأتصور أن هدف النظام الآن عمل انتخابات برلمانية ليفرض على أرض الواقع مجلساً تشريعياً بأغلبية إسلامية، وبهذا يستأثر بمقاليد الحكم.
■ هل تتصور أن يرتضى شعب بمصر بحريات أقل مما كانت فى عصر مبارك؟
- لا أتصور أن خطة الإخوان فى عمل ديمقراطية مقيدة ستنجح، هم يتصورون أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الهدف، والقوى المدنية ترى أن الهدف بعيد، وأنهم سيقاومون بكل قوتهم، وفى هذا الصراع لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث، ولكن الأكيد أننا سنعانى أزمات واضطرابات لفترة طويلة ما لم يستجب النظام الحاكم لتطلعات المعارضة.
■ هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟
- الأمر يتوقف كما قلت لك على مدى استجابة الإخوان المسلمين -باعتبارهم التيار الحاكم- لباقى التيارات، والمشكلة أن الإخوان يتهمون باقى التيارات حالياً بأنها توفر غطاءً سياسياً للعنف، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يعبر المعارض عن غضبه؟! ولو استمر الحال هكذا فلا أحد سيعلم رد فعل الشارع.
■ بعض الأصوات داخل تيار الإسلام السياسى تقول إن المشروع الإسلامى بالمنطقة يتعرض لمؤامرة صهيوأمريكية، فما رأيك؟
- لا أعتقد أن أمريكا ضد الإخوان الآن، بالعكس، أتصور أن الإخوان جاءوا بمباركة أمريكية، لأنهم ينفذون أهدافها، ولا يعادون إسرائيل، وهذا هو أساس الصفقة، فأمريكا تحركها مصالحها، ولا تتحرك بعواطف دينية، ولن تقف ضد الإخوان لمجرد عدائها للإسلام، فهذا كلام فارغ، يروج له الإخوان، من أجل كسب تعاطف الشارع، وترميم الجبهة الداخلية، فهم يتطلعون لتسكين الشارع لتحقيق مشروعهم، وكأنهم يعيشون وحدهم فى مصر، وكل ما تردده الجماعة فى هذا الصدد مجرد قنابل دخان، ولا توجد «أمارة واحدة» تدلل على انتهاء شهر العسل بين أمريكا والإخوان.
■ لكن البعض يرى أن زيارة رئيس إيران مصر تمثل إخفاقاً فى العلاقة بين أمريكا والإخوان؟
- هذا غير صحيح، الزيارة فى حد ذاتها لم تضر بالعلاقات بين الإخوان وأمريكا، وحتى إقامة علاقات مصرية مع إيران لا تعنى أننا ضد أمريكا، لكن للإنصاف يجب أن نعترف بأن قوة العلاقات أمر إيجابى، لأن قدرات الدول تقاس طبقاً لحجم الضغط، الذى يمكنها فعله بقوة علاقاتها، فكلما كانت علاقاتك قوية استطعت الضغط وتحقيق مكاسب أكثر.
■ ما رأيك فيما تردد حول ضخ أموال أمريكية من أجل وصول الإخوان للحكم فى مصر؟
- وارد جداً، وهذه الأخبار نشرت بالفعل، والغريب أن أحداً لم يحقق فيها، وأنا شخصياً قرأت أن أمريكا مولت حملة مرسى الرئاسية بحوالى 500 مليون دولار، ولا أعرف مدى صحة هذه الأنباء، لكن الإخوان لم يكذبوها، وأنا أعرف جيداً أن الكونجرس كان يناقش فكرة ضخ أموال فى مصر لمساعدة الإخوان على الوصول للحكم، وهذا مؤكد.
■ ما كلمة السر للعبور وتجاوز تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
- كلمة السر هى «التعايش»، فإذا لم نستطع أن نتحاور ونتعايش سوياً فى هدوء، على اختلاف وتباين أطيافنا السياسية، فقل على الدنيا السلام، وهناك 3 قوى يجب أن تتحاور وتتعايش، وهى الإسلاميون والجيش والقوى المدنية «يسار وليبراليين ووسط»، والمشكلة الآن هى أن فصيلاً واحداً يريد احتكار الحياة السياسية، والجيش أخذ موقفاً شبه محايد، والتيارات المدنية تغلى، وتتألم، سواء «ليبراليين أو يسار أو وسط»، ولابد من حدوث اتفاق على التعايش، وإلا فلن تهدأ البلاد، لأننا نعيش فى وطن الجميع وليس وطن الأغلبية وحدها، والإسلاميون للأسف يفهمون الديمقراطية بشكل خاطئ.
