انفجرت قنابل "بلاك بلوك" الإعلامية.. وخلف ستائر الدخان تمت عمليات ممنهجة من قتل للنشطاء السياسيين وأدمن الصفحات المعارضة للإخوان.. وعاد التعذيب والخطف والاغتصاب للنساء الرجال معا! ألا يمكن اعتبار عنف الإخوان فى الاتحادية، وعنف الداخلية نوعا من ال"بلاك بلوك" الرسمى؟ ما يتم الآن هو محاولة لإعادة بناء جدار الخوف العظيم الذى سقط فى الموجة الأولى لثورة 25 يناير . ولن يكون مستغربا وقوع موجة ثانية من الاغتيالات الموجهه إلى رموز التيار المدنى، وخاصة جبهة الإنقاذ.. هذا السيناريو بدأ بالفعل فى تونس ومصر كما يبدو تتبع الخطى الثورية لتونس ! ظاهرة "بلاك بلوك" تم "نفخها" وتضخيمها إعلاميا واستثمارها سياسيا وأمنيا لمصلحة النظام الحاكم! وتحول (بلاك بلوك) إلى حائط نشان ومزاد علنى للجميع! فالنائب العام قرر القبض عليهم! مع حملة إعلامية إخوانية سلفية تكفرهم وتجرمهم مع أن كل جريمة "بلاك بلوك" إخفاء وجوههم وهى ذات التهمة التى يمكن توجيهها لميلشيات الإخوان الملثمين، فهم يرتدون نفس الملابس والأقنعة وهناك عدد لا بأس به من المنقبات فى أنحاء مصر ولا نعرف هويتهم! لم يأمر النائب العام بالقبض على جماعة (حازمون) مثلا عندما حاصروا المحكمة الدستورية العليا! وأحرقوا مقر الوفد وحاصروا مدينة الإنتاج الإعلامي ! ولن يكون مفاجئا أن تعلن حكومة الإخوان أن الطرف الثالث هم ال"بلاك بلوك"! واستمرارا فى استثمار حائط النشان، قدم أحد محامى الزفة بلاغا للنائب العام يتهم حمدين صباحى وقادة معارضة أخرين بتمويل "بلاك بلوك"!.. هكذا تحولت "بلاك بلوك" وترجمتها (القفلة السوداء) إلى (كوميديا سوداء)، فجبهة الإنقاذ والتيار الشعبى وحزب الدستور لا يملكون تمويلا لأنشطتهم !! حتى بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وجدتها فرصة للمزايدة الدينية واتهام "بلاك بلوك" بالكفر والتخريب ! وزارة الداخلية دخلت المزاد أولا باستخدام نفس الزى المقنع فى التخفى والتسلل بين المتظاهرين واستهدافهم بالقتل أو إلقاء القبض عليهم، كما وجدتها فرصة رائعة لغسل يديها من جرائمها السابقة والحالية فى قتل المتظاهرين! والمتابع لهذا الشباب وانفتاحه على العالم سيجد أن عالم الإنترنت هو المعلم الأساسى له، وطبيعى أن يتأثروا ببعض التقاليع والفنون الغربية الحديثة مثل رقص الهيب هوب و(البريك دانس) وغيرها وربما تكون ظاهرة "بلاك بلوك" مجرد تمصير لظاهرة شبابية عالمية.. الغريب فى الأمر أن يلاحق هؤلاء الشباب فى الوقت الذى ما زالت جماعة الإخوان تعمل فيه خارج الأطر القانونية ! وهى الجماعة الوحيدة حتى الآن التى ثبت أن لها ميلشيات مسلحة تمارس العنف وظهر وجودها الفج فى أحداث الاتحادية! إن ذبح شباب الألتراس فى بورسعيد أشعل نيرانا لم يعد فى استطاعة أحد أن يطفئها، وأخشى أن محاولة اللعب بال"بلاك بلوك" ستشعل نيرانا أكبر لانخراطهم أكثر من الألتراس فى العمل السياسى.. نحن أمام مشهد سريالى بامتياز، لكن قراصنة العمل الانتهازى فى بحر السياسة يظنون أنهم وجدوا ضالتهم فى حائط نشان اسمه "بلاك بلوك" ! السؤال المهم: ماذا سنفعل مع عمليات زراعة الرعب وقتل النشطاء واغتصاب وتعذيب النساء والشباب ! والسؤال الأهم: ماذا سنفعل مع ال "بلاك بلوك" الإخوانى السرى؟ وماذا سنفعل مع فكرة أن يخفى أى إنسان هويته سواء بدواعى عقائدية كالنقاب أو دواعى أمنية عندما يتخفى رجال شرطة فى زى مدنى ويقتلون المتظاهرين أو يلقون القبض عليهم؟ إن فرقة العمليات الخاصة بالشرطة ترتدى هى أيضا زيا مشابها لل"بلاك بلوك" ! الحقيقة أن التخفى جريمة سواء كانت من جماعة الإخوان أو من رجال أمن أو من تيار دينى متشدد أو من مجموعة شباب ثائر متأثر بتقاليع غربية ! فتعالوا نقضى على كل أشكال التخفى ونشهر جماعة الإخوان ونضعها تحت المراقبة القانونية وتعالوا قبل كل ذلك نقيم القصاص العادل لدماء الشهداء فبدونه لن تكون هناك دولة . -------------- خبير إعلامى [email protected]