ما إن يقترب موعد الإفطار حتى يبدأ الناس جميعاً العودة إلى منازلهم مسرعين لتناول الإفطار مع أهلهم وذويهم. إنه تقليد رمضانى راسخ، ولحظة تجمع الأسرة والأهل حول مائدة الطعام قد لا تتكرر بقية شهور السنة. ولكن هناك فئات تفرض عليها ظروف العمل تناول وجبة الإفطار بعيداً عن لمة الأسرة، منهم من يعملون فى المطاعم والسائقون ورجال المرور وعمال الأفران وملائكة الرحمة (الممرضون والممرضات). يقول يسرى عزالدين، مساعد مدير المطعم بنادى العاصمة: ظروف العمل تقتضى أن أفطر خارج المنزل وأقوم على خدمة الصائمين وتقديم طعام الإفطار لهم، وأثناء أذان المغرب أقوم أنا وزملائى «بكسر صيامنا» وذلك بتناول كوب ماء أو ثمرة تمر ثم أبدأ عملى بالإشراف على تقديم الطعام للصائمين ولا نتناول إفطارنا إلا عند آذان العشاء تقريباً، ونشعر بسعادة كبيرة حينما يكون نزلاء المطعم سعداء بالإفطار، ونشعر بمتعة كبيرة أثناء تأدية عملنا تلغى أى أحاسيس سلبية وتزيد سعادتنا حين يكون تقديم الإفطار للصائمين، فذلك يشعرنا بأن هذا له ثواب آخر عند الله، كما أننا أثناء الإفطار نعمل ورديات، مجموعة تفطر، تجلس لتناول إفطار سريع ومجموعة تكمل عملها حتى لا يتوقف العمل ولا نشعر كذلك بطول ساعات الصيام لأن العمل يقتل الوقت، وطالما أن طبيعة العمل تفرض الإفطار خارج المنزل فلا ضير من ذلك وأحياناً تتضرر الزوجة ولكن ما تلبث أن ترضى بذلك طالما أن هذا ما تتطلبه لقمة العيش. سائقو المترو أيضاً يعملون وقت الإفطار، فالمترو لا يتوقف عن العمل إطلاقاً حتى مع أذان المغرب. يقول حسين محمود، مشرف محطة مترو الأنفاق بسعد زغلول: لا يمكن وقف العمل بالمترو ولو حتى نصف ساعة وقت الإفطار، لأن ذلك يترتب عليه ارتباك الرحلات ولا يمكن وقف المواصلات العامة لما يسببه ذلك من ارتباك فى حياة الناس، ففى كل وقت هناك من يسير فى الشارع فإذا وجد المواصلات معطلة فكيف يكون الحال؟ وعمال المترو يفطرون خارج منازلهم لمدة 20 يوماً طبقاً لوردياتهم وذلك خلال وجودهم بالمكاتب أو فى القاطرات وهم خمس فئات: السائق، والمساعد، الصراف، والناظر، والمشرف، والشرطة، والأمن الصناعى.. السواق والمساعد فقط هما اللذان يتم صرف وجبات لهما أما بقية الفئات فيصرف لهم بدل نقدى غير كاف لتكاليف وجبات إفطارهم خلال ال20 يوماً وهو 100 جنيه فقط. هناك فئة ثالثة تفطر خارج المنزل وفى الشارع، وهم عساكر الشرطة والمرور، الذين يقومون بضبط المرور فى الشوارع وتزيد عليهم المسؤولية فى شهر رمضان قبل وقت الإفطار نظراً للزحام الذى يفرض عليهم عدم التوانى فى العمل، وهم ينقسمون إلى ثلاث ورديات الفترة الصباحية من الخامسة فجراً إلى الثالثة مساء ويتناولون إفطارهم فى المعسكر، والمسائية من الثالثة إلى 11 مساء، ويفطرون فى الشارع، والفترة سهارى يبدأ عملها من الثامنة مساء إلى 7 صباحاً وهذه الفئة تتناول سحورها فى الشارع، ومن يفطرون فى الشارع يفطرون على وجبات تعطى لهم من قبل وزارة الداخلية، وتقضى تقاليد العمل بألا يتناولوا طعامهم على أى مائدة رحمن وإلا يتعرض العسكرى للحبس، ولا يأخذون طعاماً من المارة فى الشوارع الذين يتواجدون ساعة الإفطار ويقومون بتوزيع التمر وغيره على الناس وإنما يجب أن يتناولوا إفطارهم فى مكان الإشارة الخاص بعملهم وتتكون الوجبة من 100 جرام أرز، 2 بلحة، 50 جرام خضار، واللحم يومان فى الأسبوع، وتقوم الوزارة بتوزيع الوجبات عليهم من الساعة الحادية عشرة ظهراً ويحتفظون بها حتى أذان المغرب.