■ بدأ الحديث مؤخراً عن الاغتيالات فى تونس واحتمالات دخول مصر فى نفس دائرة العنف، فهل تتوقع ذلك؟
- أمام الضغط الشعبى، وتصلب المواقف لا أستبعد العنف، وأنا كشاهد عيان على ما يحدث لا أرى استهدافاً للإسلاميين، فقد حاصروا المحكمة الدستورية العليا، وعذبوا المتظاهرين أمام الاتحادية، وما قابلهم من عنف كان بالشىء القليل، وتمثل فى إحراق مقارهم وأتوبيسات نقلهم من المحافظات إلى التحرير، لكن على الجانب الآخر رأينا نشطاء يتعرضون للاغتيال أمثال محمد الجندى وغيره.
■ هذا لا يعنى أن الإخوان هم الفاعل.. وهذه القضايا قيد التحقيقات لمعرفة الجناة؟
- هذا صحيح، ولكن أنا أروى شهادات تساعدنا على التفكير والتحليل، والفارق هنا أن الإخوان جهة منظمة، وحين تخرج وتعلن عدم اللجوء للعنف يلتزم كل أعضائها بالتعليمات، لكن الجبهة المدنية مفككة، وليست منظمة، لذا يسهل انضمام عناصر مخربة واندساسها فيهم، وممارسة العنف، ونحن كتيار مدنى ندين العنف، ونرفض إلقاء المولوتوف على الاتحادية أو الأمن المركزى، ويجب أن نعرف المندسين.
■ وهل يؤخذ على الجبهة كونها مفككة وغير منظمة، وهو ما يردده الإسلاميون للمطالبة بوقف التظاهرات؟
- لكن هذا يحدث أيضا مع الإسلاميين أنفسهم، وأذكر حين واقعة الفيلم المسىء للرسول تظاهر الإسلاميون أمام السفارة الأمريكية فاندس بينهم المندسون، وألقوا المولوتوف على عناصر الأمن المصرية، التى تحمى السفارة، ولذا لا يجب استخدام عنف بعض المتظاهرين كحجة لإقناع الطرف الآخر بعدم التظاهر، فأنا كمعارض يجب أن أنظم المظاهرات لأعبر عن رفضى قرارات من يحكم، والنظام الحاكم عليه حمايتى من اندساس أى عنصر مخرب فى تظاهراتى.. هذا هو المنطق.
■ فى رأيك إذن لا توجد طريقة أخرى للمعارضة سوى التظاهر؟
- قل لى أنت ما الطريقة التى يمكن للمعارضة اتباعها إذا كانت تبدأ بإبلاغ الرئيس عدم رضاها عن الدستور فيتجاهلها، ويحاول تمرير الدستور، فتخرج تتظاهر ثم يتهمها التيار الحاكم بأنها تعطى غطاء سياسياً للعنف؟!، الخطأ هنا عند من يحكم لأنه لم يستمع للصوت الهادئ.
■ ما تقييمك لأداء جبهة الإنقاذ؟
- أكبر خطأ ارتكبه شباب الثورة أنهم لم ينتخبوا قيادة لهم، هناك قيادات ميدانية، ولكن لم تكن هناك قيادات سياسية، وهذا ما جعل التيار الثورى ضعيفاً فى منافسته السياسية، وهناك فارق بين السياسى والثورى، فالسياسى يتحرك بحساب، بينما الثورى مندفع ومستعد للموت، لذلك أعتقد أن الهجوم على قيادات جبهة الإنقاذ يعد خطأ سياسياً يرتكبه شباب الثورة، وأتفق معكم أنهم -أى أعضاء جبهة الإنقاذ- لديهم أخطاء، ولكن مهما كانت تحفظاتنا عليهم، فهم فى النهاية قيادات التيار المدنى، الذى يواجه التسلط الدينى، وكلنا مؤمنون بالله، ولكن منا من يستخدم الدين فى غواية البسطاء، وأخذ أصواتهم، وهذا ما نحن ضده.
■ لكن البعض يتحفظ على قيادات جبهة الإنقاذ لأنهم كبار السن، وليسوا من شباب الثورة؟
- يجب أن نلتف حولهم لحين ظهور قائد شاب، والمهم أن نكون منظمين، وهذا المأخذ يمكن توجيهه للإخوان أنفسهم، فقياداتهم من كبار السن، وثورة 19 كان يقودها سعد زغلول، وهو من كبار السن، وهذا الانتقاد حقٌ يُراد به باطل، ويجب أن نفطن له.
■ هل ترى أن أداء حكومة هشام قنديل سبب من أسباب الأزمة؟
- لا.. الأزمة فى الأساس هى أزمة سياسية، سببها أن الإخوان يحاولون السيطرة على كل مفاصل الدولة، وكأنهم وحدهم يعيشون فى مصر أو كأننا ضيوف عليهم، وسأضرب مثالاً بأمريكا، وهى نموذج فى الديمقراطية، فحين نجح أوباما الديمقراطى، وخسر أمامه الجمهوريون لم يسع أوباما لتغيير قيادات الدولة لاستبدالهم بآخرين ديمقراطيين، بل عمل مع الجمهوريين، كل فى مكانه، الكل ذاب فى وطن واحد، وعمل بحلم قومى واحد، لكن فى مصر يحاول الناجح تغيير كل قيادات أجهزة الدولة، وهذا خطأ لأنه يعنى رغبة الإخوان فى السيطرة، بحيث لا تستطيع الديمقراطية اقتلاعهم، وهذا هو الخطر بعينه، لأن تداول السلطة أمر مهم، وللأسف أرى تحقق نبوءة قيلت لى من قبل، وهى أن الإخوان سيصعدون سلم الديمقراطية، ثم يحطمونه كى لا يصعد غيرهم.
■ الإخوان يرون أن التمكين والسيطرة مهمان لتحقيق مشروع النهضة، ما تعليقك؟
- أى نهضة؟! إنها كلمة هلامية، والمشروع الوحيد الذى يروجون له هو مشروع تنمية قناة السويس بواسطة قطر، وقد رفضه الجيش، كما أن التوتر الذى شهدته محافظات القناة مؤخراً جعل هذا المشروع شبه مستحيل.
■ هل ترى أن الأزمة الحالية ستؤثر على الأقباط بشكل أكبر من غيرهم؟
- بالعكس.. أتصور أن الأقباط أقل من يتأثر بالأزمة الحالية، وسيتأثر الفنانون والإعلاميون والنخب المثقفة بدرجة أكبر من غيرهم، لأن حرياتهم ستتأثر بحكم الإخوان.
■ لكن الجماعة تؤكد دائماً حمايتها الحريات فما ردك؟
- ردى ما حدث فعلياً بنادى الرحاب مؤخراً حين قررت سيدات الإخوان وتيار الإسلام السياسى منع الأيروبيك من صالة الجيم، وهو رياضة نسائية تمارسها سيدات كثيرات، وهذا المنع يعنى تسلط فئة محددة، وتحكمها فى طريقة حياة باقى الفئات، والإيمان بالحريات يعنى ترك كل شخص يفعل ما يشاء ما دام فى حدود القانون، وعلى السيدات اللاتى لا يرغبن فى الأيروبيك أن يمتنعن عنها، لا أن يتم منعها من الأساس كما حدث.
■ ما رأيك فى مجموعات بلاك بلوك؟
- أرفضهم كما يرفضهم كل مصرى وطنى ينبذ العنف، ويرفض العمل فى الخفاء، ولكن مجموعات بلاك بلوك فتحت موضوعاً فى غاية الأهمية، وهو تغطية الوجه بشكل عام، أنت كحاكم يجب أن تمنع ذلك بشكل كلى، أو تبيحه بشكل كلى، ولكن أن تمنع شباب بلاك بلوك، وتترك سيدات منتقبات بغطاء الوجه، فهذه ازدواجية يجب أن تجد لها حلاً قانونياً، ويجب أن يكون كل المواطنين متساوين فى الحقوق، وإذا كان من حق المرأة تغطية وجهها، فمن حق شباب بلاك بلوك تغطية وجوههم، والأمثلة كثيرة، فالحاكم يصرح ببناء مسجد جديد، ويمنع بناء كنائس، وهذا خطأ، فيجب أن تبيح للكل بناء دور عبادة، أو تمنعه عن الكل، فهذه هى روح المواطنة، وعلينا أن نترك الناس تفعل ما تشاء، «من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها».. وهذه من آيات القرآن الكريم.
■ البعض يرى أن كل ما يحدث فى مصر الآن مجرد صراع على السلطة، وكله ضجيج بلا طحين، وعلينا الاهتمام بالبناء فما رأيك؟
- هذا الكلام حقٌ يُراد به باطل، يروجه الإخوان من أجل إخراس صوت المعارضة لتمرير دستور على مقاسهم، وانتخابات على مقاسهم، ونحن فعلا نتظاهر منذ عامين، ولا نهتم ببناء بلدنا، هذا حقيقى، والسياحة مضروبة والاستثمارات مضروبة، ولكن كيف نهتم بالبناء فى حين أن فصيلا واحداً هو الذى يريد تحديد كيفية وآليات البناء.
يجب أن يكون بناء مصر مسؤولية مشتركة بين الجميع، بمعنى أن نضع صيغة تتوافق مع كل اختلافاتنا، وهذا هو مفهوم التعايش وهدف الديمقراطية.
■ هل تعتقد أن أزمتنا الحالية ستمتد لسنوات طويلة قادمة أم ستنتهى سريعاً؟
- لا أعرف، فالأمر يتوقف على مدى استجابة أطراف اللعبة لبعضها البعض، لكنى أتوقع أن الأزمة ستستمر طويلا، ربما 6 سنوات ربما 30 عاماً، لا أدرى، والأمر يتوقف كما قلت على قابلية الأطراف للحوار.
■ يرى تيار الإسلام السياسى أن التيار المدنى يريد إزاحته من الحياة السياسية فما ردك؟
- إطلاقاً.. الإسلاميون مصريون، ويجب أن يظلوا موجودين، وهذا حق لهم، وأنا من التيار المدنى، وأقول ذلك، ولكن عليهم أن يتخلوا عن رغبتهم فى السيطرة، لأن تلك الآفة ضد الديمقراطية.
■ باعتبارك مخرجاً سينمائياً هل تخشى على حرية الإبداع فى أعمالك القادمة؟
- بالتأكيد، لقد قرأت مؤخراً مقالاً مفزعاً لما تفعله الرقابة حالياً بالأفلام الأجنبية، ومنها فيلم ترنتينو، الذى حذفت منه قبلة ومشهداً حوارياً كاملاً، وفيلم آخر تم حذف مشاهد عديدة، وبالتالى فهناك علاقة كاملة مبتورة، البطل مدمن خمور فتم حذف كل مشاهد شرب الخمر، هل يعقل هذا؟! هذا يعنى تشويه الفكرة الأساسية للفيلم، ولا أعرف من يعطى الأوامر لجهاز الرقابة الآن، وما مدى مسؤولية وزير الثقافة المستقيل مؤخراً عن ذلك،
لكننى لن أخفض سقف حريتى، ففى السودان تم جلد امرأة، لأنها ارتدت بنطالا، لكن باقى السيدات لا يزلن يرتدين البنطلون رغم شعورهن بالإرهاب والخوف.
■ ما رأيك فى الحياة الحزبية بمصر بعد الثورة؟
- هى أفضل بكثير من الحياة الحزبية قبل الثورة، وأنا دائماً أنصح الناس بالانضمام للأحزاب، وهناك أحزاب تكونت ثم تراجعت شعبيتها، وهناك أحزاب أخرى فى الطريق الصحيح نحو تكوين قواعد شعبية فى القرى والأحياء الشعبية والمدن، ولا تنس أن كل الأحزاب الجديدة تكونت منذ عام ونصف العام فقط، أى بعد الثورة بحوالى 6 أشهر، وهذا الوقت ليس كافياً لعمل قواعد شعبية كبيرة، وتقوية العمل الحزبى ستكون الأمل فيما بعد.
■ ما رأيك فى مبادرة حزب النور التى قدمها لجبهة الإنقاذ مؤخراً لاحتواء الأزمة؟
- هذا يذكرنى بمشهد فى فيلم أمريكى عن التفرقة العنصرية رأيته فى ستينيات القرن الماضى، هو مشهد هروب سجين أبيض وفى يده «كلابش» يربطه بسجين أسود، كلاهما يكره الآخر، ولكن مصيرهما واحد، ولهذا يسيران معا، وهكذا يتعامل الإخوان والسلفيون مع بعضهما، فالإخوان يزجون بالسلفيين فى بعض المعارك، وقد سمعت بعد معركة المحلاوى فى الإسكندرية أن الإخوان سيواصلون المعركة حتى آخر سلفى!، وأتمنى للسلفيين أن يخرجوا من عباءة الإخوان، وفصل الخطاب هو أن تعمل ما تريد لكن لا تجبرنى على عمله!.
■ أخيراً هل تريد توصيل رسالة محددة لشخص محدد؟
- أريد مخاطبة كل أطراف الصراع السياسى، وأقول لهم: علينا أن نجد صيغة مشتركة للتعايش معاً، وأقول للثوار: ابحثوا عن قائد لكم، واحترموا القيادات الموجودة وجادلوها، والثورة مستمرة.
احتلت السياسة حيزاً كبيراً فى أعماله الفنية منذ أن عمل مساعد مخرج فى فيلم «الأرض»، مروراً بأعماله التسجيلية، التى عبر خلالها بحوارات صامتة -بالصورة لا بالكلمة- عن هموم المواطن المصرى، وصولاً لأفلامه الروائية، التى يعتبر أبرزها «مواطن ومخبر وحرامى» و«أرض الخوف» و«الصعاليك» و«الكيت كات» وغيرها.
إنه المخرج «داوود عبدالسيد»، الذى يصنف كأحد أهم وأكبر مخرجى السينما فى مصر، يلخص فى حواره ل«المصرى اليوم» الأزمة السياسية التى تعيشها مصر الآن فى جملة من ثلاث كلمات هى «الإخوان يريدون الاستحواذ»، بينما وصف الحل بكلمة واحدة هى «التعايش».
تفاصيل الأزمة، وإمكانية الوصول إلى حل وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين، وهل سيضر حكمهم بالأقباط؟.. وأسئلة أخرى يجيب عنها «داوود عبدالسيد» عبر السطور المقبلة:
■ كمواطن مصرى كيف ترى الأزمة السياسية الحالية؟
- لقد قمنا بثورة ضد نظام مبارك المتسلط، ففوجئنا بنظام آخر يتسلط باسم الدين، والأزمة تفجرت بسبب ارتفاع سقف التوقعات الشعبية، حين وعد الرئيس مرسى بإجراء إصلاحات خلال 3 أشهر من توليه الحكم، وكانوا يعتبرونه مرشح الثورة، الذى فاز بعد معركة انتخابية شرسة، وبعد انقضاء 100 يوم من حكمه لم يتحقق ما يتطلع إليه الناس، فأحبطهم ذلك بدرجة ما، لكن لم تصل الأمور حينها لنشوب أزمة، وبعدها خرج الجيش من الحياة السياسية، وفرح الناس بذلك، ونسبوه للرئيس مرسى، وكانت «الأمور تمام» حتى صدر الإعلان الدستورى، الذى حصن قرارات الرئيس والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وهنا بدأت المشكلة الحقيقية، وازداد الوضع تأزماً مع ممارسات النظام، وطريقة تعامله مع التظاهرات، وعدم استجابته للمعارضة، وأتصور أن هدف النظام الآن عمل انتخابات برلمانية ليفرض على أرض الواقع مجلساً تشريعياً بأغلبية إسلامية، وبهذا يستأثر بمقاليد الحكم.
■ هل تتصور أن يرتضى شعب بمصر بحريات أقل مما كانت فى عصر مبارك؟
- لا أتصور أن خطة الإخوان فى عمل ديمقراطية مقيدة ستنجح، هم يتصورون أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الهدف، والقوى المدنية ترى أن الهدف بعيد، وأنهم سيقاومون بكل قوتهم، وفى هذا الصراع لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث، ولكن الأكيد أننا سنعانى أزمات واضطرابات لفترة طويلة ما لم يستجب النظام الحاكم لتطلعات المعارضة.
■ هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟
- الأمر يتوقف كما قلت لك على مدى استجابة الإخوان المسلمين -باعتبارهم التيار الحاكم- لباقى التيارات، والمشكلة أن الإخوان يتهمون باقى التيارات حالياً بأنها توفر غطاءً سياسياً للعنف، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يعبر المعارض عن غضبه؟! ولو استمر الحال هكذا فلا أحد سيعلم رد فعل الشارع.
■ بعض الأصوات داخل تيار الإسلام السياسى تقول إن المشروع الإسلامى بالمنطقة يتعرض لمؤامرة صهيوأمريكية، فما رأيك؟
- لا أعتقد أن أمريكا ضد الإخوان الآن، بالعكس، أتصور أن الإخوان جاءوا بمباركة أمريكية، لأنهم ينفذون أهدافها، ولا يعادون إسرائيل، وهذا هو أساس الصفقة، فأمريكا تحركها مصالحها، ولا تتحرك بعواطف دينية، ولن تقف ضد الإخوان لمجرد عدائها للإسلام، فهذا كلام فارغ، يروج له الإخوان، من أجل كسب تعاطف الشارع، وترميم الجبهة الداخلية، فهم يتطلعون لتسكين الشارع لتحقيق مشروعهم، وكأنهم يعيشون وحدهم فى مصر، وكل ما تردده الجماعة فى هذا الصدد مجرد قنابل دخان، ولا توجد «أمارة واحدة» تدلل على انتهاء شهر العسل بين أمريكا والإخوان.
■ لكن البعض يرى أن زيارة رئيس إيران مصر تمثل إخفاقاً فى العلاقة بين أمريكا والإخوان؟
- هذا غير صحيح، الزيارة فى حد ذاتها لم تضر بالعلاقات بين الإخوان وأمريكا، وحتى إقامة علاقات مصرية مع إيران لا تعنى أننا ضد أمريكا، لكن للإنصاف يجب أن نعترف بأن قوة العلاقات أمر إيجابى، لأن قدرات الدول تقاس طبقاً لحجم الضغط، الذى يمكنها فعله بقوة علاقاتها، فكلما كانت علاقاتك قوية استطعت الضغط وتحقيق مكاسب أكثر.
■ ما رأيك فيما تردد حول ضخ أموال أمريكية من أجل وصول الإخوان للحكم فى مصر؟
- وارد جداً، وهذه الأخبار نشرت بالفعل، والغريب أن أحداً لم يحقق فيها، وأنا شخصياً قرأت أن أمريكا مولت حملة مرسى الرئاسية بحوالى 500 مليون دولار، ولا أعرف مدى صحة هذه الأنباء، لكن الإخوان لم يكذبوها، وأنا أعرف جيداً أن الكونجرس كان يناقش فكرة ضخ أموال فى مصر لمساعدة الإخوان على الوصول للحكم، وهذا مؤكد.
■ ما كلمة السر للعبور وتجاوز تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
- كلمة السر هى «التعايش»، فإذا لم نستطع أن نتحاور ونتعايش سوياً فى هدوء، على اختلاف وتباين أطيافنا السياسية، فقل على الدنيا السلام، وهناك 3 قوى يجب أن تتحاور وتتعايش، وهى الإسلاميون والجيش والقوى المدنية «يسار وليبراليين ووسط»، والمشكلة الآن هى أن فصيلاً واحداً يريد احتكار الحياة السياسية، والجيش أخذ موقفاً شبه محايد، والتيارات المدنية تغلى، وتتألم، سواء «ليبراليين أو يسار أو وسط»، ولابد من حدوث اتفاق على التعايش، وإلا فلن تهدأ البلاد، لأننا نعيش فى وطن الجميع وليس وطن الأغلبية وحدها، والإسلاميون للأسف يفهمون الديمقراطية بشكل خاطئ.
■ بدأ الحديث مؤخراً عن الاغتيالات فى تونس واحتمالات دخول مصر فى نفس دائرة العنف، فهل تتوقع ذلك؟
- أمام الضغط الشعبى، وتصلب المواقف لا أستبعد العنف، وأنا كشاهد عيان على ما يحدث لا أرى استهدافاً للإسلاميين، فقد حاصروا المحكمة الدستورية العليا، وعذبوا المتظاهرين أمام الاتحادية، وما قابلهم من عنف كان بالشىء القليل، وتمثل فى إحراق مقارهم وأتوبيسات نقلهم من المحافظات إلى التحرير، لكن على الجانب الآخر رأينا نشطاء يتعرضون للاغتيال أمثال محمد الجندى وغيره.
■ هذا لا يعنى أن الإخوان هم الفاعل.. وهذه القضايا قيد التحقيقات لمعرفة الجناة؟
- هذا صحيح، ولكن أنا أروى شهادات تساعدنا على التفكير والتحليل، والفارق هنا أن الإخوان جهة منظمة، وحين تخرج وتعلن عدم اللجوء للعنف يلتزم كل أعضائها بالتعليمات، لكن الجبهة المدنية مفككة، وليست منظمة، لذا يسهل انضمام عناصر مخربة واندساسها فيهم، وممارسة العنف، ونحن كتيار مدنى ندين العنف، ونرفض إلقاء المولوتوف على الاتحادية أو الأمن المركزى، ويجب أن نعرف المندسين.
■ وهل يؤخذ على الجبهة كونها مفككة وغير منظمة، وهو ما يردده الإسلاميون للمطالبة بوقف التظاهرات؟
- لكن هذا يحدث أيضا مع الإسلاميين أنفسهم، وأذكر حين واقعة الفيلم المسىء للرسول تظاهر الإسلاميون أمام السفارة الأمريكية فاندس بينهم المندسون، وألقوا المولوتوف على عناصر الأمن المصرية، التى تحمى السفارة، ولذا لا يجب استخدام عنف بعض المتظاهرين كحجة لإقناع الطرف الآخر بعدم التظاهر، فأنا كمعارض يجب أن أنظم المظاهرات لأعبر عن رفضى قرارات من يحكم، والنظام الحاكم عليه حمايتى من اندساس أى عنصر مخرب فى تظاهراتى.. هذا هو المنطق.
■ فى رأيك إذن لا توجد طريقة أخرى للمعارضة سوى التظاهر؟
- قل لى أنت ما الطريقة التى يمكن للمعارضة اتباعها إذا كانت تبدأ بإبلاغ الرئيس عدم رضاها عن الدستور فيتجاهلها، ويحاول تمرير الدستور، فتخرج تتظاهر ثم يتهمها التيار الحاكم بأنها تعطى غطاء سياسياً للعنف؟!، الخطأ هنا عند من يحكم لأنه لم يستمع للصوت الهادئ.
■ ما تقييمك لأداء جبهة الإنقاذ؟
- أكبر خطأ ارتكبه شباب الثورة أنهم لم ينتخبوا قيادة لهم، هناك قيادات ميدانية، ولكن لم تكن هناك قيادات سياسية، وهذا ما جعل التيار الثورى ضعيفاً فى منافسته السياسية، وهناك فارق بين السياسى والثورى، فالسياسى يتحرك بحساب، بينما الثورى مندفع ومستعد للموت، لذلك أعتقد أن الهجوم على قيادات جبهة الإنقاذ يعد خطأ سياسياً يرتكبه شباب الثورة، وأتفق معكم أنهم -أى أعضاء جبهة الإنقاذ- لديهم أخطاء، ولكن مهما كانت تحفظاتنا عليهم، فهم فى النهاية قيادات التيار المدنى، الذى يواجه التسلط الدينى، وكلنا مؤمنون بالله، ولكن منا من يستخدم الدين فى غواية البسطاء، وأخذ أصواتهم، وهذا ما نحن ضده.
■ لكن البعض يتحفظ على قيادات جبهة الإنقاذ لأنهم كبار السن، وليسوا من شباب الثورة؟
- يجب أن نلتف حولهم لحين ظهور قائد شاب، والمهم أن نكون منظمين، وهذا المأخذ يمكن توجيهه للإخوان أنفسهم، فقياداتهم من كبار السن، وثورة 19 كان يقودها سعد زغلول، وهو من كبار السن، وهذا الانتقاد حقٌ يُراد به باطل، ويجب أن نفطن له.
■ هل ترى أن أداء حكومة هشام قنديل سبب من أسباب الأزمة؟
- لا.. الأزمة فى الأساس هى أزمة سياسية، سببها أن الإخوان يحاولون السيطرة على كل مفاصل الدولة، وكأنهم وحدهم يعيشون فى مصر أو كأننا ضيوف عليهم، وسأضرب مثالاً بأمريكا، وهى نموذج فى الديمقراطية، فحين نجح أوباما الديمقراطى، وخسر أمامه الجمهوريون لم يسع أوباما لتغيير قيادات الدولة لاستبدالهم بآخرين ديمقراطيين، بل عمل مع الجمهوريين، كل فى مكانه، الكل ذاب فى وطن واحد، وعمل بحلم قومى واحد، لكن فى مصر يحاول الناجح تغيير كل قيادات أجهزة الدولة، وهذا خطأ لأنه يعنى رغبة الإخوان فى السيطرة، بحيث لا تستطيع الديمقراطية اقتلاعهم، وهذا هو الخطر بعينه، لأن تداول السلطة أمر مهم، وللأسف أرى تحقق نبوءة قيلت لى من قبل، وهى أن الإخوان سيصعدون سلم الديمقراطية، ثم يحطمونه كى لا يصعد غيرهم.
■ الإخوان يرون أن التمكين والسيطرة مهمان لتحقيق مشروع النهضة، ما تعليقك؟
- أى نهضة؟! إنها كلمة هلامية، والمشروع الوحيد الذى يروجون له هو مشروع تنمية قناة السويس بواسطة قطر، وقد رفضه الجيش، كما أن التوتر الذى شهدته محافظات القناة مؤخراً جعل هذا المشروع شبه مستحيل.
■ هل ترى أن الأزمة الحالية ستؤثر على الأقباط بشكل أكبر من غيرهم؟
- بالعكس.. أتصور أن الأقباط أقل من يتأثر بالأزمة الحالية، وسيتأثر الفنانون والإعلاميون والنخب المثقفة بدرجة أكبر من غيرهم، لأن حرياتهم ستتأثر بحكم الإخوان.
■ لكن الجماعة تؤكد دائماً حمايتها الحريات فما ردك؟
- ردى ما حدث فعلياً بنادى الرحاب مؤخراً حين قررت سيدات الإخوان وتيار الإسلام السياسى منع الأيروبيك من صالة الجيم، وهو رياضة نسائية تمارسها سيدات كثيرات، وهذا المنع يعنى تسلط فئة محددة، وتحكمها فى طريقة حياة باقى الفئات، والإيمان بالحريات يعنى ترك كل شخص يفعل ما يشاء ما دام فى حدود القانون، وعلى السيدات اللاتى لا يرغبن فى الأيروبيك أن يمتنعن عنها، لا أن يتم منعها من الأساس كما حدث.
■ ما رأيك فى مجموعات بلاك بلوك؟
- أرفضهم كما يرفضهم كل مصرى وطنى ينبذ العنف، ويرفض العمل فى الخفاء، ولكن مجموعات بلاك بلوك فتحت موضوعاً فى غاية الأهمية، وهو تغطية الوجه بشكل عام، أنت كحاكم يجب أن تمنع ذلك بشكل كلى، أو تبيحه بشكل كلى، ولكن أن تمنع شباب بلاك بلوك، وتترك سيدات منتقبات بغطاء الوجه، فهذه ازدواجية يجب أن تجد لها حلاً قانونياً، ويجب أن يكون كل المواطنين متساوين فى الحقوق، وإذا كان من حق المرأة تغطية وجهها، فمن حق شباب بلاك بلوك تغطية وجوههم، والأمثلة كثيرة، فالحاكم يصرح ببناء مسجد جديد، ويمنع بناء كنائس، وهذا خطأ، فيجب أن تبيح للكل بناء دور عبادة، أو تمنعه عن الكل، فهذه هى روح المواطنة، وعلينا أن نترك الناس تفعل ما تشاء، «من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها».. وهذه من آيات القرآن الكريم.
■ البعض يرى أن كل ما يحدث فى مصر الآن مجرد صراع على السلطة، وكله ضجيج بلا طحين، وعلينا الاهتمام بالبناء فما رأيك؟
- هذا الكلام حقٌ يُراد به باطل، يروجه الإخوان من أجل إخراس صوت المعارضة لتمرير دستور على مقاسهم، وانتخابات على مقاسهم، ونحن فعلا نتظاهر منذ عامين، ولا نهتم ببناء بلدنا، هذا حقيقى، والسياحة مضروبة والاستثمارات مضروبة، ولكن كيف نهتم بالبناء فى حين أن فصيلا واحداً هو الذى يريد تحديد كيفية وآليات البناء.
يجب أن يكون بناء مصر مسؤولية مشتركة بين الجميع، بمعنى أن نضع صيغة تتوافق مع كل اختلافاتنا، وهذا هو مفهوم التعايش وهدف الديمقراطية.
■ هل تعتقد أن أزمتنا الحالية ستمتد لسنوات طويلة قادمة أم ستنتهى سريعاً؟
- لا أعرف، فالأمر يتوقف على مدى استجابة أطراف اللعبة لبعضها البعض، لكنى أتوقع أن الأزمة ستستمر طويلا، ربما 6 سنوات ربما 30 عاماً، لا أدرى، والأمر يتوقف كما قلت على قابلية الأطراف للحوار.
■ يرى تيار الإسلام السياسى أن التيار المدنى يريد إزاحته من الحياة السياسية فما ردك؟
- إطلاقاً.. الإسلاميون مصريون، ويجب أن يظلوا موجودين، وهذا حق لهم، وأنا من التيار المدنى، وأقول ذلك، ولكن عليهم أن يتخلوا عن رغبتهم فى السيطرة، لأن تلك الآفة ضد الديمقراطية.
■ باعتبارك مخرجاً سينمائياً هل تخشى على حرية الإبداع فى أعمالك القادمة؟
- بالتأكيد، لقد قرأت مؤخراً مقالاً مفزعاً لما تفعله الرقابة حالياً بالأفلام الأجنبية، ومنها فيلم ترنتينو، الذى حذفت منه قبلة ومشهداً حوارياً كاملاً، وفيلم آخر تم حذف مشاهد عديدة، وبالتالى فهناك علاقة كاملة مبتورة، البطل مدمن خمور فتم حذف كل مشاهد شرب الخمر، هل يعقل هذا؟! هذا يعنى تشويه الفكرة الأساسية للفيلم، ولا أعرف من يعطى الأوامر لجهاز الرقابة الآن، وما مدى مسؤولية وزير الثقافة المستقيل مؤخراً عن ذلك،
لكننى لن أخفض سقف حريتى، ففى السودان تم جلد امرأة، لأنها ارتدت بنطالا، لكن باقى السيدات لا يزلن يرتدين البنطلون رغم شعورهن بالإرهاب والخوف.
■ ما رأيك فى الحياة الحزبية بمصر بعد الثورة؟
- هى أفضل بكثير من الحياة الحزبية قبل الثورة، وأنا دائماً أنصح الناس بالانضمام للأحزاب، وهناك أحزاب تكونت ثم تراجعت شعبيتها، وهناك أحزاب أخرى فى الطريق الصحيح نحو تكوين قواعد شعبية فى القرى والأحياء الشعبية والمدن، ولا تنس أن كل الأحزاب الجديدة تكونت منذ عام ونصف العام فقط، أى بعد الثورة بحوالى 6 أشهر، وهذا الوقت ليس كافياً لعمل قواعد شعبية كبيرة، وتقوية العمل الحزبى ستكون الأمل فيما بعد.
■ ما رأيك فى مبادرة حزب النور التى قدمها لجبهة الإنقاذ مؤخراً لاحتواء الأزمة؟
- هذا يذكرنى بمشهد فى فيلم أمريكى عن التفرقة العنصرية رأيته فى ستينيات القرن الماضى، هو مشهد هروب سجين أبيض وفى يده «كلابش» يربطه بسجين أسود، كلاهما يكره الآخر، ولكن مصيرهما واحد، ولهذا يسيران معا، وهكذا يتعامل الإخوان والسلفيون مع بعضهما، فالإخوان يزجون بالسلفيين فى بعض المعارك، وقد سمعت بعد معركة المحلاوى فى الإسكندرية أن الإخوان سيواصلون المعركة حتى آخر سلفى!، وأتمنى للسلفيين أن يخرجوا من عباءة الإخوان، وفصل الخطاب هو أن تعمل ما تريد لكن لا تجبرنى على عمله!.
■ أخيراً هل تريد توصيل رسالة محددة لشخص محدد؟
- أريد مخاطبة كل أطراف الصراع السياسى، وأقول لهم: علينا أن نجد صيغة مشتركة للتعايش معاً، وأقول للثوار: ابحثوا عن قائد لكم، واحترموا القيادات الموجودة وجادلوها، والثورة مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.